الشيخ محمد الحسن الددو يتحدث عن تقويم الأخلاق وتهذيب النفس وانتقاء الأخلاء الأوفياء:
انظر إلى حق جيرانك عليك وأداء حقوق المسلمين عموماً، وكيف معاملتك لهم وكيف أخلاقك معهم.
هل أنت من الذين يلينون الجانب للمؤمنين؟ رحماء بينهم أو أنت من الذين لا يحسون بهذه الرحمة ولا يجدونها في نفوسهم؟
ومن لا يَرحم لا يُرحم الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
حسن الأخلاق في التعامل مع المستضعفين
انظر إلى أخلاقك بالتعامل مع الضعفاء من المؤمنين والمستضعفين منهم أياً كانوا. هل هي أخلاق حسنة مرضية أو فيها نقص؟
فحاول تلافي النقص قبل فوات الأوان بتشجيع النفس على ما فيها من الكمال الخلقي حتى تثبته، وبمراجعة ذلك تكتشف ما بها من النقص.
كأنما تفحص فحصاً دورياً تاماً، فتكتشف ما لديك من العواري والعيوب والنقص في الأخلاق، فتحاول علاجها قبل فوات الأوان.
الخل الوفي
وحينئذ مما يعينك على هذا الفحص الإخاء الصادق فالأخوة الصادقة مع المؤمنين من أهل النصح والصدق تكتشف بها بعض ما خفي عليك.
كما قال الشاعر:
الخل كالماء يبدي لي ضمائره مع الصفاء ويخفيها مع الكدر
إذا حصل الصفاء فإن أخلاءك سينصحونك ويسددونك ويبلغونك ما لديك من النقص، وما يعرفونه عنك في حال الرضا.
وفي حال الغضب وفي الغنى وفي حال الفقر وغير ذلك من الأحوال التي تنتاب الإنسان، فكل حال يؤدي إلى تغير في خلق الإنسان.
فخلقه في الصبا يختلف عن خلقه في وقت الشباب والقوة، وخلقه في وقت القوة يختلف عن وقت الشيخوخة والكبر.
وقد لاحظ الناس ذلك بفطرتهم حتى قال الشاعر:
فغدوت يغضبني اليسير وملني أهلي وكنت مكرماً لا أقهر
فما كان يعرف من أخلاقه في ما مضى تغير:
فأجبتها عمن يعمر يذكر ما تذكرين وينبو عنه المنظر
ولقد رأيت شبيه ما عيرتني يغدو علي به الزمان وينكر
فغدوت يغضبني اليسير وملني أهلي وكنت مكرماً لا أقهر
التماس الأعذار للناس من الأخلاق الحسنة
وهكذا في كل شيء من أخلاقك، حاول في تقلبات الدهر أن تلتمس الأخطاء وإخوانك يسددونك ويفسدونك.
وليس هذا مختصاً بالأوفياء من الأصدقاء بل ما يقوله الناس عنك، لا بد أن تحاول الإطلاع عليه لأنه إما صدق وإما كذب.
فإن كان كذباً فزيادة في حسناتك أهدوها إليك، وإن كان صدقاً تحاول علاجه قبل فوات الأوان. وقد قال الحكيم في حسن الأخلاق:
عداي لهم فضل عليّ ومنة فلا أعبد الرحمن عني الأعادي
هم بحثوا عن زلتي فالقيتها وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا