سأتحدث اليوم عن العلم، لقد سمعت بمفهوم (إنه يستند للعلم) أو أنك سمعت بعبارة (هذا ما توصل له العلم لسنا بحاجة لأن نستمر في البحث عن ذلك، فقد قمنا بما يكفي من البحث).
فعلى سبيل المثال مفهوم الدهون كان يعتبر سيئاً، ولكنه الآن يعتبر جيداً، والدهون المتحولة كانت تعتبر جيدة أما الآن فهي ليست كذلك، أو أن هذه الأدوية كانت تعتبر آمنة وفعّالة، ومن ثم بعد 30 عاماً تم سحبها من الأسواق، فإن 176 نوعاً من الأدوية تم فعلاً سحبها من الأسواق، لأنهم اكتشفوا أنها خطيرة للغاية.
بعض الأدوية التي سحبت من الاسواق
وإليكم بعض الأمثلة، دواء الأكيوتين (ACCUTANE) تم سحبه لأنهم اكتشفوا بعد 27 عاماً أنه يسبب تلف الكبد، دواء سيليرت (CYLERT) ظل في الأسواق لمدة 30 عاماً، وهو علاج لاضطراب الانتباه والتركيز (ADHD) أو (ADD).
ما نريد معرفته هو كم من الوقت استغرقوا في إجراء الأبحاث، ليثبتوا أنها آمنة وفعالة؟
أيضاً دواء D.E.S والذي كان يستخدم بديلاً فعّالاً لهرمون الاستروجين، والذي من المفترض أنه يمنع حالات الإجهاض، حتى اكتشفوا بعد 31 عاماً أنه يسبب الإجهاض.
ودواء ثاليدومايد (THALIDOMIDE) لا نعلم كيف تمت الموافقة عليه أصلاً، حيث كان يسبب أنواعاً من المشاكل للأطفال، فكانوا يولدون بدون أذرع وغيرها من المشاكل الكثيرة.
ودواء بيرماكس (PERMAX) والذي كان متوفراً في الأسواق لمدة 19 عاماً، ودواء البينتالين تيترازول (PTZ) أو المترو زول (METROZOL) والذي كان متوفراً لمدة 48 عاماً.
فهل هذه الأمور قد استندت للعلم؟
السؤال الرئيسي هو من المسؤول عن تمويل الدراسة؟ حيث في كثير من الأحيان تعطى الأموال على شكل منح للجامعات، وقطاع الصناعة كشركات الدواء الخاصة، والتي تمول بدورها الجامعات أيضاً، وهناك بعض المنظمات غير الربحية التي تقوم بالأبحاث.
قبل عام 1970 كانت أغلب الأبحاث تنجز وتمول من قبل الحكومة، ولكن الآن ما نسبته بين 71 إلى 85% من الأبحاث يتم إنجازها من قبل قطاع الصناعة أي الجهات الخاصة.
وكثيراً ما يعمل قطاع الصناعة بالشراكة مع الحكومة لإجراء الأبحاث، خاصة فيما يتعلق بالبحث والتطوير.
لذا فإن الكثير من الأموال التي تنفق على الأبحاث لإنتاج أدوية جديدة، تكون برعاية الحكومة، والتي تقوم أنت في الواقع بدفع تكاليفها، فهي من الضرائب التي يتم تحصيلها منك.
بالطبع هناك شركات أدوية تربح ما نسبته 1000% حيث تحقق أرباح هائلة، مثل ذلك علاج مرض التهاب الكبد الفيروسي HEP.C والذي يبلغ ثمنه في الولايات المتحدة 84 ألف دولار، لوصفة تكفي لثلاثة أشهر، أما في الهند فثمنه فقط 500 دولار.
وفي نهاية الأمر فإننا ندفع ثمن الفاتورة من أجل أبحاثهم، وبعد ذلك نسمح لقطاع الصناعة بأن يدفع لأشخاص معينين ذوي مناصب في الهيئات التي تنظم الكثير من الإرشادات المتعلقة بقطاع الصحة، ولا ننسى المجلات الطبية التي تعتمد على أموال الإعلانات من قطاع الصناعة.
ولكن أعتقد أن أسوأ ما يمكن تصوّره هو أن شركات قطاع الصناعة تلك، يحق لهم انتقاء المعلومات التي يريدونها، والامتناع عن نشر الدراسات التي لا تنسجم مع مصالحهم.
وقد وجدت مجلة جاما وهي مجلة طبية، أنه عندما تقوم الشركة المنتجة للأدوية برعاية البحث، فإن النتيجة ستكون إيجابية أكثر منها سلبية، وذلك بمقدار من 3 إلى 5 أضعاف.
فللأسف ما ينقصنا في العلم إذاً، هو الأخلاقيات.