إسلامشخصياتقصص وحكايات

الرحالة المسلمون العشرة حول الأرض


الرحالة المسلمون واكتشافهم البقاع المجهولة

هذه قصة الرحالة المسلمون العشر، قصة المستكشفين الحقيقيين للأرض.

في العهد الأول من الأرض كان الملوك يتنافسون على توسيع رقعة ملكهم، مرسلين المستكشفين والباحثين على أراضٍ جديدة.

حيث لم تكن أمريكا معروفة بالنسبة للأوروبيين لأكثر من خمسمائة سنة مضت.

وقبل أن يكتشفها الرحالة المسلم أحمد محي الدين بيري، الذي سُرق اكتشافه ووضع باسم كولومبوس كذباً وتزويراً.

فلم تكن أوروبا تعلم سوى القليل عما يوجد في جنوب المحيط الهادي، ظلوا وقتاً طويلاً مشتتين بين الخرائط المتناقضة للأرض.

في حين كان للمسلمين دور كبير في نهضة علم الجغرافيا، والتعرف على تضاريس الأرض ومعرفة خواصها، وقاموا بتصحيح كثير من الأوهام التي كانت سائدة بين علماء الحضارات السابقة.

فظهر منهم عشرة رجال، كانوا منابر نور كشفت الأرض التي نعرفها الآن.

الأراضي المجهولة و الرحالة الأوائل

في قديم الزمان كانت هناك العديد من الأماكن على الأرض التي لم يصل إليها بشر ولم يسمع بها إنسان.

فكان على الرحالة السفر بين الأقطار والبحار، لاكتشاف الأماكن الجديدة وكشف عنها الستار. فأولى المسلمون عناية فائقة بعلم الجغرافيا وبلغوا فيه المراتب العالية.

وكان لهم الفضل الكبير بنشر العلم الوفير، وكتبوا العديد من المؤلفات التي حفظت بأعلى المكتبات، فكانت تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار.

أحمد بن فضلان

نبدأ رحلتنا من بغداد، في عهد الدولة العباسية عام 877 للميلاد. عندما ولد الرحالة الشهير أحمد بن فضلان هو أحمد بن العباس بن راشد بن حماد البغدادي.

كان رجلاً موهوباً و صاحب رؤية سياسية بعينين ثاقبتين. يعتبره الغربيون اسماً بارزاً وكبيراً، له الفضل في تدوين اكتشافات حضارية نادرة. كتب الوصف الأول والكامل لبلاد الروس.

عندما بعث ملك السقالبة للخليفة الإسلامي يطلب منه تعريفه على الحضارة الإسلامية التي سادت العالم، فأرسل له الخليفة علماء على رأسهم أحمد بن فضلان.

كان وصفه إقليم السقالبة مختلفاً عن سائر الكتب، فهو لم يصف المكان في سرد طويل وممل، بل عالج كل ما رآه من عادات وقيم في المجتمع الروسي القديم.

وجعل مما كتبه مرجعاً شاملاً يتم الاعتماد عليه في التاريخ الروسي إلى الآن.

قطب الدين أبو الحسن المسعودي

وفي نفس البلد والمكان كان لمسلم آخر دوره في كشف الأرض وشعوب ذلك الزمان. وتحديداً في بغداد أرض العلم والعلماء.

ولد العالم أبو الحسن المسعودي عام 896 للميلاد. وهو أبو الحسن علي بن الحسن بن علي المسعودي. لقب بقطب الدين، وهو من ذرية الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

سافر إلى فارس والهند وسيلان، ودول بحر قزوين والسودان، وجنوب شبه الجزيرة العربية، وبلاد الروم والشام، ثم انتهى به المقام في مصر، حيث توفاه الله.

كان له الأثر الأكبر في وصف شعوب الأرض التي جمعها في كتابٍ هو الأغنى، يعرف باسم مروج الذهب.

يحتوي على معلومات أنثروبولوجية قيمة. عن أهالي وشعوب المناطق التي رحل لها، فتكلم عن صفاتهم الجسمانية والشخصية وتقاليدهم وعاداتهم والحرف الشهيرة، وغيرها من المعلومات الهامة.

وبالإضافة لكونه مؤرخاً وجغرافياً، فهو أيضاً عالم وراثي وفقيه، له عديد من الكتب العلمية والفقهية.

ابن حوقل

ومن بغداد نسافر إلى الجزء الشمالي من وادي الرافدين، وتحديداً في نصيبين الواقعة في شمال شرق الجزيرة الفراتية ضمن الحدود التركية اليوم.

لنلتقي مع جغرافي آخر وعالم من علماء المسلمين، وهو ابن حوقل أبو القاسم محمد بن حوقل الكاتب الجغرافي والمؤرخ والرحالة البارز.

ولد عام 977 للميلاد، وهو صاحب الكتاب الشهير صورة الأرض والمعروف باسم المسالك والممالك.

تضمن كتابه وصفاً مفصلاً للأراضي التي سيطر عليها المسلمون في إسبانيا وإيطاليا، وبالأخص صقلية. وكذلك بلاد الروم.

وقد حقق شهرة واسعة، حيث أظهر شكل الأرض يحيطها جدار أصم لا يعرف ما بعده. تتمركز قاراتها ضمن إطاره.

تم نشر هذا الكتاب وتم اعتماده في مدينة لايدن leiden الهولندية. عام 1873 وتم اعتباره كمرجع أصولي.

محمد بن أحمد شمس الدين المقدسي

لا بد لكل باحث عن أمجاد المسلمين أن يمر بالقدس أرض فلسطين، ونعود إلى العام 945 من الميلاد. ونسلط الضوء على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر المَقْدِسِيّ.

المعروف باسم محمد بن أحمد شمس الدين المقدسي. عاش طفولته في فلسطين، وتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم.

ثم بدأ رحلته الأولى إلى العراق، مكتبة الأمة الإسلامية، فتعلم هناك وتفقه. واتجه بعدها إلى جزيرة العرب، ومن ثم توجه إلى مصر والشام، والمغرب وإقليم العجم وفارس والسند وخوزستان.

وما قاده للشهرة والسطوع، هو كتابه الجغرافي أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم. الذي يعد من أدق الكتب التي وصفت فيه جغرافية البلاد.

فذكر فيه تفاصيل الأماكن التي زارها والمسافات بين المدن المختلفة، وقسم البلاد الإسلامية لأربعة عشر إقليماً، ستة عربية وثمان عجمية. وحدد المعالم الاجتماعية لكل إقليم على حدة.

الإدريسي

ومن المقدس الشريف إلى المغرب العريق، يظهر لنا التاريخ اسماً آخر من أسماء الأمة العظيمة، هو أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي الهاشمي القرشي.

من مواليد مدينة سبتة المغربية عام 1099 للميلاد، وهو أحد كبار العلماء المسلمين متعدد العلوم والإنجازات.

فهو من مؤسسي علم الجغرافيا وله كتب بمثابة العلم في الأدب والشعر والنبات، ودرس الطب والفلسفة والفلك، ورسم الخرائط للأنهار والبحيرات والمرتفعات.

وهذه الخرائط تم الاعتماد عليها في الاكتشافات الارضية لعصر النهضة الأوروبية، التي نُسبت لهم كذباً وتحريفاً.

اشتهر بأنه هو الذي طوّر رسم الخرائط بطريقة فائقة الدقة، من كافة الخرائط التي كانت معروفة من قبل، وهو أول من وضع خطوط الطول والعرض، المستخدمة اليوم في الحساب الجغرافي.

ألّف الإدريسي كتابه المشهور نزهة المشتاق إلى اختراق الآفاق، الذي وصف به الأقاليم السبعة للأرض.

ويعد هذا الكتاب فريداً من نوعه، استغرق تأليفه خمسة عشر عاماً حيث نهج فيه الإدريسي نهجاً جديداً عن غيره من الجغرافيين المسلمين، فقد وصف العالم ككل ثم قسّمه إلى سبعة أقاليم.

وكل إقليم إلى عشرة أقسام، ثم وصف كل قسم ورسم له خريطة وتحاشى فيه الخلط بين التاريخ والجغرافيا. فظل كتابه مرجعاً لعلماء أوروبا لأكثر من ثلاثة قرون.

ويعد الإدريسي كاشف الأرض التي نعرفها اليوم، الذي طاف البلاد وكتب عنها، واستقر في النهاية في صقلية، ومات سنة 1160 للميلاد.

ابن جبير الأندلسي

ومن المغرب صعوداً لشبه الجزيرة الإيبيرية، وتحديداً في الأندلس، نروي لكم قصة أبي الحسن محمد بن أحمد بن جبير الكناني المعروف باسم ابن جبير الأندلسي.

ولد في بلنسية سنة 1145،  وأتم حفظ القرآن الكريم ودرس علوم الدين، وبرزت ميوله أيضا في علم الحساب والعلوم اللغوية والأدبية.

وظهرت مواهبه الشعرية والنثرية، ولكنه برع في الجغرافيا. وذهب برحلة لعامين فقط .

كتب عن مشاهداته خلالها في يوميات عُرفت برحلة ابن جبير، وهو من روائع الكتب والمؤلفات. وكتب أيضاً تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار.

وهذا الكتاب تم ترجمته على يد وليم رايت William Wright. وضمه لمجموعة من الكتب المميزة والنادرة حول قصص الرحالة.

ومن المشهور عنه أنه قام بثلاث رحلات شاهد فيها العالم، قبل أن يستقر في الاسكندرية، ولكن لم يُعثر عن كتاب رحلته حول العالم إلى اليوم.

ابن بطوطة

لا نستطيع الحديث عن الرحالة المسلمين العشر بدون ذكر ابن بطوطة وتبيان فضله. وهو محمد بن عبد الله بن محمد الطنجي المعروف بابن بطوطة.

ولد في عام 1304 للميلاد، في المغرب الإسلامي.  وهو رحالة ومؤرخ وقاض أمازيغي، لقب بأمير الرحالة المسلمين.

طاف بلاد المغرب ومصر والحبشة والشام، والحجاز وتهامة ونجد والعراق، وفارس واليمن وعمان والبحرين وتركستان، وما وراء النهر وبعض الهند والصين، وبلاد التتار وأواسط أفريقيا.

ثم عاد إلى المغرب وبدأ في إملاء أخبار رحلته التي جمعها في كتابه العالمي، الذي سماه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار.

ولا بد لكل إنسان يسأل عن الأرض وما هي، أن يقرأ هذا الكتاب، الذي تُرجم لأغلب لغات العالم اليوم. وكان له الفضل الأكبر لترسيخ علم الجغرافيا.

وهو من ركائز كتب التاريخ والجغرافيا في جامعة كامبردج البريطانية Cambridge. التي لقّبت ابن بطوطة في كتبها بأمير الرحالة المسلمين.

محي الدين بيري ريس

ومن المغرب إلى أرض الخلافة العثمانية وتحديدياً في عام 1465. ولد أحمد محي الدين بيري الشهير بالتركية باسم: بيري ريس Piri Reis.

وهو قبطان بحري وراسم خرائط عثماني، ومكتشف أمريكا الحقيقي. فقد اهتم العثمانيون بالجغرافيا البحرية، واستطاع البحارة العثمانيون آنذاك أن يصلوا إلى المحيط الأطلسي ويبلغوا بحر الهند.

ومن أشهر من برز في ذلك المجال كان أحمد محي الدين، الذي قام بإعداد كتاب بحري كان عبارة عن أطلس ملاحي شامل.

وصف فيه السواحل والشطآن، وأوضح في كتابه حقيقة اكتشافه لأمريكا قائلاً: إن بحر المغرب الذي يقصد فيه المحيط الأطلسي، بحر عظيم  يمتد بعرض 2000 ميل، باتجاه الغرب.

وفي الطرف الآخر من بحر المغرب توجد قارة كبيرة جداً هي قارة أنتيليا ويقصد بها أمريكا، فقد تطابقت الخرائط التي رسمها حول القارة أنتيليا مع الخرائط الحديثة لقارة أمريكا اليوم.

مما يؤكد بدون شك أنه اكتشف القارة الأمريكية قبل اكتشاف الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس  Christopher Columbus لها.

أضف إلى ذلك، إن الخرائط التي اعتمد عليها كولومبوس في رحلته هي طبق الأصل لخرائط محي الدين.

وهو يعرف أيضاً بعالم الخرائط الذي حيرت خرائطه العالم، إذ تظهر خرائطه أراضٍ مجهولة وغريبة تم إخفاؤها من خريطة العالم اليوم.

ابن ماجد السيباوي

كان لشبه الجزيرة العربية دور في نشأة العلامة الجغرافي أحمد بن ماجد بن محمد السيباوي، وهو ملاح وجغرافي عربي من جلفار.

برع في الفلك والملاحة والجغرافيا ولقب بأمير البحار، ويتمتع ابن ماجد بأشهر اسم في تاريخ الملاحة البحرية، لارتباط اسمه بالرحلة الشهيرة حول رأس الرجاء الصالح إلى الهند.

حيث قام ابن ماجد باكتشاف الطريق الجديد الموصل إلى الهند، وليس كما ينسب اليوم كذباً الى فاسكو دي جاما.

ولابن ماجد الفضل في إرساء قواعد الملاحة حول العالم، وقد بقيت آراءه وأفكاره في مجال الملاحة سائدة في كل من البحر الأحمر والخليج العربي وبحر الصين.

وهو أول من كتب في موضوع المرشدات البحرية الحديثة. كما له العديد من الإسهامات في علم الملاحة سواء في طريق القياس أو في تطوير البوصلة.

أو في كتبه الكثيرة التي ساعدت الملاحين من بعده في اكتشاف العالم.

سليمان المهري

ومن شبه الجزيرة العربية إلى أرض اليمن الطيبة، نروي لكم قصة البحار اليمني مكتشف سنغافورة، سليمان المهري.

الذي ولد في أرخبيل سُقطرى الشهير التابع لليمن. عام 1480 من أصول عربيّة أصيلة.

اهتم بالبحر منذ صغره، فانكبّ على مصنفات ابن ماجد، لذا بات مدعواً من جملة تلاميذ ابن ماجد حتى أضحى أشهرهم.

تركزت أنشطته في المحيط الهندي أو ما يعرف ببحر العرب، الواصل بين أفريقيا وجنوب الجزيرة العربية إلى شبه الجزيرة الهندية.

فوصل إلى الصين، ووصف الطرق البحرية الموصلة من الجزيرة العربية إلى الصين، مروراً بمنطقة جاوا الهندية.

ولسليمان المهري مؤلفات ومصنفات عديدة، أصبحت مرجعاً استند إليه الأوروبيون في دراستهم البحرية. وهو أول من اكتشف الأراضي التي تعرف اليوم باسم سنغافورة.

كما ينسب إليه اكتشاف سواحل بورما وجزر أندمان ونيكوبار Andaman and Nicobar Islands الواقعة في خليج البنغال شرق شبه الجزيرة الهندية.

ويصنف حديثاً من ضمن العلماء الأوائل في علم الجغرافيا.

خرائط بيري ريس المدهشة

للمسلمين الأوائل يد سباقة أسهمت في تطور الحضارة الإنسانية، امتد أثرهم لمختلف العلوم والمجالات التي برزوا في دراسة القديم فيها وتميزوا في إضافة الجديد إليها.

والذي كان عوناً رئيسياً لمن خلفهم من علماء في هذه المجالات.

وجد في خرائط الرحالة المسلم بيري الأولى أجزاء من قارة كتب اسمها بالعربية والتركية أتلانتي أو أتلانتيس، تطابقت الأجزاء التي رسمها بيري مع صور الخرائط الحديثة لأجزاء من قارة أمريكا الشمالية.

كانت قد وصفتها جامعة جورج تاون الأمريكية George Town حديثاً بأنها خرائط مدهشة للقارة الأمريكية، تعود إلى ما قبل اكتشاف الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس لها.

وهي صور طبق الأصل للخرائط التي اعتمد عليها كريستوفر برحلته لأمريكا، مما يؤكد بما لا شك فيه أن مكتشف أمريكا هو أحمد محي الدين وليس كولومبوس.

وأوضحت خرائطه التي اكتشفت في قصر توبكابي Topkapi Palace قصر الباب العالي، تفاصيل لقارة جنوبية كانت مأوى لحضارة عرفت آنذاك بحضارة البحر.

تشير إلى فرضية وجود حضارة اعتمدت على الإبحار في المحيطات. لم يعرف عنها البشر شيئاً. واتخذت القارة الجنوبية موطناً لها.

وعلى الرغم من رفض كثير من علماء الخرائط والجغرافيا لتلك الفرضية، إلا أن دقة خرائط بيري ريس أثارت شكوكهم من خلال أسئلة كثيرة حول حضارات القارة الجنوبية.

ولم يستطيعوا الإجابة عليها. إذ عرف الرحالة بيري ريس بأنه عالم الخرائط التي حيرت خرائطه العالم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى