الحياة والمجتمعحول العالمشخصيات

سيرة نيلسون مانديلا من السجن الى الرئاسة

نيلسون مانديلا نموذج للتسامح في برنامج قصة وفكرة.

قال الإمام أحمد بن حنبل لطبيبه أن في ظهره موضعٌ يؤلمه بشدة، أكثر من أي مكان آخر بسبب السياط التي ضربوه بها.

لكن الطبيب لم يكن لديه خبرة في هذه المسألة، فذهب وسأل السجناء ذوي الخبرة، فأخبروه أن الضرب يسبب موت قطعة اللحم وإذا لم يتم إخراجها قد تؤدي إلى الموت.

فبينما الطبيب يشق ويستخرجها بدون تخدير، كان الإمام وفي شدة الألم يردد: اللهم اغفر للمعتصم. فسألوه بعد ذلك لماذا كنت تدعو له؟

فقال: هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكرهت أن آتي يوم القيامة وبيني وبين أحد من قرابته خصومة، فهو مني في حل.

النفوس الكبيرة هي التي تعفو وتسامح، وإلا قد يجر الانتقام الأمة كلها إلى الهاوية.

ومن أعظم النماذج الحديثة في التسامح نيلسون مانديلا الذي ذاق الويلات من الحكام البيض.

البيئة التي نشأ فيها نيلسون مانديلا

البيئة التي نشأ فيها نيلسون مانديلا

ولد نيلسون مانديلا في عام 1918 في جنوب أفريقيا وكان أبوه زعيم قبيلة، فتدرب على القيادة منذ صغره.

وتدرب كذلك على المحاماة وصار فيما بعد محامياً، ثم بدأ يدخل في النشاط السياسي عام 1944 فانضم للمؤتمر الوطني الأفريقي.

وهي منظمة مناهضة لسياسة التفريق العنصري الذي جعل قلة من الرجال البيض من أصول إنجليزية يتحكمون بكل عنصرية بالأغلبية الساحقة من السود.

السود هم السكان الأصليون لجمهورية جنوب أفريقيا، البيض كانوا أقل من 10% بينما السود كانوا أكثر من 90%.

وكان الحكم كله للبيض بينما السود يمنع عليهم التصويت في الانتخابات، فالبيض كانوا يعتبرون أنفسهم مالكي البلاد ورثوها عن أسلافهم الإنجليز.

ولكن فيما بعد قطعوا صلتهم بالمملكة المتحدة وأصبحت جنوب أفريقيا دولتهم، وكانوا صناع النهضة العلمية فيها.

وطوروها صناعياً حتى أصبحت في مصاف الدول الأوربية رغم أنها في أفريقيا.

لكن كل هذا التطور والرخاء كان حكراً على الأقلية البيضاء فقط، بينما الأغلبية السوداء تعاني من الإضطهاد والمهانة والتفريق العنصري.

في انتخابات جنوب أفريقيا عام 1948 سيطر على السلطة حزب Nasional hiren gygy الحزب الأبيض الأفريقي أشد الأحزاب نزعة للعنصرية المتطرفة.

قام هذا الحزب بتوسيع التفرقة العنصرية، فزاد هذا من اشتعال ثورة بين السود لأنهم يريدون حقوقهم للتخلص من العنصرية في البلاد في عام 1950.

مؤتمر الشباب الأفريقي

مؤتمر الشباب الأفريقي

في ذلك الوقت ظهر نجم نيلسون مانديلا وبرز بحيث أصبح زعيماً ورئيساً لجمعية مؤتمر الشباب الأفريقي.

وكان هذا المؤتمر حزباً حقيقياً يقود الشباب، ولكنه لم يصنف كحزب بل صنف كجمعية، بعد ذلك قام هذا المؤتمر بالقيام بحملة لمنع سياسة الفصل والتمييز العنصري.

من مظاهر الفصل العنصري منع السود من دخول نفس الكنائس، والركوب في نفس وسائل المواصلات، ومنعهم من الأكل في نفس المطاعم مع البيض وهكذا.

قام المؤتمر باتخاذ حركة لا عنفية بحركة سلمية اقتداءً بحركة المهاتما غاندي في الهند، واعتبره البعض خياراً أخلاقياً.

صوّت مانديلا لهذا الخيار ولكن ليس من باب الضعف بل من واقع عدم قدرتهم على مواجهة صريحة مع الجيش، ذلك الجيش الذي يقوده الأبيض ويتحكم به تماماً.

في ذات العام ألقى نيلسون مانديلا خطاباً أمام حشد من الناس يبلغ عشرين ألف شخص، هذا الخطاب شكّل حركة احتجاجات شديدة ضد الرجل الأبيض.

فألقي القبض عليه واعتقل لفترة وجيزة، وخلال هذه الفترة الوجيزة إزداد عدد المحتجين خلال سنة واحدة من عشرين ألف إلى مائة ألف متظاهر.

وهنا نذكر أن الأحزاب الفعالة هي التي تزيد من أعدادها بنوع خطابها وليس بانتقائية، فمن يريد الانتقال السياسي لابد أن يتوسع في الأعداد وكان هذا قرار مانديلا.

سياسة الفصل العنصري

سياسة الفصل العنصري

ردت الحكومة البيضاء على هذه الاحتجاجات بالقيام باعتقالات جماعية، وتم إصدار قانون السلامة الوطنية في عام 1953.

يسمح هذا القانون للحكومة بتطبيق الأحكام العرفية وتطبيق الحكم العسكري بكل شيء، فأدين مانديلا بتهمة الخيانة العظمى.

في عام 1956 صدر هذا القرار بحقه ولكنه قام بالاختباء ولجأ للعمل السري.

يجدر الذكر هنا أن الحكومات التي لا تفهم حاجة مواطنيها تحول الحركات السلمية إلى حركات سرية نتيجة الضغط والحل ليس بالضغط إنما بالتفاهم والحوار.

لأن ذلك يدعو للأعمال الإرهابية، لذلك يجب منع الشباب من التوجه للأعمال السرية والتوجه للعنف، الحل هو بالحوار.

إرهاب الدولة يقوض السلمية

لكن أحياناً الحكومات هي التي تمارس الإرهاب كما فعلت حكومة جنوب أفريقيا البيضاء.

قامت الحكومة البيضاء بحظر نشاط المؤتمر الأفريقي كله في عام 1960 واعتبرته منظمة إرهابية.

رغم أن منظمة كهذه دعت للسلم والحوار والتفاهم قاموا باعتبارها منظمة إرهابية ولعل هذا يذكرنا بما جرى مؤخراً في الثورات العربية.

نتيجة الاعتبارات السابقة من الحكومة تحول مانديلا إلى تكوين تنظيم عسكري لمناهضة عنف الدولة أطلق عليه إسم “رمح الشعب” من أجل مناهضة التمييز العنصري.

وبدأ مانديلا بتجديد النضال السري ضد حكومة الأقلية البيضاء، لكن هذه المرة باستعمال العنف.

قبض على مانديلا ثانية سنة 1962 وحكم عليه بالسجن المؤبد، فمكث مانديلا الذي كان عمره حينها  27 سنة في السجن.

يقول مانديلا: مكثت أكثر من عشرة آلاف يوم في السجن، دخل سجن بريتوريا وعمره 44 سنة ، وخرج وعمره 72 سنة.

نيلسون مانديلا في السجن

نيلسون مانديلا في السجن

في سجنه بدأ بالدراسة وقام بالمراسلة لتحضير شهادة الحقوق في القانون من جامعة لندن، وكان هذا مسموح داخل السجن.

ثم نقل مانديلا من سجن بريتوريا إلى سجن في جزيرة إيلاند، وبقي هناك 18 سنة معزولاً في زنزانة رطبة مقاسها مترين في ثلاثة أمتار ونصف.

فيها حصيرة من قش ولم يسلم من المضايقات الجسدية واللفظية من قبل السجانين البيض، مع ذلك استثمر مانديلا أي فترات حرية وخروج من الزنزانة.

كان يحتك بالمساجين طبعاً أكثرهم سود، وأنشأ جامعة جزيرة روبن، وبدأ السجناء يحاضرون بها كل واحد حسب خبرته واختصاصه.

وفي خلال هذه الفترة أيضاً قام مانديلا بدراسة الدين الإسلامي، ودرس اللغة الأفريكانية، ودرس المحاماة بعمق.

تأثير النشطاء السياسيين

بدأ الضغط العالمي وهذا أدى إلى تحسن ظروف السجن، بحلول عام 1975 كان مانديلا قد أصبح ضمن الفئة A كما يسمونها.

بحيث بدأوا يسمحون له بعدد أكبر من الزيارات والرسائل وبدأ يراسل بعض النشطاء من المناهضين للفصل العنصري حتى من البيض.

وحيث أنه لم يكن جميع البيض موافقين على هذه السياسة، ففي أبريل عام 1982 تم نقل مانديلا إلى سجن بولس مور في العاصمة كيب تاون.

وكان معه كبار قادة المؤتمر الأفريقي رفاقه في الحزب، وكانوا معزولين عن باقي الناس.

والهدف من عزلهم كي لا يكون لهم تأثير على النشطاء الأصغر سناً منهم، لأنهم لاحظوا أنه بدأ بنشر فكرته في السجن.

حقوق السود وحقوق غيرهم

حقوق السود وحقوق غيرهم

قرر رئيس جنوب أفريقيا الأسبق Bw pota وهو رجل أبيض السماح للمواطنين الملونين والهنود غير السود أن يشكلوا برلمانات خاصة بهم.

لتمثلهم وتفاوض مع الحكومة، وسيكون لهم هؤلاء المليونين من غير السود حق إدارة التعليم والصحة والإسكان الخاص بهم.

لكن الأغلبية الساحقة من السود تم استبعادهم من هذا النظام، فرأى مانديلا وكذلك جبهة UDF وهي حزب آخر للسود.

وكان القصد من ذلك فصل الملونين عن السود حتى يتم التخفيف عن الحكومة، وبذلك تم تصعيد أعمال العنف في كل أنحاء البلاد.

وازدادت المخاوف من حرب أهلية فبدأ اللوبي الدولي الذي يرفض الفصل العنصري بالازدياد وتوقفت البنوك العالمية عن الاستثمار في جنوب أفريقيا.

أدى كل ذلك إلى ركود اقتصادي، وطالب العديد من البنوك الداخلية رئيسة الوزراء البريطانية تاتشر أن يطلقوا سراح مانديلا.

أدى هذا أنهم عرضوا على مانديلا في فبراير شباط عام 1985 الإفراج عنه من السجن بشرط أن يتخلى عن العنف كسلاح سياسي وبدون قيد.

لكن مانديلا رفض هذا العرض وأصدر بيان يقول فيه: الأحرار فقط يمكنهم التفاوض، كيف تفاوضني وأنا في السجن، أخرجوني وفاوضوني.

ثم عادت الحركة للمزيد من الفصل العنصري، وعاد المزيد من المقاومة وأعمال العنف، في عام 1985 شن مؤتمر الحزب الوطني الأفريقي 231 هجمة مسلحة.

وعام 1986 شن 235 هجمة مسلحة، وبدأت الهجمات تزداد وكل هذا نتيجة إرهاب الدولة التي تحول الحركات العلنية إلى سرية وتضغط عليها حتى تحولها إلى حركات مسلحة.

لماذا رفض مانديلا إطلاق سراحه

استعملت الحكومة العنصرية الجيش والقوى الأمنية لمحاربة المقاومة الشعبية، ثم قامت الحكومة بتمويل حركة إسمها زولو Zolo السرية.

وهي حركة قومية مختلفة مع مانديلا، وبدأت هذه الحركة بمهاجمة أعضاء حزب المؤتمر الوطني، فإزداد العنف بين الأفارقة أنفسهم.

وهنا انتشرت حركة دولية تعمل على إطلاق سراح مانديلا، ووضعت عدة جماعات من السود إطلاق سراح مانديلا شرطاً لأي مفاوضات مع الحكومة.

وافقت الحكومة نتيجة هذا الضغط شريطة أن يقوم مانديلا بنبذ العنف، ولكن مانديلا رفض أيضاً هذه المرة حتى تقوم الحكومة بإعلانها إلغاء الفصل العنصري بالكامل.

يقول مانديلا أنهم لو أفرجوا عني من السجن وبذات هذه الظروف فأنني سأقوم بذات الممارسات التي اعتقلوني لأجلها.

في عام 1988 تجمع آلاف المواطنين ليس في جنوب أفريقيا، بل في ويمبلي في لندن احتفالاً بعيد ميلاد مانديلا السبعين.

وقدم خلال هذا الاحتفال عرض يبين مساوئ التمييز العنصري، وفي عام 1989 التقى السجين مانديلا بصورة غير رسمية بالسيد بوتا رئيس وزراء جنوب أفريقيا الأبيض.

ثم التقى بعد ذلك في الرئيس الذي تلاه دي كليرك ، وكلاهما تحت هذه الضغوط العالمية أبدوا الاستعداد للتنازل للأفارقة.

نيلسون مانديلا رئيساً

نيلسون مانديلا رئيساً

في تاريخ 11-2-1990 أطلق سراح نيلسون مانديلا، وانتخب في الشهر التالي فوراً نائباً لرئيس المؤتمر الأفريقي.

وهنا اعترفت الحكومة الإنجليزية العنصرية البيضاء لأول مرة بحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي يمثل الأفارقة رسمياً.

ثم قاد مانديلا مجموعة من المفاوضين ضمن محادثات رسمية مع الحكومة، وكان هدف المفاوضات وضع دستور خاص بجنوب أفريقيا يمنح السود حق المواطنة وحق الانتخاب.

بحيث لم تكن تعتبرهم الحكومة مواطنين، وفعلاً في الشهر الثامن من عام 1990 أصدر مانديلا أمراً بإيقاف الكفاح المسلح، الذي استمر من 1960 وحتى عام 1990 ثلاثين سنة من الصمود.

هنا أحب أن أحيي صمود الشعب الفلسطيني رغم تكالب كل العالم ورغم أن العنصرية الإسرائيلية أضعاف العنصرية التي كانت في جنوب أفريقيا.

نيلسون مانديلا رئيس المؤتمر الوطني

وفي نهاية القصة سنة 1991 انتخب نيلسون مانديلا رئيساً للمؤتمر الوطني الأفريقي، وهنا واجه مانديلا أكبر عقبة في وجهه.

وهي أن قطاعاً واسعاً من الأغلبية السوداء يريدون الانتقام ومحاكمة كل إنسان كانت له صلة بالنظام السابق.

لكن مانديلا حال دون ذلك لأن هذا هو الخيار الأمثل له، بحيث لو استجاب مانديلا للمطالب الشعبية كانت انجرفت جنوب أفريقيا للحرب الأهلية.

فخاطبهم مانديلا أن يسموا فوق أحزانهم وجراحهم ويتسامحون ويمارسوا ضبط النفس.

هذه هي قيمة مانديلا التي جعلته متفرداً بين المناضلين، ليست مدة السجن الطويلة ولا طبيعة النضال، ولا الصمود أمام الجرائم التي ارتكبت من قبل الحكومة العنصرية.

قيمته أنه دخل على حالة كانت عصية على الحل، بل حالة شبه مغلقة، شكل مأساوي فالكل أراد الانتقام، ما كان موجود في جنوب أفريقيا ليس فقط وجود استعماري، وإنما حالة خاصة جداً.

هنا تأتي ميزة مانديلا، عندما جاءت أطروحاته ذات الأبعاد الإنسانية التصالحية، أطروحة التسامح التي اقترنت بمقولة شهيرة له نحن نغفر لكننا لا ننسى.

واستطاع من خلال المفاوضات التي أجريت معه في السجن أن يصل لصيغة مع السلطة الحاكمة.

ومن خلال روح التسامح والغفران لديه نزع فتيل الإشكال وغفر لهم، وتميزت كل خطاباته بعد ذلك بروح العقل والتآخي بين بني قومه، بحيث أن هؤلاء البيض أصبحوا جزءً من الوطن بينما جذورهم انتهت عن بريطانيا.

ووصل بشعبه إلى بر الأمان، فكان يهدف إلى أن يقود الحرية والعدالة والرخاء والأمان والتعايش السلمي.

إنشاء الحكومة الجديدة

أنشئ  جهاز قضائي وسياسي لقيادة المصالحة، وكان ناجحاً فيها بحيث أصبح نموذج المصالحة والمسامحة في التاريخ، وأسهم في القضاء على الأحقاد ووضع البلد في طريق التعايش.

في أيار 1994 أجريت أول انتخابات حرة اشترك فيها البيض والسود وطبعاً فاز مانديلا باكتساح ليصبح أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا بصورة رسمية.

وانتهت أكثر من 300 سنة من التمييز العنصري في البلاد.

بنود المصالحة الوطنية

ركزت حكومة مانديلا على تحقيق المصالحة الوطنية من خلال:

أولاً: تفكيك أي شيء له علاقة بالفصل العنصري، والتصدي للعنصرية في الشركات والمؤسسات والحكومة.

ثانياً: محاربة الفقر والعادلة مع الأفارقة الذين حرموا من حقهم، وتعزيز المصالحة سياسياً.

دستور جديد

من أجل تحقيق المصالحة تأسس دستور جديد للبلاد، والتحقيق في الانتهاكات التي تدخل في نطاق حقوق الإنسان.

وتسلّم مانديلا الحكم منتقلاً من حكم الأقلية العنصرية إلى حكم الديمقراطية التعددية.

المسامحة من أجل السلام

وفي النهاية رأى مانديلا أن المصالحة يجب أن تتم خلال فترة حكمه فجعلها هدفه الرئيسي خلال هذه الفترة، وأعلن أن الشعب الشجاع لا يخشى المسامحة من أجل السلام.

هذا الذي جعل مانديلا يحقق المصالحة والمسامحة بين البيض والسود رغم كل الانتقادات الشديدة التي وجهت له من قبل السود المتشددين.

لكن لم يكن لديه حل آخر وأشرف مانديلا على هذه اللجان، وأشار مانديلا أن هذه اللجان ساعدتنا على المسامحة والابتعاد عن الماضي والتركيز على الحاضر والمستقبل.

الجوائز التي حصل عليها نيلسون مانديلا

في عام 1997 أفسح مانديلا المجال لنائبه كي يتولى رئاسة الحزب، ومن ثم تولى مبيكي رئاسة البلاد.

وتلقى مانديلا أكثر من 250 جائزة عالمية، منها جائزة نوبل للسلام و ميدالية الرئاسة الأمريكية للحرية، ووسام لينين من النظام السوفيتي.

ويتمتع مانديلا باحترام عميق في كل العالم وفي جنوب أفريقيا خاصة حيث يوصف هناك بأبو الأمة.

وفاة نيلسون مانديلا

وفاة نيلسون مانديلا

توفي نيلسون مانديلا في نوفمبر عام 2013 وكان فقط محاطاً بعائلته في منزله، وحضر جنازته 90 ممثلاً من رؤساء العالم.

أي قدرة على تجاوز الصراع، ثم أي قدرة على تجاوز صراع النفس من أجل المسامحة.

التسامح في دين الإسلام

لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين، هذا شعار الصالحين.

لما اشتد بلاء قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاة ناصره أبي طالب، ذهب إلى الطائف يدعوهم إلى الله.

فأخرجوه من بلادهم وأغروا به سفهائهم، وأخذوا يضربونه بالحجارة حتى اختضب نعلاه بدمائه الشريفة، فعمد إلى الظل وانصرف عنه السفهاء.

فأخذ صلى الله عليه وسلم يناجي ربه، فإذا بجبريل عليه السلام يناديه ويقول: إن الله قد سمع قول قومك لك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم.

قال: فناداني ملك الجبال وسلم علي، ثم قال: يا محمد أن الله قد سمع قول قومك لك، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين.

الأخشبين جبلين بمكة يعني أدمر لك مكة بما فيها.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا.

لما أوتي عبد الملك بن مروان بأسرى الثورة التي قامت عليه وبينهم إبن الأشعث، قال لرجاء بن حيوة الوزير والعالم: ماذا ترى؟

قال: أن الله تعالى قد أعطاك ما تحب من الظفر، فأعط الله ما يحب من العفو، فعفى عنهم.

من يحتسب الأذى الذي يصيبه في سبيل الله، يمتلك القدرة النفسية على التسامح، هذه قضية لا يستطيعها إلا كبار النفوس.

كم رأينا من عمليات انتقام كبيرة ذهب ضحيتها شعوب وأمم.

خيول الصليبيين التي سبحت في دماء المسلمين في القدس الشريف، قابلها المجاهد صلاح الدين الأيوبي بنفس كبيرة متسامحة.

مستذكراً موقف النبي صلى الله عليه وسلم، عندما قال لأعدائه حين قدر عليهم: اذهبوا، فأنتم الطلقاء.

مقولة نيلسون مانديلا

إن الضحية لا تنسى الظلم الذي وقع عليها، لكنها يمكن أن تغفر وتسامح.


المصادر

.

طارق سويدان / YouTube

^


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى