الآدابصحة

أغرب مرض نفسي في العالم / اختلال الآنية


موضوعنا اليوم هو غير عادي، فهناك شخص أرسل رسالة مصاب باختلال الآنية .

نحن من فترة تكلمنا عن مرض نفسي معقد اسمه اختلال الآنية ، وتبدد الواقع، المعروف علمياً باسم ddd أي depersonalization derealization disorder.

لما كل شيء يحدث حولي ليس حقيقياً؟ هل هذه فعلاً يدي؟ هل هذا جسدي أكيد؟ هل هذا أنا؟ هل الذي أفعله هذا حقيقي؟ إذا لما لا يوجد استجابة؟

أنا أتحدث أمامك، أنظر إليك ومعي قلم، هل ترى هذا القلم جيداً؟ هذا القلم ليس حقيقياً، واليد التي أنا أمسك بها القلم ليست يدي، وهذه اليد لا تمسك بقلم ولا شيء.

أكثر من 50% من البشر على مستوى العالم، شعروا بوحدة على الأقل من أعراض اختلال الآنية، مرة واحدة في حياتهم.

رسالة من مصاب بمرض اختلال الآنية وتبدد الواقع

ولكن الذي تشخص حالياً باسم مرض اختلال الآنية ، كانوا 2% فقط من البشر، وصاحب الرسالة يقول:

(طبيبي النفسي شخصني على أن لدي مرض اختلال الآنية، وتبدد الواقع، من حوالي أربع سنوات.

وعندها عرفت أن الكابوس الذي بدأ معي منذ ثمانية عشر عاماً، وكنت في المرحلة الإعدادية، أنه مرض حقيقي، وله اسم أيضاً.

والأغرب من ذلك أنه له أنواع أيضاً، أي الأشياء التي أشعرها تلك، ليست مجرد أشياء أشعر بها أنا لوحدي.

لكن للأسف عرفت أني مصاب بالنوع الأول من مرض اختلال الآنية وتبدد الواقع، الذي يكون مستمراً معك طوال الوقت بدون انقطاع، دون أن يكون مرتبط بأي مرض آخر.

الطفولة

والذي حصل عندما كنت في عمر اثنا عشر عاماً، وفجأة وبدون أي مقدمات، شعرت أن هناك سلك قطع من دماغي، ومن وقتها كل شيء أصبح غريباً حولي.

كأني بالضبط أعيش في حلم، فتصرفت عندها، مثل أي شخص في عمري ممكن أن يتصرف، وهو أني بلغت والدتي بالأشياء التي شعرت بها.

وقلت لها أني أرى كل شيء حولي كأني أراها من وراء حوض السمك، وعندها أخذتني إلى طبيب العيون، لكي يكشف على عيناي.

فقال لها أن نظري 66 وأني أستطيع أن أرى أفضل من الطبيب ذات نفسه، يومها والدتي لم تفهم، وأنا لم أفهم أيضاً.

طالما أن نظري جيد، فما هو الذي أشعر به، ما هو الحاجز الذي وضع بين عيناي، وبين الكون كله، كأن الضوء قد قطع، ولم أعد أرى شيئاً، مع أني أرى كل شيء.

حاولت أن أقنع والدتي بالإحساس الذي أشعر به، أني أنظر إلى نفسي وعلى الدنيا من الخارج، ولكن لست بها، وأنظر على الناس من حولي، كأني أتفرج على التلفاز.

أشعر أني كالروبوت، وقد حصل خلل في برمجته الداخلية، ولا أحد يعلم الخلل ما هو بالضبط، أليس هذا من الممكن أن يكون حلماً كما أراه؟ أنا وأنتم والعالم.

أتذكر جيداً الدنيا كيف كان شكلها، قبل أن يحصل معي هذا، كنت أراها كما ترونها، لكنها فجأة لم تعد كذلك بالنسبة لي.

والدتي كانت تحاول طوال الوقت على قدر استطاعتها، أنها تحتويني، بالرغم من أنها لم تكن تفهم الذي أشعره.

المراهقة

كانت تفكر أنها مشاكل مراهقة، خصوصاً أنني منذ طفولتي، كان لدي خيال واسع جداً، وأخترع شخصيات خيالية وأكتب قصص وأشعار غريبة.

وكانت والدتي تظن أن الإحساس الذي لزمني طوال الوقت، كانت من ضمن الأشياء التي تحصلي في العادة.

لكن الحقيقة لم تكن كذلك، وكبرت بنفس الطريقة، أني أعيش في حلم مستمر، ولم أتحدث بهذا الموضوع، مع أي شخص أعرفه، لأنه ببساطة لن يفهمني أحد.

وعرفت بعدها أني مصاب بمرض اضطراب ثنائي القطب، وحالة تبدد الواقع التي كنت أعيشها، كانت تزيد في أوقات الاكتئاب لدرجة لا تحتمل.

كيف يشعر المصاب بمرض اختلال الآنية؟

كنت أشعر دائماً أنني محبوس داخل قطرميز من الجيلي، يضغط علي ويخنقني، ويعصر دماغي، ويجعلني أشعر بالدوار والغثيان، ويجعلني لا أستطيع حتى أن أفتح عيني، حتى لا أرى الكابوس الذي أعيشه.

الحمد لله أن الإحساس الصعب الذي أعيش به، يكون لساعات فقط، وأعود للإحساس الذي تعودت عليه، ولكن ليس معنى أن أعتاد عليه أنه شيء طبيعي.

محاولة الهروب من مرض اختلال الآنية وتبدد الواقع

الأدوية التي كنت أتناولها لعلاج مرض اضطراب ثنائي القطب، لم تكن تؤثر على حالة تبدد الواقع الذي لدي، وآخر طبيب نفسي ذهبت إليه، قال لي بصراحة، أني لن أشفى، ويجب أن أتعايش مع المرض.

وهذا الذي أحاول أن أفعله، بأن أعمل وأسافر، لكي أهرب من الوحش الذي يطاردني، يجب أن أحاول أن أتجاهله، وأبقى أعمل طوال الوقت، على قدر قوتي.

وبالنسبة للمشاركة في مجموعات الدعم النفسي على فيس بوك، في البداية كنت سعيداً جداً، لأني وجدت أشخاص آخرين يعانون من نفس المرض، ويشعرون بنفس المشاعر.

لكن احتكاكي المستمر في خبراتهم مع المرض وتفاصيله، بدأت تسوء من حالتي، فقطعت علاقتي بهم تماماً.

وعلى الجانب الآخر فمشاركة هذه المشكلة مع أي شخص لا يعاني من نفس المرض، يكون شيئاً سخيفاً جداً.

لأنه من المستحيل أن يفهم أحد طبيعة هذا المرض بالذات، إلا الناس الذين عاشوه، وبالرغم من ذلك إلا أنني دائماً أتكلم عن مرضي لأقرب الناس لي، لكني كالعادة أتعرض للاستهزاء والتنمر.

وأقصى كلام جيد من الممكن أن أسمعه من شخص قد صعبت عليه حالتي، بأن يقول لي يجب أن تتقرب إلى الله، ولا تترك الصلاة، وأكيد أنا لا أقصر بعلاقتي مع الله، ولكن الفكرة هي أنني مريض، وأحتاج إلى علاج.

خلاصة الموضوع أنني لحد الآن أحاول أن أتعايش مع هذا المرض، وبما أنني كاتب، فقد أدخلت معاناتي مع المرض، في آخر رواية لي.

على أمل أن تفهم الناس حتى ولو جزء بسيط، من الجحيم الذي أعيشه، والشخصية التي تعاني من هذا المرض في الرواية، كانت تسمي مرضها بالظلام الأبيض والوحل الشفاف، وهذا الوصف الذي أعيشه أكثر من ثمانية عشر عاماً)

مرض ddd

أو اختلال الآنية وتبدد الواقع، إلى حد الآن ليس له علاج محدد، يقضي عليه نهائياً، ولكن الأبحاث العلمية مستمرة، إلى أن نصل إلى اليوم الذي نفهم به كل أسرار المخ البشري.

الأمراض النفسية فعلاً أمراض، ليست مجرد أوهام وتخيلات كما تعتقد الناس، يجب أن تعرف وتفهم وتتأكد أن معاملتك المريض النفسي، من أكثر الأشياء التي تتحكم في شفاءه، المريض النفسي لم يرتكب جريمة، لكي تخجل من التعامل معه، أو الاختلاط به.

 

youtube

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى