مال وأعمال

الاقتصاد الليبرالي المنحاز إلى الهايك


الاقتصاد الليبرالي : في يومنا هذا، نجد الكثير من الانقسامات بين الناس، من إيديولوجيات إلى شركات، إلى أندية رياضية.

هذا مؤيد للطرف الفلاني، والآخر منحاز إلى الجبهة المعاكسة، والعداء والكراهية مترسخة بين المتنافسين وأتباعهم.

ولكن من المثير للاستغراب، أن نجد الاقتصاديين بدورهم ينقسمون إلى جبهتين، طرف موالِ إلى جون كينز، وطرف موالِ إلى فريدريش هايك.

فكلاهما عملاقان في مجال الاقتصاد، حيث كان كينز بطل الساعة في فترة الكساد العظيم، وكان الهايك حينها مهمشاً ولم يهتم أحد به.

إلا أن أفكاره وآراءه لاقت استحساناً كبيراً، في النصف الثاني من القرن العشرين، وحاز على جائزة نوبل في الاقتصاد، فمن هو هايك ولماذا يتوجب علينا معرفة آرائه؟

فريدريش هايك friedrich august von hayek

فريدريش أوغوست فون هايك، النمساوي الأصل، وهو  خبير اقتصادي وعالم نفسي، وباحث اجتماعي، حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد.

وذلك عن نظريتين طرحهما هايك، وهما نظرية المال theory of money، ونظرية التقلب الاقتصادي economic fluctuations، وهو يتبع المدرسة النمساوية في الاقتصاد.

هل فريدريش هايك friedrich hayek ليبرالي liberal؟

يعتبر هايك نفسه ليبرالي غير محافظ، ويشدد على كلمة الليبرالية كثيراً في أطروحاته، لأنه اعتقد أن الحرية الكاملة للفرد هي للسوق.

وفكرة الرأسمالية المتعلقة، بعدم الحاجة لتنظيم السوق، ومنع تدخل الحكومة، كلها تشكل العمود الفقري للرخاء الاقتصادي، والتي لا يجب الانتقاص من قدرها.

عندما تكلم كينز عن ضرورة تدخل الحكومة، في فترة انحسار الاقتصاد، كانت حجة هايك في هذه القضية خلاف ذلك.

وفكرته الأساسية، هي أن الانتعاش الاقتصادي الذي يحصل، هي حالة غير طبيعية، ولا تعبر عن حقيقة السوق.

والتي تعطي معلومات مضللة للمستثمرين، وبالتالي تبادلات تجارية أكثر من طاقة السوق، وهذا بشكل طبيعي يؤدي إلى الركود الاقتصادي، الذي يعصف بالدول وخاصة الرأسمالية بين فترة وأخرى.

بالنسبة له التموجات التي تحصل، من الممكن تخفيف وطأتها من خلال الليبرالية، وهي الحرية التامة للأفراد، فلا انتعاش مزيف، وبالتالي لا انهيار ساحق يدمر البلاد.

هايك ضد كينز في مفهوم الليبرالية

بالنسبة إلى هايك friedrich hayek، فإن فكرة كينز حول تدخل الحكومة، في التشجيع على الإنفاق في فترة الأزمات، ما هي إلا حلول ترقيعية، لمشاكل لا داع لحدوثها من الأساس.

الاختلاف الرئيسي بين الاثنين، هو أن هايك كان مهتماً فيما يتعلق بالعرض، أما كينز كان اعتقاده أن المشكلة تكمن في الطلب.

حتى وصل الأمر لدى هايك، بأن يدعي عدم وجود الحاجة إلى البنوك المركزية، بل السماح للشركات بصك عملتها الخاصة.

وأن تعقد تبادلات تجارية، كانت هذه نظريته حول المال، لأنه كان مؤمناً كثيراً بفكرة اليد الخفية the invisible hand، وقد لاقى الكثير من الانتقادات، حول هذا الرأي.

الغاء دور الحكومة في الكساد الاقتصادي

الحكومة لديها عدة طرق، يعتبرها هايك friedrich hayek أموراً سلبية، ومنها الزيادة في طبع المال، ونشره في السوق ليسبب في التضخم.

وخفض نسبة الفائدة، والتي تشجع على الاقتراض الغير ضروري، والفكرة الأخرى لهايك ومعارضته تدخل الحكومة.

هي في التخطيط، حيث يدعي أنه من المستحيل لأي جهة، مهما كانت مضطلعة، أن تفهم توجهات الأفراد وأن تحيط باحتياجاتهم.

فمثلاً لنفترض أن شخص ما، اعتاد على شراء القهوة مع اللبن من المتجر القريب من منزله، ويشتريها بعشرة دولارات كل أسبوع.

ولكن بسبب الظروف السياسية والاضطرابات في بلده، يؤدي هذا الأمر إلى ارتفاع سعر هذا المنتج، إلى عشرين دولاراً.

وهنا يكون الشخص أمام خيارين، إما أن يتنازل ويشتري قهوة أخرى رديئة النوعية، بسعر أقل للحفاظ على مستواه المعيشي.

أو أن يستمر في شراء قهوته المفضلة، التي أصبحت غالية الثمن، ولكن في المقابل عليه أن يغير أولوياته، بالنسبة إلى المواد الأخرى.

مثل هذه القرارات، والتي تتكرر ملايين المرات لملايين الأشخاص كل يوم، من المستحيل على الحكومة أن تفهم تفاصيلها الدقيقة، لأن الموضوع شائك ومعقد.

ولذلك من الصعب وضع تصور أو دراسة للسوق، في أي مرحلة كانت وكما يقول هايك  friedrich hayek.

لا توجد معلومات أصلاً، لكي تجمعها الحكومة لدراسة اهتمامات وتوجهات الشعب.

أمثلة مؤيدة لادعاءات هايك friedrich hayek

حسب مؤيدي هايك friedrich hayek ، كان انهيار الاتحاد السوفييتي قبل فترة قصيرة من وفاته، هو الدليل الحي على سوء التخطيط، حيث أن الحكومة التي تدخلت في كل صغيرة وكبيرة، كان مآلها إلى الخراب.

أشهر كتاب أصدره هايك friedrich hayek، هو الطريق إلى العبودية the road to serfdom والذي ما يزال يطبع ويدرس إلى الآن.

وهو رسالة تحذيرية للأسواق الحرة، أن النموذج الألماني والروسي الاشتراكيين، سيفشلان لا محالة، لأن التخطيط الحكومي لا يجدي نفعاً.

أما بالنسبة إلى أزمة عام 2008 من الممكن أن تفسر حسب نظرية هايك، إذا عدنا إلى الوراء، حيث أن فقاعة .com والتي حصلت في عام 2000

دفعت نظام الاحتياطي الفدرالي، إلى خفض نسبة الفائدة، للتشجيع على الاستثمار، وهذا هو الذي أدى إلى قروض أكثر من الحالة الطبيعية، في مجال العقارات، والتي أدت إلى انهيار السوق مرة أخرى في عام 2008.

هل هناك توافق بين نظريات هايك وكينز؟

على الرغم من اختلاف الرأي بين كينز وهايك، إلا أنهما من الممكن أن يتفقا في التطبيق، هايك كانت له نظرية شمولية أكثر، في إدارة الاقتصاد، أما كينز فلم تكن حلوله سوى آنية، في ضبط الأزمات فقط.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى