إسلامالحياة والمجتمع

حدود العلاقة في فترة الخطوبة بين الخطيبين


فترة الخطوبة بين الصح والخطأ

يأتيني سؤال يتردد كثيراً من شباب يسألون كيف يتعاملون مع خطيبتهم، وبنات يسألن كيف يتعاملن مع خطيبهن وما هي حدود العلاقة الشرعية في فترة الخطوبة ؟ وماذا يعني العلاقة الشرعية.

أي يريدون أن يعرفوا ما هي الحدود أو الأطر التي يستطيعون التعامل عن طريقها مع الخطيب أو الخطيبة دون إغضاب الله رب العالمين.

تعريف الخطوبة في الشرع

في المجتمع عرف سائد أن بمجرد أن تُخطب البنت، تكون كأنها متزوجة، لكن الخطوبة ليست الزواج، بل هي وعد بالزواج.

وهناك أمران نفرق بينهما وهما الخطوبة وقراءة الفاتحة، أو لبس الخواتم والشبكة.

فكل هذه الأمور من ذهب وخواتم أو قراءة الفاتحة والبقرة وآل عمران والنساء أو المصحف كله، فهي ليست زوجتك.

بل ما زالت مخطوبة لك وهذا يعني أن وعداً بينك وبين أهلها الذين وعدوك بزواجك منها، وبينكِ وبينه أن أهلك وعدوه أنك ستتزوجيه.

ليس بينكما أكثر من هذا والعلاقة ليس لها أبعد من هذا التوصيف الشرعي.

ومعنى هذا الكلام أنك لا يتاح لك أن تأخذ خطيبتك وتسافر معها إلى الفندق وتبيتون معاً. أو أن تأخذ خطيبتك وتسهران خارج المنزل في النادي لترقصا.

أو حتى في البيت مع بعضكما، أو تتقابلا معاً وتأخذان بعض بالأحضان، بل هذا الكلام يحدث بعد عقد الزواج أو عقد القرآن أو عقد النكاح بعد كتب الكتاب.

كتب الكتاب أو عقد القران

بعد كتب الكتاب، كل الأمور التي كانت محرمة تصبح حلالاً، لكن قبل كتب الكتاب لا يوجد أي شيء من هذه الأشياء المحرمة تحل لك.

فأنت تتحدث عن قانون الله في الكتاب والسنة وأنت تريد أن تعرف ماذا يجيز لك الدين.

الدين يقول لك أنه لا يجوز لك في فترة الخطوبة، طالما لم تكتب الكتاب، أن تمسك يدها أو تنكشف عليك أو تحضنها وأنت تودعها.

ماذا يفعل شباب اليوم

تجد بعض الشباب يمسك خطيبته وهو يسير معها من رقبتها، كأنه ملقياً القبض على لص، ولا أفهم لم يفعل ذلك وهذا منظر مزعج جداً.

فلماذا يمسك خطيبته من رقبتها؟ ما الذي تفعلونه يا شباب؟ هل أنت بهذا تحميها وتعتني بها؟

وبعد أن يتزوجا تجدهما يسيران مبتعدين عن بعضهما البعض، أو يسبقها بأمتار ويتركها مع أطفالها يلحقونه وهو غير مهتم. وهذه مصيبة وكارثة.

فبعد الزواج وبعدما كنت قد أوهمتها بالأحلام أيام الخطوبة ، بعد الزواج وبعد أن أصبح لديكم أطفال وأكرمكما الله بهم فتهملها وتخرج وحدك وتجلس في البيت وحدك.

لا تحادثها ولا تتسلى معها ولا تحاول التقرب منها ولا أن تكون جيداً معها أو أن تدعها تنفّس عما يضايقها في معيشتها وتربية الأولاد التي أتعبتها.

تعيش في عالم وهي في عالم آخر.

وبعد عدة سنوات نجد فجأة أنهما يريدان أن يتطلقا والحياة أصبحت مستحيلة والبيت أصبح خرباً، ويصبح الأطفال معقدون في هذا الزمن.

ومن ثم يتعرفون على أشخاص مشبوهين سيئين ويصبحون هم أنفسهم سيئين ويكبرون ليصبحوا ملحدين وحينها نشعر بالندم على ما ارتكبت أيدينا.

تجاوزات الخاطبين في فترة الخطوبة

كمية الحنان والحب والمحبة التي تملكها جيدة، لكن وفرها لما بعد كتب الكتاب أو عقد القران، وكن على هذا العهد حتى يفرقكما الموت.

قال الله تعالى وعاشروهن بالمعروف فما الذي نقوم به؟

نحن نفكر دائماً بعقلية الممنوع مرغوب، فهي ليست حلالي وليس مسموحاً لي أن أقترب منها فأريد أن أكون قريباً. وهذا خطأ

المفترض أن تحافظ على البنت التي تخطبها، فلو كان لك تجارب سابقة أو تصرفات لا ترضي الله سبحانه وتعالى قمت بها سابقاً في حياتك لا تقم بها مع الفتاة التي تريد الزواج منها.

وحتى ذلك لم يكن مباحاً أو حلالاً لك لتقوم به، فأولئك البنات أيضاً ليسوا مباحون، وأنت مخطئ لأنك قمت به وهذا الكلام في الشرع محرّم ومجرّم.

لكن فرضاً أنك قمت بخطأ ما وأسرفت فيه على نفسك، ومن ثم أردت الآن أن تتزوج، فلا تقلل من أدبك مع البنت التي تريد أن تتزوجها.

فهذه ستكون أم أولادك وستكون عرضك وشرفك، فحافظ عليها، ولا تقم بتوسيخ الدنيا بأفعالك.

نتائج الأخطاء والتجاوزات

هناك بعض القصص التي أسمعها عن خاطبين وحدث بينهم علاقة وأصبحت البنت حاملاً وعرف أهلها، وبعد أن جربها أصبح يريد أن يتركها ولا يكمل العلاقة.

ويتركها ولا يهمه ما تفعله بابنها، أو يقوم بكتابة كتابه عليها لأجل الفضيحة، ومن ثم يطلقها بعد عدة أيام.

هذه المشاكل تحدث من التجاوزات التي تحدث في فترة الخطوبة والتي يقوم بها الشباب بدون انتباه.

ففي فترة الخطوبة لا يباح لك من خطيبتك سوى أن تزورها في بيتهم، وتجلس مع أهلها ومعها وتخرج أمامك باللباس الشرعي.

ولا تخرج أمامك بلباس يظهر شيئاً منها كأنها في بيت الزوجية، فهذا يحدث بعد كتب الكتاب وليس قبل ذلك.

ولا يمكنك أن تتحدث معها في أمور خاصة جسدية وجنسية أو أي أمور تتعلق بالعلاقة بين الزوجين، فكل هذا الكلام خطأ وليس متاحاً وحراماً لأنها أجنبية عنك. أي لا تحل لك.

فكل ما تقوم به من هذه الأمور لنتفق بصراحة ووضح أنها حرام، فمن سبق له أن تجاوز وهو خاطب ومر ببعض الأمور يتوب الله على من تاب.

لكن هذا ليس مبرراً لأن نشرّع الخطأ فالحرام حراماً ولا يمكن تحليله.

نصيحة للآباء والأمهات

لينتبه الآباء والأمهات لهذه القضية، فلا تدع ابنتك تسافر مع خطيبها لأي مكان فعندما يخرجان الأكيد ستحدث تجاوزات.

ولا تقولوا أنا واثق بابنتي أو ابني، لأن الثقة لا تعني أن تضعه في النار وترمي عليه الوقود وتطلب منه ألا يشتعل فهذا غير منطقي.

الثقة أن تربيه على الصح وتتعاهده على الصح، وتظل تقوّمه على الصواب حتى يكبر ومن ثم تتركه بين يدي الله.

إنما إن كان في فترة الحاجة للتربية والتعليم فلا تتركه هكذا، لأنك بهذا كأنك ترمي فريسة بين الذئاب وهذا خطأ كبير.

فالثقة لا تعني أن أترك أولادي وبناتي في مهب الريح، وأقول لهم جربوا الحياة وقد أخبرتكم الصح والخطأ وأنتم احرار، بل يجب أن تتعاهدهم أي تبقى معهم حتى لا يرتكبوا الخطأ.

وحتى المجتمع تنتشر فيه الفضيلة بدلاً مما نراه في الشارع، حيث كل شاب يريد أن يخطب فتاة يأخذ منها ما يسعده ومن ثم يتركها ولا تكون عليه تبعات.

الخطأ في هذه المرحلة لا تكون على الشاب أبداً  فالخطأ على البنت وأهلها لأنها سمحت له أن يلمسها.

حتى لو كانا في فترة الخطوبة، فلا تسمح له أن يقول حتى أنا خطيبك وسأتزوجك فلنذهب إلى المكان الفلاني وسأريك الشقة ونقوم بعمل ما.

فهذا الأمر خطأ لأن بينك وبينه حجاب وساتر لأنكما مخطوبين فقط ولا يحل لكما أي شيء من بعضكما بتاتاً. الذي بينكما فقط السلام والسؤال المحترم البريء والزيارات من حين لآخر.

إنما التجاوزات التي نراها من الجلوس في المقاهي للدراسة ليلاً والإمساك بالأيدي على الطاولة ومن ثم يذهبان ليقبلها في مكان منزوي.

وبعدها يتطور الأمر ويكبر وبعدها تصبح مصيبة، اتقوا الله سبحانه وتعالى. وانتبهوا لأولادكم وبناتكم.

نصيحة للشباب المخطوبين

أيها الشباب كونوا قيمين على أنفسكم بأن تعرفوا الصواب والخطأ، وابتعدوا عن الخطأ ولا تحاول أن تقوم به في فترة الخطوبة.

أو تبدأ حياتك مع الإنسانة التي تريدها شريكة لحياتك بمعصية الله سبحانه وتعالى. لأن سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث:

إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفساً لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ  وأجمِلُوا في الطَّلَبِ.

ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ

 فلا تغضب الله كي ييسّر لك الخير وأراكم على خير إن شاء الله تعالى

 عبد الله رشدي

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى