مثل كل بلد، في ألمانيا مجموعة فريدة من القواعد التي يجب اتباعها للحصول على وظيفة. وفيما تحاول العديد من الشركات جعل هذه العملية سهلة وعادلة، إلاّ أن الكثير من إدارات الموارد البشرية ما تزال ترغب في رؤية صورة المُترشح. وظيفة ألمانيا
البحث والتقدم للحصول على وظيفة أمر مرهق في أي مكان في العالم. وفي ألمانيا، تتضاعف هذه العملية جراء الكثير من الفروقات الدقيقة والمخاطر. وربما يتفاجأ أولئك الأشخاص الجدد في سوق الشغل بألمانيا، عند معرفة أن الكثير من المتقدمين للحصول على وظيفة، يرفقون صورة لهم في ملف الترشح، ويذكرون تاريخ ميلادهم وحالتهم الزوجية.
وفي وقت سابق، كان يتعين على المتقدمين للحصول على وظيفة إلصاق صورهم الصغيرة بحجم جواز السفر في سيرهم الذاتية الورقية، وبعث ذلك في ظرف كبير إلى صاحب العمل. لكن هذه الأيام قد ولت، وذلك لأن التقدم للحصول على وظيفة أصبح الآن يتم في غالب الأحيان عبر الإنترنت.
العثور على عمل
في البداية، هناك الكثير من الطرق للعثور على وظيفة. ففي كثير من الدول الأوروبية، تُعد بوابات الوظائف ومواقع الشركة أفضل المصادر وأكثرها تحديثاً بالنسبة للوظائف المتوفرة. وهناك طرق أخرى على غرار: الصحف، معارض فرص الشغل، ووكالة التوظيف والأهم من ذلك شبكة (العلاقات) عبر الأصدقاء والعائلة.
وهناك الآن اتجاه جديد يحاول التخلص من هذه الطرق التقليدية. فقد أصبحت الشركات بنفسها تقوم بالتوظيف الإلكتروني من خلال البحث في منصات الإنترنت أو الشبكات الاجتماعية عن المواهب الجديدة. وترى كاثرين هوغو رئيس فريق التوظيف في شركة ” XING” أن التوفر على ملف تعريف مُحدث أمر “لاغنى عنه” بما أن “الشركات تسعى وراء العمال المؤهلين عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
وحالما تجد شيئاً مثيراً للاهتمام – أو تجدك شركة ما- تستثمر الشركة الوقت لتقييم ما إذا أنت حقاً الشخص المؤهل الذي تبحث عنه. وفي ألمانيا، تحتوي الحزمة النموذجية للحصول على وظيفة عدة مستندات منها: رسالة التعريف وشهادات التخرج من الدراسة وشهادة الدبلوم الجامعية وغيرها من المستندات.
ويوصي رومان ديكتا، رئيس قسم التسويق والتوظيف في شركة “كابجيمني” للإستشارة في ألمانيا، بأخذ الوقت الكافي. ويقول في هذا الصدد :”يجب أن يكون طلب الحصول على وظيفة مُفصلاً بشكل خاص على الشركة. أما الطلب المُوحد للحصول على عمل، والذي يُستعمل لعدة وظائف وفي نفس الوقت، فإنه لا يتم استقباله بشكل جيد من طرف الشركة”.
رسالة التعريف
في العديد من البلدان لا تحظى رسالة التعريف بأهمية كبيرة. لكن في ألمانيا الأمر مختلف. فعلى الرغم من أن شركة التوظيف لديها ما بين ثلاث إلى خمس دقائق للنظر في كل طلب للتوظيف، فإن الشركة غالباً ما تُولي اهتماماً خاصاً لرسالة التعريف.
ويجب أن تكون هذه النوعية من الرسائل قصيرة وتبين بوضوح الأسباب، التي تجعلك مؤهلاً للحصول على الوظيفة. كما يجب تجنب استخدام “أنا” أكثر من اللازم، وكذلك تذكر أن الشركة ترغب في معرفة ما ستحصل عليه عندما توظفك عندها. أيضاً، يتحتم على رسالة التعريف أن تكون مُوجهة إلى شخص معين. أما عبارات “إلى من يهمه الأمر” أو “سيدي العزيز، سيدتي العزيزة” فلا تستخدمها.
وتقول كارولين لودفيغ، مديرة الموارد البشرية في المدرسة الأوروبية للإدارة والتكنولوجيا” ESMT ” ببرلين إن الأشياء الصغيرة غالباً ما تحدث فرقاً كبيراً، وتضيف: “الأخطاء تقع. غير أن الأخطاء الإملائية والنحوية تُضعف من الملفات القوية”. أما كاثرين هوغو رئيس فريق التوظيف في موقع ” XING”، فإنها تنصح أيضاً بعدم استخدام عبارات عامة تتضمن الكثير من التعبيرات الطنانة على غرار “مُتحفز، مُبدع، منفتح الذهن…”.
السيرة الذاتية
تحظى السيرة الذاتية بأهمية كبيرة، إذ يجب أن تكون سهلة في الفهم وتتضمن معلومات ملائمة مثل المعلومات الشخصية، التعليم، الخبرة العملية والمهارات الأخرى على غرار اللغات. كما يجب تجنب الثغرات الموجودة بين كل تجربة عمل أو على الأقل إعطاء تفسير جيد لذلك.
وفي ألمانيا، يبدأ معظم الناس في سيرتهم الذاتية بالإشارة إلى معلوماتهم الشخصية ثم تجاربهم العملية. وبعد ذلك، تأتي المعلومات الخاصة بالتعليم والمهارات الأخرى والاهتمامات الشخصية.
وتقول كارولين لودفيغ، مديرة الموارد البشرية في المدرسة الأوروبية للإدارة والتكنولوجيا” ESMT ” إن “بعث رسالة تعريف والسيرة الذاتية يجب أن يكون مُفصلاً على حساب المُتطلبات المطلوبة”، مضيفة: “بقدر ما استطعت حاول أن تكون مقتضباً. فكتابة صفحتين أو ثلاث صفحات من السيرة الذاتية المكتوبة بشكل جيد أفضل من خمس صفحات زائدة”.
وعادة، كانت جميع السير الذاتية الألمانية تتضمن صورة صغيرة للشخص المُتقدم للوظيفة، حيث تُوضع هذه الصورة في الزاوية العليا من السيرة الذاتية. أما الآن، فإن هناك قوانين تمنع الشركات من جعل هذا الأمر إجبارياً. لكن العديد من شركات التوظيف ما تزال ترغب في رؤية صورة المترشح للوظيفة. وإذا ما قمت بوضع صورة في سيرتك الذاتية، فإن الخبراء يُحذرون من وضع صور شخصية أو صور للعطلة. ويوصي الخبراء بإرفاق صور احترافية في السيرة الذاتية ولا شيء غير ذلك.
توقيع العقد
وترى كاثرين هوغو رئيس فريق التوظيف في موقع ” XING” أن السيرة الذاتية هي جوهر ملف التقدم للحصول على وظيفة. وتقول في هذا الشأن: “من الجيد التوفر على رسائل التعريف والشهادات لكن ذلك ليس أمراً مُلزماً. ومهما كان شكلهما، لا يجب على السيرة الذاتية أن تتجاوز صفحتين ورسالة التعريف صفحة واحدة”، وأردفت: “يُمكن أن تتضمنا أيضاً لمسات فردية وإبداعية طالما لا تفسدان البنية العامة”.
وتعكس هذه المُقاربة الأقل رسمية في ملفات الترشيح من أجل الحصول على وظيفة تغييراً عاما في تركيبة ألمانيا. فخلال العقد الماضي، أصبحت الشركات أكثر انفتاحاً، وذلك بفضل الزيادة في عدد الأجانب الباحثين عن عمل في ألمانيا ونقص العمالة المؤهلة.
وأبرز مثال على ذلك، هي كلية”ESMT” لإدارة الأعمال، والتي يدرس بها حالياً حوالي 340 طالباً من 65 دولة. وقد سجل هؤلاء الطلاب في برامج مختلفة يتم تدريسها جميعاً باللغة الإنجليزية.
ورغم أن بعض الشركات لديها قواعد لباس صارمة، فإن عدة شركات أخرى تخلصت من هذه الرسميات وتسير على نهج شركات “السيلكون فالي” في الولايات المتحدة الأمريكية. وينحدر 1700 شخصاً يعملون في شركة ” XING ” من حوالي 55 دولة. وبالرغم من أن هذه الشركة التي يقع مقرها في مدينة هامبورغ ولديها قاعدة كبيرة من المستخدمين الألمان، إلاّ أن الإنجليزية هي لغة العمل. وتقول كاثرين هوغو إن لدى الشركة سياسة “تعال كما أنت” مع عدم وجود قاعدة للملابس، مضيفة أن ما يجلبه العامل معه هو، شخصه، وليس شكله، الذي يبدو عليه.
الصبر والانتظار
وأخيراً، يجب التحلي بالصبر بعد التقدم بطلب للحصول على وظيفة. ففي حال كانت الشركة مهتمة فإنها عادة ما تبدأ بإجراء مقابلة عبر الهاتف. أما الخطوة المُقبلة، فهي القيام بمقابلة شخصية، وذلك في غالب الأمر بحضور فريق صغير من الشركة. وهنا، يجب أن تعرف الكثير قدر المستطاع عن الشركة ولا تأتي متأخراً. بالإضافة إلى ذلك، قم بإعداد ما تريد قوله وما تريد أن تسأله بخصوص الوظيفة أو الشركة.
وما يزال الوقت الآن مناسباً للبحث عن فرصة عمل في ألمانيا. فالبطالة منخفضة والاقتصاد في وضع جيد كما يوجد نقص في العمالة المؤهلة. لذلك، لا تستسلم حتى يرن الهاتف ويخبرك المتكلم أنك قد حصلت على الوظيفة، التي كنت ترغب فيها.
تيموثي روكس/ ر.م
المصدر: القناة الألمانية