مال وأعمال

أكبر عملية تزوير للعملات في التاريخ


أكبر عملية تزوير للعملات في التاريخ  كيف يستخدم الاقتصاد كسلاح مدمر للحروب

أفكار اقتصادية شريرة

تحدثنا قبل ذلك عن التضخم أنه مضر بالبلد لو أنه ارتفع بشكل كبير ومبالغ فيه, لكن هل تعلم أن التضخم هذا كان أحد أسلحة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية, وكانت ستدمر بريطانيا فعلياً بمفهوم التضخم.

السلام عليكم أهلا بكم في حلقة جديدة من اقتصاد الكوكب – معكم مصطفى الصعيدي واليوم إن شاء الله سأتكلم عن أكبر عملية تزوير في التاريخ, وكيف أن ألمانيا كانت ستدمر بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية.

في عام 1939 ضباط في الجيش الألماني إسمه آرثر ليبي كانت صفته رئيس التحقيقات الألمانية النازية في وقتها, جاءت للآرثر في فكرة إنقاذ لألمانيا في حال لو دخلت ألمانيا الحرب وأنه يدمر بريطانيا من خلال الاقتصاد, وكانت هذه الفكرة هي تزوير العملة البريطانية.

قد يسأل بعضكم ما علاقة التزوير بتضخم العملة؟
قد يسأل بعضكم ما علاقة التزوير بتضخم العملة؟

قد يسأل بعضكم ما علاقة تزوير العملة بالتضخم

الجواب: عندما يتم تزوير العملة وضخها في كميات كبيرة جداً ويتم ضخها في السوق البريطاني هذا سيخلق تضخم, وطالما أوجدت تضخم عالي جداً يعني هذا تدمير الاقتصاد البريطاني.

وأيضاً هذا ليس فقط كان سيؤثر على العملة البريطانية فقط بل سيؤثر على الكثير من دول الحلفاء لأن العملة البريطانية كانت نقد احتياطي لكثير من الدول, كما هو حال الدولار حالياً, وهكذا كان الحال مع بريطانيا في فترة الحرب العالمية الثانية.

كانت هذه الفكرة ذكية وشريرة جداً وايضاً ستعجب هتلر لكن كيف سيتم تنفيذها, أخذ فكرته واتجه بها إلى أحد القيادات الجنرال جوزيف جوبلز وزير البروباغندا أو وزير الإعلام كما نسميه حالياً.

أعجبته الفكرة وطلب عقد اجتماع مع كبار القادة, كان هناك من يعترض وكان هناك من هو موافق على الفكرة الشريرة, فلماذا الاعتراض بحيث من المفروض أن يوافق الجميع لأنها من مصلحة ألمانيا.

لكن وجهة النظر من الذين عارضوا هي أن الأمر هذا سيسبب مشكلة لألمانيا سواء نجحت أو فشلت عملية التزوير, لو أنها فشلت ووصلت للقانون الدولي فسيقع على ألمانيا عقوبات اقتصادية كبيرة جداً ولن تتحمل ألمانيا أبداً العقوبات.

ولو نجحت الفكرة وألمانيا ربحت الحرب فهذا  سيوقف الدول التي تتعامل مع ألمانيا من التجارة معها لعدم ضمانها أن ألمانيا لا تعطيها أموال مزورة, في النهاية انتهى هذا الجدال بينهم بأمر من هتلر الذي كان سعيد بهذه الفكرة جداً.

عملية التزوير
عملية التزوير

عملية تزوير العملة

بدأت العملية بحيث قاموا بجلب كل شخص كانت له سابقة في عملية تزوير العملات من قبل, ووظفوهم معهم وشكلوا فريق عمل مكون من 142 مجرم تزوير, بحيث أعطوهم ميزات جيدة ضمن السجن ودعمهم وميزهم عن بقية السجناء.

وافق جميع المقصودين من السجناء وبدؤا العملية, وبالتأكيد احتاجوا الأدوات اللازمة لعملهم بحيث تسمح لهم بطباعة الكميات الكبيرة هذه كما كان يفعل البنك المركزي البريطاني.

أول شيء فعلوه هو ختم الطباعة, وبدؤا بفئة 5 جنيه لأنها فئة صغيرة لن ينتبه لها أحد في البداية.

ثاني شيء هو التركيبة الكيمائية الخاصة بالطباعة, احتاجوا اكتشافها لأنها كانت صعبة في ذلك الوقت.

ثالث شيء هو الأصعب كيفية اكتشاف الرقم التسلسلي لكل فئة عملة, بحيث أن الأمر ليس سهل لأن كل بنك يكون لديه شيفرة خاصة به لعملته ولا أحد يستطيع معرفة هذه الشيفرة سوى البنك الذي طبعها لكي لا يتم تزويرها.

وفعلاً تم حل كل العقبات واكتشفوا التركيبة الكيمائية, واستطاعوا فك شيفرة الرقم التسلسلي, كل المعطيات والأدوات هيئت لهم ولكن للأسف تم تسريب المعلومات من الفريق ووقعت بيد روسيا, وبعد قامت روسيا ببيع المعلومة لبريطانيا, ثم إلى وزارة الخزانة البريطانية.

تعاملت الوزارة البريطانية بنوع العجرفة بحيث استخفوا بالأمر, ولكن لم يمنعهم هذا من أخذ احتياطاتهم.

في عام 1940 بدأت ألمانيا بتزوير العملة البريطانية وبدأت بفئة الـ 5 جنيه, لأنها كانت صعبة الملاحظة وسهلة في الدخول.

كانت المعلومات بيد بريطانيا أولاً بأول, وكان المزورين قد انتبهوا لوجود 152 علامة سرية في العملة كي يميزوا بين السليمة والمزورة, المشكلة هنا أن بعض هذه العلامات تتوضح كـ أخطاء مطبعية, وتجاهلها المزورين كي لا يتضح أنها أخطاء مطبعية.

وصلت المعلومة لبريطانيا أن فئة الـ 5 جنيه تم تزويرها وطرحها فقاموا بإجراء تغيرات على العملة وسحبها من أيدي الناس, ثم قامت بإصدار عملة جديدة وحذرت الناس وعلمتهم كيف يكتشفون العملات المزورة.

السؤال المهم الآن: كيف ستقوم ألمانيا بإدخال هذه الكميات الكبيرة لبريطانيا؟

أول فكرة جاءت لهم هي أن يرموا الأموال من الطائرت فوق بريطانيا, ولكنها كانت فكرة سخيفة جداً

ثم عدلوا عنها وقالوا أنهم من الممكن أن يشتروا بها منتجات أو أن يدفعوا لعملائهم منها. عملية تزوير للعملات

السؤال الأهم الآن: كم طبعت ألمانيا من هذه الأموال المزورة ؟

من عام 1942 حتى عام 1945 استطاعت ألمانيا طباعة أموال بقدر 132 مليون جنيه إسترليني, وهذا كان أكبر من الاحتياط الموجود في البنك البريطاني أي بما يعادل 15% من الأموال الموجودة ضمن البلد.

هذا الرقم كان كفيل بإحداث تضخم كبير جداً وقادر على صنع دمار عالمي للدول المتعاملة بالجنيه الإسترليني.

لكن ألمانيا لم تستخدم هذه الورقة لأنها كانت متقدمة في الحرب, بحيث كانوا يتوسعون بدول أكثر ويحققون مكاسب على مستوى الحرب العالمية الثانية.

لكن عندما بدأت ألمانيا تخسر الحرب بدأت باستخدام هذه العملة المزورة, ولكنها لم تنجح لأن بريطانيا كانت قد تقريباً قد كسبت الحرب وتقدمت على ألمانيا.

تم استخدام بعض من هذه العملة المزورة ولكن بريطانيا سحبت العملة وأجرت تغييرات بسيطة على عملتها وسيطرت على الموقف.

لو أنه تم استخدام هذه العملة في الوقت المناسب ولم تتأخر ألمانيا عن تنفيذ فكرتها لكانت المعادلة مغايرة عما عليه اليوم.

في النهاية هذا جزء بسيط من استخدام الاقتصاد في الحروب, والفترة الحالية من الحروب هي فترة حروب اقتصادية من الدرجة الأولى, فإن دول تستعمر دول من خلال الاقتصاد كما تفعل الصين الآن من خلال القروض التي تدفعها للدول الفقيرة وهي على علم أن هذه الدول لا تستطيع رد هذه القروض لها, وبالتالي فإن الصين ستدخل وتسيطر على أهم المرافق الحيوية في هذه الدول يعني استعمار واستعباد من خلال الاقتصاد.

مصطفى الصعيدي / أكبر عملية تزوير للعملات في التاريخ

المصادر:

https://www.nbbmuseum.be/en/2007/11/a-nazi-counterfeit.htm

https://www.spotmydive.com/en/news/operation-bernhard-nazi-counterfeit-bank-note-underwater-treasure-scuba-diving

https://www.pmgnotes.com/news/article/7262/Operation-Bernhard-Counterfeiting-During-World-War-II/

https://en.wikipedia.org/wiki/Operation_Bernhard

http://www.lawrencemalkin.com/kruegers-men-the-story.html

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى