ثلاث خرافات عن اسرائيل:
شعب يعيش على أرضه بسلام جاءت منظمات مسلحة فطردت هذا الشعب واحتلت أرضه هذه هي قضية فلسطين باختصار، ولكن مع وضوح هذه الجريمة وظهورها فقد حاول الصهاينة التغبيش على الحقيقة والافلات من الادانة عبر اختراع عدد من الخرافات والترويج اليها وهذا المقال لإبطال ثلاثة من أشهر الخرافات عن اسرائيل
ثلاث خرافات عن اسرائيل
الخرافة الأولى:
أرض فلسطين أرض جرداء خالية من الزراعة والعمران فليس ثمة بيوت مشددة ولا طرق معبدة ولا قرى مأهولة بالسكان، فتدفقت جماهير اليهود ليزرعوا في هذه الصحراء ورودا وينشئوا على هذه الأرض المهملة مدن وقرى حديثة، سعت القيادات الصهيونية بشكل كبير إلى ترويج هذه الأسطورة باعتبارها احد المبررات الاخلاقية لوجود هذا الشعب اليهودي الجديد على هذه الأرض
وكذلك جرى توظيف هذه الخرافة في اقناع يهود العالم بالهجرة الى هذه الارض الخالية والمشاركة في انشاء المجتمع اليهودي المرتقب ومنذ ذلك الحين ولا تزال هذه الخرافة يروج لها في مناهج التعليم الاسرائيلي ووسائل الاعلام الموجهة لمخاطبة من هم داخل اسرائيل ومن هم خارجها
ومن المؤسف ان يضطر الانسان الى بيان اسباب تهافت هذه الاسطورة المنافية للواقع فكيف تكون فلسطين أرضا بلا شعب والوثائق الرسمية تثبت وجود ما يقدر بنصف مليون انسان حيث يعيشون في تلك البقعة الجغرافية في نهاية القرن ال19 وكان 87% من هذا الشعب مسلما و10% كانوا مسيحيون و 3% كانوا يهود.
ثلاث خرافات عن اسرائيل
وقد أقر بوجود هذه الاعداد حتى الباحثون الإسرائيليون مثل يوناتا مندل في كتابه تكون العربية الاسرائيلية وفي نهاية القرن التاسع عشر كان يعتبر وجود عدد نصف مليون نسمة عدد هائل من السكان، فمصر الذي يقدر عدد سكانها بمئة مليون نسمة كانت في ذلك الحين يسكنها ما يقارب 8 ملايين إنسان،
فواقع فلسطين كان مناقض تماما لما اخترعه الصهاينة (أرض بلا شعب) بل كانت جزءا مزدهرا لبلاد الشام وتشتهر بنشاطها الزراعي ومحاصيلها التي كانت تصدر عبر موانئها لمصر واسطنبول واوروبا وخاصة البرتقال الذي اصبح لاحقا رمزا من رموز المقاومة الفلسطينية،
وبحسب تقرير لجنة بيل البريطانية الذي قدمه وزير المستعمرات للبرلمان البريطاني عام 1937 فإن فلسطين من أكبر دول العالم تصديرا للبرتقال في ذاك الوقت فحقيقة وجود شعب وحضارة على ارض فلسطين كانت معروفة ومستقرة على قادة الحركة الصهيونية حتى قبل ان تطأ الارض أقدام المستوطنين اليهود،
فقد جاء في تقرير الوفد الذي أرسلته المنظمات الصهيونية، العروس جميلة لكنها متزوجة برجل أخر وذلك إشارة إلى وجود شعب مرتبط بهذه الأرض الجميلة على خلاف ما تم تصويره انها ارض بلا شعب.
بالتوازي مع هذه الخرافة تسير الاسطورة الاسرائيلية الثانية التي تقول:
أن اليهود شعب بلا ارض، وحتى نهدم هذه الاسطورة من جميع اركانها يتعين علينا ذكر السياق التاريخي الذي نشأت به الحركة الصهيونية ففي بداية القرن الثامن عشر بدأت تتشكل الحركات الوطنية الجديدة في اوروبا حيث تميزت هذه الحركات بالتمركز حول القومية وفي ذات السياق الذي هو تنامي مشاعر القومية،
نشأت جذور الحركة الصهيونية الحديثة فظهر مجموعه من الكتاب والشعراء والحاخامات الذين اعادوا احياء اللغة العبرية البائدة باعتبارها اللغة التي يمكن من خلالها تشكيل القومية اليهودية واخذت الصحف الدولية العبرية تنتشر في ارجاء اوروبا الوسطى والشرقية في اطار السعي لترويج اعادة تعريف اليهودية بالمعنى القومي
كما تعرف سائر القوميات السائدة بالعالم أي تحويل اليهودية من ديانة الى قومية ولكن هذه الحركة لم تلق قبول في اوساط المجتمعات اليهودية المتبعثرة في اوروبا فالنخب السياسية والاقتصادية اليهودية اعتبرت هذه الافكار ستقوض حياة اليهود في مجتمعاتهم كبريطانيا وفرنسا، خاصة انهم حققوا تقدم كبير فيما يتعلق بالاندماج في هذه المجتمعات
اما الشرائح اليهودية الاخرى المستقرة في اوروبا اعتبرت الدعوة لتأسيس وطن قومي لليهود من شأنها أن تشكك في ولاء اليهود الانكليز والالمان والفرنسيين لأوطانهم لذا رفضت حركة الاصلاح اليهودية في المانيا فكرة تحويل اليهودية من ديانة الى قومية والسعي الى انشاء وطن قومي لليهود واعلنوا انهم الالمان على دين موسى وكذلك ممن شارك في رفض الصهيونية،
المؤسسة اليهودية الارثوذوكسية التي توصف بالتشدد ومازالت على هذا الرفض حتى الان واعتبرت الصهيونية تدخل في مشيئة الله في بقاء اليهود في المنفى حتى مجيء المسيح ورفضت الفكرة التي تقول انه يتوجب على اليهود السعي لوضع نهاية للمنفى و لذلك يقول حاخام جيغوفر الحاخام الالماني الكبير:” ان الصهيونية تطالبنا باستبدال قرون من الحكمة والقانون اليهوديين مقابل خرقة وتراب وانشودة“، أي العلم الارض والنشيد الوطني،
لكن اندلاع موجة وحشية من المذابح ضد اليهود في روسيا عام 1881 اكسب اليهودية شعبية واسعة في اوساط اليهود واخذت فكرة انشاء وطن قومي لليهود تتلقى ترحيب أكبر من السابق إذ من الواضح ان الحل الوحيد لمشكلة اليهود كما زعم ثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية،
وكذلك مما عزز في حضور الصهيونية وتوسيع دائرة المواليين لأفكارها دعم مجموعة صغيرة من الحاخامات للبرنامج الصهيوني وعرف هؤلاء في علم التاريخ الإسرائيلي باسم اباء الصهيونية الدينية،
وتعد الصهيونية الدينية مهمة جدا في اسرائيل المعاصرة فقد وفرت المبررات الدينية التي تخدم المشروع الصهيوني وحملت عبئ تقديم التفسيرات الدينية التي تبين مدى توافق مشروع الصهيونية الدينية مع مشيئة الله ولا تعارضها كما زعمت اليهودية الارثوذوكسية، وبذلك ازداد مخزون الحجج والبراهين التي تدعم التطلعات الى احتلال فلسطين واختراع الشعب اليهودي الجديد
وقد ادركت القيادات الصهيونية توافق المشروع الصهيوني في انشاء وطن قومي لليهود مع القوى الاستعمارية التي وجدت ذلك متناغم مع مصالحها الاستراتيجية فغرس هذا الجسم الغريب في قلب العالم الاسلامي سيعيق نموه ووحدته مرة أخرى ويضمن استمرار تفككه وتصدير هذه المشكلة سيشغل المسلمين زمن طويل ويستنزف طاقته وجهودهم،
ثلاث خرافات عن اسرائيل
لأصبحت حاجة الغب لبقاء هذا الكيان اكثر الحاح كم حاجة اليهود من حاجة اليهود لمساندة اليهود وتأييدهم، وبذلك يقول هرتزل:
“إذا أخذنا فلسطين سوف نشكل جزءا في استحكامات أوروبا في مواجهة أسيا كموقع أمامي للحضارة الغربية في مواجهة البربرية أي مسلمين وعلينا كدولة طبيعة أن نبقى على اتصال بكل أوروبا التي سيكون من واجبها أن تضمن وجودنا“
ثم تجسد تناغم الدوافع الصهيونية مع الاغراض الاستعمارية الاوروبية فيما يعرف بوعد بلفور الصادر في2 نوفمبر عام 1917 وهو الذي تتعهد به بريطانيا بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين،
وقد كان هذا الوعد من اغرب الوعود في تاريخ العقل البشري، فهو تعهد بإعطاء ارض ممن لا يملكها بل ولم يكن قد احتلها بعد الى اناس لا يستحقونها والعجيب انه في ذلك الحين الذي كان فيه مداد هذا الوعد المشئوم يجري على الورق كانت الافواه تهدف بتمجيد الشرف البريطاني والدفاع عن المبادئ و القيم ونختم الحديث عن هذه الخرافة بسؤال مهم،
إذا كانت الصهيونية تزعم ان وجود اليهود في فلسطين كان نتيجة الاضطهاد الذي وقع عليهم في المجتمعات التي رفضت اندماجهم وبسبب المذابح العنيفة التي تعرضوا لها، اذا لماذا تمارسوا التطهير العرقي على سكان هذه الارض الاصليين ،
أليست هذه الافعال نقيض الافعال النازية التي زعمتم أنكم ففرتم منها؟ ولماذا تستولون على هذه الأراضي بعد إفراغها من سكانها فالمساحة التي اختصرتموها لم تحدد وفق الحاجة لإنقاذ اليهود المضطهدين إنما وفقا للرغبة بالاستيلاء على أكبر مساحة ممكنه باقل عدد ممكن من السكان.
ثلاث خرافات عن اسرائيل
تقول الخرافة الاسرائيلية الثالثة :
أن الفلسطينيون تركوا مدنهم وقراهم طوعاً عام 1948 فلم يجبر أحد منهم على ترك منزله، هناك مقدمة مهمة قبل الخوض في صلب هذه الخرافة وهي ضرورة التفريق بين الاستعمار الاستيطاني والاستعمار التقليدي،
فالاستعمار الاستيطاني مدفوع بالرغبة في الاستيلاء على الارض في بلد اجنبي، في حيان الاستعمار التقليدي في الاستيلاء على المواد الطبيعية الموجودة في هذه الأرض المستعمرة.
من الاختلافات أيضاً، الطريقة التي تتعامل بها الحركات الاستعمارية مع موجة الاستيطان الجديدة،
فالاستعمار التقليدي يهدف إلى مشاريع تخدم السلطة أو البلد الذي جاء منه المستعمر،
بينما الحركة الاستعمارية الاستيطانية فشروعه هو البحث عن الموطن الجديد ولكن المشكلة التي ستواجهها الحركات الاستيطانية، أن هذه الأرض الجديدة هي بالأساس مأهولة سلفا من قبل الشعوب الأخرى وليس ثمة طريقة لتجاوز هذه المشكلة إلا بإبادة السكان الأصليين أو طردهم إلى مناطق أخرى،
وهم الأمران اللذان جمعت العصابات الصهيونية من أجل أنشاء وطنهم الجديد ولكن لا بد من أيجاد مبرر وتفسير لاختفاء شعب بأكمله من الأراضي التي كان يسكنها من اجل ذلك صيغة الخرافة التي تقول بأن الفلسطينيين تركوا أراضيهم طوعاً من غير أكراه.
ومما يكشف بطلان هذه الخرافة الإسرائيلية أن النوايا المسبقة في تهجير الفلسطينيين من وطنهم وهي التي ظهرت بوضوح وصراحة على لسان قيادات الصهيونية كقول ديفيد بنغورين الذي أصبح أول رئيس وزراء إسرائيلي في كلمة أمام تجمع الصهيوني عام 1937 أي قبل اعلان تقسيم فلسطين وقبل قيام ما يسمى دولة إسرائيل إذ قال بكل وضوح:
“في أجزاء كثيرة من البلاد لن يكون الاستيطان ممكن من دون ترحيل الفلاحين العرب” و قال أيضاً “مع الترحيل القسري سيكون لدينا مساحة كبيرة للاستيطان، أنا أؤيد الترحيل القسري ولا أرى فيه شيئاً لا أخلاقي.”
وقد دخلت التطهير العرقي الممنهج حيز التنفيذ في شهر فبراير عام 1948 ولم يكن يملك اليهود حينها فقط 5% من أجمالي مساحة فلسطين، وبلغ تلك العملية ذروتها في شهر أبريل مع تطهير مدن حيفا ويافا والصدف وبيسان وعكا والقدس الغربية على يد عصابات الهاكانا الجناح العسكري الرئيسي للمجتمع اليهودي
وقد نصت خطة التطهير التي اصطلح عليها باسم الخطة دال بأن الأسلوب المتعين تباعه هو تدمير القرى من خلال اشعال النار فيها وتفجيرها وزرع الألغام في ركامها فبعد الاطلاع المؤرخ الإسرائيلي أيلام بامبي على الوثائق التي رفعت عنها السرية في أواخر ثمانينات القرن الماضي،
ذكر أنه تمكن من الوقوف على الدليل الواضح الذي يكشف البواعث التي دفعت الفلسطينيين لمغادرة بلادهم وأكد في أبحاثه أن الفلسطينيين فقدو بيوتهم ووطنهم من خلال الطرد والترهيب والخرف بصفة رئيسية حيث ذكر أن العصابات الصهيونية تمكنت من خلال 7 أشهر فقط من تدمير 531 قرية فلسطينية وتفريغ 11 حي من أحياء المدن
وذكر أن عملية الطرد الجماعي كانت تترافق مع ارتكاب المجازر وعمليات الاغتصاب واحتجاز الرجال الفلسطينيين ممن تجاوز سن العاشرة في معسكرات العمل لأكثر من عامل وذكر في كتابه التطهير العرقي تفاصيل مروعة تصف آلية اجتثاث القرى والأحياء في المدن الفلسطينية وطرق انتزاعها من أهلها.
ثلاث خرافات عن إسرائيل
اقرأ أيضاً… قصة قضية فلسطين منذ البداية إلى حرب النكبة
اقرأ أيضاً… كيف يتلاعب الإعلام بعقلك؟ ملخص كرتوني لكتاب: التفكير بسرعة وببطء