ماجدولين
رواية ماجدولين للأديب والكاتب المصري الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي ، هذا الكتاب رواية للأديب الفرنسيّ “ألفونس كار Alphonse Karr” (1808 – 1890) بعنوان “تحت ظلال الزيزفون Sous les trilliums كتبها في السنة 1832م، وعرّبها المنفلوطي بعنوان “ماجدولين أو تحت ظلال الزيزفون .
نبذة عن رواية ماجدولين
صيغت هذه الرواية بأسلوب جديد مبتكر، هو أسلوب الرسائل، معتمداً على الخيال، والإستطرادات في وصف الطبيعة التي أحبّ، وقضى آخر أيامه بين أحضانها في حديقة كان قد اهتمّ بها، واعتنى بأغراسها وأزهارها؛
تدور هذه الرواية حول فتّى غريب الأطوار، فقير، حيي، يحبّ المطالعة والإعتزال، يُدعى “استيفن” أحبّ “ماجدولين” ابنة صاحب المنزل الذي كان يسكنه وأحبّته، متعاهدَين على أنّ هذا الحب سيدوم إلى الأبد، عندئذٍ تغيّرت نظرة الفتى إلى الحياة، وتبدّدت وحدته، وصار همّه الوحيد أن يرى وجهها البسّام، أو يسمع صوتها.
واستمرّت اللقاءات: في الحديقة، أو على شاطئ النهر، أو على قارب في البحيرة حيث يتبادلان أحاديث الهوى، وينظران إلى مستقبل زاهر بالسعادة والهناء.
ولكنّ السعادة سرعان ما دكّت معالمها منذ عرف “مولر” والد الفتاة بالأمر، فكتب إلى الفتى رسالة يطلب منه فيها مغادرة المنزل فوراً، فحاولت “ماجدولين” إقناع والدها بالعدول عن قراره، ولكن دون جدوى. تألّم الحبيبان كثيراً، ولكن لا بدّ من الإذعان.
فجاءت “ماجدولين” لتودّعه وتصارحه بأنّها تحبّه، وستتزوّجه مهما كانت الظروف.
فرمقها “استيفن” بعين دامعة، وقال بأن سفرته ستطول، ولا بدّ من أن تزوّده بشيء يتذكّرها به؛ فقصّت له من شعرها خصلة، فبادلها بالمثل.
وقبيل الرحيل، قصد الحديثة مودّعاً أغراسها وأزهارها وقطف باقة من الزهر وضعها على المقعد الذي كانت تجلس عليه، ورحل.
رواية ماجدولين وكم كان الفراق أليماً بين العاشقَين، ورغم التأسّي والتصبّر كانت الرسائل تزيد الهمّ والغمّ، فيتعزّون بأنّ هذا الليل سوف ينجلي، ويطلع فجر جديد نلتقي فيه من جديد، وإلى الأبد.
وممّا زاد الطين بلّة هو أنّ والد “استيفن” أراد أن يزوّج ابنه من فتاة ثريّة، فأقام حفلة رقص في بيته، وأمره أن يرقص مع الفتاة التي اختارها له، فأذعن مكرهاً،
وما إن انتهى حتى خرج إلى الحديقة يفكّر بمحبوبته، وسيّدة أحلامه… ولمّا شعر بغضب والده، ترك البيت مفتّشاً عن عمل يوفّر له الحرّيّة والحياة على هواه؛ فتعلّم الموسيقى، وبرع فيها.
وتوالت عليه الرسائل من “ماجدولين” ومن صديقه “إدوار” الذي ضحّى بنفسه من أجله حين أقدم عليه رجل يقول له:
“أأنت إدوار”؟
فقال “استيفن”: “نعم”
فكلمه قائلاً له: “هذا جزء مغازلتك لزوجتي والعبث بشرفي”، ودعاه للمبارزة، فخرج “استيفن” منها جريحاً.
وذام يوم، حلّت “ماجدولين” مع أبيها ضيفة على صديقتها “سوزان”، فأطلعتها على ما لديها من حلّى وجواهر، وتمنّت لها لو تفوز بحبّ رجل غنيّ يسعدها بحياتها،
فأخبرتها عن حبّها “لاستيفن” فلامتها لشدّة فقره، واستطاعت أن تقنعها فيما بعد بان تتزوّج “إدوار” نسيبها الذي استطاع أن يجني ثروة بالغش والإحتيال.
ولمّا وُفّق “استيفن” في عمله أعدّ العدّة لبناء بيت جديد يليق بمحبوبته، محاطاً بحديقة مزروعة بأزهار البنفسج التي تحبّها “ماجدولين”… ولما ذهب ليطلعها على الخبر،
اشترى لها خاتماً للخطبة يكون مفاجأة لها؛ ولكن إن ما دخل حديقتها حتى وجدها مرتمية في حضن “إدوار” فجن جنونه، وخاصّة بعد أن أرى في إصبعها غير الخاتم الذي نسجته من شعره، مدّعية إذ ذاك أنّه سيقى في إصبعها إلى آخر حياتها.
وأخيراً عاد “استيفن” أدراجه، يتخبّط في يأسه، ولا يدري ما يفعل، فأخذ يراسل “ماجدولين” ولكن دون جواب، عندئذ تيقّن أنها ستتزوّج من “إدوار”، وأنّه انتهى من تفكيرها؛ فذهب سرّاً، وحضر حفلة الزفاف، ممنّياً نفسه بعودتها إليه،
ولمّا انتهيت مراسم الزواج أصابه الذهول، واعتلّ جسمه، فأدخل المستشفى، ولمّا علمت “ماجدولين” بأمره ذهبت مع “إدوار” لعيادته… وما إن رآها حتى قال لها: “هلمّ إلى الكنيسة لعقد قراننا.
ولمّا شفي “استيفن” من علّته، وعدل عن فكرة الإنتحار التي راودته انصرف كليّاً إلى الموسيقى، فلمع نجمه وتألّق؛ أمّا “ماجدولين” فبعد أن قضت أيّامها الأولى بسعادة وهناء، أصابها قلق نفسيّ وخاصّة بعد أن بدّد “إدوار” ثروته في الشراب والقمار،
وبعد أن رأت “استيفن”، وبثّته أشواقها ولكنّه لم يستضعف أمامها مؤكّداً لها أنّ الماضي قد طُويت صفحته إلى غير رجعة؛ ورغم ذلك فقد زارته في بيته،
ورأت الغرفة الزرقاء التي كان قد وعدها بها، فشعرت بالندم والخسران الذي لن يعوّض؛ فشكت أمرها إلى “سوزان”، وباحت لها بأنّها لا تحبّ إلا “استيفن”، وهو بالمقابل يحبّها، ولكنّ أنفته تمنعه من أن يعود إليها.
وإثر إفلاس “إدوار” سافر إلى أميركا حيث انتحر تاركاً وراءه “ماجدولين” وقد حملت منه؛ يئست “ماجدولين” من حياتها،
وخاصة بعد أن كشفت حبّها الأصيل “لاستيفن” الذي رفض أن يتمتّع بفضلات غيره، فآثرت الموت غرقاً في النهر بعد أن أوصت حبيبها الأوّل بطفلتها الصغيرة؛
ولكن “استيفن” بعد أن تحقّق من موتها، وقراءة وصيّتها انصرف إلى الموسيقى، وأنشد مأساة حزينة، ثم أسلم الروح، فدفن مع “ماجدولين” في قبر واحد بعد أن فرقّتهما الحياة.
ولعلّ الهدف من كتابة هذه الرواية هو تصوير الحياة القرويّة القائمة على البساطة، والمفعمة بالحبّ الصادق، والإخلاص النادر، والصداقة القائمة على أسس ثابتة، لا تزحزحها العواصف مهما اشتدّت، وهي، أنّها من أصول التعاون بين الناس، وهي كنز لا يفنى، وخيانتها جريمة لا تُغتفر…
رواية ماجدولين قامت شهرة المنفلوطي على رواياته المعرّبة أكثر من قصصه المؤلّفة، بالرغم من أنّه لم يتقن أيّ لغة أجنبيّة، ولكن كان يكلّف أصدقاء له بترجمة الروايات، ثم يعيد صياغتها بأسلوبه الخاص، مضيفاً ما يحلو له،
وكأنّه يريد أن يظهر قدرته البيانية، وغنى مفرداته؛ وكثيراً ما كان يستعمل ألفاظاً لا تفهم إلاّ بالرجوع إلى المعاجم؛ أضف إلى ذلك مداخلته في النصح والإرشاد بلهجة تهكّمية… ولكن الذي أبدع فيه هو وصف الطبيعة، إذ استطاع أن يحلق جوّاً مماثلاً لما أراده المؤلف، عاشق الطبيعة
مصطفى لطفي المنفلوطي
المؤلف كتاب ماجدولين والمؤلف لـ 107 كتب أخرى.
مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن حسن لطفي أديب وشاعر مصري نابغ في الإنشاء والأدب، انفرد بأسلوب نقي في مقالاته، له شعر جيد فيه رقة،
قام بالكثير من الترجمة والاقتباس من بعض روايات الأدب الفرنسي الشهيرة بأسلوب أدبي فذ، وصياغة عربية في غاية الروعة. لم يحظ بإجادة اللغة الفرنسية
لذلك استعان بأصحابه الذين كانوا يترجمون له الروايات ومن ثم يقوم هو بصياغتها وصقلها في قالب أدبي. كتاباه النظرات والعبرات يعتبران من أبلغ ما كتب في العصر الحديث.
ولادته ونشأته
ولد مصطفى لطفي المنفلوطي في سنة 1293هـ الموافق 1876م من أب مصري وأم تركية في مدينة منفلوط من الوجه القبلي لمصر من أسرة حسينية النسب مشهورة بالتقوى والعلم نبغ فيها من نحو مئتي سنة، قضاة شرعيون ونقباء، ومنفلوط إحدى مدن محافظة أسيوط.
نهج المنفلوطي سبيل آبائه في الثقافة والتحق بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك فحفظ القرآن الكريم كله وهو في التاسعة من عمره ثم أرسله أبوه إلى الجامع الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلده،
فتلقى فيه طوال عشر سنوات علوم العربية والقرآن الكريم والحديث الشريف والتاريخ والفقه وشيئاً من شروحات على الأدب العربي الكلاسيكي، ولا سيما العباسي منه.
وفي الثلاث سنوات من إقامته في الأزهر بدأ يستجيب لتتضح نزعاته الأدبية، فأقبل يتزود من كتب التراث في عصره الذهبي، جامعاً إلى دروسه الأزهرية التقليدية قراءة متأملة واعية في دواوين شعراء المدرسة الشامية (كأبي تمام والبحتري والمتنبي والشريف الرضي) بالإضافة إلى النثر كعبد الحميد وابن المقفع وابن خلدون وابن الأثير الجزري.
كما كان كثير المطالعة في كتب: الأغاني والعقد الفريد وزهر الآداب، وسواها من آثار العربية الصحيحة. وكان هذا التحصيل الأدبي الجاد، الرفيع المستوى، الأصيل البيان، الغني الثقافة، حريا بنهوض شاب كالمنفلوطي مرهف الحس والذوق، شديد الرغبة في تحصيل المعرفة.
ولم يلبث المنفلوطي، وهو في مقتبل عمره أن اتصل بالشيخ الإمام محمد عبده، الذي كان إمام عصره في العلم والإيمان، فلزم المنفلوطي حلقته في الأزهر،
يستمع منه شروحاته العميقة لآيات من القرآن الكريم، ومعاني الإسلام، بعيداً عن التزمت والخرافات والأباطيل والبدع، وقد أتيحت له فرصة الدراسة على يد الشيخ محمد عبده، وبعد وفاه أستاذه رجع المنفلوطي إلى بلده
حيث مكث عامين متفرغا لدراسة كتب الأدب القديم فقرأ لابن المقفع والجاحظ والمتنبي وأبى العلاء المعري وكون لنفسه أسلوباً خاصاً يعتمد على شعوره وحساسية نفسه.
أهم كتبه ورواياته
للمنفلوطي أعمال أدبية كثيرة اختلف فيها الرأي وتدابر حولها القول وقد بدأت أعمال المنفلوطي تتبدى للناس رواية ماجدولين من خلال ما كان ينشره في بعض المجلات الإقليمية كمجلة الفلاح، والهلال، والجامعة، والعمدة،
وغيرها ثم انتقل إلى أكبر الصحف وهي المؤيد، وكتب مقالات بعنوان نظرات جمعت في كتاب تحت نفس الاسم على ثلاثة أجزاء.
تحميل رواية ماجدولين
أنقر على الرابط التالي للتحميل هنا
اقرأ أيضاً… ابق قويا 365 يوما في السنة – ديمي لوفاتو – ملخص و كتاب
اقرأ أيضاً… ١٣ شيئا لا يفعلها الأقوياء نفسيا . كيف تصل إلى الصلابة العقلية ؟ ( كتاب )
اقرأ أيضاً… مقامات بديع الزمان الهمذاني: دراسة في مقامات بديع الزمان الهمذاني