الثقب الاسود
في حال كنت ذاهبا في رحلة إلى الثقب الاسود فستحتاج الى الكثير من المؤن واللوازم لأن أقرب ثقب أسود يبعد 1011 سنة ضوئية، عثر على هذه اللؤلؤة السوداء في نظام شمسي يسمى HR6819.
كان الثقب الاسود مخفيا في مدار مع نجميين آخرين يمكن رؤيتهما بالعين البشرية و بدأ يدرس العلماء هذا النظام منذ الثمانينات لكنهم في فصل الشتاء السابق اكتشفوا سره الكبير، يعد هذا الثقب الأسود صغيراً نسبياً لكن كتلته أكبر من كتلة شمسنا بأربع مرات كما أنه أقرب مسافة 2500 سنة ضوئية للأرض من ثاني أقرب ثقب له،
لكن لا داعي للقلق فلا يمكن للبشر الوصول إلى مكان يبعد 1000 سنة ضوئية، على سبيل المثال لو صنعنا نموذجاً تبعد فيه الارض عن الشمس 0.12 سم فستضطر للسفر لمسافة 6.4 كيلو متر تقريبا للوصول إلى هذا الثقب الأسود لكن عرض مجرتنا درب التبانة يبلغ حوالي 100000 سنة ضوئية لذلك فإن مسافة قدرها 1011 سنة ضوئية لا تبدوا طويلة مقارنة بذلك الرقم،
لكن قبل أن تقفز داخل هذا العملاق الأسود سنحاول ثنيك عن ذلك، الثقب الأسود مكان في شبكة الزمكان لا يمكن لأي شيء أن يغادر مداره، لا تستطيع الجزيئات أو الإشعاع الكهرومغناطيسي أو حتى فوتونات الضوء الهروب من الثقب الأسود لذلك يجب أن تستوعب أن الذهاب إلى جسم خطير مثل الثقب الأسود هو رحلة بلا عودة.
كما أن طريقة نشأة الثقوب السوداء مذهلة لدرجة لا تصدق، عندما ينفذ وقود النجم ينهار بسبب ثقله ويتحول إلى ثقب أسود مثل الثقب الأسود الفائق الكتلة في مجرة ميسير 87، كتلته أكبر من الشمس بسبع مليارات مرة واكتشفه تليسكوب افق الحدث في أبريل 2019، أول ما ستراه عند رحلتك في الفضاء هو أفق الحدث،
يتسبب حقل جاذبية الثقب الأسود في انحناء الضوء حول حوافه لذلك فإن أفق الحدث يشبه الكروسان للشخص الناظر لكن ضع في الحسبان أنك لن تستطيع العودة بمجرد وصولك لنقطة افق الحدث قد تلاحظ بعض الفوضى في هذه الحلقة، تتحرك بعض الأضواء في اتجاهات مختلفة بسبب تأثير المرآة لكننا لانزال لا نعرف ما بداخل الثقب الأسود لذلك نرسل طائرة صغيرة بدون طيار أولاً،
ماذا سيحدث لك عند دخولك إلى ثقب أسود؟
ماذا سيحدث لك عند دخولك إلى ثقب أسود؟
يجذب حقل الجاذبية في الثقب الاسود الطائرة المعدنية بسرعة وبمجرد دخولها أفق الحدث يبدأ شكل هيكلها في التغيير وتتمدد مثل حبة سباغيتي ويزداد طولها مع اقترابها من مركز الثقب الاسود كما تلاحظ انها تتحرك ببطء وتقترب تدريجيا من مركز الثقب الأسود، هذا تأثير آخر لهذا الوحش الفضائي لا تسبب كتلة الثقب الأسود الهائلة انحناء الفضاء فحسب بل والزمن أيضا،
ولو علقت ساعة بجانب ثقب أسود وساعة أخرى على حائط غرفة نومك فستلاحظ أن عقرب الثواني بالكاد يتحرك في الساعة الأولى بينما يكون قد مر يوم كامل على الأرض وكلما كبر حجم الثقب الاسود ازداد تأثير إبطاء الزمن،
ومن الناحية النظرية لو كان لديك مركبة فضائية قادرة على التغلب على جاذبية الثقب الأسود فيمكنك الطيران إليه والانتظار لبضع ثوان وخلال هذه الفترة الزمنية الوجيزة سيعيش أصدقائك حياة كاملة على الأرض، سيتحول المصباح على رأس الطائرة للون الاحمر وقد حدث هذا التغيير في اللون للسبب نفسه،
الساعات الأعمق في بئر الجاذبية تدق بصورة أبطئ عند رؤيتها من الخارج كما يؤثر هذا على طول الفوتون الموجي ونرى الضوء الأحمر لأن طوله الموجي هو الأطول بين ألوان الطيف المرئي، كل هذه التغييرات حدثت للطائرة في جزء من الثانية لكنها بدت بطيئة لك بسبب الزمن المنحني،
عند الدخول للثقب الاسود الخطوة التحضيرية الاخيرة هي البدلة التي ستحميك من اشعاع هوكنغ تنتج الثقوب السوداء هذا الاشعاع بسبب التأثيرات الكمية بالقرب من أفق الحدث، يقلل اشعاع هوكنغ من وزن الثقب الاسود لذلك لم يكتسب الثقب المزيد من الكتلة من الاجسام المجاورة سيصغر حجمه ثم سيختفي في النهاية،
الثقوب السوداء اجسام فانية لكن قد يحرقك اشعاع هوكنغ وتفوت فرصة رؤية الثقب الاسود من الداخل والأن حانت اللحظة التي قطعت مسافة 1011 سنة ضوئية من أجلها، قفزة كبيرة واحدة وانت عالق في حقل جاذبية الثقب الاسود إنها نقطة اللاعودة لكنك على مسافة بعيدة تسمح لك بتحديد مدار مستقر حتى تتمكن من الدوران حول الثقب الأسود كما يدور القمر حول الأرض،
إن ارتفعت لمسافة أعلى بقليل سيتم قذفك إلى اللانهاية و إن هبطت لمسافة أقل بقليل سيتم جرك إلى الثقب الأسود لذا من الناحية النظرية يمكن أن تتواجد الكواكب على هذه المسافة ويمكن أن تصبح مأهولة بالحياة في حال توفرت الظروف اللازمة، بعد مرور بضع دقائق تقترب من أفق الحدث،
عندما تنظر للأسفل تشاهد ان جسمك اصبح طويل جدا وقد أصبحت كالسباغيتي وعند نظرك حولك تتحول النجوم للون الأزرق وتسمى هذه الظاهر التحول الازرق الجاذبي عندما تسقط في ثقب اسود يسحب حقل الجاذبية فوتونات الضوء للأسفل مما يمنحها الطاقة، عندها تقصر أطوالها الموجية وتتحول الفوتونات الحمراء إلى اللون الأزرق ويبدو كل شيء أزرق اللون،
أصبحت الأن خارج أفق الحدث مباشرة وكل ما يمكنك رؤيته هو شعاع ازرق دائري من الضوء فوقك، لكن بعد فترة وجيزة ستتوقف عن رؤية ذلك الشعاع أيضا، لقد نجوت من حقل جاذبية الثقب الاسود القوي ولم يحرقك اشعاع هوكنغ،
والأن أنت في قلب أكثر الاجسام الكونية غموضاً يمكنك الرؤية من مكانك لكن المنظر ليس مبهراً انه أظلم مكان زرته في حياتك وحتى قوانين الفيزياء المعروفة لا تعمل هنا من الناحية النظرية يمر الوقت هنا ببطء شديد لدرجة ان الارض قد تختفي من الوجود وقد يظهر ثقب اسود جديد بدل شمسنا لكنك ستعيش هناك حتى ينفذ الأوكسجين من بدلتك الفضائية،
لكن لماذا لو ان هذا الجسم الكوني عبارة عن ثقب دودي يقود إلى مكان أخر في الكون؟
هذه نظرية شائعة لكن العلماء لم يستطيعوا إثباتها بعد لكن إن كانت صحيحة فسترى بعد فترة ضوء أزرق اللون مرة أخرى وستواجه نفس مراحل السقوط لكن بالعكس، حالما تغادر نقطة التفرد أو قلب الثقب الأسود ستصبح في أفق الحدث وسيتغير ضوء النجوم تدريجيا من اللون الأزرق إلى الأحمر وستتمكن من الشعور بالاهتزاز والدفء بإشعاع هوكنغ لكنك بعد ذلك ستقذف في الفضاء الخارجي وربما إلى مجرة شاسعة البعد،
لا يعرف أي أحد ما سيحدث بعد هذه النقطة، هل ستصادف شكل حياة مجهول أم أن البشر لا يمكنهم تحمل الظروف هناك او لربما لن تذهب إلى مكان أخر في الفضاء بل إلى عالم موازي، هذه النظرية موجودة ايضا وتزعم ان الثقوب السوداء عبارة عن بوابات لأبعاد أخرى،
بعبارة مبسطة للكون نسخ لا حصر لها وفي كل مرة تواجه خياراً يختار توأمك في العالم الاخر خيار مختلفاً، في الوقت الحالي عد القيام برحلة الى ثقب اسود امرا مستحيلا للبشر ولا يمكننا الوصول الى اقرب واحد منها حتى لكننا سنواصل تعلم المزيد عن طبيعة هذه الأجسام الفضائية وربما ستدفع هذه المعرفة البشر إلى الأمام لنصبح حضارة تتوسع إلى مجرات عديدة.
اقرأ أيضاً… نجم مغناطيسي: ولادة نجم مغناطيسي جديد، انظر إلى ما شاهده العلماء!
اقرأ أيضاً…الرماديون | من هم الرماديون ، وهل حقاً هؤلاء رأوهم؟! – حسن هاشم
اقرأ أيضاً… وكالة ناسا الأمريكية تكتشف النجم الطارق الذي ذكره الله بالقرآن وتنشر صوراً له!!