مال وأعمال

البيتكوين عملة المستقبل

البيتكوين عملة المستقبل : في الثاني والعشرين من مايو عام 2010، نشر مطور برامج يدعى لازلو هاينريش، موضوعاً على إحدى المنتديات.

وقال بأنه مستعد لدفع عملة افتراضية جديدة، تدعى بيتكوين، لمن يشتري له فطريتي بيتزا من الحجم الكبير.

فقام بريطاني بطلب قطعتي البيتزا له، من محل بابا جونز، مقابل 10 آلاف بيتكوين، في ذلك الوقت، كان المبلغ يعادل 41 دولاراً أمريكياً.

أما الآن، فهي تساوي قيمة تلك العملات، ما يفوق الخمسة وثلاثين مليون دولار ، قال هاينرش بعد ذلك، لم يكن للبيتكوين قيمة وقتها.

كان أمراً مثيراً، أن تتمكن من الحصول على شيء حقيقي، مقابل هذه العملة، لم يكن لأحد أن يتوقع أن قيمتها ستصبح كبيرة جداً.

ما هي عملة البيتكوين

ما هي عملة البيتكوين

بيتكوين هي عملة افتراضية، أي لا ورق أو لا معدن، ولا يتم تنظيمها في البنك المركزي أو حكومة، ومع ذلك فهي عملة حقيقية تماماً، لها سعر في سوق الأوراق المالية، والناس يشترون ويبيعون بها.

هذه العملات نشأت فكرتها بعد الأزمة المالية عام 2008، عندما نشر شخص مجهول الهوية، اسمى نفسه ساتوشي ناكاموتو .

وساتوشي هذا نشر ورقة بحثية، حول نظام تشفير معقد، لهذه العملات، وسمى أول عملة بيتكوين، بحسب موقع شيفت.

وهي أول بطاقة خصم ديب ات كارد في أمريكا، مخصصة للبيتكوين فقط، فهناك ثمانية وثلاثين مليون متجر، يقبلون التعامل بهذه العملة، مع أنه كان التداول بهذه العملة شبه معدوم.

واليوم هناك مواقع مثل أبل ومايكروسوفت، وأوفرستوك، يتعاملون بها، بل يمكنك شراء كمبيوترات ديل، وسيارات تسلا بعملة البيتكوين.

وتستطيع ايضاً أن تحجز تذاكر طيران، على موقع اكسبيديا، وتشتري طعاماً من سابوي، وتتبرع لويكيبيديا وكل ذلك بالبيتكوين.

هل أستثمر في البيتكوين أم لا؟

لا استطيع الإجابة بنعم أو لا، لأن هذا أمر متعلق بالسوق، وسعر الصرف، وأشياء كثيرة، ولكن بعض الخبراء يقولون.

أنه كلما ارتفعت المضاربة على أي شيء، بما في ذلك البيتكوين، فهو قيمته تتغير بسرعة، بين النقص والازدياد.

في عام 2009 كان يمكنك أن تشتري بدولار واحد فقط، حوالي 1809 بيتكوين تقريباً، في 2011 وصل سعر البيتكوين الواحدة دولاراً أمريكياً.

ومن ثم قفز في العام نفسه مع اهتمام الإعلام بها، إلى 31 دولاراً أمريكياً، ولكن في 2017 وصل سعر البيتكوين الواحدة، إلى عشرين ألف دولار أمريكي تصور.

ثم حدث ما كان متوقعاً، انخفض سعر البيتكوين بشكل كبير، لتصل إلى 6400 دولار أمريكي، في أغسطس في 2018، وهذا التذبذب، هو الذي يقلق حيال العملات الإفتراضية.

ما هو الهدف من عملة البيتكوين

إذا كان الهدف من هذه العملية، هو الاستغناء عن الدفع النقدي أو الكاش، فإن بطاقة الائتمان، تعمل بهذه الطريقة، وفي نهاية الشهر، أدفع مقابل المصاريف للبنك.

البيتكوين أصلاً، ظهرت لتلغي دور البنك، البنوك تتبع نظام المعاملات المالية، عبر سجل حسابات، ليدخر الذي يحدد المال المسحوب من رصيدك، ويسجل المبلغ الذي يدخل لدى الطرف الآخر.

أما البيتكوين، فهي تستخدم كمبدأ من شخص لآخر مساوي له، دون أن تمر من بنوك، أو شركات تحويل أموال، أو أي شيء.

كيف تعمل هذه التقنية

مبدأ عمل عملة البيتكوين، هو تكنولوجيا تسمى سلسلة الكتل، أو بلوك تشين، وهو مثل سجل حسابات البنوك، يحسب من دفع لمن، وكم دفع له.

لكنه سجل غير موجود، عند شخص أو بنك، أو جهة معينة، وإنما هو سجل عالمي، على شبكة تضم آلاف الأجهزة حول العالم.

عندما يرسل أحد لآخر عملة بيتكوين، أو يقوم بمعاملة تتشكل خوارزمية معينة، بدقة عالية، وذلك لحمايتها من الاختراق والتلاعب.

وكل عدة دقائق، يتم تجميع معاملات البيع والشراء، في تلك الفترة، على شكل كتلة ثم تقوم الكمبيوترات الموجودة على الشبكة، من التحقق من صلاحية هذه الكتلة.

والمعاملات التي بداخلها، ومن ثم ربط هذه الكتلة، بالتي سبقتها، والكتلة الأسبق منها، وهكذا تتولد سلسلة من الكتل المعقدة، جداً تسمى بلوك تشين.

هذا النظام يضمن أعلى مستوى من الحماية، فكل كتلة من هذه الكتل، تكون مختومة بكود ديجيتال معين، يحدد في أي وقت أنشئت.

ويعتبر كالمفتاح أو الرمز، ولو أراد هاكر أن يخترق كتلة معينة، ويغير معلوماتها لكي يسرق مبلغاً ما، فلا بد أن يكون عملية معقدة.

ثم يخزنها بسرعة في سلسلة الكتل، قبل أن يسبقه أحد آخر لتكوين كتلة جديدة في تلك السلسلة، وهي عملية تحتاج إلى آلاف الكمبيوترات، التي تحسبها.

حتى تنتج الشفرة الصحيحة المطلوبة، ولو قضى ذلك اللص الإلكتروني، حياته كلها عدة مرات، على كمبيوتر شخصي واحد، لما استطاع تكوينها.

حتى لو كان لديه مجموعة كمبيوترات، لكانت قيمة الكهرباء التي سيصرفها على الأجهزة، أكثر غلاء من قيمة المبلغ الذي سيحصل عليه.

ما هي أهمية البيتكوين

صحيح أن البيتكوين هي أشهر عملة مشفرة تستخدم تقنية البلوك تستي، ولكن هناك الكثير من العلامات الأخرى، مثل إيثيريوم، ولايتكوين دوجكوين، وزيكاش ريبل.

كلهم ظهروا بعد البيتكوين، ويعتمدون على هذه التقنية، مع تعديلات طفيفة في طريقة العمل، ولكن البلوك تشين، أصبحت أهم بكثير من العملات الإفتراضية.

وبدأت الشركات والحكومات، تستخدمها لإدارة أعمالها بشكل رائع جداً، أبرز استخدام لسلسلة الكتل، هي سهولة المعاملات المالية.

يعني لو أنك تنهي معاملة ببطاقة الائتمان، سيتم حجز المبلغ من حسابك، ثم يمر بعدة عمليات معقدة، تدخل فيها عدة شركات وبنوك، موزعة على عدة قارات، لكي تتم تلك المعاملة.

أما مع بلوك تشين، تكون عمليتي الدفع والإستلام، هي عملية واحدة، لأن الأمر مجرد تغيير بيانات فقط، بحيث يخصم المبلغ من محفظة البيتكوين، أو العملة المشفرة الخاصة بك.

ويذهب للجهة الأخرى مباشرة، دون وسائط أو تعقيدات، حالياً يقوم تطبيق ابرا المعتمد على بلوك تشين، بإيصال الأموال في دقائق، بحيث يحول المستخدم المبلغ الذي يريده من عملته المحلية.

إلى البتيكوين، ثم يرسله إلى التطبيق، بعدها بعدة ثوان، يصل إشعار للمستلم أنه وصله المبلغ.

وحتى يحول البيتكوين إلى عملته المحلية، يذهب إلى أقرب صراف معتمد، من ابرا ليستلم المبلغ نقداً، بالعملة المحلية، وتكون عمولة الصراف 2% فقط.

البلوك تشين وحماية الملكية

احدى أهم الأشياء التي تعادل قيمتها قيمة المال، هي البيانات الرقمية، التي نتركها وراءنا.

التطبيقات التي ننزلها على هواتفنا، والمواقع التي نسجل فيها، كلها تجمع بياناتنا وتراقب ما نفعله أو نشتريه، كي تفهم أطباعنا وأذواقنا، تسمى هذه العملية في التجارة Consumer  Behavior.

ومع الوقت، تكون الشركات الكبرى نسخة رقمية تشبهنا، تعرف عنا ربما أكثر مما يعرفه أصدقائنا، أو حتى أهلنا، أما في بيتكوين، فالتعاملات تخفي شخصية المشتري عن تلك المواقع والشركات.

لكن المشكلة هنا، أن هذه التقنية، يمكن أن تستخدم للجرائم والمعاملات المشبوهة، البلوك تشين بالإضافة لكونها مستخدمة للعملات الرقمية، فإنها أيضاً تساهم في حماية الملكية الفكرية للمبدعين.

في عام 2015 أطلقت المغنية إيموجين هيب، برنامجاً يدعى ماي سيليا، فكرته تكمن في أن ملايين الأجهزة، تحصل على نسخة مشفرة من أغنية ما.

وإذا حاول هاكر أن يخترق نسخة من الأغنية، لكي ينزلها وينشرها، يحدث خلل في تطابق النسخ في الهواتف، التي تصدر إنذار لتعطيل عملية الاختراق.

أي سيكون من الصعب جداً، أن يستطيع شخص أن يقرصن كتاباً، أو فيلما ً أو أغنية، لو استطاعت الشركات أن تصمم عملاتها الإفتراضية المشفرة، الخاصة بها.

فستتغير طريقة عمل برامج الولاء، ونقاط المكافآت، مثل مطاعم بيرجر كينج في روسيا، التي أطلقت على عملته إسم ووبر كوين، تيمناً بوجبتها الشهيرة.

بحيث كلما أنفق العميل روبلات روسية في المطعم، سيحصل على هذه العملة التي لا تستخدم حتى الآن، إلا في برجر كينج.

ولكن في المستقبل إذا طبقت شركات أخرى هذا النظام، سيكون ممكناً للعميل أن يستخدم هذه العملات، ليس فقط في شراء منتجات هذه الشركات.

ولكن ايضاً قد يستطيع أن يضارب بهذه العملة، في السواق المالية، وحتى يستطيع أن يحولها إلى عملات أخرى مثل الريال والدرهم.

هل البلوك تشين ليس لها عيوب

طبعاً لها عيوب، فمثلاً الأجهزة المستخدمة لفك شيفرات المعاملات، هي أجهزة معقدة ومتقدمة جداً، تستخدم حالياً طاقة كهربائية عالية.

نظام العمل المشفرة إيثيريوم، يستخدم طاقة تساوي 4.2 تيرا واط للساعة، أي أكثر مما تستهلكه دولة صغيرة مثل قبرص.

أصحاب هذه الأجهزة المعقدة، يسمون ماينرز أو عمال مناجم، وهذا التشبيه جاء، لأن أجهزتهم تقوم بعمليات حسابية معقدة، لحل الشفرات، والتأكد من صحة الكتل في البلوك تشين.

وفي المقابل، تتم مكافأتهم بمنحهم عملات بيتكوين، ناكاموتو وضع هذا النظام، بحيث كلما استمر التعدين للحصول على عملات بيتكوين جديدة، تزداد صعوبة التشفير.

لكن في عام 2009 ما حدث هو، أن المنقب العادي، يستطيع الحصول على 200 بيتكوين في أيام قليلة، أما اليوم.

إذا هذا الشخص لم يستخدم أجهزة قوية، ومتتطورة جداً، فقد يحتاج إلى 98 عاماً للحصول على بيتكوين واحدة.

من الثورة الصناعية وحتى الآن، آلاف الوظائف اختفت، مقابل وظائف جديدة، فإما أن نتكيف مع التطور، أون تجمد في أماكننا.

والبيتكوين ما هي إلا رأس جبل الجليد، المطل فوق سطح البحر.

وإذا استمر استخدام تقنية البلوك تشين والعملات الإفتراضية، فإن  نظام العالم كله سيتغير، ولكن هل للأفضل؟ لا أدري لكنني أتمنى ذلك.

المصادر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى