اليمين واليسار : مفهوم اليمين واليسار مع سيد جبيل
سؤالنا في هذه الحلقة: ما هو اليمين واليسار ولماذا سميا بهذه التسميات؟ ولنفهم الأحداث التي تجري حولنا.
كثيراً ما نسمع في نشرات الأخبار، بالأحزاب اليمينية والفرص الكبيرة أمامهم، خصوصاً في دول أوروبا، للصعود إلى السلطة.
كما هو الحال في فرنسا، ومن يتابع الأخبار يجد أن فرصهم أكبر في إيطاليا وفنلندا والمجر التي رئيس وزرائها يميني.
والأهم من كل ذلك الرجل الذي وصل إلى البيت الأبيض وينتمي للتيار اليميني بامتياز دونالد ترامب.
تعريف اليمين واليسار
مثل تعريفات كثيرة سياسية واقتصادية، يمكن للناس أن تفهمه، لكن التعريف بحد ذاته بدقة وبشكل محدد، ملغز وصعب.
فالأفضل الرجوع بالقصة من أولها ونحاول توصيف أهم أفكار اليمين والمشتركات بين جميع الأحزاب اليمينية، وأهم المشتركات بين التيارات اليسارية.
اليمين واليسار والثورة الفرنسية
بدأ مفهوم اليمين واليسار من القرن 18 بعد الثورة الفرنسية.
حيث انعقد البرلمان الأول بعد الثورة، كان هناك مؤيدون للثورة وهناك متعاطفون مع الملك والنظام الذي أطاح به الثوار.
ففي الجلسات الأولى جلس المؤيدون للملك على يمين رئيس جلسة البرلمان الفرنسي، وجلس المؤيدون للثورة والأفكار الجديدة على يساره.
وكانت النتيجة أن الموجودون على اليمين لديهم أفكار مشتركة نلخصها في أنهم مؤيدون لتقاليد الحكم القائمة ممثلة بالملك.
ومؤيدون للدين ممثلاً بالكنيسة ومؤيدون للرأسمالية ممثلة في النظام الإقطاعي، على حساب فئات الشعب الفقيرة.
في المقابل كان الجالسون على اليسار رافضين للوضع القائم، يقصدون الملكية، ويسعون للتغيير الثوري ممثلاً في إقامة جمهورية وتداول سلطة.
ووصول عامة الشعب إلى السلطة وليست مقصورة على العرق الملكي، وكانوا متخذين موقفاً معادياً للدين ممثلاً بالكنيسة باعتبارها مؤيدة للسلطة.
وللأسف وحتى هذه اللحظة في كل الأديان المؤسسات الدينية تميل إلى دعم السلطة القائمة ويحصل بينهما نوع من التحالف.
ولدى اليسار شك وعدم ارتياح للاقطاعيين وأصحاب رؤوس الأموال ويرغبون في فرض قيود عليهم.
وبالتالي فهم يرغبون في تدخل الدولة.
كي تضبط وتكبح جماح السوق، ويكون لها دور منظم بشكل أكبر، والمتطرف منهم يرغب في توسع الدولة في الملكية العامة.
وتصبح هي الصانع والتاجر، كما في كثير من الدول العربية في الستينات مثل مصر أيام عبد الناصر أو الاتحاد السوفييتي.
تطور مفهوم اليمين واليسار
هذا الشكل الأساسي لليمين واليسار ولم تكن الناس تفكر في تعبير اليمين واليسار، بل كان هذا هو الموقف في فرنسا.
تطور الوضع في فرنسا، وتطور مفهوم اليمين واليسار عندهم لأبعد من ذلك كثيراً.
لكن ظل حتى اللحظة عندما نقول اليمين أو اليسار فإننا نقصد أن نحدد رؤيتهما في علاقة الدولة بالمجتمع، والدولة بالشعب.
فمثلاً ما زال حتى هذه اللحظة الأحزاب اليمينية تميل إلى رغبتها في أن تطلق الدولة كل قوى السوق، وأن يكون تدخل الدولة في أقل قدر ممكن في أمور الاقتصاد.
لكنها تفضل أن تتدخل الدولة بقدر أكبر في كبح الحريات، لأن الدولة إن لم تتدخل في كبح الحريات سيؤثر على أصحاب رؤوس الأموال والشركات الكبيرة.
اليسار على النقيض، يفضل أن يكون للدولة دوراً أكبر ومنظم للسوق، وهنا نقصد اليسار في النظام الرأسمالي، لأن اليسار المتطرف يتحول إلى الشيوعية.
عادة يميل اليمين إلى المؤسسات الدينية ويدعم القيم التقليدية للمجتمع، فاليمين في الغرب هو أقرب للتعصب للديانة المسيحية.
اليساري غير مهتم بالدين وغير متعاطف معه، ولأنه تقدمي وثوري لا يمانع في الترحيب بالمهاجرين من كل الألوان والأعراق والأديان.
بينما اليمين أقرب إلى القومية، أي بالاعتزاز بالعرقية واللون، وعادة الأحزاب اليمينة لا ترحب بالهجرات المختلفة ولا ترحب بالأقليات.
وتفضل أن تقلل من أعداد المهاجرين بقدر ما تستطيع.
وجه نظر الطرفين في القضايا الدولية
بسبب هذه الخلفيات نقدر أن نفهم مواقف الأحزاب اليمينية واليسارية من أي قضية. فعلى سبيل المثال موقفهما من بعض القضايا.
الضرائب
الضرائب مهمة جداً في الدول المتقدمة، فتجد اليمين يميل إلى فرض أقل قدر ممكن من الضرائب على الاستثمارات وقطاع الأعمال.
ليشجعها أكثر ويعتقد أن هذا سيعود على المجتمع في النهاية، والذي سيستفيد من ثمار النمو. فرجل الأعمال يستثمر، وعندما تنمو أعماله، فإن استثماراته يمكن أن تحقق فرص عمل للفقراء.
اليسار يفضل شيئاً مختلفاً، بأن تكون الضرائب تصاعدية، وأن تؤخذ الضرائب بأكبر قدر ممكن من الأثرياء، لصالح الفقراء.
الإجهاض
اليمين يعارض الإجهاض لأنه متمسك بالدين، بينما اليسار لا يمانع أبداً ، لأنه لا يكترث بالدين.
زواج الشواذ
يعارضه اليمين لأنه يدعم الكنيسة ويؤيدها ويؤيد الدين بصفة عامة، اليسار لا يمانع أبداً ويعتبر ذلك نوعاً من الحريات الخاصة.
التعليم
يفضل اليمين بأن يذهب التعليم إلى القادرين أو الفقراء المتفوقون، أما اليسار فيفضل أن يكون لأكبر قدر ممكن لغير القادرين.
وهكذا نقدر أن نتخيل موقف اليمين واليسار في أي قضية من القضايا،
الموقف من الإسلام
أحب أن أختم بأن اليمين واليسار في الدول الغربية والولايات المتحدة كلاهما لديهما موقف من المسلمين لكن بدرجات.
اليمين موقفه من الإسلامين أكثر من المسلمين، لأنه يعتز كثيراً بديانته المسيحية فلديه نوع من التعصب لدينه لذا لديه قلق من الإسلاميين والمسلمين بصفة عامة.
بينما اليسار ليس لديه مشكلة مع المسلمين ولا اليهود ولا غيرهم، فهو لا يكترث بالدين أساساً.
ومشكلته مع الإسلاميين بأنه يتفاجأ بتركيز بعض الأشخاص على الدين كأساس لكل شيء في الحياة، ويرون أنهم أصحاب الحق المطلق وأن أي أحد غيرهم على خطأ.
لذا فإن اليمين واليسار لديهم معضلة مع الجماعات الإسلامية في كل مكان.
أشكركم وإلى لقاء آخر إن شاء الله.