مقال عن اللغة العامية : ماذا تسمى بالعربية غمازة الخد، وغمازة الذقن، وما اسم هذا الذي يلتصق بقعر القدر، ويتسابق عليه الآكلون.
أحدثكم عن قصب السبق، وعن العيوب الخُلقية والخَلقية، وعن أم كلثوم، ومشكلة الذي مشى واثقاً من خطوه، وعن زيت السمسم، وعن رندة والبرندة، وعن مائة شيء آخر.
حرف التاء في اللغة العامية
هناك من ينطقه مع دفقة هواء تحمل معها صوت السين، كما نسمع في بعض مناطق المغرب، والتاء تحتل مكان الثاء، في بعض مدن بلاد الشام.
غير أنها عند كل العرب وفي الفصحى، تصبح فخمة كالطاء، إذا جاورت الطاء، فكلمة يستطيع تنطق يستططيع.
المذيع الحاذق يقلل من هذا التفخيم ولا يلغيه، على أن المتقعر ينتقل من السين إلى التاء إلى الطاء، بكثير من التشدق، أي بتحريك شدقيه بسرعة وهذا فيه حذلقة.
من أي جاءت بعض التعابير اللفظية؟
نقول:
سقى الله أيام زمان، وسقيا لأيام العز الغبرة، حيث كانت العرب تدعوا لقبور الأحباب، بأن يسقيها الله المطر.
وهم في الواقع يريدون المطر لحياتهم لا لأمواتهم، من أخبرهم أن الميت يريد مطراً، ثم صرنا ندعوا بالسقيا للأيام الماضية تحسراً.
نقول:
فلان لا يشق له غبار، أي أنه متقدم متفوق، وهذه آتية من الفرس السريع، يترك الجميع وراءه، ولا يلحقون حتى بالغبار الذي يثيره.
نقول:
أحرز فلان قصب السبق، أي أنه فاز بالأمر دون غيره، والأصل أنهم كانوا يدقون في آخر شوط السباق قصباً.
فمن وصل إلى نهاية الشوط أول واصل، فهو ينتزعها، ويرجع بها، فهو السابق وقد أحرز قصب السبق.
نقول:
أدلى بتصريح وأدلى بصوته في الإنتخابات، هذه كلها من الدلو، الذي يدليه المرء في البئر.
الأخطاء اللغوية في نقل الكلمات
نعرض الأخطاء الشائعة، ولا نتشدد إلا مع خطأ يخالف منطق الأشياء، وتعجبني عبارة عند القدماء: أدب الاختلاف، فيها من التحضر شيء كثير.
يقولون:
الإستثناء يثبت القاعدة، الاستثناء يهز أركان القاعدة ولا يثبتها، فالعبارة منقولة عن الإنجليزية،
ففي الإنجليزية كلمة proves معناها يثبت.
ولكن المعنى القديم للكلمة، هو ليختبر، فالقول بالترجمة الصحيحة، هو الاستثناء يختبر القاعدة لا يثبتها.
يقول بيل برايسون، إن عامة الإنجليز لا يعرفون المعنى القديم لكلمة proves، فنحن معهم في هذا سواء.
نقول:
أشار المدير أنه يجب إنجاز الميزانية، فيها خطأ، فنحن لا نقول أشار المدير الأمر، بل أشار إلى الأمر.
العيوب الخِلقية، تكون في خِلقة الفرد، ولو قلنا العيوب الخَلقية، فهذا جائز في اللغة، ولا نحبها لأنها تطعن في الخلق نفسه، وأما التجاوزات الخُلقية، فهي من الخلق والأخلاق شيء آخر.
نقول:
جاءوا من كل حَدَبٍ وصوب، أي من كل مكان.
يكتبون على الزجاج الخلفي للسيارة، صلي على النبي، وهي صحيحة بدون الياء، صلِّ مجزومة، لأنها فعل أمر.
نقول:
فلان ذو صوت جهوَري، والواو مفتوحة، أي عالٍ بطبيعته يسمع من بعيد.
يقولون:
في ربيع الآخر نسافر، وفي جمادى الآخرة نسافر، قيل إن هذا أفصح من ربيع الثاني، وجمادى الثانية، ونحن على وشْك السفر، ساكنة الشين.
المَرفِق بميم مفتوحة، وفاء مكسورة، المَفصِل الذي في منتصف الذراع، ومثل المرفق بالطبع.
المفصل في اللغة: وهو ملتقى كل عظمين، ومثلهما المصرف بكسر الراء، والمصرف البنك، والمصرف تلك الفتحة في أرض الحمام.
معاني بعض الكلمات المختلفة في بعض الدول العربية
الدرج هو الجارور، أو الجرار الذي تسحبه من بطن النضد، وتضع الأقلام والأوراق، ثم يدرج أي يختفي، البشر يحيون على ظهر الأرض، ثم يدرجون تحتها، إنه الدرج.
الدفيئة، البيت الزجاجي، حيث تستنبت الخضر والأزهار، والجمع دفيئات، قالوا: البيوت الزجاجية، فإن كانت من البلاستيك، قالوا: البلاستيكية الدفيئة تسد.
الدوار، مفترق طرق فيه شارع دائرة، لتوزيع تدفق السيارات، وهو في لبنان المستديرة، وفي مصر الصينية.
الراشي في العراق، هو الطحينة في الشام، وهو السمسم المعصور، فإن أخذنا زيت السمسم وحده دون الألياف، فهذا الشيرج في القاموس، وهو السيرج عند الناس.
الرمش والرموش، الشعر على أطراف جفن العين، والأفصح الهدب والأهداب.
الريجيم، وهو نظام تخفيف الطعام، ونقول التخسيس فهذه أعرب، وهو عند القدماء الأزمة، فأما التقليل من طعام دون طعام لغرض طبي، فهو الحمية.
الزربية وجمعها زرابية، البساط.
السمكة تباع في المسمكة، والسمكة يسمونها في المغرب وجدة الحوت، فإن دعاك صديقك في مغرب أو جدة إلى حوت، فلا تفزع.
الشرفة هي البلكونة، والشرفة أيضاً البرندة، والشرفة أعرب من البرندا، وقد حور بعضهم قول الشاعر:
أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدارَ وذا الجدارِ
فقال: أمر على الديار ديار رندا أقبل ذا الجدار وذي البرندا
الضب، وهو زاحف صحراوي والجمع ضباب، هذا جمع قدامائنا، ويجمعه صائدوه اليوم على ضبان.
والاحتراش، تهييج الحيوان لصيده، ويحترشون الضب بالماء، لاخراجه من جحره، فالضب لا يشرب ولا يحب الماء.
الغمازة، فجوة في الخد أو في الذقن، وتظهر عند الابتسام، وسماها القدماء الغينة، وقال الثعالبي: إن غمازة الذقن النونة.
الفنجان هو الفنجال، وهو كوب القهوة الصغير، قال الزبيدي: والعامة تقول فنجال وفنجان، ولا يصحان، الصحيح عنده فلجان.
الفواق في الفصحى هو الزغطة في كلام الناس، أي الشهقة المتكررة، لمتخم من الطعام أو السكران، والزغطة هي الفواق.
القرفة والدار صيني، عند القدماء وفي العراق، دار صين، وهي بهار من لحاء شجر معين.
القنص هو الصيد، وهو أيضاً الانتفاع استغلالاً واحراجاً، وهذا عند بعضهم السلبطة.
الكدادة، ما يقحف من قعر القدر، ويسمونها القَحطة أو القُحاطة، ويتقاتل عليها بعض الناس.
أغلاط أهل الطرب
غنت أم كلثوم وغيرت في مقطع المقدمة، فبدلاً من يا فؤادي رحم الله الهوى، قالت: يا فؤادي أين أيام الهوى، ثم غيرتها ثانية إلى الصيغة الأشهر، يا فؤادي لا تسل أين الهوى.
وثمت تغيير آخر في الأغنية، له مغزى سياسي فيما أرى، تقول أم كلثوم واثق الخطوة يمشي ملكاً، والملك لا يمشي ولا يوصف بأنه واثق الخطوة.
فأغلب الظن أنها لم ترد إغضاب الحكم الجمهوري في مصر، وكان العهد الملكي مازال مذكوراً بين الناس، فبدلت الكلمة من مَلِك إلى مَلَك.
الساقي هو النادل، يسقي الشاربين، والساقي أعرب من غرسون، وأجمل من نادل.
قال الشاعر علي محمود طه، يصف ساقياً يحمل قربته ويسقى الجالسين:
مر بي مستضحكاً في قرب ساقي يمزج الراح بأقداح الرقاق، فجعلها محمد عبد الوهاب، في قربي ساق.
ويبدأ المطرب محمد عبد الوهاب أغنيته الملحمة، من شعر أحمد فتحي، بغلطة في أول كلمة، من أول بيت:
حُلم لاح لعين الساهر وتهادى في خيال العابر
وحُلم تجيزها اللغة، ولكن الخليل بن أحمد، يشهر عليه العصى، فهي تكسر البيت كسراً، وحقها أن تكون حُلُمٌ، وتغني فادية الحاج موشحة بن زهر: أيها الساقي إليك المشتكى.
والموشحة عامرة بالقافات، التي تجعلها المطربة شبه كافات، وبالطاءات التي تستحيل تاءات، فإذا ما شارفت على النهاية، كان البيت:
غصن بان مال من حيثِ استوى
ولم نسمع بحيثِ من قبل بل هي حيثُ.
كلمة وأختها
الفرق بين الانعزالية والانعزال، كمصطلحين سياسيين، الانعزالية نهج يميني متشدد، يقول على تحكم عصبة من الرجال في القرار، لصالح فئة أوسع.
وعرفته إسبانيا ولبنان، وكان في الحالتين متأثراً في النظام الفاشي في إيطاليا، والنازي في ألمانيا.
أما الانعزال، فهو نهج في السياسة الأمريكية، يبرز في بعض العهود، ويخفت في بعضها، ويقوم على التقوقع وعدم عقد تحالفات خارجية، وعدم التدخل عسكرياً فيما وراء الأمريكيتين.
التراب هو الرمل، أو الصلصال الجاف، فإذا ابتل فهو الثرى.
التربح، هو استغلال الوظيفة للاثراء غير المشروع، وأما المرابحة، بهو البيع مع معرفة المشتري برأس المال، ومعرفته بهامش الربح.
الترشيح للمنصب، يقوم به آخرون، وأما الترشح يقوم به الشخص نفسه.
التعريب، هو إدخال كلمة أجنبية في المعجم العربي، مثل كلمة مساج.
أما الترجمة، فهي نقل معنى الأجنبي إلى لفظ عربي، مثل عبارة بشكل أو بآخر، اللفظ عربي ولكن أصل العبارة هو أجنبي، لهذا فليس دقيقاً أن نقول: عرب فلان كتاب اسحق، بل نقول ترجمه.
التهافت هو التلاحق، حقيقة أو مجازاً، نقول في الزلزال، تهافتت المباني كأنها من الورق المقوى، ونقول تهافت الناس على الفيلم الجديد، ونقول هذه حجج متهافتة، يلغي بعضها بعضاً وتتساقط تباعاً.
الثبوت، هو قيام الدليل على صحة الشيء، والثبات هو الصبر والصمود.
الثريا، عنقود نجمي يمسى الشقيقات السبع، والثريا في الشام والعراق، وهي النجفة في مصر، عنقود من مصابيح مزين بالزجاج، يتدلى من السقف.
الاستئصال السياسي، محاول التخلص من الخصوم، بعدة طرق سواء بالقتل أو السجن، فهو أعلى مراحل الاقصاء.
ركب رأسه، أي عاند الناس، وقال العقاد: ركب رجله لمن يمشي بلا سيارة، أنا راكب رجلي فلا أمر علي ولا ضريبة، وكذلك راكب رأسه في هذه الدنيا العجيبة.
عامي وفصيح
تخرجت ابنتي العقبى لابنتك، أي الشيء نفسه مرجو لابنتك، في العامية نقول عقبال.
التخريم، سلوك الشوارع الفرعية بالسيارة، للمدن المكتظة فراراً من الزحام واشارات المرور.
الحزازات، بقايا أحقاد كامنة، قال ظفر بن الحارث:
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هي
وقد انهزم أمام جند بني أمية وولى هارباً، ومرت السنوات وقرب عبد الملك بن مروان زفراً إليه، وفي مجلس من مجالسه، أقعد زفر على سرير الملك بجانبه.
فدخل الأخطل، وهاله ما رأى قال لعبد الملك: كيف تجلس على سريرك، عدو الأمس، وهو القائل: وقد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هي
فقبض عبد الملك رجله، ثم أطلقها في صدر زفر، حتى هوى من على السرير، وقدر لزفر أن يعيش بعدها وقال يوماً: ما أيقنت بالموت مثلما أيقنت به في ذلك المجلس.
الحِكة، شعور بأن الجلد بحاجة إلى الحَك، ونقول استحكني ظهري، وقول الناس أكلني ظهري طريف، ويجدر بالفصحى أن تتلقفه، وله أصل قديم، ونقل عن الأصمعي الاكلة هي الحكة.
الزول في السودان، والزلمة في عامية الشام أي الرجل، ومنها الزلم أي سفهاء الرجل النافذ، والاستزلام عبارة يستعملها الكاتبون.
وهي قريبة من الفصحى، بمعنى اجتذاب تأييد المثقفين أو السفهاء، بمنحهم المال والوظائف.
العث، والواحدة العثة، هي حشرة تتلف الثياب.
المحشو، والجمع المحاشي، طعام من خضار محشية بالأرز ولحم مفروم، وأجازوا المحشي لشيوعها.
زاغ عن برنامجه الانتخابي، انحرف في التطبيق، ما زاغ البصر وما طغى، ونقول زوغ من الحصة، أي لم يحضرها.
انفلونزا مرض فيروسي، عربوها بالحمى، وإن تكن الحمى أعم، وللتخلص من التقاء الساكنين ننطقها انفلونزا.
يتسلى الطالبة بعبارة أكلت السمكة، حتى رأسُها، وحتى رأسِها، وحتى رأسَها، حتى هنا هي جملة استئناف، تبدأ بعدها جملة أخرى.
أكلت السمكة حتى رأسُها، فالرأس مأكول، إذا كان هناك ضم، وأكلت السمكة حتى رأسَها بالفتح، هنا حتى حرف عطف، أي أكلت السمكة مع رأسها.
وأكلت السمكة حتى رأسِها، أي أكلت السمكة حتى وصلت إلى رأسها، حتى هنا حرف جر، يفيد الغاية، بلغنا رأسها ووقفنا، فالرأس غير مأكول.
عندما كان الفراء النحوي على فراش الموت، فتح عينيه وقال: أموت وفي نفسي شيء من حتى حتى أنا.