أخبارحول العالممال وأعمال

ديون أمريكا للصين هل سيسبب انهيارها

ديون أمريكا للصين : الصين هي أكبر مالك أجنبي لسندات الخزانة الامريكية أو الديون الامريكية.

في مارس آذار 2018 بلغت ديون الصين لأمريكا تريليون ومئتا مليار دولار.

أي أن الصين تملك خُمس ديون الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 19% من إجمالي قيمة الديون التي في يد الأجانب. والتي تقدر ب 6.3 ترليون دولار تقريباً.

منذ عام 2010  حافظت الصين على قيمة 3 تريليون دولار  ديوناً لها على الولايات المتحدة الأمريكية.

لماذا الصين تراكم هذه المبالغ على الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ أعوام ؟

أولاً يجب أن نفهم طبيعة الاقتصاد الصيني، لان هذا سيوضّح لنا أشياء كثيرة.

إن الصين هي عبارة عن مصنع كبير واقتصادها قائم على الصادرات.

ديون أمريكا للصين

ديون أمريكا للصين

استراتيجية الصين هي الحفاظ على النمو الاقتصادي الذي تقوده الصادرات والذي يساعدها على توليد فرص عمل وإبقاء عدد سكانها الضخم منخرط في الإنتاج.

أمريكا هي أكبر دولة تستورد من الصين, ففي عام 2017 استوردت سلع بقيمة 506 مليار دولار.

وصدّرت للصين 131 مليار دولار فقط.

أي أن أمريكا لديها عجز تجاري مع الصين بمقدار 375 مليار دولار في عام 2017 فقط.أي الصين تبيع لأمريكا سلع وخدمات أكثر مما تبيعه أمريكا للصين.

عندما تقوم الشركات الصينية ببيع بضاعتها لأمريكا بالدولار على الأرض الأمريكية، تعود بالأموال إلى الصين بالدولار، لكنها تحتاج إلى اليوان عملتها الوطنية لدفع أجور عمالها.

فإنها تضطر لتحويل الدولار إلى يوان لدفع الأجور على الأرض الصينية، ينتج عن ذلك كثرة في عملة الدولار وقلة في اليوان لديها ، بسبب ارتفاع الطلب عليه.

فيقوم البنك المركزي الصيني أو بنك الشعب الصيني بالتدخل ويشتري الفائض من الدولار من المصّدرين ويعطيهم عملة اليوان الذي يحتاجونه. وبالتالي يتراكم الدولار في البنك بصورة احتياطيات فيقوم بشراء ديون أمريكية.

فإذا حصل و قام البنك المركزي الصيني بعدم تحصيل الدولارات الفائضة، تنتج عنه آلية التصحيح الذاتي self-correcting mechanism  .

ويحصل ذلك بين دولتين بينهما تجارة دولية.

إذا لم يقم بتحصيل الدولارات الزائدة فان قيمتها ستنخفض بسبب كثرته، وترتفع قيمة اليوان بسبب ارتفاع الطلب عليه, ذلك يعني أن الدولار تقل قيمته بسبب أن الصادرات الامريكية ستكون أرخص والبضاعة التي تستوردها من الصين أغلى، وبشكل تدريجي ستقوم أمريكا بالتصدير أكثر وتستورد أقل بسبب انخفاض قيمة الدولار مقابل اليوان.

وعند نقطة معينة تبدأ آلية التصحيح الذاتي تعمل مرة أخرى، بسبب أن البنك المركزي الصيني أوقف عملية التصحيح الذاتي لكي لا يقوم اليوان بتصحيح نفسه بنفسه.

ويصل على قيمته الحقيقية، وبالتالي ستكون الصادرات الصينية أكثر تكلفة وتفقد الميزة التنافسية الخاص بها.

هل تتحكم الصين بالاقتصاد الامريكي

هل يمكن للصين أن تبيع كل الدولارات التي تملكها دفعة واحدة وتدع الاقتصاد الأمريكي ينهار؟

الإجابة لا ..

لا تقدر الصين  لأنها ببساطة حركة غبية من الناحية الاقتصادية لأن لو حصل ولم تتدخل قوة اقتصادية كبيرة قادرة على شراء الديون الامريكية.

الاتحاد الأوروبي مثلاً، وهذا صعب لان الطلب سينهار والاقتصاد العالمي سيدخل في أزمة مالية بحيث تكون الأعنف في التاريخ وسيكون ذلك كارثياً على الجميع.

ابسط ما يمكن حصوله أن التريليونات من الدولارات التي تملكها الصين ستفقد قيمتها.

شاهد هذه المقالة:

الحرب التجارية على الصين

الأمر الثاني الذي تخاف الصين حدوثه هو انخفاض قيمة الدولار. وبالتالي ارتفاع قيمة اليوان حيث يؤدي الى عدم قدرتها على بيع صادراتها بأسعار منخفضة. كما هو الحال الآن.

الأمر الثالث أن العلاقة بين الاقتصادين متشابكة ومعقدة وفي حالة تبعية متبادلة. تفرض نفسها على الطرفين.

الديون الامريكية التي تشتريها الصين تمكّن الولايات المتحدة من شراء المنتجات الصينية الرخيصة لأن المنتجات الصينية التي تشتريها أمريكا.

يتم تصريف جزء منها إلى مصانع العالم وبالتالي يتيح للصين شراء المزيد من الديون الأمريكية. فالأمر مربح للدولتين.

لنفرض أن الصين باعت كل الديون الامريكية فان الولايات المتحدة قادرة على طباعة أي مبلغ من الدولارات بسهولة وحسب الحاجة.

وعلى الرغم من أن هذا سيقلل من قيمة الدولار وبشدة فإنه سيرفع معدل التضخم في الولايات المتحدة.

إلا إن هذا أمر جيد للولايات المتحدة لأن قيمة سداد الديون الحقيقية ستنخفض.

وبالتالي هذا سيسيئ للصين وعليه فإن الصين يصيبها الارتباك عندما يرتفع معدل التضخم في الولايات المتحدة الامريكية، لأن هذا سيقلل من قيمة الدولارات التي تملكها.

و ستضطر على أن تواصل شراء الديون الأمريكية لضمان القدرة التنافسية لسعر صادراتها على المستوى الدولي.

ديون أمريكا للصين والوكالة الصينية

في 10 يناير كانون الثاني نشرت بلومبرغ  Bloomberg تقريراً عن أن الحكومة الصينية تتطلع لتقليص حجم ديونها الحكومة الأمريكية التي تشتريها وفقاً لمصادر مطلعة.

هذا المقال أدى إلى هزة في السوق العالمية وتسبب في عمليات بيع بعض سندات الخزانة الامريكية.

لدرجة أن الوكالة الصينية التي تدير النقد الأجنبي في الصين خرجت في اليوم التالي وشككت في كلام المقال وكان هدفها تهدئة السوق العالمية حتى لا ينخفض سعر صرف الدولار.

لماذا باقي دول العالم لا تلعب لعبة الديون الأمريكية كما تفعل الصين؟ 

الجواب لأن هذه الاستراتيجية يصاحبها مشكلة خطيرة وهي ارتفاع معدل التضخم أو ارتفاع الأسعار في الدول التي تتبع هذا الأسلوب.

الصين تختلف عن أي دولة أخرى لكونها تملك سيطرة مشددة وحازمة على الاقتصاد ولديها القدرة على إدارة التضخم من خلال إجراءات ثانية كالإعانات وضوابط الأسعار بينما الدول الأخرى لا تملك مثل هذه السيطرة بل وستجد نفسها قد استسلمت لضغوط السوق الحرة وسقطت في بحر ارتفاع الأسعار.

الضغوط السياسية

الصين تملك ميزة أخرى كونها دولة قوية فلديها القدرة على تحمل الضغوط السياسية من الدول المستوردة الأخرى بعكس الدول الأخرى.

والدول الأخرى لا تقدر على تحمل الضغوط وأكبر مثال واضح  الآن هو الشد والجذب بين الصين والولايات المتحدة.

حيث أن الرئيس الأمريكي ترامب يجد صعوبة في تحمل العجز الموجود بين البلدين. 

ولذلك فإن الصين تتعرض لضغوط شديدة من ترامب ومع ذلك فهي صامدة وتعرف كيف تناور وتلعب مع أمريكا.

في الثمانيات مثلاً كان الين الياباني عملة قوية وآخذ في الارتفاع بسبب قوة الاقتصاد الياباني.

حاولت اليابان السيطرة عليه حتى لا يرتفع سعر صادراتها، لكن الولايات المتحدة منعتها من ذلك فاستسلمت اليابان وتركت الين لمصيره.

المصدر

المخبر الاقتصادي


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

ماكتيوبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى