صحة

الاوبئة والامراض | كيف تنتشر في العالم؟ وكيف نهزمها؟ وما دور منظمة الصحة العالمية؟

الاوبئة والامراض | كيف تنتشر في العالم؟ وكيف نهزمها؟ وما دور منظمة الصحة العالمية؟ في الوقت الذي قفزت به البشرية قفزة هائلة على مستوى الرعاية الصحية والتكنولوجيا ما يزال العالم يقف شبه عاجز في مواجهة الاوبئة و السيطرة على انتشارها  بل ان معدل انتشار الاوبئة في الفترة الاخيرة ارتفع بصورة ملحوظة

واصبحنا معتادين على سماع كلمة اوبئة باستمرار والمفارقة هنا ان نفس الاسباب التي ساهمت في تطور المجتمع البشري هي التي تساعد بطريقة غير مباشرة

في الايام الاخيرة من شهر ديسمبر عام 2013 في قرية  ميلايندو الغينية توفي طفل صغير يبلغ من العمر عامين يدعى إيميل وقبل وفاته بأربعة أيام كان طبيعي جدا وصحته جيدة

لكن دفعة واحدة ظهرت عليه اعراض برد وتطورت بشكل سريع وبعدها بعدة ايام توفيت اخته وبعدها بأيام قليلة ماتت امه وبعدها جدته وبعدها أحد الجيران وكل من ماتوا تواصلوا مع إيميل في ايام مرضه الاخيرة

في البداية كان الاطباء غير متأكدين من طبيعة المرض خاصة ان الاعراض كانت مماثلة لعدد من الامراض الشائعة في المنطقة كالملاريا والحمى التيفودية وكان توقعهم الاول انهم ماتوا بمرض الكوليرا

لكن مع مرور الوقت كانت معدلات انتشار المرض ونسب الوفيات اعلى بكثير من المتعارف عليه بين مرضى الكوليرا وهنا بدأ الاطباء يشكون ان الوباء الذين يتعاملون معه اخطر من الكوليرا بكثير

وبعد التواصل مع منظمة اطباء بلا حدود الذين كانوا يتواجدون بالصدفة في غينيا حينها، قامت المنظمة بعمل عدد من الفحوصات الاولية وتواصلوا مع خبراء تفشي الامراض المعدية في سويسرا

واتفقوا ان السبب في الوباء الجاري ليس له علاقة بالكوليرا وان المتهم الاقرب هو فايروس الايبولا لكن العجيب في الامر لم يتم رصده قبل ذلك في غرب افريقيا على الاطلاق

والمرة الوحيدة التي ظهر بها في افريقيا كان في السودان والكونغو عام 1976 أي ان الوباء يبعد عن موقع اخر رصد للفيروس بأكثر من 1600 كيلو متر وبعد اكثر من 35 سنة،

بالتالي فكرة ان يظهر في غينيا في هذا التوقيت كانت غير مقنعة ابدا ومقلقة في ذات الوقت لذا قام فريق من العلماء في منظمة اطباء بلا حدود بجمع عينات اكثر وارسلوها الى باريس كي يجروا عليها فحوصات اكبر،

الاوبئة والامراض | كيف تنتشر في العالم؟ وكيف نهزمها؟ وما دور منظمة الصحة العالمية؟

المرض المتفشي بين الناس لم يكن مجرد ايبولا بل كان احد اخطر انواع الايبولا على الاطلاق وينتقل هذا الفيروس عن طريق ملامسة الدم أو أي سوائل أخرى من جسم المصاب وتظهر أعراضه على مرحلتين،

المرحلة الاولى هي المرحلة الجافة ويظهر معها حمى والتهاب في الحلق وألام في العضلات

والمرحلة الثانية هي المرحلة الرطبة يعاني بها المصاب من قيء واسهال وطفح جلدي واحيانا نزيف خارجي او داخلي،

والنتائج التي تم التوصل لها اعلن عنها في 23 مارس عام 2014 من خلال منظمة الصحة العالمية أي بعد اكثر من 3 أشهر من وفاة الطفل ايميل

وفي الوقت الذي اعلنت فيه منظمة الصحة العالمية عن خوفها وقلقها من المرض وخطورة انتشاره الا ان باقي العالم لم يكن يشغل تفكيره بهذا الذي يحصل في بلد نامية وبعيدة الاف الكيلو مترات،

لكن في هذا الوقت كان العالم بصدد مواجهة اسوء موجه لوباء ايبولا في التاريخ وهنا جاء دور منظمة الصحة العالمية فأرسلت المنظمة فرقة للأراضي الغينية في 23 مارس عام 2014 

وكانت مهمتهم الرئيسية هي العثور على الرابط بين المرضى لبعضهم أي من نقل العدوى لمن كي  يستطيعون عمل خريطة دقيقة للمرضى والمخالطين وبناء على ذلك يعزلوا الحالات المصابة ويمنعوا الفيروس الانتشار بشكل اكبر

وحينها اكتشفوا التالي ان ايميل عندما كان يعاني المرض اخذته امه هو اخته لبيت جدته الواقع بالطرف الثاني من القرية وفي اليوم التالي عندما تعبت جدته سعت للحصول للمساعدة من ممرض تعرفه يعيش في قرية قريبة لقريتها

وفي هذا الوقت عندما ظهر على هذا الممرض اعراض المرض ذهب لاحد اصدقائه الاطباء الذي كان يعيش في بلده بعيده عنه،

لكن المرض اشتد عليه اثناء الرحلة وتوفي وهو في الطريق وبعدها تم ارسال جثته لمدينة ثانية لإجراء مراسم الدفن والعزاء وفي هذا الوقت البلاد لم يكن لديها علم عن طبيعة هذا المرض ولا طرق انتقاله بين الناس

أي لم يكن هنالك أي احد أخذ احتياطاته ولان استجابة منظمة الصحة العالمية كانت بعد 3 اشهر من وفاة ايميل كان من الصعب جدا تتبع كل خيوط التفشي وحصر المصابين والمخالطين

وعندها اصبح التفشي خارج حدود السيطرة وبدأت منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الطبية على مستو العالم ترسل فرق من الاطباء والممرضين المختصين للأراضي الغينية واعداد كبيرة من المستلزمات الطبية والبدلات المعروفة باسم بدلات الايبولا

وقامت وزارة الصحة في غينيا بعمل خط ساخن للمواطنين كي يبلغوا عن أي حالة اشتباه و عند أي بلاغ يذهب طبيب مختص حسب العنوان ولو شك ان المريض لدي ايبولا يتم استدعاء فريق متخصص لنقله لمشفى العزل الموجودة في العاصمة وكوناكي

وبالفعل كان الخط الساخن يتلقى يوميا اكثر من 300 مكالمة وفي اوائل شهر مايو بعد اقل من شهرين فقط من عمل فرق منظمة الصحة العالمية وغيرها شهدت مشفى العزل في العاصمة الغينية اول اسبوع لها دون وصول مرضى جدد مصابين بالفايروس

وبعدها دخلت في الاسبوع الثاني بدون أي مرضى وبعدها الاسبوع الثالث وبما ان فترة حضانة الفيروس تتراوح من يومين ل 21 يوم فكانت النتائج كلها تشير الى ان الوباء انتهى من غينيا

ومن هنا بدأت خطط المنظمات العالمية في الانسحاب من البلاد بعد النجاح في اداء مهمتها لكن اتت الرياح بما لا تشتهي السفن، بحلول يوم 27 مايو بدأ عدد من المصابين بالظهور من كل انحاء البلاد

واتضح ان الوباء لم ينتهي وكل ما في الامر ان عدد كبير من المرضى قد خافوا من الاتصال والبلاغ عن انفسهم معظم الناس عندما رأوا اعضاء اللجان الطبية بملابسهم الغريبة شعروا بالخوف منهم وظنوا انهم هم من ينشرون الفيروس

وبدل من ان يتصلوا بالخط الساخن ويبلغوا عن حالاتهم اعتمدوا على اهل القرى التي يعيشون بها كي يساعدونهم وهذا ادى الى انتشار الفيروس بينهم اكثر من البداية

وبعد ما كان شهر مايو سجل 74 حالة فقط في شهر يونيو سجلت 290 حالة جديدة وفي هذا الوقت قررت الدول المجاورة كليبيريا وسيرايون ان تقفل الحدود

لكن للأسف القرار كان قد جاء متأخر والوباء كان بدء بالتفشي في الدولتين ومع انتشار الوباء في هذه البلدان  بدأت خطوط الطيران المختلفة بتعليق رحلاتها لهذه البلدان أيضا

وهذه العملية صعبت من وصول الامدادات للمنطقة سواء معدات او فرق طبية لكن من بين جميع خطوط الطيران التي قررت وقف الطيران خطوط بروكسل الجوية هي الوحيدة التي قررت واتخذوا كافة الاجراءات الوقائية اللازمة كي يحموا فرق العمل والمسافرين

وهذا القرار كان له دور هام في انقاذ البلاد المصابة وتحجيم الوباء عن الارض كلها وبالرغم من ظهور حالات معدودة في عدد من البلدان معظمهم من اعضاء الفرق الطبية الذين سافروا الا ان الوباء تم احتوائه في غينيا وليبيريا وسيراليون

وبمجرد ما تم احتوائه كانت الخطوة التي عليها الدور هي القضاء عليه تماما اعتمدت المشافي وفرق الاطباء في الدول المصابة على توفير العلاج اللازم للمصابين

وهذا يعني ان المصاب يجب ان يحصل على السوائل اللازمة قبل ما يقضي عليه الجفاف وهي الوسيلة التي ساعدت بالفعل على علاج عدد كبير من المصابين

لكن المشكلة ان البلاد التي انتشر بها الفيروس كانت غير متميزة على مستوى البنية التحتية او اعداد المستشفيات والاطقم الطبية  فعانت البلاد في استيعاب اعداد المرضى وتوفير البنية التحتية اللازمة

لكن على الجانب الاخر منظمات الصحة العالمية في توفير عدد كافي من مراكز الرعاية الصحية في المناطق المصابة ولم يكن هناك مراكز على مستويات عالية فكانت بسيطة للغاية ممكن مجرد خيام

المهم كان تواجدهم على نطاق واسع وتوفير الرعاية الصحية لأكبر عدد من المصابين وعزلهم عن باقي افراد الاسرة ومع جهود المنظمات الصحية والمحلية والدولية وجهود المجتمع نفسه من مواطنين

وسعيهم للحصول على مساعدة طبية من متخصصين والحرص على التخلص من الجثث بطريقة امنه كلها عوامل ساهمت في تحجيم انتشار الفيروس وبعد حوالي سنة من ظهوره اعلنت منظمة الصحة العالمية في 9 مارس عام 2015 بانتهاء وباء الايبولا من ليبيريا

وهذا بعد مرور شهر كامل على رصد اخر حالة مؤكدة اصابتها بالفيروس هناك وبعد فترة اعلنت منظمة الصحة العالمية نفس الاعلان مرة ثانية بخصوص غينيا وسيراليون

الاوبئة والامراض | كيف تنتشر في العالم؟ وكيف نهزمها؟ وما دور منظمة الصحة العالمية؟

ومع حلول 2016 كان وباء الايبولا انتهى من غرب افريقيا بالكامل بعدما اصاب 28 الف وستمئة واثنين وخمسين حالة توفي منها 11325 انسان في اسوء تفشي لفيروس ايبولا على مر التاريخ

لكن للاسف التاريخ يعيد نفسه في 1 اغسطس 2018 اعلنت منظمة الصحة العالمية عن تفشي وباء الايبولا من جديد في الكونغو ووصلت حالات الاصابة 3453 حالة منهم 2264 حالة وفاة،

وحاليا العالم كله يحاول التماسك في مواجهة التفشي الجديد بعدما وصل عدد الحالات المصابة ل683000 حالة في حين اعداد هذا التقرير

وبالنظر لتفشي الامراض سابقا وطرق تحجيمها واحتوائها يجب ان نأخذ بالنا من بعض النقاط:

– يجب ان نجعل معلوماتنا كلها من المصادر الرسمية فقط لا غير كوزارة  الصحة في البلد الذي انت مقيم فيه او الصفحات الرسمية للصحة العالمية وعدم سماع الرسائل الصوتية والفيديوهات العجيبة التي تنتشر في كروبات الوتساب

– عدم الاستهانة بخطورة الفيروس ويجب للجميع اتباع إجراءات السلامة والوقاية التي اعلنت عنها وزارة الصحة المحلية والدولية ونلتزم البيت لو امكن وتجنب المخالطة في حال خروجنا وغسل اليدين بالماء والصابون باستمرار واستخدام وسائل الوقاية وعند العطاس او السعال العطس في باطن الكوع

– عدم الخوف من الحصول على المساعدة الطبية اللازمة عندما نشعر بالأعراض ويجب الخوف من نقل العدوى للعائلة يطغى على الخوف من المستشفيات والجهات المسؤولة

– انتشار الاوبئة بمثابة جرس انذار من اجل دول العالم تضخ الاموال في برامج الرعاية الصحية ومكافحة الفيروسات و تبدأ بصرف القليل على القطاع الصحي ككل ويجب مراعاة الاطباء والممرضين الذين يضعون حياتهم على المحك من اجل حماية العالم

اقرأ أيضاً… التلاعب في حيـاة البشر وحقيقـة الطعـام الجديد لخداع الدماغ .. وثائقي هام

اقرأ أيضاً… ماهي وظائف و تأثيرات الكورتيزول على الجسم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى