إسلامالآدابالحياة والمجتمع

الحذر من الخيانة والغدر

الخيانة جريمةٌ كبيرة، وعقوبتها شديدة، وكُلُّ مَنْ أُسْنِدَ إليه أمرٌ من أمور المسلمين، ولم يقم به، ولم يُؤدِّه على الوجه المطلوب -مع قُدرتِه- فهو خائنٌ غادر.

وهنا قول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ“(رواه مسلم).

تعريف الخيانة في الإسلام

الخيانة تكون في أمانات الناس، وما افترضه اللهُ -تعالى- على عباده وائتمنهم عليه، وما أمَرَ به رسولُه -صلى الله عليه وسلم- من واجبات، فمَنْ ضَيَّعَ شيئاً مما أمَرَ اللهُ تعالى به، ورسولُه -صلى الله عليه وسلم-.

أو ارتكب شيئاً مما نهى الله سبحانه عنه، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فلا يكون عَدْلاً؛ وقد لَزِمَه اسم الخيانة، وهو اللائق به (شرح السنة للبغوي: 10/127).

وأمر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بأداء الأمانة، وحذَّر من الخيانة بقوله:

أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ“(رواه أبو داود والترمذي).

فلا تُقابَل خيانةُ مَنْ خانَ بخيانةٍ مِثْلِها، فالخيانة لا تُباح فيها العقوبةُ بالمِثل.

والمؤمن مَفطورٌ على الأمانة وسلامةِ الخُلُق؛ إذْ لا تجتمع فيه صِفَتا الخيانةِ والأمانةِ جميعاً؛ لقول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-:

لاَ يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ، وَلاَ يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا، وَلاَ تَجْتَمِعُ الْخِيَانَةُ وَالأَمَانَةُ جَمِيعًا

(رواه أحمد في “المسند”).

آثار الخيانة على المجتمع

 إنَّ الخيانة سبيلُ كلِّ شرٍّ، وداءٌ وبِيلٌ إذا استشرتْ كان ذلك سبباً في انحلال أمْرِ المسلمين لقول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في شأن رفع الأمانة والإيمان، ونزعهما من قلوب الرجال، وانهيار فضيلة الأمانة في آخر الزمان:

فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ. وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ

(رواه البخاري ومسلم).

والخائن تُردُّ شهادتُه ولا تُقبل تعزيراً له، وتنفيراً للناس من هذا الخُلُق البغيض؛ لحديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-؛ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: “رَدَّ شَهَادَةَ الْخَائِنِ وَالْخَائِنَةِ“(رواه أبو داود).

وقال النبيُّ  صلى الله عليه وسلم-:

لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلاَ خَائِنَةٍ“(رواه أبو داود وابن ماجه).

وهذه العقوبة في الدنيا، لا تَرفَعُ عقوبةَ الخائنِ عند الله تعالى في الآخرة.

وحذَّر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- من الخيانة، وتوعَّد صاحِبَها بالنار؛ كما في قوله:

أَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ -وذَكَرَ منهم-: الْخَائِنُ الَّذِي لاَ يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ – وَإِنْ دَقَّ – إِلاَّ خَانَهُ، وَرَجُلٌ لاَ يُصْبِحُ وَلاَ يُمْسِي إِلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ“(رواه مسلم).

صفات المؤمنين المُفلحين

ومن صفات المؤمنين المُفلحين رعايتُهم للأمانة، وبالمُقابل؛ فإنَّ صفة الخيانة مُلازِمةٌ للمشركين والمنافقين، قال الله -تعالى-:

(إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)

[الأحزاب:72-73].

فالمؤمنون والمؤمنات هم الذين قاموا بالأمانة ورَعَوها، وأما المنافقون والمنافقات والمشركون والمشركات؛ فقد

أظهروا الأمانةَ كذِباً وزوراً، وهم خونة. فَسِمَةُ الخيانة وصْفٌ لهم؛ لكونهم يخونون الأمانات، ويُخادعون الناس في أموالهم، وينتقضون عهودَهم وأعراضهم، قال الله -تعالى- عن الكفار:

(إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)[الحج:38]

وقال -سبحانه- في المنافقين: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا)[النساء: 107].

وقد استعاذ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- من الخيانة؛ لأنها أسوأ ما يُبطِنُه الإنسان، فكان من دعائه: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ؛ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ؛ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ

(رواه أبو داود). 

شاهد أيضاً:

ما هي نظرية خداع الأشخاص


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

ماكتيوبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى