علوم الفلك والأرض

الثقب الأسود كيف تم تصويره

الثقب الأسود : السلام عليكم، انتهت مؤخراً المؤتمرات الصحفية المتزامنة، التي عقدتها الفرق المشاركة في مشروع تصوير الثقب الأسود العملاق، وكانت هذه الفرق موزعة عبر العالم من القطب الجنوبي إلى أمريكا الشمالية إلى أوروبا إلى أمريكا الجنوبية إلى هاواي.

الثقب الأسود وأهداف مشروع تصويره

كان هناك هدفان لهذا المشروع، الهدف الأول هو تصوير الثقب الأسود العملاق الموجود في قلب مجرتنا درب التبانة على بعد 26000 سنة ضوئية.

الثقب الأسود وأهداف مشروع تصويره

والهدف الثاني تصوير الثقب العملاق الأكبر بكثير من ثقبنا، والذي يوجد في مجرة M87 التي تبعد عنا 55 مليون سنة ضوئية.

إن كتلة الثقب الأسود الموجود في قلب مجرتنا هي 4 مليون كتلة شمسية، أما الثقب الأسود العملاق الموجود في مجردة M87 فكتلته 6.5 مليار كتلة شمسية.

يعني ذلك أنه أكبر بحوالي 1600 مرة من الثقب الأسود الموجود في مجرتنا والذي يعتبر عملاقاً أصلاً.

وكان المنتظر أن يتم عرض صورة للثقب الأسود الموجود في قلب مجرتنا، لكن المفاجأة هو أن الفريق قدم صورة للثقب الأسود الموجود في المجرة الأخرى.

وذلك لأنه عملاق أكبر بكثير أولاً وغير متغير ثانياً كما قال الباحثون في المؤتمر الصحفي.

الثقب الأسود وتحليل الصور

لذلك كان تحليل بيانات الصور التي التقطت منذ سنتين وتم تجميعها وتحليلها أسهل من الصورة التي يمكن استخلاصها من البيانات عن ثقب مجرتنا.

الثقب الأسود وتحليل الصور

لكن وعد الباحثون في هذا المؤتمر الصحفي أنهم سيعملون على تصوير الثقب الأسود واستخلاص الصورة لثقب مجرتنا هذا، وسوف يتم ذلك في المستقبل القريب.

ويعتبر هذا انجازاً كبيراً جداً. لأن الدقة التي وصل إليها هذا التصوير هي دقة لا يتصورها الإنسان.

وكأن الإنسان يصور أو ينظر إلى تفاحة موجودة على سطح القمر. تصوّر لو أن الإنسان لديه كاميرا أو منظار أو تلسكوب يستطيع أن يرى تفاحة على سطح القمر.

هذه الدقة كانت ضرورية جداً من أجل تحديد ملامح ومحيط أفق الحدث، والتي هي الدائرة التي من بعدها تسقط الأجسام داخل الثقب الأسود ولا تعود.

أنواع الثقوب السوداء

باختصار الثقوب السوداء تنقسم إلى عدة أنواع، والنوعان الرئيسيان هما:

الثقب الأسود النجمي

الذي يكون نتيجة انهيار وموت نجم كبير كتلته الأصلية تزيد عن 15 إلى 20 كتلة شمسية، عندما يموت مثل هذا النجم وينهار بسبب الجاذبية النهائية في قلبه يعطي في الأخير ثقباً أسود.

الثقوب السوداء النجمية

فالجرم المتبقي تكون جاذبيته عالية جداً لأن حجمه صغير جداً كمثل كتلة نجم يتم تكديسها إلى حجم بضعة كيلومترات. وهذه الكثافة والجاذبية تكون بقوة لا تسمح حتى للضوء.

الضوء الذي هو أسرع ما يتحرك في الكون، لا يستطيع أن يفلت منها. لذلك يكون ثقباً تسقط فيه الأشياء ولا تعود، ويكون أسوداً لأن حتى الضوء لا يفلت منها.

الثقوب السوداء العملاقة

وهي التي تكون كتلتها ليست بضعة كتل شمسية، بل تكون بالملايين إلى مليارات الكتل الشمسية. فإذا طبقنا عليها التقنية التي سأشرحها بعد قليل، يمكن تصوير المادة وهي تتساقط عليها.

ضع صورة هنا بتوقيت 12:20

وكما تظهر في الصورة هذه المادة تطلق إشعاعات من الراديو إلى الغاما، وهذه الإشعاعات تصل إلينا لأن المادة لم تصل بعد إلى الحافة التي هي أفق الحدث.

فعندما تصل إلى أفق الحدث تدخل في الثقب الأسود وحينها لا يخرج منها ولا ينطلق منها ضوء ولا نرى منها شيئاً. المهم أن الوصول إلى هذه الدقة العالية جداً تتطلب تلسكوبات عملاقة.

والوصول إلى هذه الدقة التي تسمح لنا بمعاينة ورؤية وتحديد ملامح هذا الأفق، لأننا نريد فعلاً أن نرى هذا الأفق. ونريد رؤية الثقب الأسود وظله على المادة المتحركة حوله،

وهذه الدقة تستلزم تلسكوبات كبيرة، لذلك التلسكوبات المرئية والتلسكوبات بأطياف الضوء العادي المعروفة لا تسمح بالوصول إلى هذه الدقة بالنسبة لهذه الأجرام البعيدة والصغيرة نسبياً.

التقنية التداخلية أو الرصد المتزامن لتصوير الثقب الأسود 

الحل الوحيد الذي كان ممكناً هو استخدام التلسكوبات الراديوية المتداخلة مع بعضها، ويعني أن عوضاً من استخدام تلسكوب واحد كبير ولو كان راديو وكبير جداً.

أكبر قطر للتلسكوبات الراديوية موجود حالياً في الصين وهو 500 متر وحتى هذا لم يكن سيجدي نفعاً، فالإنسان يحتاج إلى تلسكوب راديوي قطره قطر الأرض، فكيف نصنعه؟

الحل هو التقنية التداخلية، أن نأخذ تلسكوبات متعددة وأن تقوم كلها بالرصد المتزامن، الآن العملية التقنية الرهيبة هي أن نأخذ جميع التسجيلات والأرصاد للأمواج الراديوية الآتية من هذا الجرم، وأن نركبها مع بعض.

فإذا ركبناها بدقة عالية وتزامن يصل إلى جزء من المليار من الثانية، يجب أن نحتاج إلى دقة وتركيب هذه الإشارات الآتية من هذه التلسكوبات.

والتلسكوبات التي استخدمت لتغطية الأرض لكي يظهر كأن الأرض كلها صارت تلسكوباً راديوياً كبيراً، كان عددها بالعشرات. حيث مجموعة ألما Alma في تشيلي لديها 66 تليسكوباً راديوياً موزعة على مساحة 16 كيلومتر.

وهناك مجموعات أخرى في بلدان مختلفة وحتى في القطب الجنوبي. لكن هذه الكميات من المعلومات كانت تستلزم تخزيناً سريعاً بسرعة 16 جيجابايت Gigabyte في الثانية.

وتصل كمية المعلومات إلى البيتابايت Petabyte التي هي أعلى من التيرابايت Terabyte. ولا يمكن توصيلها بالطرق الرقمية العادية بشبكة الانترنت.

بل تحتاج أن تؤخذ حاويات البيانات التي فيها، وتنقل من مكان إلى مكان، لتوضع على الحواسيب السريعة Super Computers والتي بعضها تم تصميمه لهذا الغرض والمشروع.

خاصة أن بعض هذه الأماكن في القطب الجنوبي، وهو صعب الوصول إليه في بعض الفترات الشتوية.

المهم أنه أخذت هذه البيانات كلها ووضعت في حاسبين سريعين صنعهما MIT و Max Planck Institute الموجود في بون Bonn الألمانية.

وتم تحليل المعطيات لإخراج الأمواج الراديوية التي تنشأ من المادة المتساقطة على الثقب، وبالتالي نرى ملامح الثقب بأفقه.

وننظر إلى شكل الأفق هل هو دائري فعلاً كما تنبأت به نظرية أينشتاين Einstein عن الجاذبية العامة، أم عليه بعض الفروقات كما تدل عليه بعض النظريات الأخرى للجاذبية المتداولة.

نظرية أينشتاين عن الثقب الأسود

وفعلاً كما في الصورة ظهرت رائعة جداً وأفق الحدث دائري تماماً، وهو تأكيد إضافي لنظرية أينشتاين عن الجاذبية العامة. إنه إنجاز علمي.

نظرية أينشتاين عن الثقب

لأنها المرة الأولى التي نصل إلى هذا النوع من التصوير العالي الدقة. وثانياً توصلنا إلى إثبات آخر لنظرية الجاذبية العامة.

وثالثاً تكنولوجياً عملية رهيبة جداً أن يتم توصيل التلسكوبات التي على أطراف الأرض وتخزين معلوماتها بدقة تحتاج إلى ساعات ذرية Atomic Clocks من أجل تحديد كل هذه البيانات وتحديد الإشارات.

وإنجاز كهذا يَعد بالمزيد، لأن الباحثين قالوا أنهم يملكون بيانات إضافية من أجل الثقب الأسود الموجود في قلب مجرتنا، وهذا ما نتوقعه في الأشهر القادمة.

ولدينا أيضاً دراسات إضافية لما يحدث للمادة عندما تقترب كثيراً من الثقب الأسود وكيف تسقط وما الذي يحدث، وأخيراً نريد دراسة كيفية تكوّن الثقوب السوداء العملاقة [1].

وكما نعلم أن الثقوب السوداء النجمية تنتج من انهيار النجوم الكبيرة، لكن الثقوب العملاقة هذه لدينا بعض المقترحات ولكن ليس لدينا نظرية كيف تنشأ وكيف تتفاعل مع باقي مجرتها. وهذا ما نريد الوصول إليه.

إن تمكننا من تصوير الثقب الأسود إنجاز علمي تقني رائع، ونسعد بأن نكون موجودون عندما يعلن مثل هذا.

وأردت أن أنقل لكم فقط هذه المعلومات لأهمية هذا الإنجاز وكيف تم، عسى أن تكونوا استفدتم من هذا الكلام. شكراً لكم والسلام عليكم.

المصدر : YouTube

جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى