ما حكم ترك صلاة الجمعة والجماعة إذا ظهر الوباء مثل فيروس الكورونا مثلا؟
مع العلم أنه لا يمكن التمييز بين الأفراد إن كانوا مصابين أو الذين ينقلون العدوى بدون معرفة، لأن أعراض المرض لا تظهر إلا بعد 14 إلى 24 يوماً.
وقد قيل إن مجرد ملامسة بشرة المصاب أو ما لمسه أو استنشاق الهواء من أثر عطاسه، يعرض للإصابة بالوباء؟
الإجابة عن سؤال حكم ترك صلاة الجمعة والجماعة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد.
بخصوص السؤال عن حكم ترك صلاة الجمعة والجماعة، فإن الأمر في صلاة الجماعة وفي صلاة العيد، أوسع منه في صلاة الجمعة.
فعلى مذهب جمهور الفقهاء لا تجب صلاة الجماعة والعيد على الأعيان، بخلاف صلاة الجمعة، فإن حضورها فرض متعين على الرجال إلا من عذر.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (الجمعة: 9).
وعلى ذلك فالسؤال هو: هل يُعدُّ وجود فيروس كورونا عذراً للتخلف عن صلاة الجمعة في حق من تجب عليه؟
وجواب ذلك يختلف بحسب الواقع والضرر المتوقع ونسبة وقوعه. وبصفة عامة فإن الحكم للغالب والنادر لا حكم له.
والأمر في ذلك أظهر بالنسبة للمريض نفسه، فيرخص له في التخلف عنها، بل قد يجب عليه ذلك، بحسب حاله.
تجنب مخالطة المرضى بأمراض معدية
وهنا نود أن نقرر أصل مراعاة الشريعة لمسألة حفظ الصحة والوقاية من الأمراض مهما أمكن.
ومما يندرج تحت هذا الأصل من قضية التحرز من نقل العدوى، ومخالطة أصحاب الأمراض الخطيرة إذا كانت معدية.
فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل مبتلى سكن في دار بين قوم أصحاء. فقال بعضهم: لا يمكننا مجاورتك، ولا ينبغي أن تجاور الأصحاء، فهل يجوز إخراجه؟
فأجاب: نعم، لهم أن يمنعوه من السكن بين الأصحاء. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يورد ممرض على مصح.
فنهى صاحب الإبل المراض، أن يوردها على صاحب الإبل الصحاح، مع قوله: لا عدوى ولا طيرة.
وكذلك روي أنه لما قدم مجذوم ليبايعه، أرسل إليه بالبيعة، ولم يأذن له في دخول المدينة.
وهنا ننبه على أمر مهم، وهو أن مثل هذه النوازل العامة ينبغي أن يُرجَع في تقدير ضررها ونسبة وقوعه إلى أهل الاختصاص والجهات المعنية والهيئات الصحية.
فهم أهل الرأي في هذه القضية. ولا يستبد المرء فيها برأيه وتقديره الشخصي والله أعلم.
رأي هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية
أصدرت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية يوم الأربعاء 16 رجب 1441 هـ الموافق 13 آذار 2020 م ما يلي:
فيما عرض عليها بخصوص حكم ترك صلاة الجمعة والجماعة في حال انتشار الوباء أو الخوف من انتشاره.
يحرم على المصاب شهود الجمعة والجماعة لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يورد ممرض على مصح متفق عليه.
ولقوله عليه الصلاة والسلام: إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها متفق عليه.
ومن قرر عليه إجراءات العزل فإن الواجب عليه الالتزام بذلك، ويصلي الصلوات في بيته أو موطن عزله.
لما رواه الشريد بن سويد الثقفي رضي الله عنه قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم إنا قد بايعناك فارجع أخرجه مسلم.
من خشي أن يتضرر أو يضر غيره فيرخص له في عدم شهود الجمعة والجماعة لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار رواه ابن ماجه.
هذا وتوصي هيئة كبار العلماء الجميع بتقوى الله عز وجل واللجوء إليه سبحانه بالدعاء والتضرع بين يديه في أن يرفع هذا البلاء.
قال الله تعالى: وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم.
وقال سبحانه: وقال ربكم ادعوني استجب لكم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصادر
فريق ماكتيوبس / سؤال عن حكم التخلف عن صلاة الجمعة والجماعة في المسجد
المراجع