أفضل ثلاث كتب عن قوة الإرادة هم، the willpower instinch و willpower و the marshmallow test.
وسنتحدث عن قوة الإرادة الموجود في الثلاث كتب السابقة، لأن هذا سيعرض الموضوع بشكل أفضل، ونرشح لكم للقراءة ثاني كتاب willpower.
موضوع قوة الإرادة موضوع دسم قليلاً، وسنحاول أن نعرضه بشكل جيد.
ما هي قوة الإرادة؟
قوة الإرادة هي القدرة التي تمكنك من فعل ما هو غير محبب للنفس، لتحقيق مصلحة أو هدف، قوة الإرادة لديك هي قدرتك أن تجبر نفسك لعمل شيء لا تحب أن تفعله، مثل أن تجبر نفسك أن تدرس أو تعمل على شيء صعب أو ممل.
أو قدرتك حتى أن تمنع نفسك عن شيء أنت تحب أن تفعله، مثل أن تمنع نفسك من أكلة تحبها لأنها غير صحية بالنسبة لك، أو قضاء الوقت في التسلية واللعب.
وهناك عبارة في اللغة العربية، تصلح أن تكون مختصر لقوة الإرادة، وهي إسباغ المكاره على القلب.
من المهم نقطة أن الفعل يكون غير محبب، أو ضد رغباتك، لأن الفعل لو كان محبباً طبعاً، لن تحتاج إلى قوة إرادة لكي تفعله.
بالمناسبة بعض الكتب يستخدم مصطلح تهذيب النفس self discipline أو التحكم في النفس self control كبديل لمصطلح قوة الإرادة willpower، لكن في النهاية فإن المعنى المقصود هو نفسه.
ما مدى أهمية قوة الإرادة؟
ثاني فكرة سنتحدث عنها هي تحت عنوان اختبار المارشميلو the marshmallow test، وهو تجربة مشهورة فعلها بعض الباحثين في الستينات.
في هذه التجربة أحضروا مجموعة من الأطفال في عمر الأربع سنوات تقريباً، كان أحد القائمين على التجربة يدخل مع الطفل إلى غرفة بسيطة، لا يوجد بها غير كرسي وطاولة.
وفوق الطاولة يوجد صحن بداخله قطع من المارشميلو، أو أي حلوى أخرى مفضلة لدى الطفل، والشخص الذي دخل مع الطفل يقول له، أنه سيخرج ويتركه لفترة صغيرة من الزمن، وهو حر أن يأكل قطعة الحلوى التي أمامه، أو لو استطاع أن يصبر سيعود الشخص مرة أخرى ويعطيه قطعة إضافية.
بعض الأطفال نجح في مقاومة الاغراء، منتظراً الوقت المطلوب، والبعض الآخر لم يستطع أن يصبر وأكل قطعة الحلوى.
طبعاً القدرة على الانتظار، هي مؤشر على قوة الإرادة عند كل طفل، والمهم في هذه التجربة أن القائمين عليها، ظلوا يتابعون هؤلاء الأطفال، لمدة ثلاثين عاماً، يراقبون أدائهم منذ أن دخلوا إلى المدرسة، وبعد التخرج وفي العمل وفي الحياة عموماً.
والنتيجة أن الأطفال الذين استطاعوا أن ينتظروا سابقاً لكي يحصلوا على قطع إضافية من الحلوى، فكان أدائهم في العمل ومستوى الصحة والحياة بشكل عام، كان أفضل بشكل ملحوظ من الأطفال الذين لم يقاوموا قطعة الحلوى.
وهذه نتيجة منطقية إلى حد كبير، فالذي لديه قوة الإرادة أكثر، سيستطيع أن يصبر على التعب والاجتهاد، والمغريات، في سبيل الوصول إلى نتيجة أفضل، على عكس طبعاً عن الذي يضعف أمام رغباته اللحظية، ويتجاهل النتائج المستقبلية.
وهناك أبحاث كثيرة غير هذه التجربة، وجدوا بها أن قوة الإرادة مؤشر أدق على النجاح، من مستوى الذكاء.
لذلك هناك اجماع بين مؤلفي الكتب الثلاثة السابقة، أن من أفضل الطرق التي يستطيع الانسان أن يغير فيها حياته لأفضل، هي العمل على فهم وزيادة قوة الإرادة.
وهناك مقولة جميلة لابن الجوزي يقول فيها: شجر المكاره يثمر المكارم.
حاول أن تأخذ لحظة تتخيل فيها حياتك، كيف يمكن أن يكون شكلها، لو أصبحت الشخص الذي يستطيع أن يفعل الأشياء الصحيحة والمفيدة، حتى لو كانت صعبة على نفسك.
ستلتزم بالطاعات أكثر، ستمارس الرياضة، ستتعلم مهارات جديدة بشكل مستمر، ستقرأ أكثر، ستتناول طعاماً صحياً، حتى لو لم يكن لذيذاً وهكذا، تخيل نتيجة كل هذا عليك في الدنيا والآخرة، وهذا الهدف الذي نريد أن نصل إليه.
طبعاً الموضوع لن يكون سهلاً، بل ستواجهنا فيه عقبات وتحديات، وهذا الذي سنتحدث عنه في الأفكار القادمة.
فهم طبيعة قوة الإرادة
قوة الإرادة هي قدرة ذهنية ونفسية، ولها خصائص مهمة، مثل أنها ليست مقدار ثابتاً، وأنها قابلة للزيادة، أنها تتأثر بشدة بالعواطف.
فبعض المشاعر خاصة الغضب والفرح والحماس، من الممكن أن تعطيك زيادة كبيرة، لكن مؤقتة في قوة الإرادة، وتمكنك من فعل أشياء كنت لا تستطيع أن تفعلها في العادة.
أيضاً الحزن من الممكن أن يؤثر بشكل سلبي على قوة الإرادة، ويجعلك غير قادر على فعل أشياء كنت تفعلها في العادة بدون صعوبات.
وقول بن تيمية: الحزن يضعف القلب، ويوهن العزم ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن.
نقطة تأثير العواطف على قوة الإرادة لن نتحدث عنها كثيراً، لسببين الأول أنه من الصعب جداً التحكم في العواطف، ثانيهما أن تأثيرها يكون مؤقتاً لفترة صغيرة وليست دائمة، فنحن يهمنا الأمور التي يكون تأثيرها دائم، لأن هذا الذي سيساعدنا لتحقيق نتائج كبيرة.
وهناك تشبيه يساعد على فهم طبيعة قوة الإرادة، وهو تشبيهها بالعضلة، هناك كتب كثيرة تستخدم مصطلح عضلة قوة الإرادة willpower muscle أي عضلة في الجسم تنهك وتتعب كلما استخدمتها أكثر في وقت قصير.
بمعنى أن قوتها لا تبقى ثابتة مع الاستخدام المستمر خلال اليوم، وستحتاج قدر من الراحة، لكي تستطيع العضلة استعادة قوتها مرة أخرى، والعضلة ممكن أن نزيد قدرتها بالتدريب والاستخدام الصحيح.
نحن نعلم ما الذي يتعب عضلات الجسم، ولكن بالنسبة لعضلة قوة الإرادة هي الأمور التي تستنزف قوة الإرادة عند أي شخص منا، بشكل عام أي شيء غير محبب للنفس تجبر نفسك عليها، تستهلك جزء من مخزون قوة الإرادة، وتتعب عضلة قوة الإرادة لديك.
من أهم الأشياء التي تستهلك قوة الإرادة:
اتخاذ القرارات
فـأنت خلال اليوم تأخذ مئات القرارات، معظمها بسيط وتافه، ولكن عددها كبير، منذ الصباح عند الاستيقاظ، وتصارع نفسك حتى تقوم من النوم، أو تبقى لتنام لعشر دقائق إضافية، ماذا سترتدي من ملابس إلى العمل، ماذا ستأكل في الإفطار، وهكذا.
وهذا طبعاً غير القرارات التي تأخذها في العمل أو الدراسة، لهذا يوجد ما يسمى إرهاق القرارات decision fatigue وهي ما يشعر به الانسان عندما يتخذ الكثير من القرارات.
كبت المشاعر ووجهات النظر
كبت مشاعر الغضب مثلاً
أو عدم الاعتراض على شيء لا يعجبك، مثل كلام مديرك، أو أن تبتسم في وجه شخص لا تطيقه، أو مثل العفو عن أخطاء الغير، بدل رغبة النفس بالغضب والانتقام.
مقاومة التعبير عن المشاعر أو الآراء الشخصية، تستهلك قدر من قوة الإرادة، لأنه شيء ضد رغبات نفسك.
أداء الواجبات الالتزامات الغير محببة للنفس
بناء عادات إيجابية جديدة
مثل ممارسة الرياضة، أو القراءة اليومية، يحتاج في بدايته لقدر ليس قليلاً من قوة الإرادة، لكي تنجح بها.
مقاومة الألم
مثل ألم الجوع مثلاً، فالجوع من الأشياء التي تؤثر على قوة الإرادة بشكل كبير، لذلك لا ينصح لأخذ قرارات مهمة وأنت جائع، لأنك من الممكن أن تميل للخيار الأسهل، حتى لو لم يكن هو الخيار الأفضل.
وهذا مرتبط بشكل مباشر لأمر آخر يؤثر على قوة الإرادة، أثبتته التجارب، ألا وهو نقص نسبة الكلوكوز في الدم.
قلة النوم
فقلة النوم تؤثر بشدة على مستوى قوة الإرادة، ففترة النوم هي الفترة التي ترتاح بها عضلة قوة الإرادة وتستعيد قوتها بعد انهاك اليوم، فلو لم تم جيداً، لن تستعيد كامل قوتها.
بالإضافة أن قلة النوم تؤثر على المخ، وأي شيء يؤثر على نشاط وتركيز المخ، فهي تؤثر على قوة الإرادة كذلك، لأننا ذكرنا أن قوة الإرادة هي قدرة ذهنية في الأساس.
ولهذا الضغط العصبي هو واحد من أهم أسباب ضعف قوة الإرادة، معرفة أن كل الأمور هذه تتعب عضلة قوة الإرادة، معرفة مهمة جداً.
زيادة وحسن إدارة قوة الإرادة
كل شخص منا لديه قدر معين من قوة الإرادة، ممكن أن يكون قليل أو كثير، حسب ظروف النشأة، والمواقف والتجارب التي مر كل شخص منا في حياته.
المهم أن نعمل على زيادة هذا القدر، ومهم أيضاً أن نحسن استخدام القدر الذي لدينا بالفعل.
تخيل شخصين لديهم نفس الدخل الشهري، ولكن واحد منهم واعي يصرف دخله على الأشياء المهمة، وبالتالي يكفيه دخله، ويمكن أن يدخر منه أيضاً.
بينما الثاني غير واعي، يصرف دخله على أشياء غير مهمة، فدخله لا يكفيه لآخر الشهر، ويستدين، وحياته صعبة، رغم أنه يملك نفس دخل الشخص الأول.
كذلك الأمر بالنسبة لقوة الإرادة، كما نحتاج أن نزيدها، نحتاج أن نحسن استخدامها لتحقيق أفضل النتائج.
وهناك عشر نصائح لزيادة مخزون قوة الإرادة، بشكل يساعدك أن تنجز في الحياة، وتحقق أهدافك:
الاهتمام بالنوم والأكل
النوم والأكل هم الوسيلة التي تشحن بهم المخزون اليومي لقوة الإرادة لديك، فقلة النوم والجوع سيؤثرون بشكل سلبي على قوة إرادتك، ويجعلوك تجنب العمل على أي شيء صعب يحتاج تركيز أو طاقة، مهما كان مهماً.
تحتاج أن تفطر فطوراً جيداً، فالجودة أهم من الكم.
بالنسبة إلى النوم يجب أن تنام عدد ساعات كافي، عادة من 7 إلى 8 ساعات عند معظم الناس، قلة النوم مرتبطة بسلوكيات سلبية، فتأثير قلة النوم على المخ، مشابه إلى حد كبير لتأثير شرب الكحول.
لا تتوقع من شخص في هذه الحالة، أن يكون لديه القدرة على إجبار نفسه، على عمل صعب، أو غير محبب للنفس.
ممكن أن يفعل أشياء لا يحبها من الخوف، الخوف من نقص الدخل أو من تعنيف المدير مثلاً، لكن ليس باختياره.
لن يلعب الرياضة مثلاً لكي يحافظ على صحته، أو يقرأ كتاب مفيد، أو أن يعمل على تطوير مهارة ما، دون أن تكون مفروضة عليه.
الأهم أولاً
قلنا أن مستوى قوة الإرادة يستهلك ويقل على مدار اليوم، وبالتالي من الحكمة أن تعمل على المهام المهمة، أو أي شيء يحتاج قوة إرادة باكراً في بداية اليوم.
لأنك لو أجلته لآخر اليوم، ستكون منهكاً، ومن الصعب أن تجبر نفسك على شيء باختيارك، وفي آخر اليوم مستوى قوة الإرادة، يكون في أدنى مستوياته.
معظم الناس التي تريد أن تخفف من وزنها، عادة يكسرون برنامجهم ليلاً، لأنهم يكونوا في أضعف أوقاتهم، ولا يستطيعون مقاومة رغباتهم في أكل شيء يحبونه.
وهذا يفسر أنك تذهب إلى الرياضة في نهاية اليوم بعد العمل، غالباً تفشل لدى معظم الناس، لذلك حاول أن تفعل المهم أولاً.
ليس فقط لأن فرصتك في الانجاز ستكون أكبر، ولكن لأن هذا له فوائد أخرى، تحدثنا عنها سابقاً عند عرض كتاب فلتأكل ذلك الضفدع eat that frog.
بناء العادات
وهو مهم جداً، هناك معلومات أساسية يجب أن نعرفها، عن ارتباط العادات بقوة الإرادة، فنحن نحتاج قدر كبير لقوة الإرادة لبناء أي عادة جديدة، أو في التخلص من عادة قديمة مضرة.
لكن الجميل في العادة أنها بمجرد أن تترسخ لديك، لن تحتاج إلى قوة إرادة لكي تستمر بفعلها، وبالتالي من الحكمة أن تستثمر قوة الإرادة في بناء عادات إيجابية مفيدة.
لأنك بهذا تستطيع أن تقوم بأمور مفيدة بدون استهلاك قوة الإرادة، وتستطيع أن توجه مخزون قوة الإرادة لديك لأشياء أخرى.
وهذا يعتبر من حسن إدارة قوة الإرادة، ولكن في الواقع العادات مفيدة أيضاً لزيادة قوة الإرادة، لأنها تعتبر تدريب لعضلة قوة الإرادة.
في الكتب الثلاث التي حضرنا منهن هذا الحديث، يقولون فيه أن التدريب على فعل شيء غير محبب بشكل يومي، يزيد من قوة الإرادة.
مثل رفع الأوزان في الرياضة يتعب عضلات الجسم مؤقتاً، لكنه يقويها على المدى البعيد، مثل بناء العادات.
وعند محاولتك اكتساب أي عادة جديدة، فهذا سيقوي عضلة الإرادة لديك، ويساعدك على اكتساب عادات أخرى مفيدة.
طبعاً لا يُنصح أن تحاول اكتساب أكثر من عادة في نفس الوقت، لأن هذا سيستزف مخزون قوة الإرادة لديك، ويجعلك لا تستطيع أن تكمل وتفشل في بناء العادة.
وأفضل اكتساب للعادات بالتوالي وليس بالتوازي، إلا في حالة إذا كانت العادات تلك التي تحاول اكتسابها تساعد بعضها البعض.
تبسيط الحياة لتقليل القرارات
قلنا أن القرارات تبقى في عضلة قوة الإرادة لديك، وهذا إذا كان القرار مهم، ولكن ليس من المقبول استهلاك قدر كبير من قوة الإرادة في قرارات تافهة، وغير مؤثرة.
كان السبب الرئيسي من أسباب أن ستيف جوبس، كان يرتدي نفس اللباس البسيط يومياً، أنه لا يريد أن يضيع أي وقت أو طاقة في شيء غير مهم مثل اللباس.
شخص مثله لديه الكثير من القرارات المهمة، ليس من الحكمة أن يستهلك طاقته في قرارات تافهة.
والكثير من الناجحين المشاهير يقلدونه، ليس بشكل كامل، فالمهم أنك تبسط الخيارات، بحيث أن لا تستهلك منك أي تفكير وطاقة ذهنية بدون داعي.
ولديهم أيضاً شركات تبسط عليهم موضوع الطعام، وهذه الشركات تقدم وجبات صحية، وتسمح لك أن تحدد وجبات الأسبوع كله مرة واحدة، بحيث أنك لن تفكر خلال اليوم، ماذا ستأكل في اليوم.
نحن لدينا سؤال يومي ماذا سنأكل اليوم، وهو يأخذ الكثير من الوقت وتفكيرنا طوال اليوم، اللباس والطعام هما مجرد أمثلة.
ولكن هناك الكثير من الأشياء التي تستهلك من اوقت وتفكير بدون داعي، لذلك تبسيط الحياة وتقليل الخيارات، سيساعدنا على الحفاظ على مخزون قوة الإرادة، لكي نستغله في القرارات والأمور المهمة، التي من الممكن أن تصنع فرقاً في حياتنا، التبسيط ليس في كل شيء، فرش المنزل، الاهتمامات، والعلاقات الانسانية.
التغيير في البيئة المحيطة
معروف أن شركة غوغل توفر لموظفيها أماكن مفتوحة للطعام، يكون فيها حلويات وسناكس، لكي يشعرون بالسعادة.
غوغل من فترة تحاول أن تقلل استهلاك الموظفين للحلوى الغير صحية، مثل حلوى m&m المشهورة، والتي يستهلكها موظفين غوغل بكثرة.
فكل الذي فعلوه ببساطة أنهم وضعوا الحلويات الغير صحية، في علب غير شفافة، في حين وضعوا السناكس الصحية مثل الفواكه المجففة، في علب شفافة وشكلها جميل.
فتخيل أن هذا التغير البسيط هذا، قلل من استهلاك الحلوى الغير صحية، بنسبة كبيرة جداً، طبعاً هذه قصة من عشرات القصص والتجارب، الحقيقة التي توضح كيف بتغيير بسيط جداً في البيئة، يؤثر على سلوك الأشخاص داخل هذه البيئة.
نستطيع أن نستغل هذا لمساعدتنا على فعل سلوك مطلوب، أو الامتناع عن سلوك مضر، بدل الاعتماد على قوة الإرادة وحدها.
مثل المتخصصين ينصحون دائماً الناس الذين لديهم مشكلة في نهم الطعام، أن يأكلوا في أطباق حجمها صغير، في بعض الدراسات نتيجة تغيير بسيط في صحن الطعام، انخفضت كمية الطعام المستهلكة بنسبة 22%.
يقال أن البيئة المحيطة هي اليد الخفية التي تشكل السلوك الانساني، وهي خفية لأن عادة التغيير على الأشخاص، يكون غير محسوس، فهم لا يشعرون أنهم يتغيرون.
حرق السفن (الالتزام المسبق)
يمكن أن بعضكم سمع قصة عن القائد الاسباني كورتيز، الذي بعد أن وصل إلى شواطئ المكسيك مع جنوده، حرق كورتيز السفن التي أوصلتهم، لكي يضع الجنود أمام خيار واحد فقط، هو التقدم إلى الأمام، ولا يفكروا في الانسحاب.
بغض النظر عن دقت القصة واقعيتها، فالمستفاد منها أنك تستطيع أن تلزم نفسك مسبقاً بأمر ما، عن طريق تصعيب الانسحاب منه.
وكمثال، الأشخاص الذين يشترون طلبات المنزل من المحلات الكبيرة، كثير منهم يواجهون مشكلة، أنه يشتري أشياء لا يحتاجها، ويصرف أكثر من اللازم.
وهذا لا يحدث صدفة، لأن إدارة هذه المحلات، تفهم موضوع التغيير في البيئة، ويعرضوا بضاعتهم في أماكن وأشكال وترتيب معين، يغريك أن تشتري أكثر من حاجتك، أو تشتري حاجات غير ضرورية.
والحل أن تذهب ولا تأخذ معك غير مبلغ محدد، يكفي للأشياء التي تريد شراءها فقط، ويفضل أن تكون قد جهزت قائمة بهذه الأشياء مسبقاً.
الشركات تحفز الناس أن تستخدم الكريدت كارت، ببعض الخصومات أحياناً، لأنها تريدك أن تتعود على استخدامها، وتتعود على زيادة الاستهلاك بدون داعي.
والكريدت كارت كأنك تحمل كل مالك معك، وهذا سيغريك بالشراء أكثر من حاجتك، لكن لو كنت تحمل مالاً يكفي فقط الحاجات المهمة، لن تحتاج إلى قوة الإرادة لمنع نفسك.
تجنب الفوضى والتشتت
في واحدة من التجارب المذكورة في الكتب، أتوا بمجموعتين من الأشخاص، وأعطوهم بعض المهام التي تحتاج قوة إرادة للتحكم بالنفس.
الفرق بين المجموعتين، أن إحداهما وضعوهم في مكان مرتب ومنظم، والثانية وضعوهم في مكان فيه فوضى وغير مرتب وغير منظم.
والنتيجة أن المجموعة التي قامت بالتجربة في المكان المرتب، كان أداءها أفضل من المجموعة الثانية.
الفوضى تصنع ضغطاً عصبياً على مخك وتشتته، وكما قلنا أن أي شيء سيؤثر على مخك وتركيزك، سيؤثر بالتالي على قوة إرادتك.
لذلك حاول دائماً أن ترتب المكان الذي تعمل به، لأن هذا سيسهل الأمور، ويقلل الضغط على المخ، وبالتالي سيؤثر بشكل كامل على قوة الإرادة.
الألعاب
المخ يحب الألعاب، ويتحمس أكثر لبذل الجهد فيها، لذلك فمجالات كثيرة مثل التسويق والتعليم، تحاول أن تطبق بعض المفاهيم في عالم الألعاب، لتحسين النتائج التي سيعون لها.
ممكن أن نستفيد من الألعاب في إنجاز بعض الأعمال التي تحتاج إلى قوة الإرادة، خاصة الأعمال المملة، كأن نحول الموضوع إلى لعب.
مثل لو لديك عمل معين ممل، ولكنه ليس صعباً ولا يحتاج إلى تفكير كثيراً، من الممكن أن تتحدى نفسك، بأن تنتهي من قدر معين من العمل في وقت قصير، كأنك في سباق مع الزمن.
فأنت تغير تفكيرك من ملل العمل نفسه، إلى إثارة فكرة الفوز قبل أن ينتهي الوقت، أنت هكذا ستقلل من مدى كراهية نفسك للعمل، وبالتالي ستحتاج إلى قدر أقل من قوة الإرادة لكي تنجزه.
تجنب جلد الذات
لا يوجد شخص لا يفشل من الوقت إلى الآخر في إنجاز عمل معين، وبعض الناس يعنف نفسه ويحمل نفسه فوق الطاقة، من النقد السلبي.
المبالغة في جلد الذات غير مفيد على الإطلاق، بل مضر جداً، فكثير من الناس مع الوقت، يأسس في نفسه أنه شخصية فاشلة وكسولة، وليس لديه قوة إرادة، وليس هناك أمل من محاولة اصلاح نفسه.
هذه الناس تدمر قوة الإرادة بيديها، بدل أن تعمل على زيادتها، فلا تضيع وقتك وطاقتك في جلد الذات، حاول مرة ثانية بنية التعلم من أخطاء الماضي.
لا تجعل عدد مرات الفشل يوقفك، حمل ظروف فشلك، كأنك تراقب شخص آخر غيرك، انظر ما هو الذي من الممكن أن تفعله لكي تحقق نتيجة أفضل في المحاولة القادمة، أو غير في البيئة المحيطة، بشكل يعوض نقاط ضعفك.
المحاولة المستمرة هي الحل الوحيد، الذي سيجعلك تنجز، وتقوي قوة إرادتك مع الوقت، فرثاء النفس أو جلد الذات لن يفيد.
تمرين التنفس بعمق
هو تمرين بسيط، لكنه مفيد جداً في زيادة قوة الإرادة بشكل سريع ومؤقت، في أكثر من جانب، ليس فقط في قوة الإرادة.
نلاحظ بشدة في عصرنا الحالي، أن معظمنا لم يعد يتنفس بعمق، خصوصاً الناس التي تقضي وقتاً كبيراً من يومها، وهي مركزة في الشاشة، سواء الكمبيوتر أو الموبايل، وهذا يسبب مشاكل منها زيادة الضغط العصبي، وارتفاع ضغط الدم.
في كتاب the willpower instinct الكاتبة تستفيض في شرح الأسباب العلمية التي تجعل تمرين التنفس البسيط، مفيد في دعم قوة الإرادة.
والتمرين هو كالتالي:
شهيق عميق لمدة 5 أو 6 ثواني
توقف لمدة ثانيتين
زفير ببطئ لمدة 6 أو 7 ثواني
أنصحك في البداية أن تبدأ ب 5 ثواني شهيق، ثم توقف ثانيتين، ثم 6 ثواني زفير، طبعاً ستعد الثواني في سرك.
أول محاولاتك في التمرين ستشعر بصعوبة، لأنك ستشعر أن وقت 5 ثواني و6 ثواني وقتاً طويلاً للشهيق أو الزفير.
لا تقلق ستتعود بسرعة، وبمجرد أن تتعود ستبدأ بتأثير فوري للتمرين على ذهنك، وستشعر بالهدوء والراحة.
تستطيع أن تقوم بهذا التمرين 4 مرات في دقيقة واحدة، ولو استطعت أن تعود نفسك أن تكون هذه الدقيقة متكررة خلال اليوم فسيكون مفيداً.
ويمكن أن تفعله في الكثير من الأوقات، لو كنت تشعر بالتوتر على مدار اليوم، أو عندما تواجه لحظة تحتاج أن تنسحب منها.
كأن تفعله قبل أن تبدأ بالعمل على مهمة صعبة، وغير محببة للنفس، أو بعد أن تستيقظ، ومن أفضل الأوقات هو قبل النوم، ويساعدك على النوم بسرعة، لأنه يقلل التوتر والقلق.
لو لم تحفظ من كل هذا الحديث غير التمرين، وحافظت على فعله خلال اليوم، فهذا بحد ذاته له فائدة كبيرة جداً، وستنعكس على حياتك بشكل كبير.
وهذه العشر نقاط لزيادة وحسن إدارة قوة الإرادة، ليس من المفروض تنفيذهم جميعهم، ولكن بقدر أنك ستنفذ، بقدر حصدك للنتائج التي ستحصل عليها.