محاربة الإسلام بعد تمجيده : ” إن أهل هذه المنطقة لن يستسلموا لأي شخص ، و أهلها يفضلون الموت على أن يكونوا عبيداً للمحتل “
من يتصور أن هذه العبارة التمجيدية التي قيلت في حق المجاهدين الأفغان كانت جزءاً من حوار ممثل في فيلم أمريكي عرض على شاشات السينما في الولايات المتحدة الأمريكية ؟
محاربة الإسلام في الإعلام الأمريكي
هذه التغطية التمجيدية والتبجيلية للإسلام و المسلمين لم تستمر طويلاً في الأفلام الأمريكية ، فقد تحولت تماماً إلى نقيضها .
فبعد سقوط الاتحاد السوفييتي عام 1991 تم تحويل فوهة المدفعية الأمريكية باتجاه المسلمين ، واستبدلت العدسة الوردية التي كانت تغطي الإسلام والمسلمين بأخرى سوداء للتضليل و تشويه الإسلام .
فسقوط الشيوعية العدو المشترك للإسلام والغرب غيّر معادلة الصراع ، فأصبح الإسلام هو الخطر الوحيد القادر على مواجهة الحضارة الغربية .
وفي تقرير بهذا المعنى يقول سامويل هنتينغتون البروفيسور في جامعة هارفارد : الإسلام هو الحضارة الوحيدة التي جعلت بقاء الغرب موضع شك .
ويقول أستاذ العلوم السياسية الأمريكي فرانسيس فوكوياما : إن الإسلام هو الحضارة الرئيسية الوحيدة في العالم التي يمكن الجدال بأن لديها بعض المشاكل الأساسية مع الحداثة .
أدوات محاربة الإسلام
من أهم الأدوات الإعلامية التي استعملتها الآلة الإعلامية الغربية في مواجهة المسلمين هي أداة التنميط .
أي صناعة صورة نمطية بحيث تكون صورة ذهنية يتم استدعاؤها بمجرد ذكر إسم الإسلام أو المسلمين .
من أكثر الصور النمطية انتشاراً عن المسلمين والعرب في وسائل الإعلام الأمريكية هي صورة التخلف العمراني والتقني .
ليغرس في ذهن المشاهد تصوراً عن العرب والمسلمين بأنهم مجموعة من المجتمعات الصحراوية البدائية التي جمعت بين التخلف الحضاري والفكري .
من أخطر التقنيات المتبعة في تغطية المسلمين هي تقنية الخلط المتعمد ، وهي القيام بعملية ربط اعتباطي بين عناصر غير مترابطة بهدف التشويش على المشاهد و تنفيره من جميع هذه العناصر .
لذلك دائماً ما يتم ربط شخصية الإرهابي بتعلم القرآن أو المحافظة على الصلاة في المسجد .
كيف تتم محاربة الإسلام في السينما
يقوم الممثل ديكابريو بممارسة هذا الدور حيث يقول في أحد المشاهد ” إذن فهو يصلي الصلوات الخمس ويؤمن بالله ، إذن كيف سيتعامل مع كافر مثلي ؟ “
فهذه العبارة تجعل الإيمان بالله و إقامة الصلوات الخمس من خصائص و علامات الإرهابيين ، فيتم بذلك تنفير المشاهد من المسلم المقيم للصلاة و المؤمن بالله ، لأن احتمالية كونه إرهابياً كبيرة جداً .
وبالمقابل فالنموذج الصالح للإنسان المسلم في شاشات السينما الغربية هو المسلم الذي لا يصلي و لا يذهب إلى المسجد .
ففي فيلم Rendition لما أرادت زوجة المسلم المشتبه به أنه من جماعة متطرفة أن تدلل على أنه ليس متطرفاً ، كانت تقول إنه لم يكن يذهب إلى المسجد و كان يدرب فريق كرة القدم من أجل المسيح .
فتكرار مثل هذه الرسالة في الأفلام الأمريكية يبين الأغراض غير النزيهة من هذه التغطية ، فهذا التشويه يدل على أن السياسة المتبعة هي سياسة تجفيف منابع الإسلام لا تجفيف منابع الإرهاب .
فنموذج المسلم المتطرف المتشدد الذي تصوره الأفلام الأمريكية ليس هو من يتبنى أعمال العنف والقتال ، بل هو كل مسلم ما زال يحتفظ بالمفاهيم الإسلامية الصلبة التي ترفض قيم الحداثة الغربية .
لذلك يصرح هنغتينغتون بأن المشكلة المهمة بالنسبة للغرب ليست الأصولية الإسلامية بل الإسلام ، فهو حضارة مختلفة شعبها مقتنع بتفوق ثقافته .
الصورة النمطية للمسلم الإرهابي
نتج عن تنميط و تشويه الإسلام أن أصبحت صورة المسلم في أذهان كثير من الغربيين بأنه شخص إرهابي أو على أقل تقدير هو إرهابي محتمل .
في عام 2004 شك طاقم طائرة أمريكية بمطرب عربي مع أفراد فرقته بأنهم يخططون لعملية إرهابية لمجرد ملاحظة الملامح العربية على وجوههم .
وتم احتجازهم و التحقيق معهم بعد هبوط الطائرة ، حتى تبين عدم وجود أساس للمخاوف .
وهذه الحادثة ليست بأعجب مما حصل من شركة ساوث ويست للطيران التي لم تسمح لبعض الركاب من التحليق على متن طائراتها لأنهم يتحدثون العربية ويبدو أنهم مسلمون .
في عام 2018 نشرت صحيفة BBC الإخبارية إحصائية تشير إلى أن أكثر من نصف جرائم الكراهية في بريطانيا كانت ضد المسلمين .
لا يوجد مجال للشك في أن التغطية الإعلامية التشويهية للإسلام والمسلمين أحد أهم أسباب تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا و زيادة معدل جرائم الكراهية ضد المسلمين .
فهل فعلاً وسائل الإعلام الغربية تحارب بهذه التغطية التطرف و الإرهاب المنسوب للإسلام ؟ أم أنها تحارب الإسلام ذاته ؟
المصادر
جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com