إسلامالآدابشخصياتقصص وحكايات

أبو جعفر الطبري


الدكتور طارق سويدان من برنامج المبدعون

الدكتور طارق سويدان يتحدث عن الإمام أبو جعفر الطبري .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أهلاً بكم ومرحباً مع المبدعين، المبدعون هذا ليس برنامج من برامج الإدارة والإبداع، وإنما هو برنامج تاريخي أساساً، يتحدث عن تاريخنا المجيد.

يتحدث عن بعض الشخصيات المبدعة الفريدة في تاريخنا، بهدف أن يتعرف عليها بالذات شباب أمتنا، ويقتدون بها ويتعلمو منها أسرار الإبداع وأسرار العظمة.

وكنت قد حدثتكم في الحلقة الماضية عن تاريخ الإمام الطبري، ابن جرير الطبري صاحب المؤلفات الشهيرة، لكن لم تكفيه حلقة واحدة سنكمل حلقتنا اليوم عن تاريخ الطبري.


رؤية حول رحلة الإمام الطبري

هناك مع رؤيتنا لنشأة ورحلة الإمام الطبري؛ نشأة الإمام الطبري؛ نجد أن هناك تسلسل تاريخي نجده للعالم، نجده أنه يبدأ بالتدريس والتأليف.

لكن متى بعد أن يسافر ويرحل ويجمع ويحفظ، فتكون حياة العالم في مراحل الطفولة نلاحظ أنه حفظ القرآن وحفظ السنة وحفظ المتون، وكان تركيزه بالذات على اللغة العربية والتأكد من تمكنه منها.

ويتعلم الأحكام الفقهية ” المواريث – المصطلحات ” إلى آخره، ثم من بعد ذلك يأخذ من مشايخ البلدة التي عاش فيها، ثم ينتقل إلى علماء البلد التي يجاورها، ثم يرحل بعد ذلك ويجمع ويحصل ويحصل ويحفظ ويكتب وينسخ ويعدل.

رحلاته

ثم يستمر على هذا عادة عشرين ثلاثين سنة من الأخذ، ثم يعود إلى بلده أو إلى البلد التي فيها جو علمي، أو يعني فيها طلبة علم كثير، ويجلس فيها ويستقر فيها ويكون له دروس، فتكون المرحلة الأخيرة من حياة العالم هي حياة العطاء، مرحلة التأليف والتصنيف.

هذا هو الخط العام لحياة العلماء، نجد أن الإمام الطبري بعدما كان في طبرستان وتلقى العلم من علمائها انتقل إلى الري بعد ذلك انتقل إلى بغداد، واستمر ينتقل إلى الشام ثم مصر ثم ثم ..

بعد ذلك استقر به الأمر كما قلت لكم في الحلقة الماضية : رجع إلى بغداد رحمه الله تعالى؛ بعدما اكتملت شخصيته العلمية، وحصل ما حصل، وجمع ما جمع، واستقر فيها في بغداد إلى عام 310 هجرية حيث توفي هناك باذلاً وقته للعلم.


الحديث عن قدراته

لنتأمل خط الابداع هذا، أن الحياة ستنقسم إلى مرحلتين، وأنا في الحلقة الأولى كنت قد عرفتكم بمنهجية صناعة المبدعين هؤلاء.

قلت: أن مرحلة البداية أن يكون عنده موهبة، عنده ذكاء وأن يحصل على رعاية إلى أخره.

ثم تأتي مرحلة الأخذ والتعلم، سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: تعلموا قبل أن تسودوا.

لذلك نصيحتي للشباب في المرحلة الأولى من حياتكم تقريباً إلى سن الثلاثين، خذوا قدر ما تستطيعوا، خذوا العلوم، وخذوا المهارات وتبنوا القناعات التي تزيدكم ابداعاً ونجاحاً.

ثم بعد ذلك إذا تمكنتم تأتي مرحلة العطاء.

موهبة التنسيق

نرجع إلى إمامنا ابن جرير الطبري ، مؤلفات الإمام ابن جرير كثيرة جداً، لأنه صار موسوعة صار دائرة معارف، فهو عنده عقل غير عادي، بالإضافة كان عنده موهبة خاصة جداً، وهي موهبة التنسيق، مثل ما يقولون موهبة هندسة.

فكان عنده قدرة على الترتيب والتصنيف، بعض العلماء يكتب إنشاء ” كلام وراء كلام ” لم يكن ابن جرير الطبري هكذا، بل كان عنده قدرة غير عادية تجدوها في كل كتبه، ترتيب واضح وتنسيق عالي.

ولذلك كان مدرساً في غاية الجودة في التدريس، تعرفون أن بعض العلماء عندما تجلس إليه صعب أن تتعلم منه، وبعض الناس شاطر في التدريس، كان ابن جرير الطبري من العظماء، وكان لديه قدرة على توصيل المعلومة.


كتبه ومؤلفاته

كتابه ” تفسير الطبري ” هو أساس كتب التفسير، وهو أعظم كتاب في التفسير على الإطلاق، وسنتحدث بالتفصيل إن شاء الله فيما بعد.

ابن جرير رحمه الله تعالى عاش حتى وصل عمره 86 سنة، خلال هذه الفترة ألف مؤلفات عديدة وضخمة، وكل مؤلف أحياناً يكون عدة مجلدات، هذا يدل على أنه لم تفتر عزيمته أبداً، حتى وصل سن 86 من عمره.

ومن كتبه العظيمة ” تهذيب الآثار ” كتاب من أعظم كتب الحديث، كان ينوي أن يجمع كل ما يتعلق بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويعيد ترتيبه وتصنيفه، لكنه مات قبل أن يتمه.

إذاً هو إمام في التاريخ، إمام في اللغة، إمام في الحديث، إمام في التفسير، إمام في القراءات، قليلٌ من العلماء من يستطيع أن يكون عالماً في أكثر من مجال واحد.

مجالات متنوعة

ولكن نلاحظ أن هناك يوجد مجالين: القرآن؛ علومه وتفسيره وقراءته، التاريخ، هذين المجالين الرئيسيين للإمام ابن جرير الطبري.

ابن جرير كان من العلماء الذين كتب لهم الله تعالى و لمصنفاتهم ومؤلفاتهم، القبول والانتشار، لا يوجد أحد من العلماء منذ ذلك الوقت وإلى اليوم كان له انتشار مثل ابن جرير مع كثرة ما ألف وتنوع.

يقول ابن خزيمة وهو الإمام المحدث المشهور لدى أهل السنة : ما أعلم تحت أديم الأرض أعلم من محمد ابن جرير.

يقول الإمام الذهبي الإمام العالم الحافظ الفذ : أبو جعفر الطبري أحد الأعلام، وصاحب التصانيف.

كان ثقةً صادقاً حافظاً رأساً في التفسير، إماماً في الفقه والإجماع والاختلاف، علامة في التاريخ، وأيام الناس، عارفاً بالقراءات وباللغة، وغير ذلك.

هذه شهادات الكبار، لن تحصل على شهادة أكبر من هذه، فهي أعظم من أي جامعة، عندما يأتي هؤلاء ويحكموا ويقولوا : أنت الأعلم.


مؤلفات الطبري كانت كثيرة جداً، من المؤلفات

جامع البيان في تأويل آيات القرآن ؛ والذي اشتهر بين الناس باسم ” تفسير الطبري ” طبع مرات عديدة وصار مرجعاً أي واحد يقرأ في التفسير لابد أن يقرأ تفسير الطبري.

تاريخ الأمم والملوك ؛ والذي اشتهر باسم ” تاريخ الطبري ” وأي واحد يريد أن يرجع للتاريخ لا غنى له عن تاريخ الطبري.

هذين مرجعين رأسيين في علمين رأسيين، علم التاريخ وعلم التفسير، وكلاهما للإمام الطبري، مرجعان إلى اليوم لا يستغنى عنهما في هذين العلمين، وكلاهما للإمام الطبري.


هل اكتفى الشيخ بما تعلمه؟

ولكنه لم يكتفي في هذين العلمين، بل ألف في قضايا أخرى، ومن كتبه :

اختلاف علماء الأنصار في أحكام شرائع الإسلام

يقول الخطيب البغدادي : محمد ابن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم أربعين ورقة، تخيل أربعين سنة إنتاج كل يوم أربعين ورقة!

يكون الناتج : ستمائة ألف ورقة.

الله سبحانه وتعالى أمد في عمره 86 سنة، اطرح منها الطفولة، واطرح أيام الجمعة، والراحة والترحال، فعندما تحسبها ستجد أن فترة الإنتاج كانت ” أربعين سنة “.

إن قوماً من تلاميذ ابن جرير، أحصوا أيام حياته منذ بلغ الحلم وحتى إلى أن توفي، ثم قسموا عليها أوراق المصنفات والمؤلفات التي كتبها، فوجدوا أنها 14 ورقة في كل يوم.

يقول ياقوت الحموي : في كل يوم هذا شيء لا يتهيأ لمخلوق، هكذا كان رحمه الله تعالى.

أضيف إلى هذا أن الله سبحانه وتعالى رزقه بطلاب أذكياء وأقوياء، كان يملي عليهم ويحدثهم ويقرأ عليهم القراءات، ويصلي بهم، وكانوا يكتبون أرائه وكل ما يعلمهم.


معادلة الإبداع

إذاً نحن عندما نرجع لعناصر الإبداع، موهبة – ذكاء – رعاية – تلاميذ، وتقسيم الحياة إلى مرحلتين، مرحلة أخذ ومرحلة عطاء.

كل هذه العناصر تجمعت لدى الإمام الطبري، فإذا حسبت كل هذا ستجد أن هذا هو سر العظمة، من الناس القلائل الذين تجمعت بهم تقريباً المعادلة بأكملها، هو الإمام الطبري.

ولذلك نجد الأثر غير عادي، معادلة الابداع التي حدثتكم عنها لا تنطبق على الجميع بالتساوي، هناك أجزاء منها قد تختلف عند بعض الناس، لكنها تقريباً قد اكتملت عند الإمام الطبري.

احفظوا معادلة الإبداع هذه وطبقوها، وحللوا التاريخ كذلك وطبقوها على أنفسكم تعرفوا كيف تكون نتائجكم.

حديثنا متواصل عن الإمام الطبري رحمه الله تعالى، صاحب ” تفسير الطبري ” ” وتاريخ الطبري ”

هذا الرجل الذي ترك لنا أعظم المؤلفات التي ما زالت اليوم هي من أعظم المراجع في العلوم المختلفة، وبالذات علم التفسير وعلم التاريخ.


موهبة الحفظ

هذا الأمر ما جاء من فراغ، هذا الرجل موهبة غير عادية، وتمت رعايته بطريقة غير عادية، هذه الموهبة تبينت في مواقف، مما يدل على ذكائه ونبوغه، أنه تعلم علماً كاملاً في ليلة واحدة، هو علم ” العروض ” والعلم المتعلق بأوزان الشعر.

بحيث يروي الإمام عنه نفسه : يقول لما دخلت مصر لم يبقى أحد من أهل العلم إلا ولقيني، وامتحنني بالعلم الذي يتحقق به، يعني كل واحد في تخصصه يمتحني.

فجاءني يوم رجل وسألني عن شيء من العروض، والتي هي بحور الشعر، يقول: ولم أكن قد نشطت له قبل ذلك، ولم أتفرغ لفهمه، فقلت له: أجيبك غداً.

العروض

يقول: في تلك الليلة طلبت من صديقٍ لي ” كتاب العروض ” لخليل بن أحمد، فجاء به، فسهرت عليه ليلتي تلك، فأمسيت غير عروضي، وأصبحت عروضياً.

تعلمه في ليلة واحدة، علم العروض ليس من العلوم الصعبة جداً، ولكن ليس أيضاً من العلوم السهلة، ومع ذلك تعلمه في ليلة واحدة.

هذه مسألة تدل على ذكاء على نباهة وهو شيء غير طبيعي بين البشر، إذاً هؤلاء المبدعين عرفوا مواهبهم وذكائهم أين، وركزوا على مجال معين، فأبدعوا فيه، لا أحد يقول هؤلاء ندرة من البشر.

كل إنسان فينا الله أعطاه قدرة وموهبة خاصة، تختلف عن باقي الناس، لكن كثير من الناس لا يستثمرونها.

أنا أعرف بعض الشباب لديهم قدرة غير عادية على الحفظ، لكن كل حفظه للأغاني مثلاً.

إذاً الموهبة وحدها لا تصنع مبدعاً، الموهبة مع المعادلة بأكملها هي التي تصنع المبدع.


أقوال عنه

يقول أبو جعفر: حضرت باب دار أبي كريب، مع أصحاب الحديث، وأبو كريب هذا أحد كبار علماء الحديث، فاطلع من باب خوخةٍ له، وكان من كبار المحدثين، ولكنه ما كان منبسطاً مع الطلاب.

أي أن طلاب الحديث يتوسلون إليه توسل ليأخذوا بعض الحديث.

فألحوا عليه ليدخلوا، فقال: أيكم يحفظ ما كتب عني؟ فالتفت بعضهم إلى بعض من الذي يحفظ عن الشيخ في الفترة الماضية.

ويقول الطبري : ثم نظروا إليِّ أنت تحفظ ما كتب عنه؟ فقلت نعم.

فقالوا للشيخ هذا فسأله، فسأله أبو كليب فقال: حدثني ماذا حفظت عني؟

قال : حدثتنا بكذا وكذا يوم كذا ..

لم يكتفي أن يقول له عن الأحاديث التي حفظها عنه بل وفي أي يوم حفظها أيضاً، وأخذ أبو كريب يسأله ويسأل عن الدقائق إلى عظم في نفسه، فقال له أدخل، فدخل إليه ولم يدخل الباقين.

يقول الطبري : سمعت من أبي كريب أكثر من مائة ألف حديث، تخيلوا من رجل واحد حفظ أكثر من مائة ألف حديث.

هذا يدلك على قدرة غير عادية مع أنه لم يكن مستعد لمثل هكذا موقف، لكن الله سبحانه أعطاه هذه الموهبة، وكان يحفظ مرويات أبي كريب رحمه الله.


تنظيم الوقت

من أعظم ما جعل الإمام الطبري بهذه الموهبة، تنظيمه للوقت، هذه من الأمور المهمة جداً حتى لو كان للعالم، وكان ابن جرير رحمه الله كان يفعل ذلك.

بحيث كان يجمع بين التأليف وبين التدريس، وكان ينام قيلولة الظهر قبل الظهر، ثم يصلي ويبدأ بالتأليف إلى العصر، ثم يخرج ويصلي العصر في المسجد ويجلس في المسجد يدرس القرآن إلى المغرب.

ثم يجلس بين المغرب والعشاء يدرسهم الفقه، و يتدارس مع العلماء بعض قضايا الفقه إلى صلاة العشاء.

ثم يدخل إلى منزله فلا يدخل عليه أحد ولا يسمح لأحد أن يدخل عليه بسبب انشغاله في التأليف، إلا إذا كان أمر مهم جداً.

هذا كله مع المحافظة على ورد أو حزب من القرآن الكريم يقرأه كل ليلة، وكان في بعض الأحيان يقرأ ربع القرآن الكريم في ليلة.

يقول ابن كامل : قد قسم ليله ونهاره في مصلحة نفسه ومصلحة دينه، ومصلحة الخلق كما وفقه الله عز وجل.


صفاته الأخلاقية

أما إذا أردت أن تنظر إلى صفاته الأخلاقية، فحدث ولا حرج، كان على جانب عظيم من مكارم الأخلاق، جعلته محبوبا بين الناس.

يصف أحد تلاميذه يقول: كان أبو جعفر في ظاهره نيفاً من حسنه في باطنه ” يعني من يحتك به من قرب يرى ظاهره أقل من باطنه، أي باطنه أفضل، يعني دائماً متوازن “.

وقال: كان حسن العشرة لمجالسيه، متفقداً أصحابه، مهذباً في جميع أحواله، جميل الأدب في مأكله وملبسه، يأكل بأدب ويلبس بأدب، وكان منبسطاً مع أخوانه، يداعب أخوانه أحسن المداعبة، مع أنه وفي هذه المنزلة من العلم.

يا ليت بعض علمائنا يقتدوا به، وقال : كان حسن الخلق حتى مع خصومه.

كان يحضر عند داود ابن الظاهري، يسمع منه ويناقشه في العلم، وحضر عنده في ناقش لأحد قضايا العلم، فأحد تلاميذ داود ضاق منه، فكلمه كلاماً فظاً.

فقام الطبري من مجلسه، وكتب كتاب للرد على مذهب داود، مذهب داود ” المذهب الظاهري ” فألف مائة ورقة، وبلغه بعد ذلك أن داود قد مات.

فقام الطبري وأخذ هذا الكتاب وقطعه، وكان أيضاً في المقابل داود قد كتب كتاب في الرد على أبي جعفر، وتعسف عليه، وحتى أنه شتمه.

ويذكر أن في أحد المنازل اجتمع الطبري وداود، فقام الطبري وأثنى على داود، فلما مات محمد داود، راح الطبري إلى بيت داود الظاهري وأثنى عليه أمام أهله وأمام أولاده.

زهده وورعه

فإذا أضفتم إلى صفاته، أضيفوا الزهد والعفة، كان فيه زهد وعفة وورع وخشوع وامانة وصدق نية، يعني أفعاله كانت أخلاق عالية.

حيث ذكرنا أنه أيضاً بجانب معادلة الابداع أن يكون له صفات متوازنة من إنتاج وعطاء، كذلك كان الطبري؛ رحمه الله تعالى.

ويقولون كان عازفاً عن الدنيا، تاركاً لأهلها، مترفعاً عن التماسها، بحيث تجد هذا في كتابه ” آداب النفوس ” والقصص كثيرة حول زهده وعدم جريه وراء الدنيا وتعلقه فيها.

يقول أحد أصحابه: أرسل الوزير العباس ابن الحسن في طلبه، بحيث أراد منه أن يكتب له كتاب في الفقه يناسبه، وسأله أن يعمل له مختصر، بحيث لم يكن لديه الوقت لكي يتعمق.

فكتب له أبو جعفر ” كتاب الخفيف ” يقولون من أعظم كتب الفقه، في وقت مختصر جداً.

من يستطيع أن يجمع كل هذا بهذه القدرة وهذا التوازن، أبن جرير الطبري، نموذج غير عادي من نماذج العلماء.

أتمنى لكم أن يتعرف عليه الشباب، أقرأوا كتابه في التاريخ وتعرفوا على سيرته وكونوا من المبدعين مثل الطبري.

أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الدكتور طارق سويدان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى