المراهقة تبدأ تقريباً من 9 – 10 سنوات وتشتد إلى 12 – 13 وتصل أقصاها 15 – 16 وهي على مراحل.
المراهق ، الطفل الذكر بهذه المرحلة كأنه ينزع ملابس الطفولة ويلبس ثوب الرجولة وإذا بنت ثوب الأمومة والمرأة.
والذي يحدث أنهم يريدون الابتعاد ولا يريدون أن يكونوا قريبين من أمهم وأبيهم، لأنهم يشعرون أنهما يتسلطان عليهم ويتحكمان بهم ويقيدون حركتهم وتصرفاتهم.
و المراهق حينها لا يتحدث مع أمه وأبيه لأن طبيعة الكلام عند التحدث معهما أنهما يعطيان النصائح.
وعند بداية خروج المراهق للدنيا، لا يريد أم يستمع لنصائح، فأكثر النصائح أصبحت مكررة.
ابني عمره 16 ولا يحب سماع النصح
فيما بيننا أولادنا معهم حق، فهو منذ عامه الثاني وهو يستمع لنصائح، وحتى عمره 16 وما زال يسمع نصائح.
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يعطي درساً في العراق كل خميس، فطلبة العلم يسألونه أن يأتي كل يوم ليعطيهم نصيحة في المسجد.
فرد عليهم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا في النصح، أي النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن يكثر النصائح، أي بين النصيحة والثانية هناك مسافة.
والتزم رضي الله عنه أن في كل خميس أن يقدم لهم نصيحة، فأصبحوا ينتظرون النصيحة بشوق.
فإن كنا نعطي أولادنا نصائح كل يوم وطوال الوقت فسيكرهوننا ويكرهون بيتنا. لذا يجب أن نتعلم فن ومهارة التربية والتي هي مهارة التربية بالحوار.
ما الفرق بين التربية بالنصيحة والتربية بالحوار
فرق شاسع، سأقول لكم مثال:
اليوم كان لدي بنت جالس معها، أحضرها أهلها لأن لديها تواصل في الشبكات الاجتماعية مع أحد الشباب، ويريدوني أن أتحدث معها.
فسألتها عن عمرها، فقالت في المرحلة الثانوية، وأقرت أنها تواصلت مع الشاب. فسألتها ما الذي تتوقعينه مني؟
فتوقعت مني أن أقول لها أنها مخطئة وأن تصرفها غير سوي. وكونها تواصلت مع شاب في سناب شات، فإنها تصرفت بطريقة خاطئة.
ومن ثم أني سأنصحها أن لا تكرر الأمر ثانية، أو أن تلغي حسابها في سناب شات.
فقلت لها: هل توقعت أن أقول كل ذلك؟
قالت: نعم، لأن هذا الكلام حفظته.
قلت لها: لكني لم أكن مخططاً أن أقول هذا الكلام.
قالت: كيف لم تكن مخطط؟
قلت لها: لم أكن مخطط، بل لدي سؤال، التصرف الذي قمت به، هل ترينه صح أم خطأ؟
قالت: صح وخطأ.
قلت لها: كيف صح وخطأ معاً؟
ما الخطأ والصح في نظر المراهق
قالت: صح، لأن ما الخطأ في بنت في عمر 15 أو 16 سنة أن تتواصل مع شاب في سناب شات؟ وما الخطأ في أن يتحدثون في كلام غزل وحب؟ لا أرى هذا خطأ.
قلت لها: طيب، هذا ما ترينه؟
قالت: أما خطأ، فيمكن أني يتجرأت قليلاً.
قلت لها: والصح؟
قالت: والصح، لأنه كل البنات في المدرسة لديهم شباب في سناب شات، فهل أكون الوحيدة التي تريدني أن لا أتواصل معهم؟
قلت لها: الآن أبوك وأمك عندما عرفا ما هو موقفهم؟
قالت: عصبوا وسحبوا مني الجوال، وقلت لهم أني مستعدة أن ألغي حسابي، لكن أهم شيء أن تثقا بي.
قلت لها: أحسنت، وموقفك ممتاز.
قلت: أحقاً؟
قلت لها: موقفك ممتاز، لكن سأسألك سؤال، بعد شهرين أو ثلاثة عندما تعطيك أمك الجوال وتقول لك انتهت يا ابنتي فترة التأديب، فكيف ستتعاملين مع أمك وأبيك؟ وكيف يثقون بك؟
فأعطتني ضمانات.
نهاية الحوار
في نهاية اللقاء، قلت لها: أنتهينا؟ هل هناك شيء آخر؟
قلت: شكراً، لكن أنا سأقول كلمة، لماذا لم تنصحني؟
قلت لها: من قال أني لم أنصحك؟ أصلاً كل كلامي نصائح.
قالت: لا، أنت لم تقل لي صح خطأن يجب أن تقومي بكذا ولا تقومي بكذان هذا عيب هذا لا يجوز، هذا حلال هذا حرام، لم تقل لي ذلك.
قلت لها: صحيح أني لم أقل لك ذلك، لكن كل كلامي هو نصائح، لكن نصائحي من خلال الحوار وأنت ما شاء الله كبيرة وواعية، وإجاباتك ما شاء الله موزونة.
فأنا احترمت قراراتك وأنت تتكلمين صح، ولو كنت تقولين خطأ كنت قلت لك، لكنك لم تقولي شيئاً خطأً.
عندما قلت أن جميع طالبات المدرسة لديهم صداقات، قلت لك صحيح، ثم سألتك لو أن الناس كلهم يقومون بالخطأ هل أصبح مثلهم؟ فهل حشرٌ مع الناس عيد؟
قالت لي: لا.
قلت ها: لو أنهم ألقوا بأنفسهم إلى جهنم، فهل تلقين بنفسك إلى جهنم؟
قالت: لا طبعاً.
قلت لها: طيب، أصلاً عندما الإنسان يتصرف وحده، يسمى غريب، والغريب متميز، لم لا تصبحين متميزة؟ لم يجب أن تكوني مثل صديقاتك؟
الخلاصة
الذي أقوله أحياناً، ليس دائماً التربية بالنصيحة، قد تكون التربية بالقدوة، أو التربية باللعبة، أو التربية بالصورة، قد تكون التربية بالحوار، أو التربية بالنكتة والفكاهة.
مجالات التربية كبيرة جداً، لا نخصص فقط نصيحة، نصيحة، ولذلك لا نلوم المراهق ، فأنا ضدك معهن لأنه يقول كفاية يا أمي أرجوك شبعت من النصائح. معه حق الصراحة.
وبعض الآباء والأمهات يثقلون بالنصيحة، فهناك الكثير من الشباب والبنات يشتكون من أهلهم، 24 ساعة نصائح، فلذلك العلاقة بين المراهق وأهله يكون فيها فتور.