تقنيةمال وأعمال

السبب الحقيقي وراء تصنيع منتجات شركة أبل في الصين


لم لا تصنعه في أمريكا؟ ستظن لأن العمالة رخيصة جداً في الصين، سأقول ليس ذلك تماماً وإنما هناك أسباب أخرى أهم من رخص العمالة تجبر شركة أبل أن تصنع تحديداً في الصين.

السلام عليكم،أهلاً بكم في حلقة جديدة من اقتصاد الكوكب، معكم مصطفى الصعيدي واليوم إن شاء الله سنتكلم عن أهم الأسباب التي تجعل شركة أبل أن تصنع في الصين.

وسنتكلم عن تأثير الحرب التجارية على شركة أبل ، ولم تضطر أن تخسر القليل من المال على أن تنقل مصانعها إلى دول أخرى.

العمالة الرخيصة

فكرة أن العمالة رخيصة جداً في الصين، ليس صحيحاً في وقتنا الحالي، لأننا لو رأينا متوسط الأجور الشهرية في 2009 سنجد أنه وصل إلى 390 دولار في الشهر.

في 2018 وجدنا أن متوسط الأجور وصل إلى 1000 دولار واحتمال أن تصل في 2019 إلى  1150 دولار.

وبالتالي يثبت هذا الكلام أن الأجور في الصين أعلى من دول منافسة لها والفلبين وفيتنام، وأعلى من بعض دول أوروبا مثل كرواتيا ولاتفيا، فالصين لم تعد كالسابق أنها ذات عمالة رخيصة.

بعض الدراسات تقول أن معدل زيادة الرواتب في الصين أخذ في السنوات العشر الأخيرة كفيلاً بأن يجعلها تتساوى مع  كبرى الدول خلال السنوات العشر القادمة.

ويتوقع أن أجور العمال في الصين تتساوى مع أجور عمال في أمريكا عام 2025. ففكرة أن العمال رخيصة ليس هذا السبب الحقيقي الذي يجعل شركة أبل تستمر في الصين.

ماذا لو شركة أبل صنعت في أمريكا

هل سنجد الأسعار ترتفع بصورة مبالغ بها، لكن هذا أيضاً ليس صحيحاً، سترتفع قليلاً ولكن بالأرقام الخيالية، لكن سيكون تقريباً ما يقارب 65 دولار عن كل جهاز أيفون.

رغم ذلك لا يريدون التصنيع في أمريكا، أو بالأصح لا يستطيعون التصنيع في أمريكا.

فحتى تصنع شركة أبل الأيفون تحتاج إلى مستلزمات تصنيع ولعدد كبير جداً من العمال. واستحالة في أمريكا توفر هذا العدد. لكن في الصين تقدر على توفير أضعاف هذه الأرقام.

أي ما لا يقل عن 230 ألف عامل إلى 350 ألفاً. أي رقم كبير، لكن في الصين ليس ذلك مشكلة. بالإضافة إلى أن 230 ألف مدربون ويعرفون ما عملهم.

وفي الصين لديك المقدرة أن تفصل وتعين عشرات الآلاف من الموظفين في يوم واحد فقط. ولديك المقدرة بأن تجلب كل هذا العدد من الموظفين من مدينة واحدة فقط.

سرعة وبراعة الصينيين في التنفيذ

في 2007 قبل إطلاق أيفون بشهرين تقريباً، كان لدى ستيف جوبز نموذجاً أولياً من أيفون يجربه بنفسه ويضعه دائماً في جيبه ومع مفاتيحه.

لاحظ أن الشاشة خدشت، وكان يريد لمنتجه أن يكون منتجاً مثالياً جداً، فطلب من الشركة أن تغير كل الشاشات التي صنعت إلى شاشات مقاومة للخدش.

ليس هناك مصانع في أي مكان استطاعت أن تقوم بهذا التغيير بالكم الهائل في ستة أسابيع إلا المصانع الصينية.

بل حتى أنشأوا مصانع خصيصاً بمعدات وموظفين في ستة أسابيع. وفكرة أن تقارن التصنيع  في الصين بأمريكا، فالمقارنة ستذهب لصالح الصين.

مواد التصنيع

العمال ومشاكلهم وكل الأمور الأخرى بسيطة جداً، فالمشكلة الأكبر في مستلزمات ومواد التصنيع، وهي ببساطة المكونات داخل الموبايل.

وهي تصنع من مواد معينة ونادرة، لكنها موجودة بوفرة في الصين، ولديها مخزون كبير من العناصر النادرة مثل أشباه الموصلات.

وكما أن فنزويلا والسعودية لديها أكبر احتياطي نفط، في الصين لديها أكبر احتياطي من العناصر التي تدخل في تصنيع الإلكترونيات.

فالصين هي أكبر منتج بحوالي 120 ألف طن في 2018 ولديها احتياطي في الأرض ما يقدر ب 44 مليون طن.

فإن قارنتها مع أمريكا، فأمريكا تنتج سنوياً من هذه العناصر النادرة 15 ألف طن. و مخزونها الاحتياطي 1.4 مليون طن فقط.

ولكن فيتنام لديها 22 مليون طن احتياطي، والبرازيل لديها تقريباً ذات الرقم، وروسيا 12 مليون طن. لم لا ينافسوا الصين؟

الموضوع صعب قليلاً لأن لا يكفي أن تكون لديك الأرض التي تحوي العناصر، بل يجب أن يكون لديك المقدرة والمعدات والتكنولوجيا للوصول إلى الشكل النهائي من هذه العناصر.

كما النفط، يحتاج إلى معالجة ومعامل تكرير، لتحصل على منتجاتها النهائية. فالصين لديها هذه المعدات وتعمل على هذا الأمر منذ عام 1900.

لذا تجد أن الصين تمد العالم كله ب 80% من الاحتياج العالمي.

 الشركات

 

لو قلت أنه يوجد شركات مستعدة أن تعمل على الأرض وتحضر المعدات والتقنيات وإن عملنا على احتياطي أمريكا فيمكن أن تعمل لمدة عشرين سنة على الأقل.

لكن الموضوع ليس بهذه البساطة، لأن مجرد العمل على استخراج المعادن النادرة سينتج عنه نفايات مشعة تنتج عنها أمراض وسرطانات فالمجتمع لن يوافق على ذلك.

لكن في الصين فمنذ مائة سنة قادرون على التعامل مع هذه النفايات وتجاوزوا الأمر. وأنت مجبر أن تشتغل مع الصين أو تستورد منها كل احتياجاتك من المعادن النادرة.

ولدى دخول هذه المعادن النادرة في صناعة العديد من الأجهزة، أجهزة أبل وسيارة تسلا والمعدات والأجهزة الطبية، شعرت الصين بقيمة ما تملكه وتستخدم هذا الأمر في الحرب التجارية مع أمريكا.

ومن شهرين تقريباً عندما لمحت الصين لإمكانية استخدام هذا الأمر، قامت الدنيا ولم تقعد في أمريكا، لأن أمريكا تستورد 90% من المعادن النادرة من الصين، وأمريكا لا تجد حلاً لهذا.

حتى أن أي شركة تفكر في أن تقيم مصانع لمعالجة المعادن أو الأرض لإستخراج المعادن وتبيعها غالباً هذه المصانع تنتهي بالاقفال والإفلاس، لعدم قدرتها على منافسة الإنتاج والأسعار الصينية.

ماذا على أبل أن تفعل

كل ما قلناه عن أهمية الصين لشركة أبل وصعوبة استغناء أبل عن الصين، لنفترض جدلاً أن وضع الحرب التجارية بين أمريكا والصين ازداد سوءاً. فكيف ستتصرف شركة أبل؟

حتى الآن الأيفون والمنتجات المهمة من شركة أبل ما زالت خارج الحرب التجارية، وذلك حتى 15 ديسمبر 2019.

وبعد هذا التاريخ ستبدأ كل منتجات أبل بالدخول في الزيادة الجمركية، وسنجد أن الأسعار سترتفع بشكل كبير جداً، وعلى أبل أن تجد مكاناً آخر تجمع فيه. فأين هذا المكان.

ما هي الخسائر التي يمكن أن تقع على أبل إن خرجت من الصين

لو أن صراع الحرب التجارية تصاعد ودخلت أبل بكل منتجاتها على الخط فمن المحتمل أن تكون إيرادات الشركة عام 2020 ستنزل من 41 مليار إلى 15 مليار في السوق الصينية.

وهذا يضم منطقة الصين العظمى من الصين وهونغ كونغ وتايوان، وهذا طبقاً لدراسة نشرتها مجلة فوربس.

لأن الأمر لا يقف على تصنيع أو تجميع فقط، الصين تمثل لشركة أبل ثالث أكبر سوق مستهلك، وبالتالي على الشركة التصرف بسرعة وإيجاد مكان آخر تستطيع أن تجمع فيه وتنقل مصانعها إليه.

وأول مكان ستفكر فيه هو الهند، لكن لديها بعض المشاكل التي يجب أن تحلها مع الحكومة الهندية، أهم هذه المشاكل أن الهند تفرض ضرائب تقدر ب20% على الشركات الأجنبية، وهذه ضربة كبيرة لأي شركة تفكر في العمل في الهند.

سوق أبل

 

الأمر الآخر والأهم أن الهند ليست سوقاً جيداً لشركة أبل ، فأبل لا تستحوذ إلا على 1.4% من سوق الهواتف في الهند

فكرة الهند بالنسبة لشركة أبل هي الخيار الذي يتكلم عنه الجميع حالياً، لكن هناك خيارات أخرى كالبرازيل وفيتنام وتستطيع أن تبدأ في نقل الإنتاج غليها.

بغض النظر عن الدولة التي ستنقل إليها أبل فعملية نقل الإنتاج بحد ذاتها ستحتاج إلى مدة أقصاها ثلاث سنوات، لنقل فقط من 15 ‘لى 30% من الإنتاج.

أي مبدأياً يحتاجون لوقت كبير وخسائر كبيرة.

وطبقاً لهذا هناك توقعات تقول أن هناك زيادة ستنزل على أسعار الأيفون من 15 إلى 20% إن اشتدت الحرب التجارية ودخلت لباقي منتجات أبل في التعريفة الجمركية الجديدة.

فلو أنت تشتري الأيفون بألف دولار فسيزيد سعره 15 إلى 20% ويصبح بألف ومائتي دولار، وهذا كلام مبدأي. حيث ان هناك توقعات أخرى.

وهذا التوقع خاص بـ محللي بنك جي بي مورغان.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى