إسلامالحياة والمجتمع

عذاب القبر حقيقة أم خرافة؟


عبد الله رشدي- الاختلافات التي تحدث بها الدكتور علي الكيالي في عذاب القبر

هل عذاب القبر حقيقة أم خرافة؟ السؤال المتواتر بشكل دائم على ألسنة البشر، وهذا لأننا كلنا سنموت، وكلنا سننزل إلى القبر، وخائفين مما يوجد في القبر.

ولأن القبر هو أول حقيقة موجودة أمام الإنسان، من حقائق الدار الآخرة، أي نحن لم نرى الله، لم نرى النبي عليه الصلاة والسلام، ولم نرى الملائكة.

إنما الشيء المادي الفعلي الملموس أمام كل البشرية، والذي لا مفر له، هو الموت، لأن الله سبحانه وتعالى قال (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم)

يبدأ الإنسان بالتساؤل، ماذا بعد الموت؟ هل هناك حياة أخرى؟ هل هذا القبر فيه نوع من المسائلة وعذاب ونعيم؟

المسلم يستقي دينه من كتاب الله سبحانه وتعالى، وهو أمرنا بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وأكد لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم، يستحيل أن يتقول على الله، أو أن يكذب أو أن يفتري.

(ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين) وأي شيء يخرج عن القرآن الذي أمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم، هو كلام فاسد وباطل ومنقود.

هل ورد في القرآن الكريم عذاب القبر؟

نعم ورد في القرآن، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في سورة محمد (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم)

إذاً الملائكة وهي تتوفى أهل الفساد أو الظلم، هناك ضرب وعذاب منذ لحظة الوفاة.

هل تضرب الملائكة الروح حتى تخرج؟

وهنا طرح الدكتور الكيالي، أن ضرب الملائكة لهذه الأنفس، لأنهم لا يريدون أن يخرجون من الأجساد.

ولكن هذا التعليل الذي قاله الدكتور علي الكيالي، تعليله الخاص وليس موجوداً في القرآن الكريم، ولنفترض أنا هذا الكلام صحيح، هنا نقرأ في سورة الأنعام

(ولو ترى إذا الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم) إذاً لا يوجد ما يدل على أن هذه الأنفس لا تريد الخروج، والملائكة تحاول أن تضربها لتخرج.

(اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق) لو كان تجزون الهون اليوم بسبب أنهم لا يريدون أن يخرجوا أنفسهم، كان الله سبحانه وتعالى قال ذلك.

ولكن كانت الأسباب هي أعمالهم الفاسدة الدنيوية، وما قدموه من أعمال طالحة، واستكبارهم على الله عز وجل.

هل يشعر الميت بالزمن في القبر؟

الله سبحانه وتعالى يبين أن هناك عذاباً (اليوم تجزون عذاب الهون) يقول الدكتور علي الكيالي، أن الميت لا يشعر بالوقت، وبالتالي يقصد باليوم هو يوم القيامة.

وهو حديث ليس عليه دليل ،والسؤال الذي نود طرحه، هل عدم شعور الميت بالوقت، أو بعامل الزمن، يترتب عليه عدم شعور الميت بالعذاب، أو عدم مسائلته؟

عندما نتحدث في قضية غيبية مثل تلك، يجب أن يكون لدينا نص إلهي، يقول أن الميت إذا كان لا يشعر بالوقت، فإنه لن يشعر بمسائلة ولا عذاب ولا نعيم.

ولكن الحاصل أن القرآن، لم يتطرق لعدم شعور الميت بالمسائلة والعذاب والنعيم، إنما أثبت أن يوم الوفاة تجزون عذاب الهون.

ولكي نجزم أن اليوم معناه يوم القيامة، نحتاج إلى أن يكون هناك آية في القرآن تخبر بهذا، ولا يوجد نص في القرآن يقول ذلك.

جدل حول معنى الأجداث

الدكتور علي الكيالي، استدل عن يوم القيامة في القبر، بكلمة الأجداث (ونفخ في الصور إذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون) (خشعت أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر) (يوم يخرجون من الأجداث صراعاً كأنهم إلى نصب يوفضون)

ويقول أن البشر بعد دفنهم في القبور، ويأتي يوم القيامة، وتبعثر القبور تلك، ويخرج الأموات من القبور، ويوضعون في شيء اسمه الأجداث.

وفيها سيكون فيها شعور وادراك ووعي، ويشعرون أنهم يقضون يوماً أو نصف يوم، حتى يأتي يوم الحساب، وهذا الحديث لم يقله القرآن، وفكرة لا تعرف في الدين الإسلامي.

بل بالعكس، الجدث في اللغة العربية، هو القبر، والقرآن استعمل لفظ الجدث، عندما يكون هناك حركة للميت، ولفظ القبر، عندما يكون الكلام عن حالة السكون للميت.

ففي سورة القمر (خشعت أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر) فعندما تكون هناك حركة استعمل القرآن لفظة الجدث.

إذاً ليس هناك دليل على أن الميت في القبر، لا يشعر بالوقت، وأنه يخرج من القبر ويوضع في شيء اسمه الجدث، وهناك يشعر بكل شيء.

بل بالعكس، القرآن ينقض ذلك (قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا) فحتى القرآن ينص على أن الميت في القبر أو الجدث، لا يشعر بشيء.

والفكرة التي طرحها الدكتور الكيالي، ليفرق بين الجدث والقبر، فإن القرآن والآيات التي فيها لفظة الجدث، تنكرها وتلغيها.

هل ذكر عذاب القبر بشكل صريح؟

لا نستطيع أن ننكر بحال من الأحوال، أن هناك العذاب والنعيم في القبر، فالنبي صلى الله عليه وسلم أُخبر في القرآن الكريم، أن الميت يسأل في قبره.

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: استعيذوا بالله من عذاب القبر، وكان في صلاته صلى الله عليه وآله وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر.

وإذا ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من عذاب القبر، إذاً فالمسألة منتهية وهي ليست خرافة، وما كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ بالله، من شيء هلامي وغير موجود.

إذاً فقد ورد في القرآن أن هناك عذاب في القبر، بل عذاب من لحظة الوفاة، وورد في السنة أن هناك عذاب للقبر، وليس هناك فرق بين الجدث والقبر، وليس هناك دليل على أن الميت يخرج من القبر، ليوضع في شيء آخر اسمه الجدث.

 عبد الله رشدي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى