أخبارإسلام

كم تكسب المملكة السعودية من فريضة الحج


فريضة الحج : على مدار المائة سنة الماضية، تغيّر الحج بشكل كبير جداً، فقد كانت فريضة الحج تتم بشكل رئيسي على الجمال والإقامة في خيام في حرارة الصحراء.

وكان الحجيج يأخذون معهم بضاعة للتجارة لتعينهم على تكاليف السفر الكبيرة. وأعداد الحجاج كانت محدودة بسبب مشاق السفر وطول الرحلة.

أداء فريضة الحج بين الماضي والحاضر

أداء فريضة الحج بين الماضي والحاضر

في سنة 1950 مثلاً كان عدد الحجاج يصل إلى حوالي 50 ألف حاج فقط، ومع ذلك كانت السياحة الدينية أكبر صناعة في المملكة السعودية قبل النفط.

ومع التقدم التقني، قصر وقت السفر سواءً الجوي أو البري أو البحري، وارتفعت وسائل الراحة وبالتالي زاد عدد الحجاج جداً.

ووصل العدد في السنوات الأخيرة لحوالي 2 مليون حاج من خارج المملكة، وفي عام 2012 تم تحقيق رقم قياسي وتخطى العدد 3 مليون حاج.

وهذا في موسم الحج فقط، عدا عن ملايين الأشخاص الذين يسافرون على مدار العام لأداء العمرة، في عام 2017 جذبت العمرة حوالي 7 مليون شخص من خارج المملكة.

أي حوالي 9 مليون شخص على الأقل يأتي إلى المملكة السعودية للحج والعمرة كل عام، من 168 دولة حول العالم والعدد في تزايد طبعاً.

إيرادات السعودية من فريضة الحج

إيرادات السعودية من فريضة الحج تعتبر ثاني أكبر مصدر للدخل بعد البتروكيماويات والنفط.

حيث أن الحج والعمرة يلعبان دوراً حيوياً في تدفق النقد الأجنبي وخلق فرص العمل وتحسين ميزان المدفوعات كما سنرى بعد قليل.

الحج والعمرة يحققان إيرادات بحوالي 12 مليار دولار كل عام. بما يعادل قرض الصندوق الدولي لمصر، وموسم الحج وحده يحقق عوائد بحوالي 6 مليار دولار.

أي أن إيرادات الحج والعمرة تمثل ما يقارب 20% من الإيرادات غير النفطية في المملكة السعودية.

الفنادق بتصنيفاتها كافة والمطاعم ووكالات السفر، وشركات الطيران وشركات الهاتف المحمول ومصنعي ومستوردي الهدايا يكسبون مبالغ ضخمة أثناء الحج أيضاً.

والحكومة تستفيد من الضرائب من الناحية الثانية، والعمالة المباشرة وغير المباشرة التي تعمل في الأنشطة السياحية  تخطت 1.5 مليون تقريباً.

استفادة الدول المصدرة للحجاج

جميع دول الشرق الأوسط والدول التي يخرج منها أعداد حجاج كثيرة، تستفيد بشكل مباشر وغير مباشر من فريضة الحج أيضاً، وخاصة خدمات الطيران.

حيث أن الحج ينعش إقتصادات تلك الدول، وهناك تقديرات تقول أن المكاسب تتجاوز 20 مليار دولار، ولكن من الناحية الثانية يكون هناك أضرار أيضاً.

وذلك بسبب الضغط على العملات المحلية، لأن الحجاج يضطرون للتخلص من العملة المحلية، ويستبدلونها بالدولار أو الريال السعودي.

وبالتالي ميزان مدفوعات الدول يتأثر لأن هناك دولار يخرج من الدولة.

ما هي رؤية 2030

وفي إطار خطط الحكومة لتنويع الإقتصاد و فصله عن النفط، كان موسم الحج والعمرة في قلب رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان عام 2016.

ومع ضخ استثمارات بحوالي 50 مليار دولار، حيث أن الرؤية تهدف إلى زيادة عدد الحجاج والمعتمرين حتى 35 مليون شخص.

وهذا رقم ضخم جداً ويضع تحدياً لوجيستياً كبيراً على المملكة، لذلك فإن صندوق الإستثمارات العامة السعودي أطلق شركتين، رؤى الحرم المكي، ورؤى المدينة.

هدف هاتين الشركتين تطوير مشاريع لرفع الطاقة الاستيعابية لاستضافة عدد أكبر من الزوار.

وهناك شركات أخرى كثيرة تعمل في مجال التوسعة، ولذلك نرى أعمال التطوير والتوسعة مستمرة في العمل دائماً.

نفقات المملكة على فريضة الحج

بخلاف أعمال التوسعة هناك مصروفات أخرى ضخمة تنفقها السعودية على رعاية الحجاج وتوفير وسائل الأمان والراحة والسلامة لهم.

وتسهيل حركتهم لا سيما لغير القادرين وكبار السن. فمثلاً هناك أكثر من 17 ألف من رجال الدفاع المدني مدعومون بأكثر من ثلاثة ألاف آلية ومعدة متطورة.

و 1500 متطوع ، ومئات المستشفيات والمراكز الطبية التي تخدم الحجاج.

ويتم ضخ استثمارات ضخمة في البنية التحتية كشق الطرق وتشييد الأنفاق والجسور وغيرها. وكل ذلك مصروفات تستهلك مليارات الدولارات.

بشكل عام، فإن إيرادات فريضتي الحج والعمرة للمملكة تعتبر معيناً لن ينضب إلى قيام الساعة، بعكس أي مورد آخر بما في ذلك البترول والغاز وغيرها.

ازدياد الطلب على الحج والعمرة

إن الطلب على الحج والعمرة يعتبر طلباً غير مرن، أي لا يتأثر بارتفاع الأسعار. لأن فريضة الحج ركن من أركان الإسلام وواجب على القادر مادياً وبدنياً على الأقل مرة في حياته.

ومع ازدياد أعداد المسلمين في العالم، فإن الطلب على الحج و العمرة في ازدياد مستمر. وعدد المسلمين في العالم حالياً حوالي 1.8 مليار نسمة، ويمثلون قرابة ربع سكان الأرض.

ووفقاً ل pew Research Center في الولايات المتحدة، فالدين الإسلامي هو الأسرع نمواً في العالم.

بحلول سنة 2050 سيصل عدد المسلمين إلى 2.7 مليار نسمة ما يقارب ثلث سكان الأرض. وبحلول عام 2070 سيصبح الإسلام أكبر ديانة على وجه الأرض.

زيادة أعداد المسلمين يعني زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين، يعني زيادة التدفقات النقدية على خزينة الحكومة السعودية.

اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي وحصص الحج

والحقيقة أن الطلب على الحج أكثر من العرض منذ سنوات، والمملكة السعودية تحدد حصص الحج بناءً على إتفاقية منظمة التعاون الإسلامي الدولية.

والمنظمة تسمح بألف حاج لكل من مليون من إجمالي السكان في البلاد الإسلامية، ولو فتح الباب على مصراعيه وسمح للجميع بالحج لخرجت الأمور عن السيطرة.

والبنية التحتية في السعودية لن تتحمل تدفق ملايين الأشخاص لإقامة مناسك فريضة الحج في عدد أيام محدود. ولا قّدر الله سنرى حوادث كثيرة.

حفظ الله بلاد الحرمين وأعانهم على التحدي اللوجستي الكبير الذي يزيد سنة بعد سنة بسبب ارتفاع أعداد المسلمين في العالم بسرعة كبيرة.

المصادر:


Meccanomics

The Economics of Religious Tourism (Hajj and Umrah) in Saudi Arabia Chapter 10

Hajj: how globalisation transformed the market for pilgrimage to Mecca

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى