الإقلاع عن التدخين لو أردت إقناع مدخن به أو رأيت الأمر يحدث أمامك فغالباً الأمر يكون واحداً من ثلاثة أمور:
إما هذا الشخص سيشعر أن الإقلاع مهمة مستحيلة ولن يحاول أصلاً لأنه يعرف النتيجة من البداية وهي أنه سيفشل.
والاحتمال الثاني أن يقتنع فعلاً ويحاول بكل جهده أن يقلع لكن بعد فترة قصيرة يعود للتدخين كما في السابق.
ومهما حاول أن يقلع سيعود للتدخين ثانية.
أما الاحتمال الأخير هو أن الشخص يسعى بكل الطرق أن يلغي التدخين من حياته وفي النهاية فعلاً ينجح ويقلع نهائياً.
وخلال فترة بسيطة يحصد ثمار إقلاعه عن التدخين ويجد تحسناً كبيراً في صحته بشكل عام.
السؤال الهام هنا يا ترى الفجوة بين هؤلاء الثلاثة لم حصلت وهل الإقلاع عن التدخين فعلاً مستحيل؟
أم مثله مثل أي عادة أخرى مكتسبة نستطيع التخلص منها بسهولة؟
لماذا الإقلاع عن التدخين صعب
يوجد في العالم أكثر من مليار مدخن ومعظمهم يعرفون أضرار التدخين، فالتدخين بوجه عام هو السبب الرئيسي لسرطانات الرئة.
وأمراض القلب والأوعية الدموية ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية لا يوجد منتج في العالم يقتل مستخدميه كما يفعل التبغ.
وبالفعل كل علب السجائر حالياً مكتوب عليها احترس التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة.
في الحقيقة معظم المدخنين يرغبون بالإقلاع وكثيراً منهم حاولوا لأكثر من مرة لكن مع أول عقبة تقابلهم يستسلمون.
وهذا سيأخذنا إلى نقطة في غاية الأهمية ألا وهي أن الإقلاع عن التدخين يستغرق أكثر من محاولة.
أعراض التوقف عن التدخين
ومن أهم الأعراض التي تصاحب الإقلاع عن التدخين حالة التي تدعى الانسحاب.
والأشخاص الذين يحاولون الإقلاع أو الإقلال من التدخين يواجهون أكثر من نوع منه:
الانسحاب الجسدي
هو إحساس بعدم الراحة يحدث عند إيقاف أي مادة مخدرة كان الجسم معتاد عليها، وفي حالة التدخين المادة هي النيكوتين.
النيكوتين واحد من أكثر المخدرات التي يصعب التغلب عليها ومن يتصور أن التدخين ليس نوعاً من الإدمان يؤسفني أن أقول لك أنك مدمن على السجائر وتحديداً على النيكوتين الذي بداخلها.
النيكوتين يصل للدماغ بسهولة ويعطي إيحاءاً بالراحة لبعض الوقت لكن بعد فترة لا تكفي السيجارة الواحدة ولم يعد لها تأثير.
فتحتاج إلى شرب اثنتين وثلاثة وتصل عند بعض الأشخاص عشرين سيجارة في اليوم ويمكن أكثر.
عند أول محاولة لوقف النيكوتين والتي نسميها أعراض الإنسحاب تتمثل بالعصبية والانفعال وعدم التركيز وصداع شديد وإحساس بالإجهاد والتعب.
وبسببهم تكون هناك رغبة ملحة أن يعود الشخص للإمساك بالسيجارة مرة أخرى.
وهذه الأعراض تبدأ عادة في الساعات الأولى من لحظة تدخين آخر سيجارة وتكون أسوأ خلال الأيام الأولى.
لكنها بعد ذلك تقل بالتدريج وتختفي تماماً والجسم مع مرور الوقت يصبح نظيفاً تماماً من كل الأعراض التي سببها النيكوتين.
الانسحاب العقلي
باختصار هو نتيجة أن السيجارة في حياة المدخن أسلوب حياة وروتين يومي مرتبطة في ذهنه بفنجان القهوة ووجبة الغداء والمحادثة على الهاتف.
الأمر الذي يجعل من الصعب جداَ أن يلغي هذه العادات والتي تحتاج لمجهود من الشخص لينجح في التخلص منها.
فكلما رأى فنجان قهوة سيرغب بالسيجارة وكلما تحدث في الهاتف سيحتاج إليها وكلما قام بعادة اعتاد على ربطها بالسجائر سيتذكرها.
مما يصيب الشخص بالملل والاحباط والحزن وأحياناً الاكتئاب لكن بعد أن يتجاوز هذا يبدأ جسمه يشعر بالتحسن ويستعيد قوته ويتعافى.
إذا توقف شخص للتو عن التدخين
لنرى التغيير الجذري الذي يحدث وما خطة العلاج الذاتي التي يضعها الجسم ويبدأ تنفيذها على الفور:
بعد أول عشرين دقيقة من الإقلاع عن التدخين
يرجع النبض لحالته الطبيعية فنسبة النيكوتين التي تضايق الأوعية الدموية وتخنقها تبدأ بالانخفاض.
بعد ساعيتن
يبدأ الدفء يعود لليدين والقدمين وضغط الدم ينتظم تلقائياً والدم يعود للجريان في الأماكن صعب الوصول إليها لضيق الأوعية الدموية.
بعد اثنتا عشر ساعة من آخر سيجارة
يبدأ معدل الأوكسيجين في الجسم بالتحسن لأن نسبة أول أوكسيد الكربون وهو غاز سام تقل تدريجياً ويحل محلها الأوكسيجين.
بعد أول عشرة أيام بدون سجائر
يقل خطر الإصابة بالسكتة القلبية وأمراض القلب بوجه عام بشكل ملحوظ ويستعيد الشخص ثانية قدرته على الشم والتذوق.
لأن التدخين يؤثر على هاتين الحاستين بشكل كبير، ويتخلص الجسم من كل النيكوتين الذي تم امتصاصه.
بعد مرور الشهر الأول
تتحسن الرئة وتتراجع احتمالية الإصابة بأمراض الرئة، فالرئة في داخلها أهداب وظيفتها طرد الأجسام الغريبة وإفراز المخاط الذي يعيق الطفليليات.
ومع وجود التدخين لا تعمل هذه الأهداب لكن بعد تسعة شهور على الإقلاع تعود الأهداب إلى عملها على أحسن وجه.
بعد سنة كاملة
يقل احتمال إصابة الشخص بامراض الشريان التاجي إلى النصف وتقل احتمالات الإصابة بأمراض السرطان بنسبة 50%.
محاربة أسباب الفشل
الآن وأنت تدخن وتقرأ هذه الكلمات وتفكر بشكل جدي أن تقلع عن التدخين فدعني أقول لك أنه 75% من المدخنين يريدون الإقلاع عن التدخين.
وربما حاولت أكثر من مرة وفشلت، لكن طالما تملك النية والعزيمة للتوقف فيجب اتباع بعض الخطوات لتصل إلى نتيجة مرضية.
المماطلة
ماطل كلما شعرت أنك تريد سيجارة ولو أحسست أنك تحتاجها حالاً، حاور نفسك ماذا لو انتظرت عشرة دقاق وشغلت نفسك.
هذه الطريقة تنجح مع كثير من الأشخاص في البداية، فالمسألة في غاية الخطورة، أنت ستقول لنفسك سيجارة واحدة فقط.
يجب أن تعرف أن سيجارة واحدة لن تكفي فلا تخدع نفسك وتتناولها لأنك ستعود للتدخين.
تجنب المثيرات
معظم المدخنين في مواقف معينة بشكل آلي يخرجون السيجارة ويشعلونها كالغضب والضغط النفسي.
فنجان القهوة يجب أن تخرج السيجارة أو مكالمة طويلة الموقف يستدعي سيجارة لذلك في هذه المواقف أشغل نفسك بأي شيء.
تناول شيئاً مع القهوة
لو أنك معتاد على شرب القهوة ضع شيئاً بجانبها كحلوى أو بسكويت ولا تعطي نفسك الفرصة لتخرج السيجارة بجانب القهوة.
ولو تتحدث مكالمة طويلة في الهاتف وأنت معتاد أن تشرب السجائر، امسك ورقة وقلماً وخربش شيئاً لتلهي نفسك وتشغل يدك.
المضغ
امضغ أي شيء قابل للمضغ كالجزر أو الكرفس أو المكسرات وكلما شعرت أنك تريد تحريك فمك افعل ذلك بدل السيجارة.
الرياضة
حاول أن تلعب الرياضة فهي إضافة لفوائدها ستلهيك عن التفكير في التدخين، والرياضة علمياً تقلل رغبتك في احتياج التبغ.
الاسترخاء
حاول الاسترخاء بما أن التدخين أول أمر تفكر فيه عندما تقابلك أي مشكلة تسبب لك اجهاداً نفسياً.
فحاول قدر المستطاع أن تتجنب أي نوع من الإجهاد النفسي كي تنقطع حاجتك للتدخين من هذا الباب تماماً.
اطلب الدعم
ليس عيباً أبداً أن يعرف المقربون منك أنك تحتاج لقربهم منك ويشجعوك ويشاركوك تفاصيل يومك.
وهناك مواقع متخصصة على الإنترنت تضم أشخاصاً يبدأون في الإقلاع ويشجعون ويستشيرون بعضهم البعض ويقدمون فعلاً الدعم اللازم.
خاتمة
فكر في كم المنافع التي ستعود عليك، راجع نفسك، فصحتك ستكون أفضل وستحمي أحباءك من حولك من مخاطر التدخين السلبي
ستوفر المال الكثير الذي تصرفه على السجائر.
وذكر نفسك دائماً عندما تجرب التغلب على حاجتك للتبغ هو أحسن ألف مرة من ألا تجرب شيئاً من الأساس.
وفي كل مرة تقاوم ستقترب خطوة من هدفك، وأتمنى للجميع أن يتمكنوا من الإقلاع عن التدخين.
المصادر
جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com