أخبارالحياة والمجتمعتقنيةحول العالمحيواناتحيوانات ونباتات

الفئران العملاقة تنقذ حياة ملايين البشر

الفئران العملاقة ..

ما هو الحيوان الذي أنقذ حياة ملايين البشر

ما قصة الفئران العملاقة وإنقاذها للبشر؟

عندما فكر البشر خارج الصندوق، توصلوا لحل بسيط وغير متوقع لواحدة من أصعب وأخطر المشاكل.

التي تهدد حياة مئات الآلاف من البشر في العديد من الدول وتمثل عقبة مانعة لتطوير وتنمية هذه الدول لعشرات السنين.

لماذا احتاج الخبراء لاستخدام الفئران العملاقة

لماذا احتاج الخبراء لاستخدام الفئران العملاقة

عانت العديد من دول العالم لعشرات السنين وما زال بعضها يعاني من الحروب والصراعات الدموية التي نتج عنها انتشار الخراب والدمار والموت وتشريد ملايين البشر.

وتعتبر أفريقيا من أكثر قارات العالم التي شهدت الحروب والصراعات المسلحة التي أودت بحياة عدد كبير من البشر.

لكن حتى بعد انتهاء هذه الحروب في عدد كبير من البلاد الأفريقية استمرت آثارها المدمرة في حصد أرواح الآلاف من البشر سنوياً.

وذلك عن طريق الألغام المزروعة في الأرض أو بسبب القذائف والذخائر التي لم تنفجر وقت الاستخدام.

وأشارت إحدى الدراسات إلى أن الألغام والبقايا المتفجرة أودت بحياة ثمانية آلاف شخص في أفريقيا عام 2016.

بينما كانت الخسائر في باقي دول العالم مجتمعة عشرين ألف شخص 50% منهم أطفال.

ويقدر عدد الألغام والبقايا المتفجرة في العالم كله حوالي 55 مليون قطعة موزعة في حوالي 84 بلداً.

متسببة في عدم استخدام ما يقرب من 1.3 مليون فدان من الأراضي.

لماذا لا يتم التخلص ببساطة من الألغام

السبب هو أن عملية إزالة الألغام تستغرق وقتاً طويلة وصعبة ومكلفة اقتصادياً.

زرع اللغم الواحد لا يكلف أكثر من 3 إلى 30 دولاراً بينما إزالة نفس اللغم تكلف 300 إلى 10 آلاف دولار حسب الطريقة المستخدمة.

وتقتصر طرق إزالة الألغام على ثلاث تقنيات معروفة عالمياً وهي استخدام المعدات ذات التكنولوجيا المتطورة مثل:

كاسحات الألغام المدرعة والرادارات المتطورة التي تخترق سطح الأرض.

أو استخدام الكلاب المدربة على اكتشاف اللغام والمواد المتفجرة.

وأخيراً الطريقة الأكثر انتشاراً وهي عن طريق خبير مفرقعات يستخدم عصا الكشف عن الألغام.

لكن لكل طريقة من الطرق السابقة عيوباً تجعل من غير الممكن الاعتماد عليها وتطبيقها في كل دول العالم.

كاسحات الألغام والرادارات

على سبيل المثال استخدام المعدات التكنولوجية المتطورة مثل كاسحات اللغام المدرعة أو الرادارات التي تخترق سطح الأرض مكلفة جداً اقتصادياً.

ولا يستخدم إلا من خلال المؤسسات العسكرية والجيوش ذات التسليح المتطور.

الكلاب المدربة

أما الكلاب فمن السهل جداً بأن تمرض بأحد الأمراض الإستوائية في المناطق الحارة ووزنها الثقيل نسبياً من الممكن أن يتسبب في انفجار اللغم.

بالإضافة إلى أن عملية تدريب الكلب الواحد لكشف الألغام تتكلف 40 ألف دولار أمريكي.

خبير المفرقعات

وأخيراً فإن كشف الألغام عن طريق خبير المفرقعات غير مجدي بسبب البطء الشديد في عملية الكشف وعدم دقتها بنسبة كبيرة جداً.

وذلك بسبب الخلط بين القطع المعدنية العادية والألغام لدرجة أن نسبة الخطأ تصل إلى الكشف عن ألف قطعة معدنية مقابل الكشف عن لغم واحد.

وما يجعل الأمر أكثر صعوبة وعدم جدوى هو أن تربة أفريقيا أصلاً غنية بمعدن الحديد مما يزيد صعوبة عملية الكشف عن الألغام.

كل ذلك يجعل من الطرق الثلاث بلا فائدة خصوصاً في الدول الأكثر فقراً في أفريقيا والتي تعتبر من أكثر الدول المتضررة من زراعة الألغام في العالم.

وهذا أدى إلى التوقف التام للنشاط الزراعي في المناطق المتضررة وتوقف مشاريع نشاء الطرق والإمداد بالخدمات الطبية والمساعدات الإنسانية.

وهذا نتج عنه تحويل ملايين البشر إلى مجموعة من اللاجئين الذين يعيشون في ظروف في غاية الصعوبة والبؤس.

لكن ظهر في الأفق أمل جديد سيغير مصير ملايين البشر في أفريقيا ويمكن في باقي دول العالم وهذا الأمل جاء في صورة كائن غير متوقع نهائياً، الفأر.

المؤسسة البلجيكية Apopo

على مدار عشرين سنة قامت المؤسسة البلجيكية Apopo الموجودة في تنزانيا بتدريب نوع من الفئران الملقب الفأر الجرابي العملاق Giant pouched Rat على كشف الألغام المواد المتفجرة.

ونجح الموضوع نجاحاً ساحقاً وكان الغرض من ابتكار هذه التقنية البسيطة هو مساعدة الدول النامية والأكثر فقراً في العالم.

على ابتكار حلول غير مكلفة ومستقلة عن التقنيات المعروفة حالياً باستخدام الموارد المتوفرة محلياً.

لكن لماذا تم اختيار هذا النوع من الفئران بالتحديد لتدريبه على كشف الألغام؟

هناك أسباب كثيرة نذكر منها مثلاً أن الفأر العملاق يتواجد بعداد هائلة في الدول الأفريقية المتواجدة جنوب الصحراء الكبرى لدرجة أنه يعتبر آفة من الآفات الضارة في هذه الدول.

خصائص الفأر العملاق

وهذا الفأر رغم أن اسمه الفأر العملاق لو قارناه بالفأر العادي المعروف، إلا أن حجمه صغير ووزنه خفيف لو قارناه بالإنسان أو الكلب الذي يقوم بكشف الألغام.

الحجم

حجم هذا الفأر يقارب نسبياً حجم قطة منزلية صغيرة ويتراوح طوله بدون الذيل بين 25 سنتمتر إلى 45 سنتمتر.

الوزن الخفيف

خفة الوزن والحجم الصغير يعني أن هذه الفئران لا تحتاج إلى كمية كبيرة من الطعام أو إلى مكان كبير للمعيشة.

وأهم نقطة أن وزنها لن يتسبب في تفجير اللغم لو قامت بالسير فوقه.

الذكاء والشم

وتتمتع هذه الفئران بالذكاء الشديد وبحاسة شم قوية جداً تنافس حاسة الكلاب وتمكنها من شم المتفجرات المدفونة أسفل سطح الأرض.

بالإضافة لكل ذلك فهذا النوع من الفئران يتعلم بسرعة، فمثلاً لو نجحت في تدريب معين وتمت مكافأتها بقطعة من الموز.

فسترغب بالقيام بنفس التدريب ونفس المهمة بنفس الكفاءة طالما تم الاستمرار في تقديم المكافآت لها.

السرعة

ومن أهم خصائص هذه الفئران هي السرعة الفائقة، فالفأر الواحد يستطيع البحث عن الألغام في مساحة 200 متر مربع في أقل من 20 دقيقة فقط.

بينما خبير المفرقعات سيستغرق خمسة أيام بنفس المهمة في نفس المساحة.

عيوب استخدام طريقة الفئران العملاقة

وبالطبع لا يوجد شيء كامل ولا بد من وجود بعض العيوب، لكن لحسن الحظ عيوب هذه الطريقة لا تذكر بجانب الطرق التي ذكرناها سابقاً.

الحساسية من الشمس

من عيوب استخدام الفئران العملاقة في الكشف عن الألغام أنها بطبيعتها حساسة جداً لحرارة الشمس وهذا يتطلب تغطية آذانها وذيولها بطبقة سميكة من الكريم الواقي من الشمس.

مدة تدريب طويلة

أيضاً عملية تدريب الفأر الواحد تستغرق تسعة شهور وتكلف ما يقرب خمسة آلاف دولار أمريكي.

كيف يتم تحويل الفأر العادي إلى فأر خبير مفرقعات محترف

في البداية يتم تدريب الفئران على التمييز ما بين رائحة المتفجرات ورائحة المواد الأخرى ومكافأتهم عند كل مرة ينجحون فيها في تمييز الرائحة بشكل صحيح.

تمييز رائحة المتفجرات

بعد ذلك يتم التأكد من قدرتهم على تمييز رائحة المتفجرات بشكل عملي.

ولهذا الغرض قامت مؤسسة Apopo البلجيكية بتجهيز أكبر حقل ألغام للتدريب في أفريقيا وهذا يساعد على تدريب الفئران في بيئة مشابهة تماماً لبيئة حقل الألغام الحقيقي.

ربط الفأر بالطوق

في هذه المرحلة التي تستمر لعدة أسابيع يتم ربط الفئران بطوق مشابه لما يستخدم مع الكلاب وجعلها تشم الأرضية بشكل منظم ذهاباً وإياباً.

وتحديد مكان اللغم المدفون تحت التربة وعندما تنجح في تحديد اللغم المدفون تقوم بنبش التربة من حوله.

ويستطيع المدرب معرفة مكان اللغم، ويكافئها بقطعة من الموز كما ذكرنا سابقاً.

التدريب الصارم

تتم عملية التدريب بصرامة شديدة وجدية تامة بمعنى أن الفأر الذي يؤدي بشكل غير مرضي أو يفشل لأكثر من مرة يتم استبعاده من التدريب نهائياً.

ويجب على الفأر الحصول على نسبة 100% نجاح ليتم ترقيته رسمياً إلى فأر خبير مفرقعات محترف.

الحصول على الرخصة

الفئران التي تنجح في اجتياز الاختبار عملياً تحصل على رخصة رسمية كفئران كاشفة للألغام ويتم إرسالها فقي مهام حول العالم لكشف الألغام والمواد المتفجرة.

تمتد مدة خدمة الفئران العملاقة في كشف الألغام إلى ثماني سنوات وهذا لأن هذا النوع من الفئران يعيش خمس سنين أكثر من الفئران العادية.

نتائج استخدام الفأر العملاق في كشف الألغام

ما هي نتائج استخدام الفئران العملاقة في كشف اللغام الحقيقية وحل حقق المشروع الغرض منه أم لا؟

في عام 2003 بدأت مؤسسة Apopo بمهمة تطهير دولة موزمبيق من الألغام باستخدام الفئران وبمساعدة وسائل كشف الألغام الأخرى المتوفرة.

واستغرقت عملية التطهير تسعة سنوات، وفي عام 2015 تم رسمياً إعلان دولة موزمبيق خالية تماماً من جميع أنواع الألغام الأرضية.

أسفرت العملية عن تدمير 13274 لغم أرضي وإعادة استخدام 11 مليون متر مربع من الأراضي التي كان من المستحيل استخدامها بسبب وجود الألغام.

وبعد النجاح الساحق للفئران لكشف الألغام في دولة موزمبيق قامت مؤسسة Apopo بمهمات في بلاد أخرى في أفريقيا.

مثل أنغولا وزيمبابوي وخارج أفريقيا مثل كمبوديا و فيتنام وكولومبيا.

استخدام الفئران العملاقة في الكشف عن مرض السل

أما لو انتقلنا من مجال كشف المتفجرات إلى المجال الطبي نجد أن الفئران تتمتع بكفاءة مذهلة في تشخيص مرض السل وإنقاذ حياة ملايين البشر.

مرض السل من أكثر الأمراض المعدية والمسببة للوفاة حول العالم بمعدل وفيات بلغ 1.5 مليون شخص عام 2016.

في الدول الفقيرة يعتمد على الفحص الميكروسكوبي لتشخيص مرض السل وهذه الطريقة بطيئة وغير دقيقة.

حيث يحتاج فني المعمل إلى يوم كامل لفحص عشرين عينة ونسبة التشخيص الصحيح لا تتجاوز نسبة 50% فقط من العينات.

الفئران العملاقة تحتاج إلى خمسة دقائق فقط لشم نفس العدد من العينات وقدرتها على تحديد العينات المصابة بالسل دقيقة جداً.

ما بين عام 2015 و 2016 تمكنت الفئران العملاقة من تحديد أكثر من عشرين ألف مريض بالسل تم تشخيصهم خطأً بالفحص الميكروسكوبي على أنهم غير مصابين بالمرض.

وهذا رفع من نسبة التشخيص الصحيح بمرض السل بحوالي 40% مما أنقذ حياة مئات الآلاف من البشر وحماهم من التعرض للعدوى.

المصدر يوتيوب قناة الآن تعلم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى