مجرة درب التبانة تفقد مجموعة من التوابع، قد تكون مجرة درب التبانة قد فقدت للتو مجموعة كاملة من المجرات التابعة لها، فالمساحة حول درب التبانة ليست فارغة، بل هي مليئة بالمجرات القزمية.
وهي مجرات صغيرة وخافتة ومنخفضة الكتلة، مع عدد قليل من النجوم يصل إلى حوالي 1000 نجم لكل منها.
هذا ليس غريباً، فنحن نعلم من ملاحظاتنا للمجرات الكبيرة الأخرى أن المجرات القزمة غالباً ما تتجمع في مكان قريب منها، ويمكن التقاطها في مجال الجاذبية للجسم الأكبر.
اكتشاف مجرات تتبع مجرة درب التبانة
لقد حدد علماء الفلك حتى الآن ما يقرب من 60 مجرة أصغر في نطاق 1.4 مليون سنة ضوئية من مجرة درب التبانة.
وعلى الرغم من أنه من المحتمل أن يكون هناك المزيد من المجرات المختبئة في الظلام، لكن يبدو أن معظمهم وكأنهم يتسكعون مثل ذباب الفاكهة حول موزة.
وفقاً لتحليل جديد للبيانات المأخوذة من مسبار Gaia ، فإن معظم هذه المجرات هي في الواقع جديدة نسبياً في المنطقة.
وهي جديدة جداً بحيث لا يمكن أن تدور حول مجرة درب التبانة، على الأقل ليس بعد، كما يعتقد الباحثون.
وقد كتب الباحثون في ورقة جديدة بقيادة عالم الفيزياء الفلكية فرانسوا هامر من مرصد باريس في فرنسا ما معناه:
( نستنتج أنه نظراً لطاقاتهم العالية التي لا مثيل لها وعزمهم الزاوي، فإن معظم الأقزام لا يمكن أن يكونوا أقماراً تابعة طويلة العمر، وإذا كان من الممكن ربطهم بدرب التبانة، فإنهم في أول المرور، أي قبل أقل من ملياري سنة ).
رابط صورة مجرة التبانة
رسم خريطة مجرة درب التبانة
إن مهمة مسبار Gaia هي مشروع مستمر لرسم خريطة لمجرة درب التبانة بأكبر قدر من الدقة الممكنة حتى الآن.
بما في ذلك المواقع ثلاثية الأبعاد والحركات وسرعات النجوم والجاذبية فيها والأشياء الموجودة فيها باستخدام قياسات لمعانها وشدة سطوعه.
وقد تم اطلاق مسبار غايا على قمة صاروخ سويوز من غويانا الفرنسية بأمريكا الجنوبية يوم 19 ديسمبر 2013.
وتم توصيله إلى مدار وسطي بين الأرض والشمس في نقطة لاغرانج 2 (L2) ، حيث يكون فيها مزاملاً للأرض في دورانها حول الشمس.
وفي نفس الوقت يقع خلفها بعيداً عن الشمس (في ظل الأرض) ، فلا تشوش أشعة الشمس على قياساته .
وقد استخدم هامر وزملاؤه بيانات من الإصدار الثالث المبكر للبيانات من مسبار Gaia لحساب حركات 40 مجرة قزمة خارج مجرة درب التبانة.
ثم استخدموا معلّمات مثل السرعة ثلاثية الأبعاد لكل مجرة لحساب طاقتها المدارية والزخم الزاوي، فكانت النتائج مثيرة للاهتمام حقاً.
وذلك لأنها أظهرت أن معظم المجرات القزمة التي يُفترض أنها تتبع لمجرة درب التبانة تتحرك بسرعة أكبر بكثير من الأجسام المعروفة بأنها تدور في مدار حول المجرة.
ومجرات من مثل Gaia-Enceladus و Sagittarius dwarf والمعروف بأنها مجرات كروية، قامت درب التبانة بتفكيكها وكذلك مجرات أخرى مراراً وتكراراً على مدار تاريخها الطويل.
فقد تم تصنيف Gaia-Enceladus ، المعروف أيضاً باسم Gaia Sausage ، منذ حوالي 9 مليارات عام، وتبقى بعض آثره في مجموعة من النجوم التي تدور حول طاقات منخفضة نسبياً.
كما تتعرض مجرة القوس القزم الكروية حالياً للاضطراب بفعل قوى المد والجزر ( الجاذبية ) ودمجها بمجرة درب التبانة.
وهي عملية بدأت منذ حوالي 4 إلى 5 مليارات سنة، حيث أن نجومها تتأرجح بشكل أسرع قليلاً من نجوم Gaia-Enceladus .
لا تزال المجرات القزمة تتحرك بقوة أكبر، وخلص الفريق إلى أن هذا يعني أن هذه المجرات القزمة لا يمكنها أن تكون قريبة من مجرتنا لفترة كافية لإبطاء مجال الجاذبية للمجرة الضخمة من سرعتها.
رابط الصورة المجرات القزمية في الفضاء حول مجرة درب التبانة.
المجرة الكبيرة تبتلع الصغار
يقول الباحثون إن هذا الاكتشاف يمكن أن يغيّر فهمنا للتفاعلات بين المجرات العادية والمجرات القزمة، وكذلك فهمنا لخصائص المجرات القزمة.
ومن المحتمل أن يتم التقاط بعض المجرات القزمة في مدار درب التبانة، على الرغم من أنه من المستحيل تحديد أي منها.
إذ يوضح الفلكي هامر أن ( مجرة درب التبانة عبارة عن مجرة كبيرة، لذا فإن قوتها المدية هي ببساطة عملاقة ومن السهل جداً تدمير مجرة قزمة بعد مرور مقطع واحد أو اثنين ).
وإذا تمكنت مجرة قزمة من البقاء لفترة أطول من ذلك – كما كان يعتقد بالنسبة لمجرات درب التبانة القزمة – فلا بد أن شيئاً ما يربطها ببعضها البعض.
مثل التركيزات العالية للمادة المظلمة – والذي يمكن وصفه بالصمغ غير المرئي الذي يربط الكون ببعضه البعض.
إن احتمالية أن تحتوي المجرات القزمة على كمية مدهشة من المادة المظلمة تم التلميح إلى وجودها بقوة من خلال حركات نجومها، والتي لا يمكن تفسيرها من خلال وجود المادة الطبيعية وحدها.
تشير النتائج الجديدة إلى أن المادة المظلمة لا تحتاج بالضرورة إلى أن تكون ضمن نماذجنا لهذه المجرات.
ويمكن أن يُدرس في بحث مستقبلي إمكانية ما إذا كانوا يخضعون حالياً لاضطراب المد والجزر مع مجموعة أوسع من المعلمات تتلاعب بها.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أن نتائج الباحثين لا تختلف عن ورقة بحثية صدرت في عام 2006 وجدت أن سرعات سحابة ماجلان الكبيرة والصغيرة كانت أعلى بكثير مما كان يُعتقد.
وينظر إلى ذلك استناداً إلى بيانات تيليسكوب هابل، مما قد يشير إلى أنها ليست من أتباع درب التبانة.
وبينما يبدو أن هذه الفكرة قد تم التخلي عنها منذ ذلك الحين من قبل بعض الباحثين على الأقل، ومع ذلك، فإن هناك الكثير مما لا نعرفه عن الأشياء الموجودة في وحول مجرتنا درب التبانة.
وليس هناك شك على الإطلاق في أن مسبار Gaia يغير فهمنا لركننا الصغير من الكون.
كم يبلغ عمر المجرة
يقول عالم الفيزياء الفلكية تيمو بروستي Timo Prusti من وكالة الفضاء الأوروبية ( بفضل لعب مسبار Gaia دوراً كبيراً، فإنه أصبح من الواضح الآن أن تاريخ مجرة درب التبانة هو أكثر مما فهمه علماء الفلك سابقاً ).
( من خلال التحقيق في هذه القرائن المحيرة، نأمل في زيادة استخلاص الفصول الرائعة من ماضي مجرتنا ) ، وقد نُشر البحث في مجلة الفيزياء الفلكية.
حيث يقدر علماء الفلك أن درب التبانة تكونت قبل مدة زمنية تقدر بـ 12 إلى 14 مليار سنة، فيما يعدها العلماء صغيرة العمر نسبياً بالنسبة لمجرات كونية أخرى.
وقد تم تحديد عمر المجرة باستخدام تقنية علم التسلسل الزمني الكوني، إذ يُقدر عمر الكون بنحو 13.7 مليار سنة.
حيث تم في عام 2007 تقدير عمر نجم يدعى NGC 3199 ويقع خارج المجرة ويبعد عنا نحو 13.2 مليار سنة، أي ما يقارب عمر الكون.
وهو يمثل أقدم جرم سماوي تم رصده، وتم التحقق من هذا التقدير بواسطة مطياف UV-Visual Echelle للتلسكوب العظيم.
ويصعب دراسة بنية المجرة بسبب وجودنا داخلها ووجود غبار يحجب عنا بعض الضوء، بخلاف إمكانية دراسة المجرات الأخرى التي تبعد عنا لأننا نراها من الخارج.
وقد ساعدت دراسة الأشعة القادمة من مجرتنا في نطاق الأشعة تحت الحمراء بالأقمار الصناعية، وكذلك المراصد الأرضية التي ترصد الموجات الراديوية القادمة منها.
ومع ذلك لا يزال الغموض يحيط ببنية المجرة، وتحتاج إلى المزيد من الرصد.
اقرأ أيضاً… الرماديون | من هم الرماديون ، وهل حقاً هؤلاء رأوهم؟! – حسن هاشم
اقرأ أيضاً… الثقب الاسود | ماذا سيحدث لك عند دخولك إلى ثقب اسود؟ هل يمكن النجاة منه؟
اقرأ أيضاً… النجم الطارق | وكالة ناسا تكتشف النجم الطارق الذي ذكره الله بالقرآن وتنشر صوراً له!!