كوريا الشمالية
تعتبر كوريا الشمالية من اكثر البلاد عزلة في العالم كله والكثير منا يعرف القوانين الغريبة التي وضعها رئيس البلاد لكي يعزل شعبه في العالم،
فكوريا الشمالية بلاد ليس فيها انترنت او قنوات فضائية ولا جرائد عالمية ولا يوجد اي مصدر يستطيع المواطنين معرفة المعلومات منه سوى التلفاز الرسمي للبلاد الذي يحتوي على 3 قنوات فقط تخضع الى رقابة السلطة
هذا غير سمعة النظام السيئة في انتهاك حقوق الانسان فهذا البلد حاليا غير مرغوب به لجميع دول العالم تقريبا،
ولن ننسى هوس الرئيس الكوري بصناعة وتطوير الاسلحة النووية التي كانت السبب الرئيسي في العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الامريكية على الاقتصاد الكوري
ورغم ذلك نجد صور الرئيس الكوري وقطاراته الرئاسية التي هي في قمة الفخامة والرقي هذا اضافة الى المصانع والمدارس والمشافي التي تبنيها الدولة.
السؤال الذي يطرح نفسه، هذه البلاد من اين تأتي بالمال؟
في البداية لنعرف من اين تأتي كوريا الشمالية بالمال، هذه البلاد التي تستخدم نهج معين في سياستها الاقتصادية الذي يسمى بالاقتصاد الموجه والاقتصاد الشيوعي
هذا النظام معناه ان الحكومة الكورية تكون هي المتحكم الرئيسي بالاقتصاد وهي التي تحدد ماهي المصانع التي سيتم بناءها وما السلع التي سيتم بيعها وهي المتحكم الوحيد في اسعار هذه السلع
وهذا النظام يمنع اي فرص لاستثمار المواطنين في بلده ولا يمكن لاي احد ان يقوم بمشروع او ينشئ شركة سوى الحكومة او افراد معينين خاضعين للسلطة وهذا معناه ان جميع المصانع والشركات الموجودة في البلاد هي ملك الدولة
الشعب بأسره يعمل لدى الحكومة وعوائد اي استثمار تكون لصالح خزانة الدولة مباشرة، بعد ان علمنا السياسة الاقتصادية في البلاد سنعود لنفس السؤال، من اين تجلب الحكومة الكورية الاموال التي تبني بها المصانع والمشاريع؟
والسؤال الاهم: هل هذه المشاريع هي مصدر الدخل الوحيد للدولة ام لا؟
من أكثر الاساليب المدهشة التي من المستحيل ان تتخيل انها مصدر من مصادر دخل اي دولة هي سياسة التفاوض بما اننا نتكلم عن واحدة من اكثر بلدان العالم التي تم فرض عقوبات اقتصادية عليها فيجب ان تتوقع افكار خارج الصنوق
قبل تأسيس دولة كوريا الشمالية بمسماها الحديث او جمهورية كوريا الديموقراطيه الشعبية في عام 1948 كانت شبه الجزيرة الكورية محتلة منن الامبراطورية اليابانية
لكن بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية تم تقسيم شبه الجزيرة الكورية الى قسمين قسم شمالي خاضع لادارة الاتحاد السوفيتي وقسم جنوبي خاضع لولاية الولايات المتحدة الامريكية
ومن حينها الاتحاد السوفيتي درب مجموعة من الشباب الكوريين في السر لكي يقوموا بتشكيل حكومة في المستقبل تكون واجهة لهم كي يقوموا بحكم الدولة الكورية وعلى رأس هؤلاء الشباب كان الزعيم الكوري كيم إل سونغ مؤسس كوريا الشمالية،
بعدما تم تأسيس هذه البلاد فكر كيم بالتحرر من التبعية للنظام السوفيتي، لكن لم يكن حينها يوجد اي دخل للبلاد فقد كان اقتصاد البلاد قائم على الزراعة البدائية وصيد الأسماك،
ومن هنا ظهرت لكيم فكرة التفاوض، قرر الرئيس الكوري التلاعب بالبلاد الطامعة في حكم بلاده من خلف الستار وقرر بذكاء ان يقوم بترك الباب مفتوح لهذه الدول لكي يمدوا كوريا الشمالية بالمساعدات.
بالتالي تتسابق الدول على ارسال المساعدات لهذه البلاد طمعا في محاولة السيطرة عليها وكلما طمعت الدول في البلاد اكثر كلما زادت المساعدات اكثر هذا غير انه هناك دول اخرى تقدم مساعدات
لكي تقف كوريا عن أخذ صف دولة معينة وبالفعل نجحت هذه السياسة في ان تكون واحدة من مصادر الدخل المبدئية للدولة وكانت في بعض الاحيان وسيلة ضغط فعالة لكي تضغط على الولايات المتحدة الامريكية في تخفيف العقوبات الاقتصادية
تكلمنا في بداية المقال عن النظام الاقتصادي الكوري، وقد تكلمنا ان الدولة هي التي تتحكم في انواع المنتجات التي تنتجها المصانع والهدف الرئيسي لهذا التحكم هو رغبة الدولة الكورية في تصدير هذه السلع،
المجتمع الكوري مجتمع فقير للغاية فمتوسط دخل الفرد لا يتعدى 2000 دولار في السنة كلها ويكفي ان تعرف انه في عام 2018 قد وصل عدد السكان الذين يعانون من نقص تغذية لأكثر من 43% من اجمالي السكان
والسبب في هذا ان الدولة في معظم طاقتها الانتاجية للتصدير، تصدير الملابس والفحم والمنتجات الغذائية والمعدات العسكرية والذين يمثلوا اكثر من نصف الناتج المحلي للاقتصاد الكوري كله
ما المميز في بضائع كوريا الشمالية حتى تقوم الدول باستيرادها؟
الاجابة تكمن في الدول التي تستورد من كوريا الشمالية فالصين هي اكبر مستورد للمنتجات الكورية ويبلغ حجم استيرادها 80% من اجمالي السلع التي تصدرها كوريا
ولو نظرنا الى اقتصاد الصين القوي سنجد انه لا يوجد اي مبرر لاستيراد هذه السلع لكن بالرغم من ذلك الصين تستوردها كنوع من انواع فرض السيطرة على المنطقة وفي نفس الوقت تقليل النفوذ للولايات المتحدة الأمريكية
يعتبر منتجع التزلج ماسك باس من اكثر المشاريع الكورية إثارة للفضول في الأونة الاخيرة قرروا بناء منتجع تزلج فاخر في دولة معظم سكانها يعانون منن نقص في الغذاء قرار في منتهى الغرابة
لكن عندما تفهم التشكيل الطبقي للمجتمع الكوري ستعرف ماهو الهدف من بناء هذا المجتمع هو وغيره من المطاعم الفاخرة والمتاجر التي تعرض سلع يتخطى سعرها متوسط الدخل الذي يحصل عليه المواطن الكورري العادي في السنة كلها
المجتمع الكوري ينقسم الى قسمين:
المجموعة الاولى هي الطبقة التي تتكون من الاسرة الحاكمة وكبار موظفين الدولة وهذه الطبقة ثرية ثراء فاحش ولكي يكسب الرئيس الكوري ودهم ويزيد من مصادر دخل الدولة يقوم بإنشاء منتجات
مثل ماسك باس وبهذا يكون قد ضرب عصفورين بحجر واحد ووفر للطبقة العليا نمط الحياة الفارهة التي ستجعلهم مرتاحين وزاد من دعمهم وولائهم له
اما المجموعة الثانية التي ينتمي لها معظم افراد المجتمع الكوري الذين اقصى طموحاتهم هو توفير الغذاء والمصاريف اللازمة للتعليم
فبالتالي لا يوجد توجه من الدولة لتخدم هذه الطبقة لأنها لن تقدم ارباح لخزينة الدولة
تعتبر المكاتب 35 و 38 و 39 او مايعرف بمكاتب الطابق الثالث من اسوء الادارات الاقتصادية سمعة في العالم كله والسبب في هذا السوء في السمعة هي الاساليب التي تستخدمها في تحقيق الربح
هذه المكاتب تتبع للدولة ويشاع عنها الاتجار بالمخدرات وتزوير الدولارات وتهكير بعض الحسابات البنكية وسرقة العملات الرقمية والمتاجرة بها والمصيبة الاكبر من ارتكاب هذه الجرائم انها تكون بتشجيع من النظام الكوري نفسه
والمشكلة ببساطة ان هذه المكاتب جزء لا يتجزء من الاقتصاد الكوري ومن غيرها مصادر العملات الاجنبية التي ينفقها النظام الكوري ببذخ على الرفاهية ستقل بشكل كبير وكل مكتب من هذه المكاتب يكون مسؤول عن مهمة معينة في كل العمليات المشبوهة
المكتب 35 يتكون افراده من مجموعة من ضباط الاستخبارات وتكون مهمتهم جمع المعلومات الاولية عن العمليات التي ستقوم بها باقي المكاتب بالاضافة الى تأمين هذه العمليات بحيث ان لا يظهر النظام الكوري في واجهة اي عملية
اما المكتب 38 يقوم بدور العلاقات العامة التي تدير شركات ومصانع النظام داخل وخارج كوريا، وهذا المكتب يعتبر واجهة النظام القانونية
اما المكتب 39 يعتبر المنفذ لكل العمليات من تجارة سلاح ومخدرات وتزوير عملات وغيرها من النشاطات المشبوهة
من اسوء الطرق التي تستعملها كوريا الشمالية في الحصول على الاموال هي الاتجار بالبشر او تستطيع القول تجارة عبيد بفهوم حديث
يجبر النظام الكوري جميع المواطنين بالعمل عند الدولة ولا يوفر لهم اي حقوق او احتياجات اساسية فكل الرواتب التي تدفعها الحكومة لشعبها زهيدة ولا تكفي احتياجاتهم من الطعام والسكن والملبس
ومع ذلك لم يكتفي النظام الكوري بذلك بل قرر تصديرهم الى دول أخرى ويستفيد من قدرتهم على العمل
النظام الكوري يرسل كل عام ألاف العمال لدول كالصين وروسيا ليعملوا بالسخرة في ظروف اقل ما يقال عنها انها غير أدمية
وهناك تقرير نشر في عام 2015 قالت من خلاله الامم المتحدة انه تم ارسال مايقرب من 100 الف عامل لهذه الدول كي يعملوا هناك ورواتب هؤلاء العمال يتم دفعها من قبل الحكومات التي تستورد العمال مباشرة للحكومة الكورية وليس للعمال نفسهم والذين بدورهم يعطون هؤلاء العمال فتات من رواتبهم وتحتفظ بالباقي لها
اقرأ أيضاً… الثورة الصناعية: كيف بدأت الثورة الصناعية
اقرأ أيضاً… ارتفاع الاسعار | لماذا قد تستمر الأسعار في الارتفاع خلال 2022؟ ولماذا ترتفع أصلاً؟
اقرأ أيضاً… اقتصاد اوروبا – ميركل تصف وضع ألمانيا بالمأساوي – أكبر اقتصاد في أوروبا في خطر