أخبارالحياة والمجتمعحول العالم

كيف يمكن أن يكتب البريكست نهاية بريطانيا العظمى؟


كيف ولماذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟

سواء كنت مهتم بالشؤون البريطانية، أو غير مهتم، فمن المهم جداً أن تعرف، ماذا يجري فيما يتعلق بقضية البريكست ، أو  خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

لأن هذه القضية، ليست شأن بريطاني محلي، وإنما هي شأن أوروبي وعالمي، وستؤثر على كل العالم.

لهذا سنتعرف عن المعلومات الأساسية، عن ملابسات البريكست، وعما يجري في المملكة المتحدة، أو بريطانيا العظمى.

البريكست وخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي

قضية البريكست باختصار شديد، أن بريطانيا قررت في استفتاء، عام 2016 أن تخرج من الاتحاد الأوروبي.

وخرجت بأغلبية 52% قرروا الخروج، في مقابل 48% كانوا يرغبون في البقاء، وبعد هذا الاستفتاء، وعلى مدار أكثر من ثلاث سنوات.

فشلت بريطانيا في الخروج فعلياً، من الاتحاد الأوروبي، وتم تأجيل موعد الخروج النهائي، للمرة الثالثة، وكان آخرها في 31 أكتوبر وأجلت إلى 31 يناير.

بريطانيا المنقسمة تنقسم من جديد

مازالت القضية مثار جدل، داخل المجتمع البريطاني، والمشكلة العامة، أن بريطانيا كانت وما زالت، منقسمة على نفسها، فيما يتعلق بعلاقته مع أوروبا.

فهي منقسمة على نفسها منذ اللحظات الأولى، لإنشاء الاتحاد الأوروبي، وينستون تشرشل، كان بعد الحرب العالمية الثانية، يبارك فكرة الاتحاد الاوروبي.

وكان يقترحها، باعتباره رئيس وزراء بريطانيا العظمى، على أوروبا أن تقلد الولايات المتحدة البريطانية، وتكون تكتل مكون من مجموعة دول، حتى يزيد التعاون بينهم.

ويقلل فرص الحروب، أي تقترح بريطانيا عليهم، أن يكونوا مثلها، لا أن تكون هي جزء منهم، ولكن ظروف بريطانيا تغيرت.

ورأت في بداية السبعينات، أن مصلحتها هي مع الاتحاد الاوروبي، وعندما دخلت في السبعينات في الاتحاد الاوروبي أيضاً، كانت منقسمة على نفسها.

نصف البريطانيين، كانوا يروا أن هذه هي المصلحة، والآخرين يرون المصلحة هي الاستقلال، عن الاتحاد الاوروبي.

أهمية التجارة بعضوية الاتحاد الأوروبي

النصف المتحمس لدخول الاتحاد الاوروبي، هي بأغلبية بسيطة، وكان رغم أنف فرنسا، والنصف المتحمس للخروج من الاتحاد الاوروبي، والابتعاد عنه سياسياً.

هو الذي حسب الاستفتاء، بأغلبية بسيطة في عام 2016 ومنطق المتحمسين للبقاء، في الاتحاد الاوروبي وجيه جداً.

يقولون أن ثلث التجارة البريطانية، تتم بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي، أي هو الشريك التجاري الأساسي، وإليه تتجه 46% من الصادرات.

وبالتالي هو أكبر شريك تجاري، سواء كمورد أو مستورد، ولهذا هم مستفيدون جداً، من العضوية في الاتحاد الاوروبي، من ناحية التجارة.

الاستقلال عن الاتحاد الأوروبي

والجزء الذي يرغب في الاستقلال عن الاتحاد الاوروبي، منطقه الاساسي قومي شعبوي، سياسي ووجهت نظره.

أن بريطانيا العظمى، لا يجب أن تقرر سياستها في بروكسل، أو في أي عاصمة أوروبية أخرى، بريطانية العظمى يجب أن تكون صاحبة القرار في كل شيء.

وبالتالي أنا كبريطانيا العظمى، يجب أن تستقل، ويجب أن نرى التفاوض معه، على شكل من أشكال العلاقات التجارية الجيدة.

وهؤلاء الناس، هم تيار شعبي قومي قديم في بريطانيا، ويعبر عنه عدد من المسؤولين في الفترة الأخيرة، أبرزهم بورس جونسون رئيس الوزراء الحالي.

وقد كتب بورس جونسون مقالاً في التلغراف، في عام 2002 يرى أن اليورو، هو واحد من مخلفات هتلر، لأنه كان يريد أن تحتل ألمانيا الدول من أوروبا، بعملة موحدة.

هذا هو ما تم لاحقاً، ولكن باسم الاتحاد الاوروبي، وتعبيرات كثيرة تخرج  عن الداعمين للبريكست، يقولون لا يجب للمستشارة أنجيلا ميركل، أن تتلاعب بالمنتصرين في الحرب العالمية الثانية.

الضرر الاقتصادي بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي

في النهاية خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكن عاد الانقسام مرة أخرى، وأدرك البريطانيين، أنهم تورطوا فعلاً.

فكل الدراسات التي تجري في بريطانيا وخارجها، تؤكد أن هناك ضرر اقتصادي بالغ، سوف يبقى على المملكة المتحدة، نتيجة خروجها من الاتحاد الاوروبي.

وأن أي اتفاقات جارية، سوف تقيمه بريطانيا مع  الولايات المتحدة أو غيرها، لن تعوضها عن المزايا التي كانت تحصل عليها، من عضويتها في الاتحاد الاوروبي.

وزاد الانقسام، حيث أن هناك اتجاه يرغب في اعادة العضوية، وعمل استفتاء مرة أخرى، ولكن حتى لو قاموا بذلك، فمن الممكن أن يرجح كفة الرافضين.

إذاً هناك مشكلة كبيرة، فالقضية تجاوزت الخلاف على الوضع الاقتصادي، إلى خطر أكبر يهدد استقرار وسلامة المملكة المتحدة، نفسها وانهيارها.

الدول المنضمة للمملكة المتحدة

بريطانيا العظمى هي مكونة من أربع أجزاء، منذ عام 927 بالتدريج، إلى غاية أن أخذت شكلها الأخير عام 921

ثم انضمت إليها ويلز 1535 واسكوتلندا عام 1707 وايرلندا عام 1801 ثم في حرب 1921 انتهت بتقسيم جزيرة ايرلندا، وشمالها بقي مع بريطانيا.

فهؤلاء ليسوا متفقين بشكل تام، فهم توحدوا في ظروف ملتبسة وصعبة، وبعد مئات السنوات من الحروب، فيما بينهم.

ولكن في النهاية، بريطانيا الحديثة خلال المائة عام الماضية، رأت أن مصلحتها في البقاء في المملكة المتحدة، وأن وجدت تيارات قومية ترغب باستقلال الدول.

وتيار في انجلترا يرى، أن كل هذه المكونات هي عبئ عليه، والذي فجر هذه القضية هو الاستفتاء، بالخروج من الاتحاد الأوروبي.

فالموقف الآن، أن القوميين في انجلترا، هو الذي قاد الخروج، بينما كانت الأغلبية في ايرلندا واسكوتلندا، يرغبون بالبقاء في الاتحاد الاوروبي.

ولكن عندما تؤخذ إجمالي الأصوات، والاغلبية من السكان في انجلترا وويلز، كانت النتيجة هي اضطرارهم الخروج، وهم متضررون من ذلك.

واستكوتلندا في عام 2014 قامت باستفتاء قومي، حول البقاء في المملكة المتحدة، أو الخروج منها، والأغلبية صوتت بالبقاء، لعدت أسباب.

أنها ترى أنها مستفيدة اقتصادياً، أكثر من البقاء داخل المملكة المتحدة، التي هي عضو في الاتحاد الاوروبي.

ولكن بعد عامين، وجدوا أنفسهم في استفتاء آخر، ضمن المملكة المتحدة، يخرجهم ضد ارادتهم من الاتحاد الاوروبي، ويروا أن الاقتصاد الاسكوتلندي سوف يتضرر بشدة.

تأثر ايرلندا بالخروج من الاتحاد الاوروبي

والوضع أسوأ في ايرلندا، فتاريخياً جزيرة ايرلندا، كانت جزء من المملكة المتحدة، وبعد الحرب انقسمت الجزيرة، وأصبح شمال ايرلندا هو فقط داخل المملكة.

ولكن شمال ايرلندا نفسه، منقسم وخاض حرب أهلية، استمرت لثلاثين عاماً، بين مواطنين منقسمين سياسياً وطائفياً.

سياسياً جزء منهم، يرغب بالبقاء في بريطانيا العظمى، وهم بروتوستانت، والجزء الذي ضده كانوا كاثوليكيين.

وعندما انتهت الحرب بينهما، في اتفاق الجمعة الطيبة، والحل كان عبقري، لأنه منح الطرفين كل الذي يطلبونه.

ايرلندا الشمالية سياسياً، تابعة للملكة المتحدة، ولكن جغرافياً هي ايرلندا، وتم ازالت الحدود بينهما، واعطاء الجنسيات من الطرفين.

وما أن تخرج الآن بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، معناه أن الأوضاع ستعود كما كانت، قبل الجمعة الطيبة، وتعود الحدود كما السابق.

وتعود كل الخلافات والصراعات، التي لم تنطفئ، وايرلندا تخاطر بخسائر اقتصادية، وحرب أهلية.

والحل من وجهة نظرهم، تصاعد اتجاه للاستقلال عن المملكة المتحدة، حتى تكون جزء من ايرلندا، والتي هي جزء من الاتحاد الاوروبي.

وماذا عن انجلترا

ترى انجلترا، أن هؤلاء عبئ عليها، فإن الاقتصاد البريطاني في عام 2018 كان حجمه 2.8 ترليون دولار، والمساهم الأكبر بهذا الناتج المحلي الاجمالي، هو من انجلترا.

ولكل هذه الأسباب، خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، يهدد جدياً بتفكك المملكة المتحدة، وهي تقارير ناقشتها أكثر من مرة الحكومة البريطانية، وكشفتها فاينانشل تايمز وغيرها.

خمس رؤساء أحياء، مثل طوني بلير وبرواند، هددوا وحذروا أن المملكة المتحدة، وتريزا ماي، معرضة للانهيار، بسبب الخلاف على قضية البريكست.

وبريطانيا بسبب البريكست، ليست معرضة لأن تضعف اقتصاديا فقط، بل للتفكك كمملكة متحدة، وأن تصبح مستقلة الأجزاء، التي تحدثنا عنها.

ويترتب على هذا الأمر، تغيرات وعقبات كثيرة جداً، على أوروبا وعلى العالم ،لأن لدينا امبراطورية كبيرة، ودولة عظمى ستتفكك.

وهذا التفكك سيؤدي إلى توابع اقتصادية، وتوابع سياسية، لأنه سيفتح الطريق لاستقلال عدد كبير من الدول، والمقاطعات، الأمر الذي سيؤثر على وحدة الاتحاد الاوروبي، ويساهم على المدى المنظور، في الأزمة المالية القادمة.

 سعيد جبيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى