إسلامالآداب

إسلام عمر بن الخطاب والحديث المنقطع والموقوف والمرفوع


سؤال يطرح:

كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه (صلي العصر والشمس بيضاء نقية، قدر ما يسير الراكب ثلاثة فراسخ، وأن صلي العشاء ما بينك وبين ثلث الليل)

نسب عمر بن الخطاب

عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رزاح بن عبد الله بن قرط بن رياح بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمية بن مدركته بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أمير المؤمنين بن حفص الفاروق.

إسلام عمر بن الخطاب

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفة خليفته، وأول من سمي بأمير المؤمنين.

أسلم بعد أربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة، وكان في مبعث الإسلام شديداً على المسلمين، ولكنه بعد أن أسلم كان إسلامه فتحاً على المسلمين وتفريجاً عليهم.

حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما عبدنا الله جهرةً حتى أسلم عمر بن الخطاب.

وقال ابن عبد البّر: كان إسلامه عزاً للإسلام.

ظهر به حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه أحمد وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول.

(اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب، قال وكان أحبهما إليه عمر بن الخطاب).

كان إسلامه عجيباً فريداً، لما أسلم قال رواه بن حبان وغيره عن ابن عمر، عمر بن الخطاب لم تعلم قريش بإسلامه وهو يحب أن ينشر خبر إسلامه والناس آنذاك مستخفون مستضعفون قال أي قريش أنشأ للحديث.

من أكثر قريش نقلاً للحديث، فقيل له معمر بن جميل الجمحي، فذهب إليه، وقال عمر وأنا أتبع أثره وأنا غلام أعقل ما أسمع وأرى.

قال فأتاه، قال يا جميل لقد أسلمت، قال والله ما رد عليه كلمةً حتى قام، وذهب إلى البيت ونادى في أندية قريش يا معشر قريش إن ابن الخطاب قد صبأ، قال عمر بن الخطاب: كذب، قد أسلمت وآمنت بالله واتبعت رسوله وصدقته.

قال فثاورته قريش، قاموا إليه الجالسون، قاموا إلى عمر فثاروا جعلوا يتضاربون حتى ركدت الشمس على رؤوسهم وحتى فتر عمر.

فجلس وقال اصنعوا ما بدا لكم الله لو كنا ثلاثمائة رجل لتركناها لكم أو تركتموها لنا.

قال فقاموا عليه يضربونه، فأقبل رجل عليه حلة من حرير وقميص، وقال ما بالكم؟ فقالوا صبأ أبو الخطاب، قال فما رجل اختار ديناً لنفسه، أتضنون أن بني عدي يسلموا إليكم صاحبهم.

قال بن عمر وهو الراوي، فكأنهم كانوا ثوباً فكشف عنه، وكان ذاك الذي تكلم العاص بن وائل ومات على كفره.

هجرة عمر بن الخطاب

ثم جاءت قضية الهجرة وأراد عمر بن الخطاب يريد أن يهاجر، وكان الناس حين إذن يسافرون مستخفين.

فلمى أراد أن يهاجر عمر، يقول علي رضي الله عنه: ما أحد من المهاجرين هاجر إلا مستخفياً إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه وانتضى أسهماً في يده ثم قصد الكعبة والملأ من قريش بفنائها.

فطاف سبعاً متمكناً ثم صلى متمكناً ثم وقف على الحلق حلقة حلقة.

يقول شاهت الوجوه لا يعلم الله إلا هذه المعاطس أي الأنوف، وقال من أراد أن تثكله أمه ويتم ولده وترمل امرأته فليلحقني وراء هذا الوادي، فما استطاع أخر أن يلحق به.

مناقب عمر بن الخطاب

مناقب عمر كثيرة جداً، لو استغرقنا الساعات ما أتينا عليها، لكن لعلنا نذكر بعض مواقفه.

وكان كثيراً ما يوافق القرآن، وافقه في أسرى بدر ووافقه في الحجاب ووافقه بغير ذلك.

ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه كان فيما قبلكم من الأمم محدثون وأن يكن في أمتي واحد منهم فعمر بن الخطاب، فالمحدث الذي يقول القول ويصدقه الرب سبحانه، فيجري به الواقع على ما كان قال.

مات رضي الله عنه مقتولاً شهيداً سنة 23هـ، وقد مكث أميراً على المؤمنين عشر سنوات وبضعة أشهر.

الحديث المنقطع

سؤال يطرح: أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله؟.

هذا الحديث فيه نكتتان من مسائل مصطلح الحديث.

المسألة الأولى: أن هذا الحديث منقطع فإن الراوي عن عمر بن الخطاب هو نافع، ونافع لم يدرك عمر بن الخطاب.

وهذا الذي يسمونه أهل الحديث منقطعاً، المنقطع عندهم هو ما كان في سنده سقط قبل الصحابي، هذا أول منقطع.

أو قد يكون الساقط أكثر من واحد لكن في مواضع من السند، لا يكون السقط أكثر من واحد على التوالي، إذا كان على التوالي هذا ليس منقطعاً.

أما إذا كان على غير التوالي هذا يكون منقطعاً، ويكون منقطع بموضعين أو بثلاث بحسب أي الانقطاع.

قال النووي، الذي عليه الفقهاء والخطيب وابن عبد البر وغيره من المحدثين: أن المنقطع هو كل ما لم يتصل إسناده بأي وجه كان ذلك الانقطاع.

على هذا الكلام يدخل في المنقطع المرسل والمعضل والمعلق وغير ذلك من أنواع الانقطاع.

الذي نسبه النووي إلى أكثر الفقهاء وإلى ابن عبد البر والخطيب من المحدثين، قال فيه أبو الصلاح هذا هو الأقرب.

لكن الذي جرى عليه عمل المحدثين هو إطلاق المنقطع على: المعنى الأول أن يكون ما قبل التابعي يروي عن الصحابي، أي أن يكون السقط قبل الصحابي.

وهذا الذي ذكره العراقي بقوله: وسمي بالمنقطع الذي سقط قبل الصحابي به راوي فقط.

وقيل ما لم يتصل، هذا القول الثاني ذكره النووي، وقال ابن الصلاح بأنه الأقرب من جهة اللغة لا في استعمال المحدثين.

وهذا الحديث وإن كان منقطعاً، قد روي موصولاً من غير طريق مالك، عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد زوجة ابن عمر عن عمر بن الخطاب، روي هكذا موصولاً لابن أبي شيبة في مصنفه لابن المنذر.

ما هو الموقوف؟

المسألة الثانية: أن هذا الأثر موقوف.

ما هو الموقوف؟ الموقوف هو ما يضاف إلى الصحابي من قوله أو فعله.

أي هو قول الصحابي أو فعله وهذا قول عمر رضي الله عنه كتب إلى الأمصار أن صلوا كذا وافعلوا كذا.

ولم يرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لم يقل قال النبي صلى الله عليه وسلم صلوا الظهر..إلى آخره.

وهذا قول عمر وهذا يسمى في الاصطلاح الموقوف.

الموقوف يقول ابن الصلاح: هو ما نقل عن الصحابة من أقوالهم ومن أفعالهم ولم يتجاوز بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

الحاكم صاحب المستدرك أحد أئمة الحديث يزيد شرطاً في الموقوف، يقول يجب أن يكون الموقوف مما قال الصحابي بشرط أن يكون متصلاً إليه.

إذا كان في هذا السند إلى الصحابيين انقطاع فهذا لا يسمى عند الحاكم موقوفاً، وشرط الاتصال لم يتابع الحاكم عليه أحد.

فجمهور المحدثين يجدون أن الموقوف سواء إذا اتصل سنده إلى الصحابي أو لم يتصل، فذلك لا يقدح في كونه موقوفاً.

لكن في هذا التعريف الذي ذكرته لكم فيه نظر، ذكرت لكم أن ابن الصلاح يقول: الموقوف هو ما أضيف إلى الصحابة من أقوالهم أو أقوالهم أو نحو ذلك ولم يتجاوز به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا أيضاً الذي نظمه العراقي، وسمي بالموقوف ما قصرته بصاحب وصلت أو قطعته، يقول وصلت أو قطعت ليبين عدم اعتبار شرط الحاكم.

لكن هذا التعريف فيه نظر، لأنه يدخل فيه ما ليس منه، أحياناً قد يقول الصحابي شيء لا يمكن أن يقوله من عنده، أي لا بد أن يكون متلقياً تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الموقوف والمرفوع من أقوال الصحابة

لما قال عمار بن ياسر رضي الله عن: من صام اليوم الذي يشك فيه قد عصى أبا القاسم.

مسألة العصيان هذه ترتيب المعصية على فعل، هذه ليست مسألة اجتهادية بل لا بد أن تكون مسألة توقيفية أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بها، وعمار لم ينسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

من اين لعمار هذا؟ لا بد أن أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه ظاهر موقوف لكن فعل صحابي.

أبو هريرة رضي الله عنه لما رأى ذلك الرجل الذي كان في المسجد، فأذن المؤذن فخرج الرجل من المسجد، كأنه استطال الانتظار فصلى وانصرف قبل أن يصلي المسلمون في المسجد.

فنظر إليه أبو هريرة وقال يا أصحابي فأما هذا فقد عصى أبا القاسم.

آن له أن هذا الفعل معصية؟ كيف يعرف ذلك؟ هذا شيء لا يتوصل إليه بالاجتهاد.

بالاجتهاد لا يسمى هذا معصية، إذا أراد المجتهد أن يعمل عقله في مثل هذا الفعل لا يسمى ذلك الفعل معصية، هذا شيء لا يمكن أن يقوله أبو هريرة من عنده لا بد أن يكون به توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم.

وصورته موقوف، هو من كلام أبي هريرة.

وأمثال هذا كثيرة، يقولون فيه حكم الرفع هو إن كان موقوفاً لكن حكمه حكم الحديث المرفوع، الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم

إن الموقوف هو ما قاله الصحابي أو فعله يدخل فيه مثل هذا، وهذا ليس موقوفاً هذا له حكم الرفع.

لذلك صواب التعريف ان يقال الموقوف هو ما أضيف إلى الصحابي من قوله أو فعله مما للرأي والاجتهاد فيه مجال،

أما إذا كان من الأمور التي لا تدرك بالرأي ولا بالاجتهاد وإن كانت صورته صورة الموقوف فليس له حكم الموقوف.

سعيد الكملي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى