أخبارالحياة والمجتمعحول العالم

تعرف على كشمير أخطر مكان على وجه الأرض


كشمير على حافة الحرب

 

على الأرجح لا يوجد من لم يسمع عن قضية كشمير ، البلد التي وصفها الرئيس الأمريكي بيل كلينتون  سنة 2002، بأنها أخطر مكان على وجه الكرة الأرضية.

لم كشمير اليوم؟ ولماذا وصفها الرئيس الأمريكي بهذا الوصف، هذا موضوع حلقتنا اليوم.

تجدد التوتر وخطر اندلاع حرب جديدة

تجدد التوتر بين الدولتين النوويتين الهند وباكستان على خلفية صراعهم التاريخي على كشمير.

وهذا بعد أن قام جيش محمد بعملية انتحارية على أرض كشمير أدت إلى مقتل 46 جندي هندي والهند تتوعد باكستان برد مزلزل

كيف بدأت القصة

لماذا كشمير منطقة تقلق العالم، وتؤثر علينا كما باقي العالم، لنفهم ذلك علينا بالعودة 70 سنة للوراء وتحديداً في عام 1947، فتلك السنة شهدت حدثاً مهماً، تمثل في خروج بريطانيا مرغمة من شبه القارة الهندية.

جوهرة تاج الإمبراطورية البريطانية بعد سنوات طويلة جداً من احتلالها، خرجت بريطانيا مرغمة بعد أن خارت قواها في الحرب العالمية الثانية.

ولأسباب يطول شرحها رأت أن من مصلحتها أن يتم تقسيم شبه القارة الهندية على أساس ديني، إلى دولتين، دولة ذات أغلبية هندوسية وهي الهند، ودولة ذات أغلبية مسلمة وهي باكستان.

لكن ما بين الدولتين، كان مجموعة كبيرة من الإمارات كانت تسمى Princely State  وهي عبارة عن إمارات صغيرة جداً يحكمها أمراء اسمهم ماهاراجا، وكانوا يحكمون إماراتهم لصالح الإمبراطورية البريطانية.

نظرياً كانت لهذه الإمارات الحرية في أن تنضم للهند أو باكستان أو أن تظل مستقلة. لكن عملياً الأغلبية العددية من حيث الدين هي التي حسمت قرار كل أمير وبقيت كشمير.

كانت مشكلة كشمير التي كان أميرها يدعى هاري سينغ، وهو هندوسي والأغلبية من المنطقة التي يحكمها أغلبية مسلمة فتخيل أنه يمكنه أن يظل في هذا الجو العاصف الذي أودى بحياة العشرات الألوف في مذابح أثناء عملية الإنفصال أن يبقى على الحياد، لكن لم تمهله الأحداث ولأن باكستان كانت تضع عينها على كشمير من اللحظات الأولى لبناء باكستان الجديدة

وبالفعل حصل في آب 1947 وفي أكتوبر كانت قوات غير نظامية من باكستان تدخل كشمير لتفرض الأمر الواقع، الماهاراجا شعر بالخطر على حياته، ففر يطلب النجدة من الهند وهناك وقع في أكتوبر اتفاقية ضم كشمير إلى دولة الهند.

الهند رأت أن هذه حجة جيدة أن تدخل وتستحوذ على كشمير واندلعت الحرب الأولى بين البلدين

الحرب الأولى بين الهند وباكستان

الحرب الأولى والتي لم تكن الأخيرة لأن البلدين دارت بينهما أربعة حروب، ثلاثة منهم على كشميرن 1947 ثم 1965 ثم 1999 ، بالإضافة إلى حرب أخرى كانت عام 1971 لكنها قصة أخرى.

الحرب الأولى التي انتهت بوقف إطلاق النار بتدخل الأمم المتحدة، انتهت العمليات العسكرية إلى تقسيم كشمير إلى نصفين، 65% تسيطر عليه القوات الهندية و35% تسيطر عليه القوات الباكستانية.

وكان المفروض أن وقف إطلاق النار والخط الفاصل مؤقت إلى حين أن تنسحب قوات البلدين ويعقد استفتاء يحدد فيه شعب كشمير ما يريده بحرية، لكن لم يحدث انسحاب ولم يحدث استفتاء إلى يومنا هذا.

الصراع في منطقة كشمير الذي مضى عليه أكثر من 70 سنة، شكل الكثير من أحداث القرن العشرين، وقد يشكل الكثير من أحداث القرن الواحد والعشرين.

فقد كانت أول توابع الصراع في كشمير سباق تسلح نووي أدى إلى أن تصبح الهند تصبح دولة نووية و باكستان دولة نووية.

أثر الحرب الباردة

فالحرب الباردة شكلت الكثير من أشكال الصراعات والتطورات الأحداث في كشمير.

في عام 1962 دخلت الصين على خط المواجهة في منطقة كشمير أيضاً وكان لديها خلاف حدودي مع الهند وخلاف سياسي مع الإتحاد السوفييتي.

ففي فترة الحرب الباردة انقسم العالم إلى معسكر شرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي، ومعسكر غربي، والهند التي كانت تتزعم دول عدم الانحياز كانت قريبة فعلياً للاتحاد السوفييتي.

وباكستان بطبيعة الحال كانت في المعسكر الغربي مع الأمريكان، فالصين التي هي المفروض مع المعسكر الشرقي.

كان لديها خلافات مع الاتحاد السوفييتي، وخلافات حدودية مع الهند فقررت أن تحسمها عام 1962 ودخلت إلى منطقة كشمير وخرجت بعد حرب قصيرة نسبياً لمدة أكثر من شهر.

لكن خرجت بعد أن انتزعت حوالي 48 كيلومتر مربع من منطقة كشمير. هذه الهزيمة جعلت الهند تصر على أن تصبح دولة نووية حتى تكون قادرة على مواجهة هذا الجار العملاق في المستقبل.

سباق التسلح

بعد أربعة حروب خسرتها باكستان منها ثلاثة من أجل كشمير، كانت مصرة على تطوير ترسانتها وتصبح دولة نووية لتكون قادرة على مواجهة جارتها النووية الهند، فأصبحنا أمام سباق تسلح.

المسألة لم تتوقف عند هذا الحد، لأن واقع الأمر أن الدولتان أصبحتا نوويتان، وبعيداً عن السلاح النووي والذي هو الملاذ الأخير، كانت الهند متفوقة على باكستان بكل الصعد، علمياً وديمقراطياً وتكنولوجياً.

ومنها على مستوى الأسلحة التقليدية من طيران ودبابات ومدفعية أكثر تفوقاً من باكستان. وحاولت باكستان تعويض هذا التفوق في الأسلحة التقليدية، بأن توظف ماهي تجيده وهو الجماعات الجهادية.

سبب إقبالها على هذه الاستراتيجية أنها دولة قامت على أساس ديني،أي لا يوجد أي مقومات لباكستان كدولة كإيران مثلاً، فهي بلد موجودة سواء كانوا مسلمين عرب او إيرانيين في هذا المكان من آلاف السنين.

إنما في باكستان فقد تجمع المسلمون من أماكن مختلفة من شبه القارة الهندية فقط لأنهم مسلمون. وبطبيعة الحال يمكن أن يكون التفكير في توظيف الهوية الدينية مفهوم،

الجماعات الجهادية

الأمر الآخر أن الغالبية العظمى من كشمير هم مسلمون أيضاً وبينهم وبين الهنود بعض العداء وبالتالي بدأ توظيف الجماعات الجهادية سواء من كشمير أو من غيرها.

قامت باكستان بذلك بتشجيع من الولايات المتحدة وقبلاً بتشجيع من بريطانيا، لأنهم جميعاً وظفوا الجماعات الجهادية في أفغانستان الملاصقة لباكستان لاستنزاف الاتحاد السوفييتي.

وأرادوا تجديد التجربة في استنزاف الهند عن طريق هذه الجماعات.

هذه الفكرة التي بدأت وأصبح هناك جماعات كثيرة، برعاية معلنة أحياناً من أجهزة الأمن الباكستانية، وفي معظم الأحيان غير معلنة.

أصبح هناك عشرات الجماعات ومنها على سبيل المثال جيش محمد الذي قام بالعملية الأخيرة، عسكر طيبة، حزب المجاهدين، حركة الأنصار، مجاهدي بدر وغيرهم.

هذه الجماعات حتى لو كان بعض أعضائها معتدلون وعندهم أهداف مجرد تحرير وطني، بحكم ايديولوجيتها وتفكيرها تتمدد، وتتعاطف وتتعاون مع جماعات أخرى.

مثل طالبان في أفغانستان وجماعات دينية في أماكن كثيرة من آسيا، بدءاً من بنغلاديش إلى سريلانكا إلى النيبال وبورما.

وأماكن كثيرة وطبعاً أفغانستان ومنطقة الشرق الأوسط ن وكوسوفو وكل الأماكن التي يكون فيها صراع، يعتقد الجهاديون أن يذهبوا إلى نصرة الدين الإسلامي.

جهاديون في قلب بريطانيا

سأقول لكم مثالاً قد تتعجبون منه، من بضع سنوات كان للبريطانيين استفسار عن كثير من العمليات التي تمت ضدهم أو في أوروبا، يبحثون ويجدون أن منفذها يعيش في منطقة برمنغهام.

لدرجة أن البعض أطلق على برمنغهام قلعة التطرف في بريطانيا، وبالبحث اكتشفوا أن هناك عدد من أهالي كشمير نزحوا هرباً من الحروب إلى المملكة المتحدة واستقروا في برمنغهام.

في التسعينيات بدأ بعض الزعماء السياسيين والدينيين في منطقة كشمير يأتون إلى بريطانيا بحثاً عن التمويل من البريطانيين من الأصل الكشميري.

وأثناء جمعهم للتمويل يحفزوهم ويلهبون حماسهم للجهاد في سبيل الله، والنتيجة أن عدداً كبيراً جداً من الجهاديين الموجودين في بريطانيا لهم خلفية كشميرية.

مسألة كشمير لم يعد سراً أنها أثرت على ملفات كثيرة، وكثير من الجهاديين الموجودين الذين انضموا إلى داعش مؤخراً أو الموجودون في شبه جزيرة سيناء وأماكن كثيرة من العالم.

جزء منهم إما من أهالي كشمير أو من الجهاديين الذين خدموا في منطقة كشمير، تماماً كما الجهاديين الذين خدموا في أماكن أخرى في العالم ومنها أفغانستان.

حولت كشمير إلى بؤرة تصدير المتطرفين إلى كل العالم وتأثرنا جميعاً بهم ، رغم أن كثيراً من الدول العربية شاركت في دعمهم في بعض الفترات.

حرب المياه

الخلاف على كشمير أو الصراع ما بين البلدين على كشمير لم يكن خلافاً حدودياً فقط، ولو أنه بدأ على أنه خلافاً حدودياً.

ولكنه تطور، وكأن قدر هاتين البلدين مرتبط دائماً بكشمير، فمثلاً مشكلة المياه الآن تتصاعد وهي أخطر من الخلاف الحدودي على كشمير، وأيضاً مركز الصراع هو كشمير.

بالنظر إلى خريطة كشمير سنجد أن نهر السند العظيم الذي يخرج من التيبت في الهيملايا، يمر من المنطقة التي تسيطر عليها الهند، ثم منها يعبر إلى باكستان.

ونهر السند وروافده الخمس مؤثرون جداً في حياة باكستان، لأنه يشكل عندهم حوضاً كبيراً وحياة الباكستانيين تقوم على النهر وروافده.

الهند فكرت مبكراً باستخدام المياه، لتعاقب باكستان بأن تقطع المياه منذ أول الحرب بينهما عام 1948، وكان سهلاً عليها أن تقلل تدفق المياه، فلم يكونوا قادرين على منعه كله طبعاً.

فتنبهت باكستان وطالبت بأن يكون هناك إشراف دولي واتفاقية دولية ووقعوا اتفاقية نهر السند سنة 1960، ورغم وجود الاتفاقية، لا زال النزاع مستمراً، وفيه تفاصيل كثيرة لا يتسع الوقت لذكرها.

إن الهند مع الحاجة الكثيرة للمياه بدأت بإقامة السدود، ولو أنها نظرياً ملتزمة بالقانون الدولي، لكن مع تعدد السدود أصبح ذلك يؤثر على تدفق المياه.

وباكستان تقول إما يتدفق الماء أو يتدفق الدم، أي إن منعتم الماء سيتدفق الدم. ورئيس وزراء الهند الحالي مودي قال عبارة مشابهة.

قال: إن تدفق الدم لن تتدفق المياه، يعني إن كنتم ستسيلون دماءنا عن طريق الجهاديين، لن يتدفق الماء إليكم.

فقصة الماء قصة حاكمة وهي أيضاً موجودة على منطقة كشمير، التي هي تغذي شريان الماء الأساسي لباكستان.

هل تتدخل الصين؟

أساساً منبع نهر السند يأتي من منطقة التيبت، وهي منطقة تقع تحت السيادة الصينية، وحتى الآن الصين لم تتدخل في النزاع المائي، لكنها قد تتدخل ولا يوجد بينها وبين الهند اتفاق.

فحسب تعقد علاقتها بالهند ستتأثر أيضاً علاقتها بباكستان، وفي كل الأحوال نتكلم على مركز صراع موجود في كشمير.

حرب بالوكالة

نتيجة الصراع الموجود بين الهند وباكستان انتقل الصراع بينهما إلى ساحات مختلفة، أشهر هذه الساحات الحرب بالوكالة ما بين الهند وباكستان في منطقة أفغانستان.

وأحد أشكال الصراع أيضاً خنق باكستان عن طريق المياه، فنهر كابول الذي يأتي من أفغانستان يصل إلى باكستان وهو نهر مهم.

الهند تمول أفغانستان لبناء السدود على نهر كابول، ما يؤثر على حياة  الباكستانيين، وفي المقابل باكستان تدعم حركة طالبان وعشرات من الجماعات الموجودة في أفغانستان.

التي تهدد الهند وتقوم بعمليات ليس فقط على الخط الفاصل في كشمير، ولكن داخل الهند وعمليات كثيرة شهيرة ومنها مثلاً عملية مومباي الشهيرة التي راح ضحيتها في عام 2008 مئات من الهنود.

إن الصراع على كشمير صراع ممتد وساخن ما بين الدولتين، وهناك أطراف كثيرة دخلت إليه كالصين التي  لها علاقات فتور.

وإن كان هناك تعاون متزايد مع الهند، لكن لديها علاقات أقوى مع باكستان، وتدعم باكستان إلى حد كبير في صراعها مع الهند.

الروس، الأمريكان والدول العربية وكلها أطراف تأخذ مواقف مختلفة من الصراع على كشمير، الذي يهدد العالم كله في حال اشتعاله سيأتي على الأخضر واليابس ليس فقط في الهند وباكستان بل في العالم أجمعه.

سيد الجبيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى