إسلاممال وأعمال

أجمل ما قيل في الرزق


الدكتور محمد نوح القضاة

الرزق طيب، لماذا؟ ألست تأكل وتشرب وتنام؟ هذا رزقك، هذا هو الرزق الذي لديك، قال النبي عليه الصلاة والسلام: سبق درهم مائة ألف درهم. كيف يا رسول الله كيف درهم أحسن عند الله من مائة ألف قال رجل معه درهمان

فتصدق بواحد وأمسك الثني فيكتب عند الله تصدق بنصف ما يملك. ورجل عنده مال كثير فأخذ من عرضه تصدق بمائة ألف فمن رحمة الله وعدالة الله أن الله لا ينظر إلى ذات المبلغ ولكن الله ينظر إلى نسبة المبلغ مما أعطاك.

فكم من إنسان يتصدق بنصف ما يملك بدينار وكم من إنسان يعطى الملايين فلا يستطيع أن يتصدق بنصفها، ليس ذلك مطلوب منه.

رزقك ليس محصور ولا محدود رزقك بمقدار سعيك في هذه الدنيا لتحصيلها، فكم تركض في الدنيا لتحصل على الرزق لتحصل على المال.

لذا هناك من يقول لا أجد عملاً في الأردن فخرج إلى دولة أخرى، وجد فيها رزقه،سأسألك سؤالاً الله الرزاق في أمريكا وليس رزاقاً في الأردن؟

لا الله قدر الأرزاق فطرقت باب الرزق الذي يفتح لك في المكان الفلاني فذهبت منه.

أدب الرزق

لكن كل ما نقوله له غلاف من الآداب، ما أدب الرزق؟ أن تعتقد جازماً أن الذي يعطيك العطاء الحقيقي هو الله، لنفهم هذا.

ربنا قال للنبي عليه الصلاة والسلام ( ووجدك عائلاً فأغنى ) وجدك فقيراً فأغناك.

قالوا:أغناه بمال خديجة.

كان النبي فقيراً وربنا جعل خديجة تصرف عليه؟ أين ( الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله به بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )

هل إن كانت خديجة تصرف عليه فالقوامة لخديجة؟ لا، مستحيل أن يكون تفسير الآية يكون أن النبي كان فقيراً فرزقه الله الزواج من امرأة ثرية تنفق عليه فيجعل منة نبيه إلى امرأة تنفق عليه.

سيد خلق الله صلى الله عليه وسلم، ربنا لا يضع رقبته في يد زوجته ولو كانت غالية على قلبه، مستحيل أن يضع الله أمر نبيه بيد خديجة. ولو كانت خديجة أم المؤمنين.

ما معنى ( وجدك عائلاً فأغنى )؟

عندما تكون قد أكلت قِدراً من الطبيخ، وبعدها جاءك صحن من الرز باللحم، فتتمنى أنه أتاك قبل أن تتغداه، ولا تستطيع أن تأكله وتستغني عنه.

أو أنك شربت ليتراً من الماء وأحضرت لك كأساً من العصير فتقول لا أريد العصير ليس لذيذاً،لأنك مستغنٍ عن هذا العصير.

( ووجدك عائلاً فأغنى ) أي أن الله قد قذف في قلب نبيه صلى الله عليه وسلم من الاستغناء عن الدنيا رغم أن يده لم تمتلكها. فكان غنياً عنها بعدم الحاجة إليها لا غنياً عنها بتملكه لها.

مررت في سوق من الأسواق وجدت قلماً معروضاً ثمنه خمسة آلاف دينار، لكني لا أحتاجه لدي قلم ثمنه عشرة قروش.

الآن أنا غني بخمسة آلاف دينار لأني لا أريده، استغنيت فلست أريده، ولذلك الرزق ليس معناه ان يعطيك الله المال بل الرزق أن يعطيك الله القناعة عن المال.

فكم من مالكٍ للمال وبطنه جائع لا يشبع، وكم من غنيٍ رزقه الله العفة عن المال فكان أغنى من صاحب المال ذاته.

قريش تعيّر النبي عليه السلام

ولذلك ربنا سبحانه وتعالى في يوم من الأيام، كفار قريش عيروا سيدنا الحبيب عليه الصلاة والسلام وقالوا ( ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ) ما هذا النبي الذي ليس له حاشية ولا مال؟

عيروه ولم يكن في يوم من الأيام الفقر عيباً، ولكن خاطر النبي قد كُسر، وقلب النبي في داخله قد شُعر، وما احس أحد بما جرى في قلب الحبيب إلا رب الحبيب. الصحابة لم يلاحظوا شيئاً.

إن تسألني كيف أنت فإنني صبور على حال الزمان عصيبُ

حريٌ ألا تُرى بي مساءة ٌ فيشمت عادٍ أو يُساء حبيب

أنا أصبر على جرحي حتى لا يتضايق أحبابي ولا يشمت أعدائي، فأكتم على جرحي في داخلي.

قالوا له أنت فقير، النبي عليه الصلاة والسلام انكسر خاطره وانشعر قلبه، من حس بك يا رسول الله هو ربك الذي أرسلك.

ويرسل ربنا جبريل ومعه ملك من الملائكة فقال جبريل: يا محمد إن الله يقرؤك السلام، ويقول لك إن شئت جعلت لك صحراء تهامة ذهباً.

عيروك بالفقر، إذا أردت يا محمد أجعل لك شواطئ البحر الأحمر كلها من العقبة حتى عدن أجعلها كلها ذهب وأنت تملكها.

وأجعلك قصة من قصص الدنيا في ملكك للذهب والمال، أنظر الغني في قلبه ليس بماله، صلى الله عليه وسلم ماذا قال.

فقال: يا جبريل إنما أنا رجل مسافر استظل في فيء شجرة، ثم يوشك أن يدعها ويرحل، أجوع يوماً وأشبع يوماً حتى ألقى ربي.

هذا هو الغنى، الغنى ليس نقوداً والرزق ليس مالاً، الرزق في شخصك وقلبك من الداخل.

الرزق ليس أم يكون في يدك، الرزق أن يكون في داخل قلبك، استغناء عن المال، المال ليس سيئاً أصغر فكرة في الدنيا إن لم يكن وراءها مال لن تكون.

أذكى نظرية في الدنيا إذا لم يكن وراءها نقود لا تظهر، أعظم إبداع في الدنيا إن لمم يكن وراءه نقود لا يخرج للنور. المال ليس سيئاً لكن السيء أن تكون عبداً للمال.

هل الرزق فقط مال؟

لا، بل نحن فهمنا أن الرزق مال، رضا أبيك وأمك عليك رزقاً، رضاك الداخلي رزقاً، أن تحب أو أن تُحب أيضاً رزق، ان يحبك الناس أو أن تحب أنت الناس.

أن تحب أنت الناس وقلبك يكون مع الضعيف ومع المجروح ومع المكسور وقلبك مع المظلوم هذا رزق، أن يعطيك حب الناس هذا رزق.

لماذا نقوم بالدعايات؟

تأتي شركة من الشركات تدفع مليون مليونين أو ثلاث ملايين على منتجها، لتحبب الناس في المنتج، عندما يقومون بدعاية يدفعون نقوداً حتى يحببون الناس بالمنتج.

فتخيل أن الناس تحبك من غير مال، وأنك تحب الناس الآخرين.

بعض الناس قلوبها سوداء مظلمة، وناس قلوبها مليئة بالعفن والعتمة، لا يحب أحد ويكره إن أحب الناس أحداً لأنه لم يذق معنى المحبة.

أنظر ماذا يقول سيدنا النبي: إني رُزقت حبها. من هي؟ خديجة، الله رزقه حبها. المحبة عاطفة، يهبها الله لمن يشاء ويمنعها عمن يشاء.

إني رُزقت حبها، أنظر النبي يفتخر أن الله رزقه حب زوجته.

أنت زوجة؟ ادعِ الله ان يرزقك محبة زوجك، أنت زوج؟ ادعُ الله أن يرزقك محبة زوجتك. أنت أب؟ ادعُ الله أن يرزقك محبة أبنائك وادعُ الله أن يرزق أبناءك محبتك.

أنت جار؟ ادعُ الله أن يرزقك محبة جيرانك. أنت في أي عمل؟ قل يا رب حببني إلى خلقك.

الرزق ليس فقط مالاً ولا هو سيارة أو طيارة، لا، الرزق هدأة بال الله يعطيك إياها، قد تكون جائعاً يمكن أن تكون فقيراً الرزق فكرة اله يهبك إياها لتنصر الدين.

الرزق لحظة يعطيك الله إياها فتساعد محتاجاً، رزق من الله عز وجل، رزقك العطاء ومنع  غيرك من العطاء وكان بخيلاً.

( ومن يوقَ شُح نفسه ) من يقيك؟ الله يقيك، الله يعطيك الكرم أو يمنع عنك الكرم.

رزق المال الحلال

أرزاقنا دائماً وأبداً اطلبها في المال الحلال، لا تمشي في طريق سيء لتكون رزقاً.

يوماً من الأيام سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل الجامع، فوجد شاباً يظهر عليه الفقر والحاجة، فلا يريد سيدنا علي أن يعطيه مالاً ليعتاد على التسول، قال له: تعال. فجاء.

قال له: أمسك بلجام الفرس. فأمسك. قال له: ابق واقفاً هنا بينما أصلي وآتي. يعني أن أعطاه عملاً بدل أن يعطيه صدقة يريد تعويده على العمل.

فلما خرج سيدنا علي، وجد الفرس واقفة ولجامها ليس عليها والشاب غير موجود. سرق اللجام وذهب. قال: حسبي الله ونعم الوكيل. ومال إلى السوق ليشتري لجاماً بدل الذي ضاع منه.

فمر على من يبيع منها فوجد لجام فرسه عند البائع، قال له: كم ثمنه؟ قال: درهمان. قال: من أين أتيت به؟ قال: مر علي شاب وباعني إياه بدرهمين، فهو لك بدرهمين.

فأخرج سيدنا علي الدرهمين وقال: كنت قد أعددتهما لأعطيهما للرجل، أخذهما حراماً وترك الحلال.

لا تستعجل رزقك بالحرام، والله ما جعل الله رزقك في محرم، والله العظيم يا إخوان من أخذ الملايين أو استغنى بالملايين أو سرق أو غيرهم. والله لو صبر على نفسه ليصلك نفس الرقم لكن بالحلال.

لا تستعجل.

 

رضا الوالدين رزق، محبة الناس رزق، صلاة الفجر رزق، ذكر الله رزق، المال رزق، الفة بين الزوجين، رزق، أن يجعل الله لك إخوة في الله يدعون لك رزق.

أن يرزقك الله أناساً يقفون معك رزق، أن يرزقك الله أناساً تدعو لك بظهر الغيب رزق، أن الله يوفقك أن تسمع كلمة الخير أيضاً رزق. أن الله يرزقك من يسمعك كلمة الخير أيضاً رزق.

( وفي السماء رزقكم وما توعدون )

( فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون)

 كما قال الإمام الشافعي:

توكلت في رزقي على الله خالقي وأيقنت أن الله لا شك رازقي

وما يكن من رزقي فليس يفوتني وإن كان قاع البحار الغوامق

سيأتي به الله العظيم بفضله ولو لم يكن من اللسان بناطق

السعي في الرزق

توكل على الله لكن اسعَ ولا تحصر نفسك في مكان، ولا تقل أنا رزقي مكتوب والله كتب على المكابدة .

ربنا لم يكتب على أحد الشقاء، العباد والأشخاص هم من يكتبون على أنفسهم الكسل وينسبونه إلى الله عز وجل.

تجد أخوين أحدهما يركض ويجهد وفي نهاية اليوم يوجد معه مال، والآخر طوال النهار نائم رزقته على قدره.

دائماً وأبداً السعي من يجلب الرزق ، وتجد المستثمرين يستثمر في عدة أماكن ويوزع تجارته لأن الله يرزق وآخر لديه دكان يبيع فيه سكر ورز وما يأتيه منها فهو يقبل بها.

فنسأل الله أن يوسع علينا جميعاً في أرزاقنا.

الدعاء لله بالرزق

الإنسان عليه أن يستغني بالله عن خلق الله.

وربنا قال ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) وكان رزقك ضيقاً ادعُ الله عز وجل، قل يا رزاق يا كريم يا معطي .

ادعُ الله بأسمائه الحسنى، ادع الله أن يفتح لك من وسائل الرزق وأبوابه لكن خذها قاعدة، كي يعطيك ربنا يجب أن يرى السعي منك سبحانه وتعالى.

حتى يوصلك ربنا إلى النتيجة يجب أن يرى منك سعياً أولاً. كي ربنا سبحانه وتعالى يعطيك ويكثر مالك ويجد لك وظيفتك، عليك بالبحث.

ومن الناس من يبحث في محيطه ثم ييأس، لا، انظر ما قال ربنا ( وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى ) ليرزقه الله أن يبلغ دعوة الله.

ادع الله أن يبارك لك في رزقك ويبارك لك فيما أعطاك ويرزقك خيراً مما أتاك.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يوسع لكم في أرزاقكم ويبارك لكم في أعمالكم وأقواتكم وأوقاتكم وذرياتكم وأزواجكم وزوجاتكم. إنه على كل شيء قدير.

إلى أن ألتقي بكم في الحلقة القادمة إن شاء الله أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد نوح القضاة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى