مال وأعمال

كنوز الارض – كيف استطاعت الصين السيطرة على اخطر الكنوز من الامريكيين؟



كنوز الارض

في يوم من الأيام سنة 1788 في السويد ذهب أحد عمال المناجم إلى عمله في الصباح ودخل المنجم وبدء في الحفر،

كان يقوم بالعمل حتى فجأة وجد صخرة لونها أسود ظهرت أمامه هذه الصخرة التي هي عبارة عن معدن أول مرة في حياته يرى مثله ومن هنا عرف ان هذا المعدن نادر

وبعد 6 سنوات على الحادثة أخذ هذه الصخرة عالم الكيمياء يوهانغدلوين وقام بدراستها واكتشف انه في هذه الصخرة عنصر جديد لم يعرف من قبل

قام العالم بأخذ هذا العنصر وقام بفصله لوحده وأطلق عليه اسم الإيتريوم ومن هنا بدء العالم بأسره بالسماع عن مصطلح العناصر النادرة التي كنت لن ترى كل هذا التقدم العلمي الذي نخن فيه في وقتنا الحالي

عنصر مثل الايتيريوم يدخل في صناعات حيوية عديدة من التلفاز إلى مصابيح اللد، عنصر مثل هذا يدخل في علاج انواع معينة من الامراض الخطيرة جدا

عنصر مثل هذا هو وباقي أخواته ال16 أصبح من يمتلكهم الان يمتلك اقتصاد العالم الجديد

سنتكلم في هذا المقال عن اللعبة الجميلة التي لعبتها الصين لتسيطر على سوق العناصر النادرة بدل من امريكا لدرجة انه لم يبقى هناك اي شركة قادرة ان تنافس الصينيين

أمريكا أيام زمان

بداية القوى الحقيقية لهذه المعادن ظهرت في الثلاثينيات عندما بدأت أمريكا في أبحاث القنابل الذرية وفصل المواد والبحث عن مصادر لليورانيوم المشع في هذا الوقت تم اكتشاف منجم في صحراء كاليفورنيا تمتلكه شركة اسمها مولي كورب

بدأ الأمريكان بالبحث في هذا المنجم عن اليورانيوم والعناصر التي يحتاجونها لعمل القنبلة الذرية لكن لم يجدوا الكميات التي يحتاجونها لكنهم اكتشفوا طرق جديدة للحصول على اليورانيوم وقاموا بصنع القنبلة الذرية

لم يجدوا اليورانيوم في منجم كاليفورنيا لكن اكتشفوا مخزونات ضخمة جدا من العناصر النادرة والتي عندما انتهت الحرب العالمية الثانية بدأت الابتكارات في الظهور

ابتكارات مثل التلفاز، هل تتذكرون عنصر الايتيريوم الذي تكلمنا عنه في مقدمة المقال هذا العنصر له أخ يعتبر هو حجر الاساس في التلفاز الملون، فلو لم يكن هذا العنصر موجود لم يكن ليوجد التلفاز الملون

التلفاز الملون في الستينيات كان ثورة كبيرة جدا وهذا ما رفع الطلب عل المعادن وحول هذا المنجم حرفيا الى منجم ذهب لشركة مولي كورب وبدأت الأموال تزداد مع هذه الشركة فبدأت عمليات التعدين بدأت بالارتفاع وكانت امريكا بمنجمها هي المورد الوحيد في العالم كله لهذه العناصر

وفي بداية الستينات بدأ صراع الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفيتي وهذا ما جعل امريكا تدفع اموال اكثر في التعدين ودراسة المعادن كي يتم استخدام هذه العناصر في الاغراض العسكرية فاستخدمت هذه المواد والعناصر النادرة في صناعة رادارات قوية

وعلى الجانب الاخر الاتحاد السوفيتي كان يضيف العناصر النادرة الى الألمنيوم مثلا ويخرج بمعدن قوي جدا وخفيف وهذا ما جعلنا نرى اداء قوي جدا في التمرينات لطائرات الميغ29

في بداية السبعينيات والثمانينيات عندما بدأت حركة التجارة العالمية في التوسع وسعي اغلب حكومات العالم في تخفيض القيود المفروضة على التجارة

لان الشركات الكبيرة بدأت بالبحث على البلاد التي أجور العمال فيها رخيصة وليس هذا السبب الوحيد ففي هذا الوقت كان الامريكان بدأوا بمعرفة اضرار تعدين العناصر النادرة

فمثل ما بعض هذه العناصر تعالج امراض خطيرة فهي تجلب امراض اخطر لأن أغلب هذه العناصر تكون موجودة مع عناصر أخرى وتكون هذه العناصر مشعة فعليك ان تقوم بعملية فصل كي تأخذ العنصر الذي تريده لوحده

وعملية الفصل هذه ينتج عنها نفايات هذه النفايات يكون فيها عناصر مشعة، في الدول المتخلفة يتم رمي هذه النفايات في مصارف البحار والمحيطات اما في الدول المتقدمة يتم رميها في بركة كبيرة في وسط الصحراء مثلا

المشكلة ان هذه النفايات غالبا ما تسرب الى بركة اخرى غالبا ما تستخدم للشرب او للاستخدامات اليومية العادية وهذا يعني ان هذه النفايات المشعة ستصل إليك وهذا ما أدركته امريكا في أواخر الثمانينيات

وهذين اهم سببين كانوا يجعلون الشركات الكبيرة تبحث عن بلدان أخرى تنقل لها المصانع في هذا الوقت كان دينج شياو بينج يراقب كل هذا الامر الذي يدور هذا الرجل هو الرئيس الصيني صاحب النهضة الاقتصادية الحقيقية للصين

الباحثين الصينين كانوا يعلمون عن هذه العناصر النادرة واستخداماتها وأنها تكون مصدر الطاقة المستقبلية البديلة عن النفط وانها ستكون مصدر الطاقة المستقبلية البديلة عن النفط وبقليل من البحث استطاعوا ان يكتشفوا كنوز بلدهم من مخزون هذه العناصر  

صعود الصين..

عندما علمت امريكا مخاطر تعدين العناصر النادرة بدأت تضيق الخناق أكثر على شركات تعدين العناصر النادرة فهذه الشركات قررت استخراج الخام من امريكا وشحنه على اي دولة الاجور فيها منخفضة

هنا الصين قررت ان تكون هي الدولة الاقل اجرا، وأخبرتهم انه لا داعي لإحضار اي شيء من امريكا لان العلماء الصينين استطاعوا تحديد اضعاف مخزونات امريكا موجودة في الصين

واضافة لذلك قامت بإعطاءهم إعفاءات ضريبية واعفتهم من مواضيع تلوث البيئة كان المهم لديها ان ينقل الامريكان اعمالهم الى الصين

الصين بدأت ترسل افضل طلابها الى الجامعات الامريكية كي يتعلموا كل ما يخص هذه العناصر النادرة ومن هؤلاء العلماء xu guangxian الذي يعتبر أبو العناصر النادرة في الصين والدماغ العلمي والتقني الذي ساعد بلاده على معرفة اهمية ما تمتلكه ليس هذا وحسب،

ففي عام 1991 شركات صينية مملوكة للدولة بدأت بشراء حصص أغلبية في شركات العناصر النادرة الموجودة في البلاد الأخرى بما فيهم أمريكا وهذا كان واضح جدا عندما اشترت الصين شركة ماينكونش

وهذه الشركة كانت تتبع لششركة جيرنال موتورز عملاق السيارات قديما و هذه الشركة من صنع مركب المغناطيس القوي مغناطيس نيوديميان،

عندما اضافت هذا العنصر للحديد والبرون فصنعت مغناطيس جميع شركات السيارات في العالم حاليا لا تستطيع الاستغناء عنه

إن أبحاث هذه الشركة كان جزء كبير منها متعلق بالتكنولوجيا العسكرية وكما كانت هذه الشركة هي المورد الوحيد لبعض العناصر النادرة التي يحتاجها الجيش الأمريكي

الشركة الصينية دخلت السوق الصيني واشترت هذه الشركة والغريب ان الحكومة الامريكية حكومة بيل كلنتون وافقت على هذه الصفقة الشراء

وكان لديها شرط واحد ان لا تنقل هذه الشركة من امريكا على الاقل لمدة 5 سنوات وتمت موافقة الشركات الصينية على هذا الأمر

والذي حصل أن الشركة بعد خمس سنوات ويوم واحد انتقلت بجميع اركانها الى الصين واقفلت في امريكا وهذا أحد أهداف خطة دينج شياو بينج التي قام بها في عام 1987 تم الحصول على الأسرار التكنولوجية العسكرية الخاصة بالدول المتقدمة وفرض السيطرة عالميا في هذا القطاع

رجال الاعمال في جميع دول العالم بما فيهم الامريكان بدأوا يعملوا في الصين وخلال 10 سنوات من سنة 1987 الى 1997 كانت الصين تنتج وتصدر الى العالم أكثر مما تنتجه وتصدره دولة امريكا

لدرجة ان هذه الصناعة ماتت في امريكا حاول عام 2000 وسبب هذا الموت المفاجئ لهذه الصناعة في امريكا ان منجم كاليفورنيا قد قفل تقريبا عام 1997 عندما حصل تسرب للنفايات

وهذه كانت مشكلة كبيرة جدا وعندما انتهى التنظيف وانتهت الشركة المالكة molycorp من الامور القانونية ودفع التعويضات وكل هذه الامور في هذه الفترة كان هذا المنجم الوحيد الذي تخرج منه امريكا العناصر النادرة

وهذه كانت فرصة الصين فسيطرت تماما على هذه الصناعة في العالم وكانت تقوم بالتصدير الى جميع دول العالم بأسعار شديدة الرخص فماتت جميع شركات التعدين القديمة في هذا المجال ولم يبقى احد ينافس الصينيين بأسعارهم المنخفضة

فأصبح السوق يقتصر على الصين بنسبة 95% والباقي كانت تتقاسمه شركة لايناس الاسترالية وشركة molycorp التي كانت تصارع الموت بداية من عام 2000

في عام 2002 تدهور وضع شركة مولي كورب تماما لدرجة ان شركة chevron اشترتها وبدأ بضخ الأموال فيها لكن لم يستطيعوا منافسة الاسعار الصينية لحد ما أعطت الصين الفرصة لهذه الشركة كي تقف على قدميها من جديد في عام 2010

اعتقد اصحاب الشركة انهم سيعودون للسوق من الجديد لكنهم لم يعلموا ان هذه الفرصة كانت حبل يلتف حول رقبتهم فقررت الصين ان تقوم باستعراض قوى عالمي في هذا المجال وهذه الشركة قضي عليها وكل هذا حصل في عام 2010 بسبب قارب صيد صيني

في عام 2010 خفر السواحل الياباني قبض على قارب صيد صيني عند الحدود الصينية اليابانية ضمن نطاق جزر تتنازع عليها الصين واليابان، هذا القارب اصطدم بزوارق الدورية لخفر السواحل الياباني

اليابانيين قاموا باعتقال القارب مع الأفراد الذي على متنه والصين هنا ردت بشراسة كبيرة جدا ومن الاجراءات التي قامت بها انها قامت بقطع تصدير العناصر النادرة عن اليابان

نفت الصين هذا الفعل انه حصل بسبب قارب الصيد لكن هذا الكلام يعتبر كلام دبلوماسي، قطع العناصر النادرة على اليابان أدى الى ارتفاع كبير في اسعار العناصر النادرة في الاسواق لدرجة ان اسعار العناصر النادرة ارتفعت 2000%

كانت شركة مولي كورب تشاهد كل ما يحدث وتوقعت ان الصين ستستخدم موضوع العناصر النادرة للضغط على اليابان وشعرت ان الفرصة تأتي لعندها،

فقاموا بتجميع تمويل كبير بشكل سريع وبدأوا بالعمل بأقصى جهد لديهم لإخراج المعادن النادرة وفعلا عندما بدأت الأسعار بالارتفاع عالميا كانت شركة مولي كورب تزدهر حيث انه في عام 2015 كان حجم شركة مولي كورب 6 مليار دولار،

لكن بعد عدة أشهر من بدء عام 2016 عادت الامور لمجاريها ما بين الصين واليابان وعادت الصين لتصدير المعادن النادرة بأسعار قليلة جدا وكميات كبيرة

فحدث عندها انهيار كبير في اسعار المعادن النادرة وانهارت شركة مولي كورب لحد ما أصبحت عليها ديون تقدر بواحد وسبعة من 10 مليار دولار كي تتقدم بأوراق افلاسها وتموت هذه الشركة حرفيا في عام 2017

في هذه الفترة أصبحت امريكا بدون انتاج محلي للعناصر النادرة هنا أدرك المسؤولين الحكومين الكارثة فبدأت الحرب التجارية ما بين الصين وامريكا كمحاولة من امريكا للسيطرة على الصعود الكبير للصين

وبدأت محاولات أمريكا للعودة مرة ثانية لانتاج العناصر النادرة محليا فمن 2019 الى الأن وهم يحاولوا بهذا الامر واخر هذه المحاولات حصل منذ سبعة في اوائل 2021 حيث حصل اجتماع ما بين امريكا واليابان والهند واستراليا لمواجهة هيمنة الصين على سوق العناصر النادرة

في النهاية الصين كان لديها هدف من عام 1987 وقامت بتحقيقه بهدوء شديد جدا وبسياسة النفس الطويل فسوق العناصر النادرة هو المستقبل

اقرأ أيضاً… استثمار العملات الرقمية | كيف ومتى تستثمر في البيتكوين وأخواتها؟

اقرأ أيضاً… حيـاة البشر | التلاعب في حيـاة البشر وحقيقـة الطعـام الجديد لخداع الدماغ | وثائقي هام

اقرأ أيضاً… حرب تكسير عظام .. الآلة التي تخشى امريكا أن تمتلكها الصين؟ (اشباه الموصلات)

كنوز الارض – كنوز الارض – كنوز الارض – كنوز الارض – كنوز الارض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى