الحياة والمجتمعحول العالمعلوم الفلك والأرض

رؤية المستقبل الإنسانية والغيب

رؤية المستقبل : اليوم سنتحدث عن المستقبل، وهو لا يأتي من فراغ، المستقبل موجود الآن في أحشاء اللحظة الحاضرة التي نعيشها نحن.

والتي هي تماماً مثل مشروع النخلة فهو موجود في نواة النخلة، وفي المستقبل ستتمخض النواة عن النخلة بطولها.

ذات الأمر أيضاً قصة الجنين وصفاته كلها موجودة في الخلية الأولى الملقحة.

في واقع رؤية المستقبل ممكن أن يتعرف الانسان عليه، عن طريق استقراء الشواهد وعن طريق دراسة الاحتمالات.

فنحن الآن نستطيع أن نعرف متى تنكسف الشمس في اليوم والساعة الثانية، ونعلم هذا الموضوع قبل سنة.

فمثلاً في أوائل عام 1986  كان العالم على علم بوقت وصول المذنب هالي  قبل سبعين سنة من قدومه.

وأيضاً الدراسات التي تقوم على الطقس، عن طريق معرفة الضغط والحرارة والرياح وتحرك المنخفضات الجوية، وقراءة صور القمر الصناعي.

نرى بالفعل الإعصار عندما جاء على الفلبين مثلاً، ونحسب تغيرات الطقس بشكل تقريبي وأحياناً يكون التنبؤ دقيقاً.

هل رؤية المستقبل من الغيبيات

هل رؤية المستقبل من الغيبيات

وهذا لا يسمى الغيب المحظور، فالغيب شيء آخر، فهو الذي يجري الآن بين الملائكة في الملأ الأعلى، وذات الله هي الغيب المطلق.

أما شؤون الدنيا فالله أعطانا شواهد وعلوم نستطيع التعرف عليها، فحتى يوم القيامة نفسه ليس بالغيب، إلا في مسألة توقيت اللحظة.

ويقول الله تعالى لموسى ( إن الساعة آتية أكاد أخفيها ) فلم يقل أخفيها، وبدليل أن يوم القيامة له علامات صغرى وكبرى.

وممكن الإنسان أن يقول أن القيامة وشيكة الوقوع، ولكن مستحيل أن يعرف اللحظة أو الساعة أو اليوم.

الله سبحانه أعطى هذه العلوم للإنسان، وأعطى الحيوان قدرة على استشعار المستقبل.

فمثلاً النمل والأسماك يمكن أن يستشعر الزلازل قبل حصولها ب24 ساعة، فيحصل له اضطراب وهستيريا، والأحصنة تضطرب ويعلو صوتها أيضاً.

فالمستقبل في الواقع ليس محظوراً، يمكن أن نعرفه من استقراء الشواهد ودراسة الاحتمالات.

ونريد القول أن رؤية المستقبل موجودة حالياً في أحشاء اللحظة الحاضرة، فمن الممكن بالدراسة نستطيع أن نعرفه عن طريق الاحتمالات.

هل نستطيع أن نتنبأ بمستقبل الإنسانية؟

قطعاً الإنسانية مرت على تاريخ طويل، بدأً بالعصر الحجري ثم اكتشف الإنسان المحراث وبدأ عصر الزراعة.

ومن ثم الفحم وبدء عصر الصناعة، وانتقلنا بعده لعصر البترول والكهرباء، ومن بعدهم الذرة والالكترون والليزر.

وأخيراً الهندسة البيولوجية وهي تعني التحكم في الجينات الوراثية، وفي الصفات الوراثية للأجيال الجديدة.

قطعاً حياة الإنسان قفزت قفزات ضخمة جداً في هذه المسيرة، والتي لخصتها الآن في سطرين.

فالإنسان لكي يسافر سابقاً مسافة ثلاث أو أربع كيلومتر يأخذ أكثر من ساعة، الآن يصل إلى أميركا عبر المحيط كله في ثمان ساعات.

اختراعات حديثة للإنسان

اختراعات حديثة للإنسان

واستطاع الإنسان أن يرى على بعد ألفين مليون ميل عن طريق الاستشعار اللاسلكي، وأيضاً يسمع ما يجري تحت المحيط.

ويسمع ما يجري في أعماق النجوم البعيدة على بعد ألفين مليون مليون ميل وأكثر، ويستطيع أن يقلب الشتاء بالصيف والعكس عن طريق أجهزة التكييف والتدفئة.

ويستطيع زراعة القلب الميت في القلب الحي، ويستولد سلالات جديدة من النباتات.

ومن البكتريا يستولد سلالات يستخدمها لصناعة الأنسولين ومواد لا يستطيع صناعتها، ويسخّر الإلكترون للحساب والذاكرة وإلى آخره.

أي أن الإنسان اكتسب حريات خطيرة جداً، وامتدت قوته وحواسه عبر الكون إلى آفاق لا نهائية.

ولكن الحقيقة أن هذه الأمور كان ثمنها كبيراً، فما هو الثمن الذي دفعه الإنسان في هذه الرحلة الطويلة.

اختبارات عن الجو المحيط بالأرض

عندما نرى الكرة الأرضية والتي يطلق عليها اسم (الكوكب الأزرق) وسبب الزرقة هو ما تنفرد به الأرض من محيطات وهواء.

ولا نرى هذه الزرقة في القمر، بل نراه باهتاً مليئاً بالحفر. أو الزهرة مثلاً تظهر كهلال والمريخ الكوكب الأحمر.

ولا يوجد كوكب آخر فيه هذه الزرقة الجميلة كما في كوكب الأرض، والسبب في هذه الزرقة الجو والمياه، وانكسار الضوء في الجو.

رؤية المستقبل الإختبار الأول

إذا أخذنا عينة من جو الأرض، وضعناها في أنبوب مخبري عينة من جو الأرض، لنعرف تكوينها، وسنضع الأنبوب فوق شمعة.

سنلاحظ أن الشمعة تبقى محترقة، وستستهلك قدر 21% من كمية هواء الأنبوب، وستسحب كمية من الماء بدلاً من كمية الهواء.

غاز الإشتعال وهو الأوكسجين، أما الباقي بكمية 78% تكون نيتروجين أو الغاز الخامل، و3% غازات نادرة كثاني أوكسيد الكربون وبخار الماء والهيليوم وأرجون ونيون.

رؤية المستقبل الإختبار الثاني

نأخذ عينتين إحداهما أوكسجين  والثانية نتروجين، نضعهما في أنبوبين مخبريين، ونعرضهما للنار.

فالأوكسجين يحترق لأنه غاز نشط ونعتمد عليه في التنفس، بينما النيتروجين لا يشتعل لأنه غاز خامل.

رؤية المستقبل الاختبار الثالث

نضع في أنبوبين مخبريين أوكسجين، ونشعل في أحدها شعلة هيدروجين فيتحولان إلى الماء.

بينما في الأخرى نضع الكربون أيضاً يشتعل داخل الأوكسجين وينتج ثاني أوكسيد الكربون، كل ظواهر الإحتراق تتم بفعل الأوكسجين.

والجو يكون أجمل على الشواطئ ونقي، ويحوي كمية كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية والأوكسجين.

وفي المناطق الريفية يكون جميلاً، والسبب أن اللون الأعشاب الخضراء تأخذ ثاني أوكسيد الكربون وتنتج الأوكسجين.

أي تتنفس بعكس الإنسان، وبالتالي هي تنظف الجو وتنقيه، بعكس المدن المزدحمة والتي نرى بها أنواع الدخان.

تلوث الجو بالغازات

تلوث الجو بالغازات

الدخان الذي يأتي من عوادم السيارات والمصانع والتي يشمها الإنسان مثل أوكسيد الآزوت أو أوكسيد الكبريت أو أوكسيد الكربون والرصاص.

والمعامل الصناعية التي زادت من تلوث الجو، فأصبح الجو محملاً بكل أنواع الدخان والأتربة والسموم.

وأيضاً المبيدات الحشرية التي نشرت السموم في الماء والثمار، وحتى السمك الذي يتسمم من DTT ، فيصل للإنسان كل السموم.

صحيح أن الإنسان وصل إلى القمر، لكنه للأسف لوث مسكنه الأرضي، فدفع ثمناً كبيراً.

وبوجود الطائرات النفاثة أيضاً و Supersonic زاد التلوث، والآن ندخل في عصر الفضاء وحرب الكواكب.

تقدم خطير ولكن بثمن كبير، لأن البيئة نفسها قد أتلفت وأصبحت مسكننا الأرض مليئة بالتلوث.

احتمالات المستقبل هل الحرب أم السلام؟

حسناً هل هذا الثمن الكبير هو كل شيء؟ لو عدنا إلى سؤالنا الأول ما هو مصيرنا في المستقبل؟ فهناك احتمالان اثنان الحرب أو السلام، وهما اللذان سيحددان شكل صورة المستقبل، فلو حصلت الحروب لن تكون عادية.

رؤية المستقبل والحروب

رؤية المستقبل والحروب

حيث أن الأسلحة تطورت، منذ زمن كانت الحروب تعتمد على القتال بالقوة الجسدية والشجاعة.

أما الآن تعتمد على نذالة العلم وللأسف العلم بريء جداً، ولكن الإنسان يستعمله بنذالة.

فكبسة زر واحدة ترمي بقنبلة ذرية تقضي على مئة ألف من البشر مثل هيروشيما، حيث كانت قنبلة انشطارية.

ولكن في الوقت الحالي تقضي على الأضعاف من البشر، فهي قنبلة اندماجية ( الهيدروجينية) قوتها التدميرية مخيفة.

فالموت الفوري يمكن أن يصيب مليون إنسان، ومن ثم الموت والبطيء كالسرطان والتشوهات وإلى آخره.

بالإضافة إلى الدمار وحرق كل شيء وإهلاك البشر، ويقولون أن مخزون القنابل الذرية يكفي لتدمير الكرة الأرضية مرات متعددة.

وهذا عدا الإشعاع ومضاعفاته. لكن اليوم بدأوا يلتفتون إلى شيء جديد بعد القنبلة الذرية.

القنبلة الذرية والدخان

فمثلاً لو نزلت واحدة أو اثنتان، فستنتج كمية من الدخان تتواجد في الطبقة العليا من الجو.

وسيغلف الأرض بغلاف يمنع الشمس لمدى ستة أو سبع أشهر، وسيحصل ما يسمى الشتاء النووي الذي يصل به البرد إلى درجة الصقيع.

فتموت الكائنات والمخلوقات بأعداد هائلة، وتنقرض أجناس كاملة. ولا يعرف بالضبط سماكة الدخان ومدة بقائه في الجو كم ستكون.

وعندما أقرأ في القرآن الكريم وأقف عند آية ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم)

فهل يا ترى هل هذه الآية هي خاصة بالمستقبل واحتمال هذا الدخان ومضاعفاته؟ محتمل، خاصة لأن هذه الآيات كونية.

انشقاق القمر

انشقاق القمر

في التفسيرات القديمة لآية (اقتربت الساعة وانشق القمر) وعن آية الدخان، أنها قد حصلت بالفعل.

ولكن ممكن أنها لم تحصل، فهي لكل الكون باعتبار باعتبارها من علامات الساعة، رغم أنها تتحدث عن القمر.

وبعضهم فسر انشقاق القمر أنه بانشطار الذرة وهو غير صحيح، لأن ذلك يخرج الآية عن معناها.

والبعض الآخر يفسرها بخروج القمر عن نظامه والتحاقه بالشمس اعتماداً على الآية ( وجمع الشمس والقمر)

فليس هناك شواهد فلكية تدل على أن القمر سيبعد عن الأرض بشكل ممكن أن يخرج عن مداره.

فالتفسير القديم هو أن القمر انشق لإثنين، والله أعلم بالمعنى، لكن لا يوجد شواهد أن القمر سيخرج عن مداره.

خروج الدابة

ومن الآيات خروج الدّابة ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلمهم) وقد فسروها أنها حصلت.

وأن الدابّة هي التلفزيون والراديو، ولكنه تفسير غير مقبول لأن الله تعالى عندما يقول دابة فهي دابّة.

فالتلفزيون والراديو لا يتكلمان بل يضعون فيه الكلام، وهو جهاز سلبي يبرمجونه ليخرج منه الكلام.

الاحتمال الوارد فعلاً، هو في آية الدخان ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنّا مؤمنون)( إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون).

معنى هذا الله سبحانه سيكشف هذا الدخان، فمن الممكن أن تكون حرب ذرية محدودة أن تفعل هذه الظاهرة.

العلم والأخلاق

العلم بريء من كل ذلك، لكن سوء استخدام العلم من سوء الأخلاق. وهذا يشير إلى أن سوء الأخلاق مسالة خطيرة.

ولذلك قال الله تعالى للنبي عليه السلام ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ليس على علم عظيم، لخطورة الخلق.

فالعلم يمكن أخذه من المدارس، وهناك الكثير من المخترعين عبر التاريخ، لكن الصعب أن يكون الإنسان على خلق وخير ويجاهد نفسه ويكبح طمعه.

السلام في المستقبل

القفزة الأولى في العلم، فالشريحة الإلكترونية الصغيرة التي قفز بها الإنسان في حياته ونتج عنها كل أنواع الحواسيب التي تعمل لصالح الإنسان وتساعده في كل المجالات،

القفزة الثانية هي الهندسة البيولوجية كما قلنا التي نتج عنها التحكم في الجينات الوراثية وتصنيع لمواد جديدة كيماوية وعضوية،

القفزة الأخرى هو الليزر، الذي دخل في حياتنا في الطب والجراحة والحرب والسلاح، وحتى في حسابات الذرة والجزيء.

ثم جاءت تسجيلات الأسطوانات، والكاميرات والجهاز الحاسب الإلكتروني والساعات الرقمية والذرية، والمطابع الإلكترونية والليزرية.

ثم خطوط الإنتاج في المعامل، وبعدها جاء الروبوت ليدخل في المعامل مبرمج تلقائياً، وفي الحالتين تم الاستغناء عن اليد العاملة.

فأصبحت العمالة مرفهة والعامل يعمل نصف الوقت ويقبض مئة ضعف عن أجره السابق.

فإذا نظرنا إلى ساعات العمل في عام 1850 كانت 82 ساعة، وفي عام 1900 أصبحت 62 ساعة، في عام 1960 وصلت إلى 45 ساعة، وعام 1980 وصلت إلى 40 ساعة.

يعني أقل من نصف ساعات العمل، ويعني ذلك أن العامل يستطيع أن يقضي إجازته بالترفيه والرياضة.

من يملك رؤية المستقبل

ولكن هذا كله موجود في الدول الأوربية والقوى العظمى، وليس في أفريقيا والدول اللاتينية وباقي الدول التي يجري فيها الظلم وتخلف وأمية.

وستزداد الفجوة بينها وبين الدول الأخرى، بالرغم من السلام، حيث ستكون المسافة بينهما شاسعة جداً.

ولديهم العذر الدائم بأن الإستعمار والاستغلال هم السبب، لكن هذا العذر لم يعد مقبولاً، فهذه الدول ستستغني عنها نهائياً.

وتستغني عن كل الثروات الموجودة من البترول وغيره حيث أنهم يتحولون إلى الطاقة النووية ويستطيعون إنتاجه بعلمهم وتقدمهم.

فالمستقبل بالنسبة لهذه الدول المتخلفة، هو مستقبل خطير وممكن أن تنقرض هذه الأمم مثل الإنكا.

ولا بد من اللحاق بالعصر والعمل على التقدم، ويجب ضرب جرس الإنذار لكل أمة أن تستيقظ وإلا سيفوت الأوان.


المصادر

مصطفى محمود / YouTube


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى