كتاب قوانين الطبيعة البشرية لروبرت غرين Robert Greene : على عيون البشر عدسة تشكل رؤيتهم، للعالم، هذه العدسة تسمى الموقف.
الموقف في علم النفس هو الاستعداد للعمل او للرد بطريقة معينة ويكون غير واعي، يمكن أن نقسم الموقف لنوعين، الأول ضيق وسلبي والثاني توسعي إيجابي.
الموقف السلبي في قوانين الطبيعة البشرية
الحياة بطبيعتها غير قابلة للتوقع بنسبة 100% وفيها جزء من عدم اليقين، فعندما تشعر بالذعر تكون بخوف من عدم اليقين.
ولكي تحمي نفسك منه تختبره في الحياة، وبهذه الطريقة احتمالية وقوع أحداث غير متوقعة لك تكون أقل.
هناك خمسة أشكال منتشرين للموقف السلبي
الموقف الأول هو الموقف العدائي
الذين يتبنون هذا الموقف يقعون بالكثير من المشكلات مع كل الناس، وعندما كانوا أطفال فسروا الانفصال عن الأهل أنه فعل معادي.
وعندما يكبرون يرون الحياة والتجارب على أنها مليئة بالمعارك والخيانة والاضطهاد. ويفسرون كل التصرفات على أنها أفعال معادية ضدهم، ورد فعلهم على عداء الناس يكون عداء بالمقابل.
هم شخصيات ماهرة في إثارة الغضب والإحباط عند الناس، من أجل تبرير موقفهم الأصلي بقولهم (الناس كلهم ضدي).
إذا وجدت في نفسك علامات الموقف العدائي، فالوعي هو الحل للتخلص منه، بأن تكون واعي بتصرفاتك، وقم بتجارب بسيطة تختبر فيها افتراضاتك.
أفكار إيجابية
تعامل مع الناس بأفكار إيجابية دون تقيم مسبق، لو استجاب الناس بشكل عادي ممكن فعلاً أن يكون العالم كله ضدك، وإذا لم يحصل تكون أنت مصدر العداء من الأول وليسوا هم.
أفكار عدائية
أما تعاملك مع شخص متبني الموقف العدائي ويتعامل معك بعداء دون سبب، فالحل ألا تستجيب للعداء بعداء مقابل رد فعلك المعادي، ما يغذي تبريره ويكمل بالعداء.
لكن إذا لم ترد عليه بالمثل فالموقف يربكه ولن يتصرف بطريقة معادية.
الموقف الثاني هو الموقف القلق
الأشخاص الذين من هذا النوع، يتوقعون جميع أنواع العقبات في أي موقف قبل حصوله بدون سبب.
وهذا ما يخلق كمية كبيرة من القلق في حياتهم، ويكونون خائفين من المشاكل لأنها تفقدهم السيطرة.
يكون الحل عندهم تقليل التجارب التي يمكن أن يضعوا نفسهم فيها، وتديق العالم الذين يتعاملون معه، فكلما شعروا بالقلق يسهل السيطرة عليهم.
وفي بعض الأحيان يخفون الحاجة للسيطرة بشكل من أشكال الحب، لو تعاملت معهم ستجدهم كماليين جداً يريدون كل شيء يجري بأسلوبهم ويتدخلون بأصغر التفاصيل.
ممكن أن تجدهم يسعون لإرضاء الناس ويملقونهم بشكل مبالغ فيه، يكونون محميين أكثر بإرضائهم للناس، بهذا الأسلوب لا يتصرف أحد ضدهم بشكل غير ودي.
لو تعاملت مع هذه الناس حاول ألا تشعر بالقلق اتجاه قلقهم، بدل من ذلك طمنهم ولا تستجيب لقلقهم، إذا كنت من الأشخاص القلقين ركز طاقتك اتجاه مشروع منتج يكون له تأثير مهدئ عليك.
الموقف الثالث هو الموقف المتجنب
وهم يتهربون من كل شيء، عندما كانوا أطفال كانوا يشعرون بالذنب، ويخافون من حكم
أهلهم عليهم.
فنمى عندهم إحساس عدم الأمان ودوماً متشككين بكفاءتهم، ويتجنبون أي نوع من أنواع المسؤولية لأنها تختبر تقديرهم لذاتهم ليسهل الحكم عليهم.
حياتهم كلها هروب من العلاقات في منتصف الطريق، هروب من العمل وهروب من الحياة بشكل من الإدمان، دائماً يتكلمون عن أفكار عظيمة يريدون أن يقوموا بها ولكن لا ينفذوها.
لا تؤمن بكلامهم أنظر لأفعالهم وافتقارهم للإنجازات.
إذا كنت بهذا الميول، الطريقة للتعامل مع نفسك هي التنفيذ، إذا نجحت أو فشلت أنت من يكسب، ادفع نفسك للبدء بتقليل الخوف والتقدم أسهل.
الموقف الرابع هو الموقف الاكتئابي
يرون نفسهم أنهم لا يستحقون أي شيء، كأطفال لم يشعروا بالحب الكافي من آبائهم وأمهاتهم.
لكن بنفس الوقت يصعب عليهم تخيل أن أهلهم معيوبين ومخطئين ولم يحبوهم بالشكل الكافي، فيخرجون من الموقف بتبرير أن من حقهم ألا يحبهم أحد، وأن هناك خطأ فيهم.
ويبقى الشعور بعدم القيمة يرافقهم طيلة حياتهم، وعندما يكبرون يتوقعون التخلي عنهم، ويمكن أن يخربوا حياتهم لو واجهوا أي نوع من أنواع النجاح، لأنهم يشعرون في أعماقهم أنهم لا يستحقونه.
ويدفعون الأخرين ويشجعوهم أن يتصرفوا معهم مثل الخيانة أو النقد، وهكذا يغذون اكتئابهم ونظرتهم للحياة.
لو كان لديك هذا الميول، أفضل طريق أن توجه طاقتك للعمل بدل أن تواجه حساسيات المواقف بالانسحاب والوحدة.
وجه طاقتك للخارج للعمل بإضفاء طابع خارجي على مواقفك اتجاه الانسحاب فتنحل مشكلتك.
إذا واجهت الناس الاكتئابين، أولاً لا تجعلهم يواجهوا اكتئابهم بالحديث عن روعة الحياة، بل وافق على وجهة نظرهم اتجاه العالم، وحاول أن تدفعهم لتجارب إيجابية هي التي ترفع طاقتهم ومزاجهم.
الموقف الخامس هو المستاء
هؤلاء يحملون العدادات ويسيرون وهم يقيسون عدد مواقف عدم الاحترام التي يتعرضون
لها.
عندما كانوا أطفال لم يشعروا بما يكفيهم من الحب من الأهل، لذلك يكونوا جشعين اتجاه المزيد من الاهتمام.
خيبت الأمل والشعور بعدم الرضى يبدأ معهم من الطفولة، ويكمل معهم بقية حياتهم، لذلك لا يشعرون أبداً بحصولهم على التقدير الذي يستحقونه.
إحساسهم هذا يجعلهم يسيرون دوماً بعدادات، يقيسون أي علامة من علامات عدم الاحترام أو الاحتقار بالمواقف.
أو يقيسونه في وجوه الناس، ولو وجدوا أي شيء يأخذوه كمؤشر على الظلم و الإهانة الشخصية.
ولكن هم يسيطرون على عواطفهم التي يشعرون بها، ولا يخرجونها للناس، ولكن في المستقبل يخرجونها بشكل عدائي سلبي.
إذا وجدت في نفسك هذا الميول، الأفضل أن تتخلص من خيبة الأمل، بأن تنفجر بالغضب في لحظتها.
عندما تشعر بالغضب حتى لو كان بشكل غير عقلاني، ولكن مع الوقت تصبح عقلاني بغضبك وتستطيع أن تحكم على المواقف إذا كانت تستحق الغضب أو لاء.
لكن إذا أبقيت عواطفك داخلك دائماً، ستعيش في المبالغات وتأخذ الأمور كلها على محمل شخصي.
إذا تعاملت مع هذه الشخصية فانتبه من العدائية السلبية التي تظهر دون مبرر، وحاول مناقشته بأن يخرج مشاعرة للخارج.
مشاكل المواقف
هناك مشكلتين للمواقف الخمسة السلبية
المشكلة الأولى:
أنها تقلل الذي نختبره في الحياة وندفع التجارب بعيداً عننا، ولهذا يصعب علينا تحقيق أي شيء.
المشكلة الثانية:
إذا تبنيت موقف من المواقف هذه،فاحتمال كبير ألا ترى الدور الذي تلعبه اختياراتك في حياتك، وتتهم الظروف أنها تظلمك أو الناس أو أي شيء خارجي، وأنت لا تفهم ما أنت عليه وتحارب أشياء ليست هي السبب.
الحل للموقف السلبي
والحل هو تبني موقف إيجابي عن طريق شيئين، أولاً أن تنتبه أنك تسقط مشاعرك السلبية على الموقف، لأنك تأخذ المواقف بصورة شخصية.
لذلك حاول أن تتخلص من أخذ ما يصنعه الأخرين ويقولوه بصورة شخصية، وكأنها موجهة لك شخصياً.
أنظر للناس أنهم مكونات حديقة، والحديقة فيها الزهور بأنواعها والصخور بأنواعها، الناس فيهم النبيل والمهووس بنفسه والغبي، وهناك الحساس وغير الحساس كلهم مختلفين.
تقبل كل الناس والتنوع، عندما تتصرف بهذه الطريقة تكون أكثر تسامحاً اتجاه الناس وتكون تفاعلاتك الاجتماعية أكثر سلاسة.
قانون الأنا الهشة – قانون الحسد
نحن البشر دائماُ نقارن بين بعضنا البعض، وهذ المقارنة تعمل كحافز للتفوق، ولكن يمكن أن تتحول لحسد عميق.
مشكلة التعامل مع الحسد أنه مخادع يختبأ خلف مشاعر أخرى، لو شعرت بالحسد فأخفي حسدي هذا حتى عن نفسي، وأقول ما يحركني هو ليس الحسد، هو الغضب مثلاً أو القلق أو الظلم، أي شعور مغاير للشعور الأصلي.
الحسد
الحسد يستلزم التأكيد لأنفسنا أننا أقل من الشخص الذي نحسده بالشيء الذي نهتم به، والشعور مؤلم جداً لكبريائنا، فهو يحتاج درجة كبيرة جداً من الوعي عندما تكون هذه الصفة عند الأخرين.
علامات الحسد كثيرة، وهي الثناء السام أي أن يمدح الأخرين ولكن بشكل مهين.
لو فرضنا أن شخص ما أكمل مشروعه وكان رد فعل الناس إيجابياً وبشكل ناجح، كشخص حسود يقوم بالثناء عليك بأن أشيد بالأموال التي ستجنيها من مشروعك هذا، بدل من الثناء على العمل نفسه أو الجهد المبذول.
ويتهمك ضمنياً أنك شخص مادي وتحب الأموال، وهذا الدافع للقيام بالمشروع.
تم الثناء عليك ولكن بطريقة غير مريحة، وهذه هي العلامة التي نميز فيها الثناء العادي من الثناء السام.
ويمكن أن يختار أوقات يتكلم بها بهذا الطريقة، بحيث تسبب أقصى درجة شك داخلك وأضرار خارجية لك، كأن يقول التعليق هذا أمام الناس.
أنواع الحاسدين
هناك ثلاث أنواع من الحاسدين تجدهم في حياتك
المساواتي
لا تعجبه اللا مساواة الموجودة في العالم، وهو لا يتصرف بهذا الطريقة لتعاطفه مع المستضعفين، لأنه لا يستطيع أن يعترف بالامتياز ولا يقدره بأي أحد.
يغطي الحسد الذي يشعر به اتجاه الشخص الناجح بالسخط، برأيه الشخص الناجح هو غشاش فاسد متلاعب بالنظام، وبأفضل الأحوال هو محظوظ ولا يستحق الثناء.
لقد ربط التميز والنجاح بالظلم وهذه وسيلته ليتعامل مع عدم الأمان وهذا من كتاب قوانين الطبيعة البشرية.
انتبه من هذا النوع من الناس وخاصة في أماكن العمل، لأنه من الممكن أن يشعروك بالذنب لأنك طموح وتريد أن تطور من ذاتك، ودائماً يقولون تعليقات سلبية هدامة، أو أن يخربوا عملك بدون علمك ودون أي تأنيب ضمير.
المتكاسل
هنالك الكثير من الناس يريدون النجاح ولكن يعلمون أن النجاح يتطلب منهم التضحية والعمل الجاد.
المتكاسل شخص نرجسي، يرى من حقه أن ينجح ويأخذ المكافأة ويجذب الاهتمام من غير تعب.
حسده خامل وغير مؤذي، إلى أن يجد نفسه بين أناس ناجحون ويكسبون احترام حقيقي لعملهم، وهذا ما يفّعل إحساسه بعدم الأمان ويصبح حسده نشط.
لنكن حذرين من الأشخاص الذين يريدون كسب النجاح بالكلام بدل العمل وتنفيذ المهام، وهؤلاء أكثر عرضة للحسد والكره، عندما يكون نجاحك قائم على العمل دون الكلام.
المولعة بالمكانة:
شخصية حساسة للرتبة ويقيس المركز الاجتماعي، هذه هي الطريقة التي يحدد بها التقدير الذاتي له وللأخرين.
تستطيع معرفتهم بسهولة بسبب اهتمامهم الشديد بتحول كل شيء للمادة، الثياب التي يلبسها والسيارة التي يركبها كل تركيزه موجه على الأموال.
يسألون دائماً أسئلة من نوع كم تحصل على راتب؟ هل هذا بيتك أم أجار؟ وأسئلة أخرى يمكن أن تستخدم بالمقارنة.
إذا كان حولك هذا النوع من الناس، حاول أن تقلل أو تخفي ما عندك مما يثير حسدهم، ولا تتكلم عن مهاراتك وممتلكاتك إلا بأقل قدر ممكن، لكي تقلل من هجومهم عليك بأساليب خفية.
الحسد يمكن أن يجعل الناس تضربك بظهرك وأنت لا تعلم، لذلك عليك بمعرفة التعامل معهم بطريقة صحيحة.
بأن تعادل هذا الشعور، أي عندما يأتي ذّكر أي إنجاز لك، ركز دوماً على موضوع الحظ، بأن تقول الحظ هو النصيب الأكبر بالشيء الذي وصلت إليه وليس الجهد.
تجنب التباهي بالمواهب، وبشكل استراتيجي اكشف عن بعض العيوب، كأن توضح غبائك وعجزك في بعض المواضيع خارج نطاق عملك.
وفي الكلام ركز على الأمور التي ليست عندك وتريدها مثلاً لو كنت موهوب بالعلوم وضح للأخرين أنك تتمنى امتلاك بعض المهارات الاجتماعية وهكذا.
إذا كنت أنت حسوداً
ألية المقارنة التي في عقولنا والتي تخلق الحسد لا يمكن أن نوقفها، ولكن يمكن أن نوجه الطاقة التي نشعر بأن تفعل بشيء منتج ومبدع بدل الرغبة بتدمير الأخر.
نفعل الرغب بالارتقاء لمستوى الأخرين، ولنصل لهذا نحتاج لتحولات نفسية، ومنها تنمية الثقة بالنفس والقدرات.
فالثقة بالنفس هي ترياق الحسد، فإذا وثقت بنفسك تصل لاعتقاد أن لديك قدرة على الارتقاء مثل الناس.
وبالتالي لا تحتاج لتحسد أحد، لذلك عليك العمل على موضوع الثقة بالنفس، بالإضافة لتطوير أخلاقيات عمل قوية، فإن كنت ثابت ومحافظ على معايير عمل عالية تستطيع أن تحظى بمكانتك.
الأشخاص الكسولين والغير منضبطين هم أكثر عرضة للحسد وتبنيه.
وأخيراً امتلاك حس الهدف عندما تركز في حياتك على خططك الخاصة والواضحة هذا يمنحك الرضا لتحقيقها والتقليل من مقارنتك بالأخرين وأهدافهم.
كتاب قوانين الطبيعة البشرية لروبرت غرين / قناة أخضر