العناية بالذاتصحة

التستوستيرون هرمون الرجال


التستوستيرون هو أهم الهرمونات الجنسية الذكرية، يقال إن الرجال الذين يؤثر فيهم هذا الهرمون بشكل كبير يتميزون بالأنانية والاستعداد للمخاطرة.

لكن عدداً من العلماء الأوروبيين يحاولون معرفة إن كان التستوستيرون سيئاً حقاً كما يذاع عنه.

يقول الدكتور ميشائيل تيتمان، المتخصص في علاج الأمراض الخاصة بالرجال وخبير الهرمونات، أن هذا الهرمون مسؤول عن العديد من الخصائص الجسدية الذكرية.

من بينها شكل الشعر على الرأس، كما يحدد طبيعة نمو اللحية والشخصية العامة للرجل، إنه هرمون أعقد بكثير مما قد يظن الناس في الوهلة الأولى.

يتم انتاج معظم الهرمون في الخصيتين فيما تنتج 5% في القشرة الكظرية، مصدر التستوستيرون تحديداً هو خلايا لايديغ.

تسمى الهرمونات المسؤولة عن ظهور الصفات الذكورية في الجسم الأندروجينات، ويعد التستوستيرون أهم هذه الأندروجينات.

ترتفع مستويات هذا الهرمون بشكل كبير خلال فترة البلوغ، وتبقى مرتفعة. إلا أن الباحثين اكتشفوا حدوث زيادة كبيرة لفترة قصيرة  في هذا الهرمون مباشرة بعد الولادة.

من الصعب معرفة السبب في ذلك، لكن يبدو أن هذا جزء من عملية النضج في الدماغ والجهاز التناسلي الذكري.

ماذا إن كان معدل التستوستيرون في الجسم صفراً

يعيش كريستيان ولف في هايبرون، عند بلوغه عامه العشرين اكتشف وجود كمية قليلة من التستوستيرون في جمسه.

قال الأطباء لاحقاً أن خلايا دماغه لم تكن تقوم بإرسال الأوامر المناسبة لانتاج الهرمون، إلا أن سبب المشكلة لم يكن واضحاً.

في بداية الأمر وجد صعوبة في وصف الأعراض، واستغرق الأطباء وقتاً طويلاً لمعرفة التشخيص الصحيح.

كانت عملية تدريجية لم يحصل ذلك مرة واحدة، وكان الشعور سيء، ولم توجد طاقة ولا رغبة جنسية، ولم يلاحظ وجود خطأ إلا بعد بعض الوقت، ثم تم التشخيص بالاكتئاب ثم أدرك وجود خطب ما.

كان ولف يدرس الطب حينها، ويمارس رياضة كمال الأجسام ويراقب مستويات التمثيل الغذائي والهرمون بدقة. ولم يتمكن من معرفة ما يحدث.

كانت لديه علاقة جيدة مع عائلته ولديه صديقة، وكان أداؤه جيداً في المدرسة، ومن ثم بدا أن للأمر علاقة بهرمون التستوستيرون، فقام بإجراء فحوصات وتبين أن مستوى الهرمون يقارب الصفر.

ما هو مقدار التستوستيرون الذي يحتاجه الرجال

في المعدل يمتلك الرجال على الأقل 8 إلى 12 نانومول لكل لتر من تستوستيرون وأقل من ذلك يعد نقصاً في الهرمون لكن الكمية تعتمد على العامل الوراثي أيضاً.

تتراوح المستويات للتستوستيرون لدى النساء ما بين 5 إلى 10 بالمئة من كميته لدى الرجال، وهن يستفدن منه لتصنيع الأستروجين الهرمون الأنثوي الجنسي الأساسي.

يتم تصنيع الهرمون من خلال أنزيم أرماتازا ويوجد في خلايا العديد من أعضاء الجسم بما فيه الدماغ والمبايض والخصيتان.

بما أن مستوى التستوستيرون لدى كريستيان كان منخفضاً، اختار طريقة علاج خطيرة حيث كان عليه تلقي علاج تعويض الهرمون.

من التأثيرات الجانبية المصاحبة لعلاج تعويض الهرمون، أن هذه الطريقة تثبط انتاج الحيوانات المنوية مما يؤدي إلى العقم.

كيفية انتاج الهرمون في الجسم

يتم انتاج التستو ستيرون في الخصيتين، إلا أن هذه العملية تبدأ في الدماغ، وتحديداً في الغدة النخامية حيث تعمل على ربط الجهاز العصبي بالغدد الصماء من خلال الغدة النخامية.

تقسم الغدة النخامية إلى قسمين، والجزء الأمامي مسؤول عن انتاج هرمونين رئيسيين هما LH و FSH .

هرمون LH مسؤول عن تحفيز انتاج التستوستيرون في الخصيتين، فيما يساهم هرمون FSH في انتاج الحيوانات المنوية.

يرسل كل منهما معلومات إلى الدماغ، إذا كان الجسم ينتج ما يكفي من الهرمون والحيوانات المنوية حينها يمكن للدماغ تعديل كمية كل مادة حسب الحاجة.

أثر العلاج بالتعويض

يؤدي العلاج بالتعويض إلى تثبيط إنتاج الهرمونات في الغدة النخامية المسؤولة عن إنتاج الحيوانات المنوية الأمر يشبه حبوب منع الحمل.

لكن إن عانى رجل من نقص التستوستيرون ويرغب في الإنجاب فعليه اتباع طريقة أخرى للعلاج.

هل ارتفاع كمية الهرمون تجعل الرجل عدائياً أكثر من المعتاد

يعمل جان كلود دريير كمدير أبحاث في المركز الفرنسي لعلم الأعصاب الإدراكي في مدينة ليون.

يدرس دريير تأثير التستوستيرون على السلوك البشري، ووجد بعض الأدلة أنه يسبب السلوك العدائي لدى الرجال.

أثر هذا الهرمون على سلوك الانسان ليس واضحاً، إلا أن هناك بعض الأدلة غير المباشرة على وجود آثار.

فمثلاً وجدت مستويات مرتفعة من التستوستيرون لدى بعض السجناء مرتكبي الجرائم الخطرة.

وأجريت دراسة أظهرت أن المرضى الذين حقنوا بالتستوستيرون يمكن أن يصبحوا أكثر عدائية، ويمكنه أيضاً تحسين السلوك الاجتماعي.

حتى الآن ليس هناك أدلة قاطعة تربط بين المستوى المرتفع للتستوستيرون وبين السلوك العدواني، حيث أجرى دريير تجربة في محاولة لإثبات تلك الادعاءات.

المرحلة الأولى من التجربة: الحقن

كانت المهمة الأولى تقضي بقياس مستوى التستوستيرون في دم المشاركين، وهو هرمون يذوب في الدهن، لذا فإنه يمكنه عبور الحائل الدموي الدماغي والارتباط بمستقبلات الهرمونات.

ويمكن بالتالي قياسه في عدد من سوائل الجسم المختلفة كاللعاب والبول والدم.

قبل بدء التجربة، تم حقن مجموعة من المشاركين بالتستوستيرون، في حين أعطيت المجموعة الأخرى عقاراً وهمياً.

حاولوا تحديد ما إذا كانت الزيادة في كمية الهرمون ستساهم في تغيير السلوك، ويظهر الرسم البياني أن كلتا المجموعتين بدأتا التجربة بمستويات متقاربة من التستوستيرون.

ثم أعطيت مجموعة منها حقن تستوستيرون وسجلوا الزيادة في مستوى الهرمون.

المرحلة الثانية من التجربة: الاختبار

والآن سيشارك الأشخاص الخاضعون للاختبار بلعبة  ألتيماتوم، صممت لاختبار ما إذا كان الشخص كريماً أم أنانياً. حيث يعطى اللاعبين مبلغاً من المال ويطلب منه تقاسم جزء معه مع لاعب آخر.

إذا قبل اللاعب الثاني العرض، تتم الصفقة كما هو مخطط .أما إذا رفض فلن يحصل أي من اللاعبين على أي نقود.

في هذه المرحلة لم نلاحظ أي اختلاف بين اللاعب الذي حقن بالتستوستيرون وبين اللاعب الآخر.

المرحلة الثالثة من التجربة: المكافأة

والآن ستتغير قوانين اللعبة بعض الشيء سيتمكن اللاعبون من استخدام المال لمكافأة التصرف العادل أو معاقبة التصرف غير العادل.

وهنا لاحظ دريير وزملاؤه اختلافاً بين اللاعب الذي حصل على جرعة إضافية من التستوستيرون واللاعب الذي حصل على علاج وهمي.

إنه اختلاف طفيف ولم نتأكد من وجوده إلا في المرحلة الثانية، من التجربة.

قام اللاعب الذي حصل على الهرمون بفرض عقوبات أقسى مقارنة بمن تلقى علاجاً وهمياً. عندما اعتقد أنه لم يعطى مبلغاً كافياً من المال.

لكنه في الوقت ذاته تصرف بإيجابية أكبر عندما أعطي مالاً أكثر مما توقع. لاحظنا فرقاً كبيراً في السلوك بين اللاعبين.

هل يمكن أن يجعل التستوستيرون الرجال أكثر كرماً؟

فوجئ الباحثون بالنتائج التي وجدوها، لكن الأمور أكثر تعقيداً من ذلك، إذ يقول دريير أن هناك دافعاً من العقل الباطن في هذه الحالة.

تبين لنا هذه الظاهرة بوضوح أنه يمكنك تحسين وضعك الاجتماعي إذا تعاونت مع الناس أو شاركت في أنواع أخرى من السلوك الاجتماعي الإيجابي.

إذن، فالتستوستيرون لا يسبب فقط زيادة في عدائية الرجال بل أيضاً يجعلهم أكثر كرماً.

يبحث دريير عن المزيد من الأدلة على نظريته حول تأثير ه لذا ذا الهرمون فهو يقوم بدراسة نشاط الدماغ.

يمكن للسلوك المعتمد على التستوستيرون أن يحسن من الوضع الاجتماعي للرجل، وهذه العملية مرتبطة بآليات مختلفة في الدماغ، وتحديداً مجموعة من التركيبات العصبية التي تعرف بنظام المكافأة.

ما صلة الهرمون بالسلوك الاجتماعي الإيجابي

عندما يحسن الأشخاص مركزهم الاجتماعي فإنهم يُكافؤون بالشعور بالسعادة، خاصة إذا كان هناك من يراقبهم.

هناك دائماً دافع وراء الكرم، إذا رآك شخص ما وأنت تتصرف بكرم فهو سيقدرك على الأرجح، على سبيل المثال يكون الرجال أكثر كرماً في الغالب عندما يعلمون أن هناك امراة تراهم.

وهذا يشير إلى صلة أخرى بين التستوستيرون والتصرف بكرم.

إذن فالتستوستيرون قد يكون مسؤولاً عن سلوكيات إيجابية، وأخرى سلبية. في كلتا الحالتين فإن السلوك على ما يبدو يهدف إلى الحفاظ على الوضع الإجتماعي للشخص أو تحسينه.

كيفية تأثير الهرمونات على السلوك الإنساني

يعمل الأخصائي النفسي برانجال ميهتا كأستاذ في كلية لندن الجامعية، يركز بحثه على كيفية تأثير الهرمونات على السلوك الإنساني.

من خلال البيانات لم يتم تأكيد الدليل على تلك الأسطورة القائلة بأن التستوستيرون مرتبط بشكل مباشر بسمات ذكورية مثل العدائية.

هناك الكثير من النتائج التي تبين أن التستوستيرون إما غير مرتبط أو مرتبط بشكل ضعيف بالسلوك العدائي لدى الإنسان بشكل عام والذكور بشكل خاص.

لذا فالباحثون ما زالوا يحاولون كشف تلك التأثيرات لفهم الحالات التي يكون فيها هذا الهرمون مرتبطاً بسلوكيات أخرى، مثل المساعدة وغيرها من السلوكيات الاجتماعية الإيجابية.

لعبة الثقة

قام ميهتا بإجراء تجربة تضم لعبة ألتيماتوم تشبه التي رأيناها سابقاً. إنها في الواقع طريقة لرؤية نوعين من السلوك أحدها هو الثقة، إلى أي حد يثق اللاعب الأول؟ ومبادلة الثقة.

فإذا كان أحد اللاعبين مفرطاً بالثقة، فهل يبادله اللاعب الثاني الثقة بالمثل؟

وكما حدث في التجربة التي أجراها جان كلود دريير تم حقن أحد اللاعبين بجرعة إضافية من التستوستيرون بينما أعطي الآخر علاجاً وهمياً. وستقيس التجربة مستوى الثقة بين اللاعبين.

يمكن للاعب الذي يمتلك مستويات أعلى من الهرمون استخدام ماله ليضمن ربح اللاعب الآخر أيضاً.

لكن هل سيقوم اللاعب الثاني برد بعض من أرباحه كبادرة امتنان؟ أم سيحتفظ بكامل النقود لنفسه؟ وجدنا نتيجتين مثيرتين للاهتمام.

المعاملة بالمثل

الأولى متوافقة مع الاعتقاد السائد، فالتستوستيرون يقلل الثقة لدى اللاعب الأول.

وهذا ينسجم مع الانطباع السائد عن ارتباط هذا الهرمون بالتنافسية والشعور بالتهديد، وربما يحفز السلوك الاجتماعي الأناني. لذا أراد اللاعب الاحتفاظ بالمال لنفسه. ثم قام اللاعبان بتبديل أدوارهما.

في كلا الاختبارين قام اللاعب الذي يمتلك مستوى أعلى من الهرمون بمشاركة أرباحه مع اللاعب الآخر وهذا مثال على سلوك اجتماعي إيجابي.

نحن نعلم أن المعاملة بالمثل في المواقف التشاركية ستحسن وضعك ووجدنا أن التستوستيرون يعزز المعاملة بالمثل.

نعتقد أنه يمكنك أن تحسن وضعك في بيئة تشاركية من خلال السلوكيات المحترمة والايجابية، وفي هذه المواقف نعتقد أن التستوستيرون سيحسن السلوك الاجتماعي.

ممارسة السلطة

لكن هناك دئماً دافع وراء هذا السلوك، حيث يمكنك أن تتخيل أننا نفكر في القادة والأشخاص في مواقع القوة.

فهم يمتلكون الخبرة والمعرفة التي سينقلونها إلى مرؤوسيهم، وهذا جزء من القيادة الجيدة، وجزء من تعريف السلطة حيث تساعد البعض على التأثير على غيرهم.

لذا يمكنك اعتبار ذلك سلوكاً اجتماعياً إيجابياً، لكنه وفقاً لتعريفات أخرى يعد ممارسة للسلطة.

لكن مفاهيم الرجولة والوضع الاجتماعي والسلطة ينظر لها بطريقة مختلفة في الثقافات المتعددة حول العالم، فهل يمكن أن تختلف نتائج الاختبار بين بلد وآخر؟

هناك مختبرات مختلفة حول العالم يتوقع أن يؤدي ذلك إلى اختلاف النتائج، لكن تأثيرات التستوستيرون على جسم الإنسان هي ذاتها بغض النظر عن الثقافة والموقع الجغرافي.

عندما عرف كريستيان ولف أن عقيم بدأ بالبحث عن علاج. وبدأ بالاطلاع على المزيد من المعلومات بهذا الشأن

هل هناك علاج للعقم الناتج عن قصور هرمون التستوستيرون؟

يعطي الدكتور تيتمان بعض الأمل، حيث يقول من الأشياء التي يمكننا أن نفعلها للرجال الذين يعانون من هذه المشكلة، هي إعطاؤهم حقن هرمون الجونادوتروبين.

هذه الطريقة في العلاج مستخدمة منذ سنوات وعقود، ومن بين الغونادوتروبين هرمون LH المسؤول عن انتاج التستو ستيرون في الخصيتين، وهرمون FSH الذي يساهم في إنتاج الحيوانات المنوية.

نجح العلاج بالنسبة لكريستيان ولف، فتمكن جسمه من إنتاج التستوستيرون والحيوانات المنوية الخصبة لفترة قصيرة من الوقت، وقام بتجميد تلك الحيوانات لاستخدامها لاحقاً.

تأثير التستو ستيرون على نمو العظام

أوليفر شولتهايز أستاذ علم النفس في جامعة فريدريش الكسنادر في إيرلانغن يركز في أبحاثه عن تأثير التستو ستيرون على الجسم وخاصة نمو العظام.

يساهم الهرمون بشكل كبير في قوة العظام وكثقافتها منذ قبل الولادة وحتى البلوغ

فمثلاً يسبب التستو ستيرون خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل نمو اصبعي البنصر لدى الجنين ليكون أطول من إصبع السبابة.

لاحظ شولتهايز أنه بشكل عام يكون إصبع السبابة لدى النساء أطول من البنصر لديهن فيما يكون الوضع معاكساً لدى الرجال.

لهرمون التستو ستيرون تأثير على نمو العظام حتى في المراحل الأولى في الحمل ومسؤول عن التطور المبكر لدافع السلطة.

دافع السلطة

يجري شولتهايز تجربة يقوم المشاركون فيها بكتابة قصة خيالية قد يساعده ذلك في تحديد ما إذا لديهم دافع السلطة.

دافع السلطة هو خاصية بشرية شائعة تتضمن قيام شخص بمجهود ليكون له تأثير على سلوك الآخرين. لا يظهر هذا الدافع بالضرورة من خلال السلوكيات الواعية أو الانتقادات الذاتية .

يشير بحثنا إلى أن الإدراك الذاتي علاقته ضعيفة بما يحركنا أو ما يؤثر على سلوكنا العفوي.

جزء من التجربة يتضمن سلسلة من عشرة اختبارات تهدف إلى اكتشاف كيفية استجابة المشتركين للانتصار أو الهزيمة.

يمكن التلاعب بنتائج الاختبار، يمكن لمشارك واحد الفوز بما يصل إلى 8 من 10 جولات.

يريد الباحثون معرفة ما إذا كانت هناك أي تغيرات تحدث في الهرمون لدى المشاركين في الاختبار. ووجدوا أن دافع السلطة يلعب دوراً في استجابتهم للربح أو الخسارة.

وكان للفائزين مستويات أعلى من التستو ستيرون مقارنة باللاعبين الخاسرين. وإذا كان أحد المشركين غير متأثر بدافع السلطة وفاز رغم ذلك، فإن ذلك لا يؤثر على كمية الهرمون في جسمه.

ولا يمكننا القول أن الفوز والخسارة مسؤولان وحدهما عن تغير مستوى التستوستيرون، ويجب الأخذ بالاعتبار عوامل أخرى مثل شخصية وحوافز الفرد.

لكن الحوافز يشكلها التستوستيرون خلال فترة تطور دماغ الجنين. فهل يعود الأمر كله لتأثير التستوستيرون في تحديد طول الإصبع مثلاً؟ أو في دافع السلطة لديه؟

أين دراسة الهرمونات الأنثوية

تمتلك النساء 10% فقط من كمية التستوستيرون الموجودة لدى الرجال، هل هذا يعني أن دافع السلطة لديهن أقل؟

هناك دلائل تشير لوجود صلة بين طول أصابع المرأة دافع السلطة إنه أمر معقد يتطلب المزيد من البحث

اكتشف العلماء خلال السنوات الأخيرة المزيد عن الهرمونات الجنسية الأنثوية إلا أن العلاقة بين النساء والسلطة لم تتم دراستها بعد بشكل موسع.

ركزت الأبحاث على الجهاز التناسلي الذكري خلال السنوات المئة الماضية، وأهملت بشكل واضح دراسة الهرمونات الجنسية  الأنثوية بسبب التفوق والقيادة.

وأدى ذلك إلى فجوة كبيرة في الدراسات حتى اليوم.

تأثير جنس الإنسان على سلوكه ودماغه

في جامعة كامبريدج تكلمنا مع الدكتور سايمون بارون كوهين الذي يركز في أبحاثه على كيفية تأثير جنس الإنسان على سلوكه ودماغه، ويقوم بدراسة الفروقات في العقل بين الذكور والإناث بشكل عام.

من بين الاختبارات التي استخدمها إختبار يطلب العثور على شكل مخفي ضمن تصميم بأسرع ما يمكن، ووجدوا أن الرجال أسرع بالعثور على الشكل المخفي في التصميم الكلي.

دراسة سلوكية

وأجروا دراسات سلوكية على الأطفال والمراهقين، حيث فحصوا مستويات الهرمونات في عدد كبير من عينات السائل الأمنيوسي.

وقاسوا مستوى التستوستيرون خلال فترة الحمل، حيث سمحت بعض النساء بإدخال إبرة وسحب جزء من السائل الأمنيوسي ومكنهم ذلك من دراسة التستو ستيرون فيه.

يختلف الأطفال من ناحية كمية الهرمون الموجودة حيث تكون كميته لدى الأجنة الذكور أكثر من الإناث.

خلال المراحل المبكرة من تطور الجنين لا تظهر الأعضاء التناسلية أي علامات تحدد الجنس، لكن بعد الأسبوع السابع يقوم جين على الكروموسوم Y ببدء عملية تؤدي إلى إنتاج التستوستيرون.

وما يعتقد أنه يسبب ظهور الخصائص الذكرية في أجزاء متعددة من جسم الجنين بما في ذلك الدماغ.

يفترض بالهرمونات أن تؤثر في تطور الدماغ بشكل مختلف لدى الذكور والإناث لأن كل منهما يتعرض لكمية مختلفة من الهرمون.

بعد ولادة الأطفال

قام بارون كوهين بدراسة وتحليل ردود أفعالهم تجاه مجموعة من الصور، ووجدوا أنه كلما كان مستوى التستوستيرون قبل الولادة أعلى كان التواصل البصري للطفل في السنة الأولى أقل.

وتلك مفاجأة لهم، لأنهم ظنوا أن التواصل البصري يتأثر بالعوامل الاجتماعية، لكن يبدو أنه يتأثر أيضاً بمستوى التستو ستيرون قبل الولادة.

في عمر الثانية

تم إختبار الأطفال مرة أخرى في عمر الثانية، وأظهرت النتائج أن الفتيات أبدين تواصلاً بصرياً أكثر من الأولاد كما كانت لديهم مهارات لغوية أفضل.

تتحدث الفتيات في عمر أبكر ومهاراتهم اللغوية تتطور بشكل أسرع، لكن العلماء لم يعرفوا السبب في ذلك.

ويمكن إرجاع السبب لمستوى التستوستيرون قبل الولادة، لأنه وجد أن الأطفال الذين كان لديهم مستوى أعلى من الهرمون قبل الولادة كانت لديهم حصيلة لغوية أقل.

في عمر الثامنة

بعد سنوات أجرى بارون كوهين المزيد من الاختبارات على الأطفال، وعرض عليهم صوراً لتعبيرات وجه مختلفة وطلب منهم وصف المشاعر التي تمثلها الصور.

ووجد أن الأطفال ذوي المعدلات المرتفعة من التستوستيرون قبل الولادة، كانت لديهم صعوبة في إختبار التعاطف.

هذا وكانت تلك مفاجأة أخرى لأنه حتى بعد مرور ثمانية سنوات على فحص التستوستيرون لأول مرة، فلا يزال هناك أثر له يمكن ملاحظته.

بخلاصة كان أداء الفتيات أفضل في الاختبارات التي تتضمن مهارات لفظية واجتماعية لكن الأولاد كانوا أفضل في المهارات التحليلية.

ويبدو أن الهرمون يساهم في التطور الاجتماعي وفي المهارات غير الاجتماعية مثل التعرف على الأنماط وفصل الأشياء لرؤية الجزء من الكل.

مثل مكعب روبيك حيث يجب أن تعرف النمط بشكل سريع جداً. أظهرت الاختبارات أيضاً أن الأولاد أفضل في فهم المفاهيم المجردة.

واستخدم بارون كوهين هذه الدراسات وغيرها لدعم نظريته حول وجود صلة محتملة بين التستوستيرون والتوحد، فالتوحد أكثر شيوعاً بين الأولاد ويجب معرفة السبب.

هل كون الطفل صبياً يعني زيادة احتمال إصابته بالتوحد

والإجابة التي حصلنا عليها أن معدل التستو ستيرون قبل الوردة هو أحد العوامل المؤثرة.

لا تزال الأبحاث في هذا المجال في بداياتها، والخبراء ما زالوا يحاولون معرفة دور التستو ستيرون قبل الولادة في تحديد التمايز الجنسي في الدماغ.

ففي المراحل الأولى من تطور الجنين لا تظهر في الدماغ أي علامات على تمييز الجنس، لكن في مرحلة لاحقة تلعب الهرمونات دوراً في تحديد جنس الجنين.

ولاحقاً خلال الطفولة المبكرة يساهم عدد من العوامل الخارجية في تحديد النمو الاجتماعي والعاطفي للطفل.

تأثير الهرمونات والتأثيرات الاجتماعية على تطور السلوك

قام الباحثون بدراسة الاتجاهين، كيف تؤثر الهرمونات على السلوك المرتبط بالسيطرة والوضع الاجتماعي، وكيف يمكن أن تؤثر مكانة الشخص الاجتماعية وبيئته بالمقابل على تقلبات الهرمون.

هل يعتبر الأشخاص أنفسهم مسيطرين أم متلقين

وجد أن التستو ستيرون ليس له تأثير مباشر على صنع القرار، ولكنه اعتمد على كيفية تقييمهم لأنفسهم. فإن كانوا يملكون سيطرة قوية أم منخفضة يفترض أن الهرمونات تؤثر على السلوك مثل السلوك التنافسي.

لكن المثير للاهتمام ويتعارض مع اسطورة تأثير الهرمون أن ذلك يعتمد على شخصية الفرد ونظرته لنفسه

يؤثر التستو ستيرون على شخصياتنا، وبالمقابل تؤثر شخصياتنا على مستوى التستوستيرون لدينا.

يقال أن المستويات المرتفعة من التستو ستيرون تجعل الرجال أقوياء ومسيطرون، والمجتمع ينظر لهم نظرة احترام أو ازدراء.

يغذي هذا الهرمون روح التنافس لدى الرجال، وربما ليس بالصدفة أن هذا الهرمون اكتشف في نهايات الثورة الصناعية.

تجربة دكتور شارل براونتيكار

في تجربة جريئة قام الطبيب شارل إدوارد براونتيكار عام 1889 بحقن نفسه بانتظام بمادة استخلصها من خصية حيوان. وبعدها قال بأن ذلك حسن من قدرته الجنسية وصحته الجسدية.

لطالما ارتبط هرمون التستو ستيرون بالرجولة والقوة والحيوية، في غضون ذلك أصبح العلاج بالتستوستيرون شائعاً لكبار السن من الرجال.

حيث يتم الترويج لذلك في بعض الإعلانات على أنه العلاج المعجزة، كما ادعى براونتيكار قبل قرن من الزمن.

يجني الصيادلة والأطباء وشركات الأدوية مبالغ طائلة من بيع مستحضرات التستوستيرون، وارتفعت المبيعات بشكل حاد منذ عام 2007.

تأثير نقص الهرمون لدى كبار السن

قام الدكتور ميشائيل تيتمان بمعالجة عدد من كبار السن الذين ظهرت عليهم أعراض الإجهاد حيث شعروا بالقلق إزاء احتمال إصابتهم بنقص التستوستيرون.

في حالات كهذه يقوم تيتمان بعدة فحوصات منها تعداد الحيوانات المنوية وكثافة العظام، وفي معظم الحالات لم يتمكن من ربط الأعراض بنقص مستوى التستوستيرون.

إذا استبعدنا الأمراض، فإن هناك أسباباً عديدة تؤدي لانخفاض مستوى التستوستيرون، وفي غالبية الحالات ينتج المرضى كمية أقل من التستوستيرون نتيجة وزنهم الزائد.

تأثير السمنة في انخفاض مستوى الهرمونات

والسمنة مشكلة يعاني منها الكثير من الرجال كبار وشباب، حيث يمتلك الرجال زائدي الوزن الكثير من الدهون الحشوية.

وهذه الدهون تطلق الكثير من المواد الضارة، يمكن أن تسبب الإصابة بمقاومة الإنسولين وارتفاع ضغط الدم وانخفاض مستوى التستوستيرون.

توجد طبقة من الدهون مباشرة تحت الجلد، أما الطبقة الثانية وهي الدهون الحشوية فتخزن في التجويف البطني بقرب عدد من الأعضاء الحيوية.

ويمكن أن يؤدي وجود كمية كبيرة من الدهون الحشوية إلى وقف إنتاج التستوستيرون، مما يحفز تخزين المزيد من الدهون في البطن، وهذا يسبب بروز البطن الذي يعد شائعاً عند الرجال في منتصف العمر.

تعاطي الهرمونات الصناعية

يرتبط التستو ستيرون غالباً بفضائح تعاطي العقاقير في مجال الرياضة التنافسية.

وميشائيل كليبر يعمل لدى الاتحاد الألماني للرياضات الأولمبية ويكافح منذ فترة طويلة ضد استخدام التستوستيرون كمنشط في الرياضة

حيث يؤدي التستو ستيرون دوراً أساسياً في تنظيم الكتلة العضلية وطريقة استجابة الجسم للتمارين الرياضية.

عند القيام بنشاط جسدي لفترة طويلة، تعاني العضلات صدمة بسيطة لذا فإنه بعد ذلك يبدأ الجسم بإصلاح النسيج العضلي التالف وزيادة قوته وحجمه.

حتى وقت قريب كان الرياضيون المحترفون فقط هم من يتعاطون العقاقير المحسنة للأداء، لكن الآن حتى الهواة يتعاطونها.

ويعد استخدام مشتقات التستوستيرون، والمعروفة باسم الستيروئيدات البنائية والتي تباع في الصالات الرياضية التجارية مشكلة كبيرة في الوقت الحالي.

ويعتقد أن 13 إلى 16% من إجمالي الزبائن قد استخدموا العقاقير وخاصة المنشطات، وهي أكثر انتشاراً بين الهواة من المحترفين.

كمية الهرمون اليومية في الجسم

ينتج الذكور الأصحاء 4 إلى 8 مليغرام من التستو ستيرون يومياً، لكن هذه الكمية قليلة بالنسبة للذين يحاولون زيادة كتلتهم العضلية وتحسين أدائهم.

حاول كريستيان ولف استخدام مكملات التستوستيرون لمواجهة نقص الهرمون لديه، فالمكملات تأتي على شكل كبسولات جربها رغم معرفته أنها لا تفيده.

تقوم الشركات المصنعة لهذه المواد باستغلال العواطف، وهذا يجعل الناس يشترونها ولا يستفيدون منها أبداً.

إن النسخة الصناعية من التستو ستيرون وحدها تعطي النتائج التي يريدها الرياضيون وينتشر استخدام الستيروئيدات بين رياضيي كمال الأجسام بشكل واسع.

الآثار الجانبية لاستخدام الستيروئيدات

يمكن أن يسبب سوء استخدام الستيرويدات البنائية عدداً من الآثار الجانبية الخطيرة من بينها ارتفاع ضغط الدم والجلطات والنوبات القلبية وتلف الكبد.

كما قد تؤدي الزيادة المفرطة في التستو ستيرون إلى انخفاض إنتاج الحيوانات المنوية، لأن الدماغ حينها يجد أن الجسم يمتلك كمية كافية من الهرمون فيتوقف عن التزويد.

هل يوجد مواد عدا التستوستيرون تؤثر على سلوك الإنسان؟

الكورتيزول وهو هرمون يتم إطلاقه عادة استجابة للتوتر وانخفاض سكر الدم.

هناك بعض الأدلة على أن مستوى الكورتيزول قد يؤثر على العلاقة بين التستوستيرون والسلوك، فالهرمونات لا تؤثر على سلوك الإنسان بشكل مباشر، لكن هناك آلية يمكنها فعل ذلك من خلالها.

فهي ترتبط بمستقبل خاص بالهرمون وفي حالة التستوستيرون المستقبل هو الأندروجين.

كيف تحصل عملية الارتباط بين التستو ستيرون والأندروجين

تحصل عملية الارتباط في جميع أنحاء الجسم. وفي المواقف المثيرة للتوتر فإن الكورتيزول إذا ارتفع مستواه يعطل مستقبلات التستو ستيرون ويعطل العلاقة بين الهرمون والمستقبل.

تجربة لعب الأدوار

يهدف تمرين لعب الأدوار لاختبار تأثير الكورتيزول على التستوستيرون، حيث يقوم أحد المشاركين بإعطاء سلسلة من الأوامر للآخر فإن شعر المشارك الذي ينفذ الأوامر بالتوتر فإن سلوكه يتغير.

وجد العلماء أنه عندما يكون مستوى الكورتيزول منخفضاً، يكون التأثير موجوداً. أي أن ارتفاع التستوستيرون مرتبط بازدياد السيطرة.

لكن عندما يرتفع الكورتيزول فإنه يلغي هذا التأثير، فلا يعود ارتفاع التستو ستيرون مرتبطاً بازدياد السيطرة.

هذا يعني أن أثر التستو ستيرون على السلوك المسيطر على الأشخاص في موقع القيادة يعتمد على مستوى التوتر لدى الشخص.

هل يمكن أن يكون التستوستيرون واحد من عدة مواد تؤثر على سلوك الإنسان؟

يجب إجراء المزيد من الأبحاث في هذا الموضوع، وقد توصل الخبراء إلى مجموعة من النتائج المختلفة.

علم الأحياء لا يعني البساطة بل إدراك وتقدير حقيقة كوننا بشر، وأننا عبارة عن أنظمة ديناميكية وأننا نتكيف مع بيئات مختلفة.

وهذه الهرمونات جمالها يكمن في قدرتها على الإستجابة للبيئة، تؤثر هرموناتك على سلوكك لكن البيئة تؤثر على إنتاج الهرمونات لديك.

بشكل عام يمثل التستو ستيرون واحداً من الموضوعين المجتمعين الرئيسين في وقتنا الحاضر التنافس والنجاح.

تقول عبارة:  أن الرجال الذين لديهم كمية قليلة من الهرمون فاشلون، بينما من يملكون الكثير منه ناجحون.

ولكن هذا يعتمد على ما يراه المجتمع، صفات مرغوبة في الرجال، وهذه مفاهيم قابلة للتغير وفقاً للثقافة والزمن.

التستوستيرون هو المادة التي يصنع منها الرجال

الكمية ليست مهمة جداً لكن الرجل يحتاج على الأقل إلى حد أدنى منه.

شعر كريستيان لوف بالتحسن بعد أن حظي بعلاج تعويض الهرمون، فقد اختفى الاكتئاب والكسل في غضون أسبوعين واستمرت الأمور بالتحسن ولم يعد مشوشاً وحزيناً.

ليست هناك صلة واضحة بين التستوستيرون والعدائية، والباحثون يرون أن النظرة إلى السلوك المرتبط بالتستوستيرون تعتمد على الثقافة والبيئة الاجتماعية.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى