حول العالممال وأعمال

البيتكوين Bitcoin مستقبل النقود في العالم


مخاطر الاستثمار بالبيتكوين تقديم سيد جبيل

مساء الخير، حلقتنا اليوم عن عملة البيتكوين Bitcoin 

وسنحاول أن نجيب عن كل الأسئلة التي تهم الناس عن هذه الظاهرة الغريبة، التي تسيطر على الكثير من الصفحات والمواقع والعناوين المهتمة بالاقتصاد وحتى المواقع غير المهتمة بالاقتصاد.

ما هي البيتكوين Bitcoin

عملة البيتكوين سجلت رقماً قياسياً. فقيمة البيتكوين الواحدة تصل تقريباً إلى عشرة آلاف دولار.

كي نفهم أولاً ما هي البيتكوين Bitcoin ، نحن مضطرون أن نعود للوراء قبل أن نجيب عن كل الأسئلة المتعلقة بها، يجب أن نفهم الأمر خطوة خطوة.

نشأة النقود

النقود التي تحملها في يدك إن كانت ريالاً أو ديناراً أو دولاراً أو يورو، لها قيمة للأسباب التي سأذكرها:

نظام المقايضة

فالإنسان في فجر التاريخ لم يكن لديه أي نوع من العملات، وكان يستخدم نظام المقايضة، فمن لديه قمح يعطي في مقابله الشعير، ومن لديه اللحوم يأخذ مقابلها الخضار، ويتبادلون السلع.

لكن مشكلة نظام المقايضة أنه يعتمد على ما يسمى بالتصادف المزدوج، أي يصادف أنك لديك شيء يحتاجه الطرف الآخر، وهذا كان صعباً أن يستمر مع تطور المجتمعات وزيادة التجارة الدولية.

البحث عن وسيط

ابتدأ الإنسان البحث عن عملة وسيطة، أو طريقة وسيطة تسهل له تبادل السلع المختلفة، وابتدأ يفكر فيما عرف بعد ذلك في وقت لاحق بفكرة النقود.

وكان في البداية كما معظمنا يعرف عن طريق المحار أو سن قرش أو معادن مختلفة. إلى أن اهتدى إلى فكرة الذهب، باعتبار أن الذهب كان وسيطاً مقبول جداً لأسباب مختلفة.

منها أنه لا يعطب ولا يصدأ ونادر الوجود، وليس نادر جداً لدرجة أنه غير موجود، ولكن نادر بشكل معقول أي أنه توافرت فيه صفات الوسيط.

نشأة البنك

ظل الذهب هو الوسيلة الأساسية لتبادل السلع، ولأن الذهب سلعة ثقيلة فكي تشتري بها كميات كبيرة وأشياء مهمة، تحتاج أن تدفع كميات كبيرة من الذهب.

أصبح هناك صعوبة في نقلها من مكان إلى مكان بعيد، خاصة إن كانت بكميات كبيرة.

فاهتدى الإنسان إلى أنه بدل أن يحمل كل هذا الذهب معه، أن يكون هناك بيوت مخصصة لحفظ الذهب.

والبيت أو المخزن في مقابل أن يحتفظ لك بالذهب، يعطيك أوراقاً بأنك صاحب حق عنده لكمية معينة من الذهب.

وأنت عندما تريد أن تشتري شيئاً بدل أن تحمل كل ذهبك، تعطي من تريد أن تشتري منه الأوراق، وهذه كانت فكرة تطور الأموال الورقية.

لكن الأوراق هذه ليس لها قيمة إلا إذا كان هناك ما يعادلها من ذهب لدى البيت الذي يحويه.

نشأة البنوك المركزية

بعد مرور وقت أدركوا أن هذه الأوراق يمكن تزويرها، وتدعي أن بيت الذهب لديه ذهب لك، وتطالبه به.

فبدأت تتطور فكرة البنوك المركزية التي تحتكر إصدار أوراق نقدية يصعب تزويرها، تثبت أن لك ذهباً.

نشأة العملات

ثم تطورت فكرة العملات الحديثة، التي هي أن كل بلد له عملة واسم معين: ين، يورو، دولار، جنيه، ريال. وأن هذه العملة لها قيمة محددة مقومة بالذهب.

الحرب العالمية الثانية

ظل هذا الوضع إلى الحرب العالمية الثانية، التي غيرت الأوضاع تماماً، لأن معظم الدول الكبيرة انهارت اقتصاداتها ولم تعد قادرة أن تغطي كل عملة تصدرها بالذهب.

فكانت النتيجة أنها أصدرت أمولاً كثيرة غير مغطاة بالذهب، لأن نفقاتها أكبر بكثير من كميات الذهب المتوفرة لديها.

وخرجت كل هذه الدول من الحرب العالمية الثانية منهارة، باستثناء الولايات المتحدة التي خرجت دولة قوية، والدولة الوحيدة الكبيرة التي كانت عملتها الدولار مغطاة بالكامل بالذهب.

وبالتالي أصبح الدولار عملة العملات، وبقية العملات كلها بدلاً من أن كانت مقومة بالذهب، أصبحت مقومة بالدولار المقوم بالذهب.

فك ارتباط الدولار بالذهب

وبقيت الأمور على هذا المنوال حتى عام 1971، عندما أصاب الولايات المتحدة ما أصاب الدول الأخرى في الحرب العالمية الثانية من الإجهاد والضعف الاقتصادي.

وذلك نتيجة التوسع العسكري والامبراطوري والغزوات العسكرية وأهمها فيتنام. فأجهدت وبدأت تصدر كميات من الدولار أكثر من الذهب الذي يمكن أن يغطيها لغاية سنة 1971.

حيث كان سابقاً أي إنسان يملك دولاراً يستطيع أن يحوله إلى ذهب.

وسنة 1971 أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون أن ينهي هذا الأمر، وأنه سيكون الدولار كباقي العملات عملة ورقية، أي ليس لها أي غطاء ذهبي. وهذا بدأ عصر Bait Money

ما هي Bait Money

وكلمة Bait Money ليس لها أي علاقة بشركة فيات للسيارات ولكنها كلمة تعني كوني مالاً.

أي ورقة عادية، الدولة تقول أن هذه الورقة لها قدرة أو تعهد مني أنا تجاه من يملكها بأن له الحق في شراء سلع بالقدر المحدد لهذه العملة.

الجنيه والدولار والريال، إن لم يكن هناك ذهب أصبحوا يتحددون على أساس عوامل اقتصادية معقدة أبسطها مسائل العرض والطلب. أنا أطرح نقوداً على قدر ما أملك من سلع وهذا نوع من التبسيط.

فمثلاً دولة لديها كم انتاج معين من السلع المختلفة من الورق والخدمات والفواكه والخضار، فهي تطبع أموالاً على قدرة الدولة على هذا الإنتاج.

فلو طبعت أكثر بكثير سيكون النتيجة أن الناس ستشتري أكبر بكثير من الانتاج المتاح، وسيصبح هناك تضخم وترتفع الأسعار وتصبح المسألة عبثية.

ما يعني أن طباعة النقود الورقية يخضع لاعتبارات وحسابات دقيقة تتعلق بعملية الإنتاج على الأقل نظرياً.

وبالتالي الورقة التي تحصل عليها نتيجة راتب أو عمل تؤديه، أنت تحصل عليها نتيجة جهد وانتاج قدمته للمجتمع فحصلت في مقابله على أكل.

أزمة 2007 ونشوء العملة الرقمية

بعد الأزمة المالية العالمية في 2007 التي أدت إلى انهيار اقتصاديات معظم دول العالم، ظهرت فكرة جهنمية لشخصية مجهولة لشخص استخدم إسم مستعار ساتوشي ناكاموتو.

هذه الشخصية مهما كانت جنسيتها ياباني صيني أسترالي، في كل الأحوال كان دور هذا الرجل أنه قدم فكرة إنشاء عملة رقمية Bitcoin.

العملة الرقمية التي قدمها هذا الرجل المجهول لم تكن جديد تماماً، كان هناك أفكار لعملة رقمية يمكن تداولها على الإنترنت.

لكن الجديد الذي قدمه والذي لم تقدمه العملات السابقة لأن فيها عيوب تجعلها من الصعب أن تستمر، هو نظام محكم يحاكي النظام المالي الموجود والتقليدي، لكن داخل عالم الإنترنت.

بداية العملة الرقمية البيتكوين

عندما بدأت الفكرة بشكل واسع في 2011 لم يكن لهذه البيتكوين Bitcoin أي قيمة تذكر.

أي بدأت في بدايتها بقيمة سنتات قليلة، وبعد ذلك أصبحنا نتكلم على دولار أو اثنين أو خمسة دولار، ووصلت لغاية تسجيلي الحلقة 29 نوفمبر 2017 نتكلم على أكثر من 9600 دولار.

حيث زادت قيمتها زيادة فلكية خلال سبعة سنوات

يبقى السؤال بعد أن فهمنا فكرة النقود، على أي أساس هناك إقبال عليها ولماذا وكيف أضمن نقودي؟ وهل هي خدعة؟ ومن قام بها؟

هل هي فخ أو أوهام؟

هذه هي الأسئلة التي نحاول نوضحها، فكرتها إنشاء نظام، وهو عبارة عن برنامج كبير يحتوي كل البيتكوين Bitcoin التي يمكن استخراجها لسنين قادمة، حوالي 21 مليون بيتكوين فقط.

والقصد أن يكون هناك رقم محدد حتى لا يكون هناك عرض مطلق من الأموال، فيحدث تضخم وتنهار العملة، فعددها ثابت وتعادل عملية الذهب المحدود في العالم .

بما أن الذهب كميته محدودة في العالم، فالبيتكوين عددها محدود على هذا البرنامج.

كيف أحصل على البيتكوين

قام بإنشاء برنامج يسمى التعدين أو Mining Program أي  مثل البحث عن الذهب، لكن بدلاً من الحفر بالفأس كما كانوا يفعلون سابقاً، تدخل إلى البرنامج وأمامك مجموعة معادلات تحتاج للحل.

من يقوم بحل هذه المعادلات

بالتأكيد ليس أي شخص يستطيع حلها، فالأمر ليس بهذه السهولة فليس كل شخص سيتحول إلى عالم رياضيات.

البرنامج نفسه يحل المعادلات، لكن كي يحل هذه المعادلات يحتاج إلى معالج Processor قوي جداً ليبدأ بحلها.

ما قيمة المعادلات؟

ليس لها أي قيمة سوى أنها توسع مكاناً في عالم البيتكوين الافتراضي لقادم جديد.

فلو كان مستخدمي برنامج البيتكوين ستة آلاف شخص، كي يصبحوا ستة آلاف وواحد يجب أن تحل المزيد من المعادلات فيتسع البرنامج لقادم جديد وآخر وآخر.

وتكون مكافأتك على حل هذه المعادلات الرياضية الحصول على وحدة البيتكوين أو جزءاً منها، حسب عملك ومعالجك.

كم تحتاج المعادلات للحل؟

الكمبيوتر العادي لا يمكنه أن يحل أي شيء حالياً، ربما كان في السابق.

وحتى يقوم الكمبيوتر بحل المعادلات، كما أخبرني بعض المتخصصين الذين راجعتهم، تحتاج إلى آلاف السنين من العمل المستمر.

وبعضهم يقول أكثر من مليون سنة من العمل المتواصل لتحصل على عملة واحدة Bitcoin بالمعالج العادي.

ولذلك بدأ الناس مع صعوبة الحصول على البيتكوين Bitcoin بإحضار كميات كبيرة من المعالجات للكمبيوترات العملاقة.

ويقومون بتشغيلها ليلاً نهاراً، وتستهلك كميات ضخمة جداً من الكهرباء لحل هذه المعادلات الرياضية ليحصلوا على البيتكوين.

كم عدد العملات المعدّنة؟

عدد العملات الموجودة في البرنامج هو 21 مليون وحدة، والذي تم استخراجه منذ بدء العمل على البرنامج وصل إلى 17 مليون بيتكوين.

والأربعة مليون الباقية سينتهون لأن المسألة تزداد صعوبة كلما زاد عدد المستخرجين.

آخر كمية يمكن استخراجها لن تتجاوز عام 2040،  وبعدها يكون قد تم استخراج كل العدد الموجود.

لنفترض أنك استخرجت البيتكوين سواء بالتعدين أو بالشراء المباشر من عالم الإنترنت وهناك عشرات ومئات المواقع التي تتيح شراءها. فإذا اشتريت البيتكوين ماذا يمكنك العمل بها؟

التعامل بالعملة الرقمية

سابقاً لم يكن هناك الكثير لتفعله بها، مثل الذهب بداية استخراجه من الأرض لم يكن له أي نفع، إلى أن اهتدى الإنسان إلى ارتدائه بشكل زينة ثم تحول إلى نقود.

لكن في الوقت الحالي بدأ الناس بتبادلها في العالم الافتراضي، وتحديداً في الدارك ويب والعالم السري الذي لا يمكنك الوصول إليه بالكميبوتر العادي.

فتتم تجارة المخدرات والسلاح والدعارة عن هذا الطريق.

البيتكوين حصلت على أهمية كبيرة لأنه قيل أن كوريا الشمالية وربما إيران استعانتا بهذه العملة كي تحصلا على احتياجاتها بعيداً عن العمليات البنكية التي الولايات المتحدة وحلفائها أقاموا حظر عليهم.

هذه الدول كما يقال تحصل على احتياجاتها لكن لا تستطيعون رصد كيفية تحويل الأموال منها وإليها.

هل قيمة العملة حقيقية؟

بعيداً عن مسائل الدارك ويب أو العمليات المريبة، وهذا جزء كبير جداً من نشاط البيتكوين ، أصبح هناك عمليات مشروعة، لأن هناك أكثر من ألف موقع تقبل التعامل بالبيتكوين علناً.

منها شركات ضخمة مثل Microsoft وإيباي، وبعض الجامعات مثل جامعة قبرصية تقبل أن تحصل على رسومها بالبيتكوين، وبعض المطاعم مثل Subway يبيع خدماته بالبيتكوين.

وعدد متزايد من الشركات وبعض البورصات السلعية أعلنت منذ حوالي شهرين، أن تقدم قروضاً آجلة على عملة البيتكوين Bitcoin أي تتعامل معها على أنها سلعة. وهذا يعطيها جزءاً من الشرعية.

الأكثر من ذلك أنه حالياً يمكنك بعد شرائك احتياجاتك المباشرة أن تحصل من خلال ما يعادل ATM أي تسحب أموالك بما يسمى BTM نسبة للبيتكوين.

وذلك باستخدام BarCode معين فتحول البيتكوين Bitcoin التي تملكها في بعض البلدان إلى دولار أو يورو.

هل العملة الرقمية Bitcoin أمنة؟

رغم كل ما نقوله وأن هذا يبدو كأنه خيال علمي، لكن هناك خلل مهم جداً يجب أن نلاحظه، فكل ما قام به ساتوشي ناكاموتو وأغلب الظن أنه ليس فرداً واحداً بل مجموعة أفراد.

خصوصاً أنه ليس فاعل خير يقوم بعمل ما، ثم يختفي دون أن يعلم به أي أحد، ولذلك الشكوك أن تكون جهات ما أو مستثمرين أو أجهزة مخابرات وراء ذلك.

في كل الأحوال الشخص الذي قام بهذا الأمر، يبدو أنه يأخذنا إلى خدعة كبيرة جداً، فقد أنشأ سلعة تبدو وكأنها نقود لكنها تفتقد إلى أهم صفات النقود.

فليست سلعة ذات قيمة حقيقية ملموسة تستطيع أن تنتج شيئاً للمجتمع. فعندما تقوم بالتعدين، فلا يضيف شيئاً للمجتمع، وبالتالي هذه النقود تحول أرباحاً لطبقة طفيلية تريد جمع النقود بالتلاعب وليس أكثر.

وليست هي أوراق نقدية، يمكن ليس لها قيمة بالذهب ولكن تخضع لمعايير كبيرة جداً ومهمة تجعل الأوراق لها قيمة والإصدار محسوب بحسابات دقيقة.

ولا تستطيع أن تثق ثقة مطلقة في شخص مجهول أصدر عملة لا تعرف مصدرها. هذا يجعل مجموعة كبيرة من الناس يضعون علامات استفهام.

عملة المستقبل

هناك إعجاب بالفكرة، ويمكن تطويرها لاحقا،ً كما أن هناك اقتصاديون مهمين يقولون أن البيتكوين وإخوتها يمكن أن يكونوا مستقبل العملة في العالم.

لكن ليس بشكلها الحالي، ولا تنخدعوا بأصحاب الياقات البيضاء والأسماء الكبيرة الذين يتحدثون بإعجاب عن البيتكوين Bitcoin.

هؤلاء يحولون بورصات وشركات استثمار للحصول على أكبر قدر ممكن من الأموال وحتى الشركات الكبيرة التي قبلت التعامل بالبيتكوين تريد أن تحصل على ربح آني.

ولا تنسوا الأزمة العالمية في عام 2007 كان وراءها بنوك ضخمة جداً لديها عشرات المليارت بل مئات المليارات وتاجرت في سلع وهمية، ومشتقات مالية وهمية. يمكن للبيتكوين أن تكون أحدها.

خاتمة

البيتكوين بشكله الحالي وسيلة فاسدة لعالم مهووس ومؤسسات مهووسة بالربح يريدون جرّنا جميعاً إلى ربح وهمي، ربح بالتلاعب لكنه لا يستند إلى أي إنتاج حقيقي ولا أي فائدة حقيقية.

إذا أردت أن تدخل عالم البيتكوين Bitcoin فعليك أن تدرك أنك تخاطر، قد تحقق ربحاً عليه علامات استفهام، وقد تخسر كل ما تقدم وما تأخر.

أشكركم وإلى لقاء آخر إن شاء الله.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى