نحن وغيرنا كُثُرٌ ممن آمنوا بالوطن والوطنية والفناء لأجل هذا الوطن، وأن الوطن غالٍ والوطنَ عزيزٌ، لكن دارت الأيام واكتشفنا أنَّهم هم الوطن، وأنَّ كل ما قيلَ لنا كان خديعةً وهِراءً وكلاماً فارغاً ضحِكوا به علينا، واستغلُّونا به باسم الوطن والوطنية، فتمَّت المتاجرات، وارتــُكِبَت الجرائم باسم الوطن، والوطن منها بريء براءة الذئب من دم يوسف.
كم ضحى أناسٌ بأرواحهم وأموالهم وماضيهم ومُستقبلهم متأثِّرين بالهِراء والخُزَعبلات التي زرعَتْها الأنظمة ليلاً نهاراً في عقولهم الواعية واللا واعية من أجل ما يسمى الوطن، وما حصَدوا في نهاية المَطافِ إلا الفقر والعِوَزَ والتَّشرُّد في بلاد الله الواسعة، فأصبح لسان حالهم يقول: إذا الشعب يوماً أراد الحياة؛ فعليه أن يهاجر فوراً مع أول مُهرِّبٍ يتعرَّفُ عليه!
وذلك بعدما اتَّضحَ لهم أنَّ كلَّ ما آمنوا به وما قدَّموه لا يساوي إلا التراب، وأنَّه لم يكن سوى خدعةٍ كبرى وقعوا في شِراكها للحفاظ على مصالح تجار الوطن ومن أكل الوطن “بيضة وقشرة”، وأن هؤلاء ما التقوا يوماً بالوطن إلا عندما سرقوه وهتكوا عِرْضَه، أما ما عدا ذلك؛ فهُم يأخذون حتى حبة الأسبرين في مشافي ما يسمونهم أعداء الوطن.
=================
مقتطفات من كتاب ” التتفيه والتجهيل -وسائل واستراتيجيات- ” . مصطفى الزراق
What’s your Reaction?
4
2