كتاب إظهار الحق الذي أهدرت بريطانيا دم مؤلفه
جاء في صحيفة لندن تايمز: لو دام الناس يقرؤون هذا الكتاب لتوقف تقدم المسيحية في العالم.
نحن نتناول موضوع مهم وهو كتاب أهدرت بريطانيا دم مؤلفه، حيث جمعت النسخ التي ترجمت إلى تسع لغات وأحرقت في بريطانيا.
قصة تأليف كتاب إظهار الحق
في عام 1792 ميلادي قامت بريطانيا بانشاء هيئة للتنصير في الهند، وكانت مستعمرة للهند آنذاك، بحيث كانت عملية توارث على السلطة في الهند.
النبي صلى الله عليه وسلم قال: فارس نطحت أو نطحتان، ثم لا فارس بعدها أبداً، والروم ذات القرون أصحاب بحر وصخر، كلما ذهب قرن خلفه قرن مكانه.
بريطانيا في ذلك الزمان بدأت تنشر التنصير للمسيحية، وكانوا يعتقدون أن نشر المسيحية سيجعل العالم كله تحت تصرفها وسيطرتها.
البريطانيون كانوا يتبعون مذهب البروتستانت، ظهر في ذلك الوقت قس اسمه فيندر، وكان خطيراً جداً، اتبع في البداية مذهب الكاثوليكية، ثم تحول إلى البروتستانت.
أصبح القس فندر مشهوراً، وانتقل بعد ذلك إلى الهند ليؤثر في الناس بطريقة خطابه، حتى ألف كتاب عنوانه ميزان الحق، وهو كتاب إلى الآن يعتمد عليه في الطعن بالإسلام، وإثارة الشبهات حول الدين الإسلامي.
أول مناظرة بين الإسلام والمسيحية
وصلت أخبار القس فيندر إلى الشيخ رحمة الله الهندي، بأنه يتحدث عن الإسلام بشكل سيء، الشيخ الهندي كان حافظاً للقرآن وملماً في علم الدين الإسلامي، وعمل في الرد على النصارى.
وكان مؤثراً أيضاً في وقته عن طريق المناظرات التي يقيمها في الهند، وبالتالي تمت دعوته لمناظرة القس فيندر، وبعد تسعة رسائل لدعوته وافق الشيخ رحمة الله الهندي.
في المناظرة بين الإسلام والمسيحية تم فتح عدة مسائل لبدء النقاش، وكان منها اعجاز القرآن والتحريف، ودامت المناظر لمدة يومين، ظهرت على أساسها كتب مطبوعة تشمل كل المسائل التي تم النقاش بها.
وتحت المناظرة في عام 1854 والشيخ رحمة الله الهندي، استطاع أن ينتصر على القس فندر وجعله يعترف في التسعة مسائل بأن الإنجيل محرف.
انسحب القس فندر من المناظرة في النهاية خاسراً، وهكذا علم الناس كلهم أن الشيخ رحمة الله الهندي انتصر على فندر في المناظرة تلك.
طرد الشيخ رحمة الله الهندي
مضت السنوات وأصبح للشيخ الهندي مريدين ومتابعين كثر، وبدء يدعوا للإسلام بقوة، وفي عام 1857 ظهرت ثورة ضد الاستعمار الانكليزي في الهند فناصرها الشيخ رحمة الله الهندي.
علمت بريطانيا بما يقوم به الشيخ رحمة الله الهندي من أعمال دعوية وتحريضية في الهند، فبدأوا يطاردونه فاستطاع أن يفر من مكان إلى مكان.
تمت مصادرة أمواله كلها وهدر دمه، لذلك اضطر إلى الهرب من الهند بشكل نهائي، وتنقل في عدة أماكن حتى وصل إلى مكة المكرمة.
القس فندر بعد أن هزم في المناظرة انتقل إلى أوروبا ومن ثم إلى اسطنبول، وكان ينشر حديثاً هناك بأنه قام بمناظرة أحد كبار العلماء في الهند حول الإسلام والمسيحية وأنه هزمه.
وصار يدعوا علماء اسطنبول إلى المسيحية مثل علماء الهند، ولكن الخليفة عبد العزيز العثماني استشاط غضباً وسأل عن الشيخ رحمة الله الهندي فعرف أنه في مكة المكرمة.
فأمر بمثول القس فندر والشيخ رحمة الله الهندي أمامه، ثم طلب منه اثبات كلامه بأنه فاز بالمناظرة مع الشيخ وأنه انتصر للمسيحية على الأفكار الإسلامية، فوافق القس فندر على ذلك.
وعندما وصلت الرسالة إلى الشيخ اتجه فوراً إلى اسطنبول، ولكن فندر عندما علم بقدومه هرب إلى أوروبا، ودارت عدة نقاشات بين أنه هرب أو أنه توفي ولكنه في النهاية قد فر من اللقاء فعلاً.
تأليف كتاب إظهار الحق
عندما وصل الشيخ الهندي إلى اسطنبول تم استقباله استقبال الأبطال، ومن ثم جمع الخليفة عبد العزيز جميع العلماء لترحيب به، وأصبح له شأن كبير في العالم الإسلامي قاطبة.
طلب الخليفة عبد العزيز العثماني من الشيخ رحمة الله الهندي أن يؤلف كتاب عن تلك المناظرة التي حدثت في الهند بينه وبين القس فندر، عن المسيحية والإسلام، وأن تكون بالرد على النصارى وباللغة العربية.
وبالفعل بدأ الشيخ رحمة الله الهندي بتأليف كتابه الشهير إظهار الحق، رداً على كتاب ميزان الحق، المرجع الرئيسي اليوم للنصارى في الطعن بالإسلام.
تم انجاز الكتاب في عام 1864 وكان باللغة العربية وطبع وانتشر في العالم الإسلامي، ومن ثم أتى الخليفة عبد الحميد الثاني وسمع بكتاب إظهار الحق وموضوع المناظرة.
أعجب الخليفة عبد الحميد الثاني بالشيخ رحمة الله الهندي، وفكر في طلبه ليأتي إلى اسطنبول، ولكن القنصلية البريطانية في جدة بدأت تتحرك ضد هذا الطلب.
وبدأوا يحرضون حاكم جدة بأن هذا الشخص هو خطير لا يجب أن يقابله الخليفة العثماني، ويجب أن ينبذ ولا يعطى أي أهمية فاقتنع أمير جدة بهذه الأفكار.
وأرسل إلى الخليفة يخبره بأن هذا الشخص خطير ويفترض أن لا يتم التعامل معه، ولكن الخليفة عبد الحميد الثاني كان لديه فكر لنشر الإسلام خاصة في أوروبا وفي العالم أجمع.
فرفض حديث حاكم جدة وطلب مرة أخرى من الشيخ القدوم إلى اسطنبول وبالفعل انتقل الشيخ إلى اسطنبول وقابل الخليفة عبد الحميد الثاني واستقبل استقبالاً لائقاً.
أعجب الخليفة بحديث الشيخ رحمة الله مؤلف كتاب إظهار الحق، وطلب الخليفة العثماني ترجمة الكتاب إلى تسع لغات، وتمت ترجمته فعلاً، وبدأ الخليفة يدفع المال لنشر الكتاب.
محاربة كتاب إظهار الحق للدفاع عن الدين الإسلامي
انتشر كتاب إظهار الحق في العالم الإسلامي، وتم ترجمته إلى اللغة الألمانية والفرنسية والإيطالية، ووزع في أوروبا.
اجتمع القساوسة في أوروبا وقرروا جمع كل النسخ التي تصل إلى أوروبا واحراقها لمنع نشرها، حتى تحدثت الصحف الإنجليزية عن خطورة الكتاب وتم حظر استخدامه.
ولكن الشيخ رحمة الله الهندي مؤلف كتاب إظهار الحق، لم يتوقف عن نضاله في نشر الكتاب والحقيقة الظاهرة فيه، ففكر في إنشاء مدرسة قريبة من الحرم المكي.
وكانت المدرسة تهتم بنشر العلوم وتدريس القرآن وحفظه وعلم القرآن، لنشر الفائدة بين المسلمين، ولكن لم يكن لديه تمويل مالي يعتمد عليه.
إلى أن أتت الأميرة صولت النساء وهي أميرة هندية، حيث عرض الشيخ رحمة الله الهندي مشروع الكتاب عليها، فتكفلت بانشاء المدرسة من البداية إلى النهاية.
وقامت المدرسة على هذا الأساس وسميت المدرسة، المدرسة الصولتية، نسبة إلى الأميرة صولت النساء وهي موجودة إلى الآن.
توفي الشيخ رحمة الله الهندي في عام 1891 الموافق 1308 للهجرة، ولا يزال أحفاده يدروسن في هذه المدرسة، وفي عام 1344 زارها الملك عبد العزيز رحمه الله، ودخلها وأثنى على القائمين عليها.
ولا يزال كتاب إظهار الحق موجوداً إلى الآن، ويعتبر من أفضل الكتب للرد على النصارى، والزود عن الدين الإسلامي.
المصدر يوتيوب