الحياة والمجتمعتقنية

تأثير الانترنت على المجتمع المعاصر

كيف تؤثر الانترنت على حياتنا: بحسب دراسات علمية كثيرة عندما ينتقل شخص من مكان إلى مكان جديد يتأثر بالبيئة الجديدة.

تؤثر على خصائصه المادية وسلوكه، ويتغير ويتكيف مع تلك البيئة.

ومع ظهور الانترنت كان الناس يرونها مجرد أداة كالتلفاز والراديو، ومع الوقت ظهر أنها ليس أداة فحسب بل مكان وبيئة.

بيئة عالية في التفاعلية ومكان تسافر له وأنت لا تشعر، لأنك جالس وحولك جميع أشيائك المألوفة ولم يتغير شيء حولك.

وبسبب تأثرك بالبيئة الجديدة فإن الوعي والإدراك والتصرفات والتفاعل مع الآخرين كله يكون مختلفاً ومتغيراً عن الموجود في الحياة الواقعية.

وهذا يجعل غرائزنا التي تدربت على العالم الواقعي تغزو الفضاء الإلكتروني، فيشعر بالضياع ويتأخر عن مواعيده وينسى الكثير من الأشياء.

وهذا لأننا نسافر على الانترنت وتتغير صفة الإنتباه إلى الوقت ويحدث تشوش للزمن.

وفي وسط هجرة الناس المستمرة لهذا المكان لا بد أن نقف قليلاً هنا، ونسأل أين نذهب؟ وما الذي ينتظرنا هناك؟

فهي رحلة وتجربة جديدة يجب أن نعرف كل شيء عنها وننتبه لخطواتنا فيها.

كيف تغيرنا الانترنت

كيف تغيرنا الانترنت

نصف الإجابة يتلخص بفكرة بطاقة اليانصيب، منتشرة كثيراً في كل الدول والناس يتسابقون لشراء بطاقة اليانصيب رغم أن فرص الربح فيها لا تتعدى 1 من 300 مليون.

وهذا لأنه في كل فترة يربح هؤلاء الأشخاص مكافآت صغيرة تغريهم بإعادة التجربة مرة أخرى.

ترقب الفوز ممتع وهذا يسمى متعة الخسارة وبهذا تحصل على مكافأة صغيرة وهذا المبدأ يطبق على آلات القمار بنفس الفكرة.

تصفح الانترنت مغري بنفس هذا المبدأ مبدأ المكافأة الصغيرة المتقطعة ومبدأ متعة الخسارة فالانترنت مليء بالمكافآة المتقطعة.

الهاتف المحمول هو بطاقة يانصيب فكل فترة يرسل لك مفاجأة صغيرة بخبر جديد أو تنبيه أو تعليق أو رسالة.

وهنا نأتي إلى نصف الإجابة الآخر فعندما تتصفح الانترنت والمواقع الإلكترونية وتتسوق وتبحث عن معلومة، يمنحك مكافآت، محفزات أخرى.

وتلك المخفزات تشبه طبيعة الطائر الذي يفضل أن يصطاد الطعام بعد البحث عنه عن أن يصطاده غيره ويقدم له.

البشر وجميع الثديات لديها محفزات حركية وهي التي تجعلنا نقوم كل يوم صباحاً ولدينا رغبة في اكتشاف العالم بأكمله.

وهذا الدافع اسمه البحث والاكتشاف وهو عنصر محفز يجعل المزاج جيداً لأنه يمدنا بالدوبامين.

الفضاء الالكتروني من الصعب مقاومته لأنه ينبّه حاجة الإنسان للبحث، يشبه الفضاء الخارجي ولكنه أسهل وبدون حدود وفيه فرص للاستكشاف.

أخبار عاجلة واحصاءات ورسائل شخصية وإيميلات وإشعارات لا تتوقف، فالتطبيقات والألعاب والمواقع الإجتماعية يتم تصميمها لتقدم فرص للاستكشاف لا تنتهي.

بحيث لا تتوقف عن النظر إلى الهاتف كل فترة على أمل الحصول على صيد أو مكافأة.

كيف تؤثر الانترنت على البشر

دعونا نجيب عن هذا السؤال بدراسة مشهورة على مجموعة من القرود وضعوهم أمام مرآة كبيرة.

في البداية تصرف القرد وكأن الذي أمامه قرد آخر، فكان يقفز بسرعة ويحاول إحداث شجار بينه وبين صورته في المرآة.

ليومين أو ثلاثة وبعدها يبدأ القرد بفهم أن الصورة هي انعكاس له، وعندما يكتشف ذلك يبدأ باكتشاف جسده في المرآة.

في علم النفس كان وصف ما يحدث أمام المرآة بمحفز المرآة، ويشير بالتحديد إلى موقف يتواجه فيه كائن معين مع انعكاس صورته في المرآة.

والحيوان في تلك الدراسة الذي يميز أن الصورة التي ظهرت في المرآة هي صورته كان يعتبر ناجحاً في اختبار المرآة.

وهذا يعتبر دليلاً قوياً على تطوير مفهوم الذات لدى القرود والذي يستخدم لوصف كيف ينظر البشر إلى أنفسهم وكيف يتصورونها.

ومع ظهور الانترنت تحوّل الهاتف المحمول إلى شكل من أشكال المرايا تلك وفيها يرى الإنسان انعكاساً لذاته.

ولأنه يرى أن الصورة هي انعكاس لذاته فيجمعها من عدة نواحي، ولتقييم ما قام بتجميعه فهو يحتاج إلى تغذية اجتماعية.

أي تقييم لمدى رضا أو رفض الناس على أجزاء شخصيته الإلكترونية، فقبل الانترنت كان هذا التقييم يتم في العالم الواقعي.

والتغذية العكسية سواء كانت إيجابية أو سلبية تأتي من عدد محدود من الأصدقاء وشخصيات لها سلطة مثل الأهل والمدرسين.

ولكن مع عبور الذات إلى النت فإن حجم التغذية أصبح كبيراً جداً وعدد ضخم من الأصدقاء والأشخاص الذين يكتبون التعليقات.

تغيير السلوك وفقدان التعاطف

الصورة نفسها تبقى موجودة دائماً حتى لو كنت نائماً ووجودها الدائم هذا يخلق شعوراً بالقلق والإلحاح ويضغط على الشخصية بإضافة صور أخرى تحسّن منها.

وهذا الضغط يؤثر على الذات الحقيقية وينشغل عنها، والسؤال هنا من الأهم الذات الحقيقة أم الذات التي خلقت على الهواء.

فكل شخص سيهتم ببناء ذات الكترونية مثالية وجميلة أكثر من ذاته الحقيقة وهذا يسبب عدم تطوير الهوية الحقيقية كما ينبغي.

طالما التواجد الإلكتروني مهماً فلم لا نتجنب التجارب الحقيقية المؤلمة مع أن تلك التجارب هي حجر الأساس في تكوين الشخصية.

ولكن لن ننتبه لهذا الكلام، وستعيش الذات المصورة حياة مثالية بينما هناك ذات يتم إهمالها يجب رعايتها لتتطور بشكل مناسب.

المرآة الإلكترونية يمكنها تغّير نظرة الشخص لذاته، وتحوله لشخص بسلوكيات سلبية قابل لانتهاك الخصوصية والتصرف بطريقة غير مناسبة وفقدان التعاطف.

وإذا بحثنا على جوجل على كلمتي الإنتحار والسلفي سنجد أن النتائج كثيرة لأشخاص فقدوا التعاطف النهائي اتجاه الآخر.

فقدان التعاطف والأنانية هما نزعتان متلازمتان ومنشأهم النرجسية.

مواقع التواصل الإجتماعي تشجع الأشخاص وتدفعهم لمشاركة الآخرين المعلومات الشخصية وهذا يؤدي إلى التركيز على الذات وهذا أكبر مولد للنرجسية.

لم نشاهد في التاريخ شيئاً مشابهاً من قبل، يمكننا من نشر الانجازات وصور الرحلات والملابس الجديدة وحتى الطعام الذي نتناوله.

الامتناع أم التكيف

يعالج الإدمان بالإمتناع، فأنت لو كنت مدمن مخدرات يكون الإمتناع هو الخلاص منه، ولكن الإمتناع عن الانترنت ليس خياراً منطقياً.

لأن التكنولوجيا هي ضرورية ومهمة للبقاء وللتطور، وتوفر لنا منافع كثيرة لهذا نحن نحتاج أن نتعلم كيف نتكيف معها وفق معاييرنا نحن وليس بمعايرها هي.

نستطيع فعل ذلك عندما نعرف كيف تؤثر تلك التكنولوجيا علينا ونعرف ما هي طبيعتها وما هي المخاطر المحتملة.

وبهذا نستطيع معرفة عيوبها ونركز أكثر على الاستفادة منها ونتكيف بفاعلية معها.


المصدر

قناة أخضر


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى