ما هي الطاقة المتجددة وهل هي الحل لمشكلات البيئة؟ أكثر ما نسمعه من وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة عناوين مثل:
التلوث والاحتباس الحراري وذوبان الجليد وانبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكريون والكثير من الاتهامات لسوء تصرف الإنسان مع البيئة.
ونسمع مقابل هذا الدعوة إلى الطاقة الخضراء أو الطاقة المتجددة المعتمدة على المصادر الطبيعية غير البترول والفحم للسيطرة على التلوث.
فهل هناك الكثير من المبالغة في الوصف، بحيث أن الكوكب على وشك الانهيار وأن كل شيء سينتهي غداً؟
وهل تطبيقات الطاقة المتجددة العملية تعوض فعلاً عن البترول والفحم؟ وهل هي آمنة ونظيفة حسب ما يدعي المختصون؟
حقائق عن الطاقة المتجددة
دائماً نسمع أن التلوث هو المسبب للاحتباس الحراري، وأن غاز ثنائي أوكسيد الكريون هو المسبب الأول.
والذي يأتي من حرق كميات هائلة من الفحم والغاز للحصول على الطاقة الكهربائية وكذلك الاستخدامات المتعددة في مجال الصناعة.
لكن ليس فقط غاز ثنائي أوكسيد الكربون بل هناك مواد أخرى في الجو تسبب ذلك منها الميثان وأوكسيد النتروز والأوزون وكلور فلور كربون وبخار الماء.
لكن كيف تتسبب هذه الغازات بالاحتباس الحراري؟
كيف يحصل الاحتباس الحراري
عندما ترسل الشمس أشعتها المختلفة إلى الأرض أغلبها يكون ضمن تردد موجي عالي، وهي لا تؤثر كثيراً على جو الأرض.
لكن عندما تنعكس هذه الإشعاعات من الأرض لتعود إلى الجو فإن التردد يكون أقل.
في هذه الحالة الموجات تحفز هذه المركبات لتقوم بامتصاصها ومن ثم إعادة توزيعها إلى عدة اتجاهات.
لذلك بدل أن تهرب هذه الإشعاعات إلى الفضاء تبقى كمية منها في جو الأرض.
حسب رأي المهتمين بمجال البيئة كلما زادت هذه الغازات في الجو كلما زاد الاحتباس الحراري وبالتالي تأثر الكوكب والطبيعة سلباً.
أكثرها انتقاداً غاز ثنائي أوكسيد الكربون بسبب المحروقات والمصانع والتي تضخ كميات منه إلى الجو بمعدل 35 مليار طن سنوياً.
ومنذ أيام الثورة الصناعية إلى اليوم تركيز غاز ثنائي أوكسيد الكربون في ازدياد.
أسوأ مصادر الطاقة المتجددة تلويثاً للبيئة
الفحم الأحفوري هو الأسوأ من ناحية انبعاثات غاز ثنائي أوكسيد الكربون وأكثر دولة تعتمد عليه هي الصين.
ويليه الغاز الطبيعي ومشتقات البترول ومع ذلك فإن هذه هي مصادر الطاقة الأكثر كفاءة لحد اليوم.
لم تتمكن التكنولوجيا بعد من استغلال مصادر الطاقة البديلة بنفس الكفاءة ولهذا السبب الصراع العالمي الحالي هو حول سبل تأمين هذه المصادر.
ولو كانت الطاقة الشمسية مثلاً أفضل من ناحية الكفاءة لكان تركيز القوى العظمى كلهم في وسط أفريقيا والصحراء الكبرى.
التركيز الإعلامي والسياسي منصب حالياً على ضرورة تقليل إنبعاثات غاز ثنائي أوكسيد الكربون لأنها ستتسبب حسب زعم البعض في مقتل 150 مليون شخص مع نهاية هذا القرن.
ومتى ما نجحنا في السيطرة على الإنبعاثات وتمكنا من خفض حرارة الكوكب بمقدر 1.5 درجة فإن مشاكل الكون كلها ستختفي.
هذا ما يزعمه أنصار البيئة وما يريدون أن يقنعوا به العالم.
معاً نحو بيئة أنظف
الرأي العام أثّر على عمل السياسيين في العديد من البلدان حيث بدأت بعض الدول المتقدمة بالاعتماد أكثر على الطاقة البديلة.
ألمانيا هي الرائدة في هذا المجال فهي اليوم تحصل على 50% من طاقتها من المصادر المتجددة كالريح والشمس والهيدرو.
الطاقة المتجددة قوة الريح
ألمانيا تحاول أن تصل إلى الاستقلالية بشتى الطرق فعندما فشلت ببسط قوتها من خلال الصراع كان توجهها إلى الطاقة البديلة.
أهم استثماراتها اليوم هو في عنفات الرياح والتي تولد الطاقة الكهربائية عن طريق تحويل طاقة الرياح إلى كهرباء.
صحيح أن انبعاث غاز ثنائي أوكسيد الكربون هو صفر إلا أنها الفائدة الوحيدة هنا.
فهذه المراوح هي خطر حقيقي على الحياة البرية، إذ تموت آلاف الطيور كل سنة بسببها وبعض منها أنواع مهددة بالإنقراض.
قوة الشمس
أما بالنسبة لألواح الطاقة الشمسية والتي هي من أكثر المصدار البديلة شعبية، هي الأخرى تسبب كوارث بيئية.
فهي تحتوي على مواد مسرطنة كالكادميوم والرصاص والكروميوم وهي لا تتحلل قد تتسرب إلى التربة ثم تتسرب إلى مياه الشرب.
الألواح ذات النوعية الجيدة عمرها يصل إلى 25 سنة لكن ليست جميع الألواح المتوفرة جيدة فدائماً هناك غش ونوعية رخيصة.
وبعض منها يدوم لخمس سنوات، وسواء كانت هذه الألواح جيدة أو لا فإن تسرب هذه المعادن إلى التربة أمر حتمي.
ومهما كانت الجودة والنوعية لهذه الأجهزة فإن في الواقع هذه المصادر لا تنتج الطاقة إذا لم توجد رياح أو شمس.
والأمر الذي يجب أن ندركه هو أننا لا نستطيع التنبؤ بالطقس، فمن النادر جداً أن تعمل جميع الأجهزة بكامل كفاءتها.
غالباً ما تعمل الألواح أو المراوح بسعة أقل من 30% لذلك الاعتماد الكلي على مصادر الطاقة المتجددة أمر ليس ممكناً.
ليس الآن ولا في المستقبل المنظور لذلك هناك ضرورة لوجود مصدر ثابت ومستقر الفحم والغاز.
بطاريات تخزين الطاقة
أهم مشكلة تؤرق العلماء هو أننا لم نصل إلى مرحلة متقدمة في صناعة البطاريات التي تستطيع تخزين الطاقة المنتجة بكفاءة.
لكي تعوض غياب الشمس وتوقف الرياح، والمشكلة الأخرى مع الاستثمار في وسائل الطاقة المتجددة هي هدر المساحات الشاسعة من الأرض.
الأرض التي يجب أن تخصص والتي لا تقل عن خمسة آلاف متر مربع لانتاج طاقة كهربائية كافية لتغذية قرية صغيرة.
وهذا ما يسبب الضرر للبيئة من قطع للأشجار التي تساعد على تنظيف الهواء، ويؤثر هذا سلباً على الحياة البرية.
أو مساحات شاسعة من الأرض الصالحة للزراعة التي توفر الغذاء للبشر.
أي دول إذا أرادت أن تعتمد كلياً على الطاقة المتجددة فعليها أن تخصص 25% من مساحة أراضيها لهذه المشاريع.
فتخيل مقدار الضرر البيئي والاقتصادي والاجتماعي الذي سيحصل.
كفاءة البدائل
الطاقة الشمسية في أحسن أحوالها تنتج 200 واط لكل متر مربع وطاقة الريح تنتج 250 واط لكل متر مربع.
هذا إذا كانت الشمس ساطعة والرياح قوية، قارن هذا مع المفاعلات النووية التي تنتج 1000 واط لكل متر مربع.
وتعطينا 24 ساعة دون توقف، فتخيل مقدار الهدر في الأرض المسخّرة لهذا الغرض.
والطاقة الكهربائية فيها مشاكل أهمها كثرة بناء السدود المؤثرة سلباً على الأسماك والكائنات المائية بسبب اختلال التيارات المائية والأنهار.
باختصار لا يوجد شيء آمن 100%، والسؤال الجاد هنا لاستخدام وسائل الطاقة المتجددة ألسنا ندمر البيئة التي نحافظ عليها؟
الطاقة النووية
يتعرض المجال النووي إلى كثير من الانتقاد وهو الأسوأ في نظر الرأي العام من هيروشيما إلى كارثة تشيرنوبل وفوكوشيما.
لكن الإحصائيات لا تعترف بالآراء، الإحصائيات تؤكد على أن الطاقة النووية اليوم هي الأنظف والأكثر سلامة على البيئة.
فرنسا اليوم تمتلك 58 مفاعلاً نووياً تغطي 80% من احتياجاتها من الطاقة وهي الأكثر اعتماداً على الطاقة النووية في العالم.
وما يعكس هذا على أرض الواقع هو أن انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون في فرنسا هو أقل من النصف مقارنة بألمانيا.
وكذلك تكلفة فاتورة الكهرباء حيث أنها لا تتجاوز 17 سنتاً لكل كيلوواط في الساعة مقارنة ب 30 سنتاً في ألمانيا.
ليس فقط جوهم أنظف بل طاقتهم أرخص كذلك، لكن ماذا عن النفايات النووية الضارة، ألا تبقى النفايات المشعة لآلاف السنين؟
صدق أو لا تصدق، فإن كمية النفايات مقارنة بالطاقة التي تنتجها أقل بكثير.
والطرق المعتمدة في تخزينها ومنع تسربها إلى البيئة المحيطة ذات درجة عالية من التشديد، فلم تحصل أية تسربات بأية دولة.
نقطة ضعف الطاقة النووية هي في الإعلام، ومفاعلي تشيرنوبل وفوكوشيما هما دائماً ذريعة المعارضين، وأنا أعتقد أنها حالات خاصة.
فالفوائد التي تأتي من الطاقة النووية هي أكثر بكثير من مضارها.
لكن الأوضاع السياسية تحرم العديد من الدول الضعيفة من الحصول على اليورانيوم 235 للاستعمالات السلمية وهذا ليس مدار بحثنا اليوم.
هناك أبحاث مستمرة للتمكن من استغلال طاقة الاندماج النووي، ولو نجحت فإن الإندماج سيعطي طاقة أكبر بأضعاف مضاعفة مقارنة بالانشطار.
وهو كذلك أنظف ولا يخلف أية نفايات نووية.
الهيليوم
التوجه الجديد للقوى العظمى هو بناء قواعد على القمر وذلك من أجل التنقيب عن هيليوم 3 النادر الوجود على الأرض.
هناك دراسات تشير إلى إمكانية استخدامه في الاندماج لكي يعطي طاقة تفوق الانشطار بأضعاف كثيرة.
الصراع العالمي الجديد قد يكون في الفضاء.
الصين والتلوث
اليوم الصين هي أكبر دولة مصنّعة للبضائع ومع الصناعة يأتي التلوث حيث أن الصين هي إحدى أكبر الدول تلويثاً للبيئة.
أكثر من 30% من غاز ثنائي أوكسيد الكربون ينبعث من الصين لأنها تعتمد بشكل أساسي على الفحم في إنتاج الطاقة.
تقريباً 60% من معاملها ما زال تعتمد على الفحم.
مع كل هذه الكوارث التي تسببها الصين فإن الحكومة ليست مستعدة لتغيير استراتيجتها في المستقبل القريب لأن التغيير عملية مكلفة.
المصادر
جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com