الحياة والمجتمعحول العالم

مخدر الأمفيتامين الإدمان الخطير

مخدر الأمفيتامين : هل أتاك أحدهم في يوم من الأيام وأنت تدرس مع أصحابك وقال لك أنه يتناول دواءً يجعله يدرس بشكل جيد؟

وأنه أصبح تلميذاً نجيباً وملتزماً ويدرس بدون تشتت الذهن ولا يلهو ويحصل على درجات أعلى من الجميع؟

وتفكر في نفسك كيف يحدث ذلك فعلاً؟ وتريد أن تصبح ناجحاً مثله فترغب بأن تعرف المزيد وتريد شراء الدواء منه.

لأنه يقول لك أن هذا الدواء يجعله أكثر تركيزاً ويسهر الليل دون كسل أو شعور بالنعاس، وأنه يقلل  الشعور بالجوع.

عدا عن أنه يزيد التركيز والانتباه ويقلل الإحساس بالتعب ويجعلك سعيداً.

هل هناك شيء بالفعل مثل هذا؟ هل هناك دواء يوفر كل الظروف المثالية للدراسة بدون تشتت الذهن؟

ما هو هذا الدواء السحري الذي يحولك من تلميذ كسول لا يحب الدراسة إلى أحد الأوائل الذين يلتهمون الكتب؟

أهناك شيء في الدنيا يقوم بهذا؟ نعم يوجد. لكن قبل أن تفرح بهذا الخبر لنتعرف على القصة وراء هذا الدواء.

كيف بدأت قصة مخدر الأمفيتامين

مخدر الأمفيتامين

كان هناك طالبة جامعية تعمل في مقهى بعض الظهر لتصرف على نفسها وتحصل على مصاريف جامعتها.

لكنها كانت تعاني من مرض نقص الانتباه وفرط الحركة ADHD ولو أنها لم تأخذ أدويتها ستجد صعوبة كبيرة في الخروج من المنزل أو ممارسة المهام اليومية بشكل طبيعي.

وكان دواؤها نوع من المنشطات يدعى الأمفيتامين المعروف باسمه التجاري أديرال وهو ما سنتحدث عنه اليوم.

للأسف الفتاة لم يكن لديها تأمين صحي ولا المال الكافي لتراجع طبيباً ليعالجها، وحتى لم تملك ثمن دواءها.

لكنها كانت محظوظة لوجود شخص في جامعتها يبيع الأمفيتامين للطلاب مقابل 5 إلى 15 دولاراً فقط.

وسعر الحبة يتحدد حسب الشراء فمن يشتري الكثير منها سينخفض سعرها ومن هنا بدأ انتشاره بين الطلاب.

ما هو مخدر الأمفيتامين

ما هو مخدر الأمفيتامين

هو منشط للجهاز العصبي المركزي يستخدم لعلاج بعض الحالات الطبية لكنه في نفس الوقت يسبب الإدمان الشديد إذا أسيء استخدامه.

ومخدر الأمفيتامين هو الحبوب المفضلة بين طلبة الجامعات في أمريكا خصوصاً في فترة الامتحانات.

مخدر الأمفيتامين والتصنيع المعملي

أول مرة تم تصنيع الأمفيتامين معملياً كان في ألمانيا سنة 1887 على يد العالم لازار أديلينو.

وبقيت خواصه التنشيطية مجهولة لفترة طويلة إلى أن بالصدفة استخدم لعلاج احتقان الأنف وكبديل لمادة إيفيدرين في بداية القرن العشرين.

وبعد ذلك تم استخدامه بكميات كبيرة في سنة 1927 وكذلك في  الحرب العالمية الثانية ليجعلوا الجنود مستيقظين ولديهم نشاط متواصل.

وبعدها تم استخدام الأمفيتامين في الاستخدامات غير المشروعة. وتم تداوله كعقار إدماني في بعض الدول تحت إسم كبتاجون.

ولكن الكبتاجون مكون من الأمفيتامين ومادة ثيوفيللين، والمركبان معاً يكونان بديلاً خفيفاً عن الأمفيتامين الأصلي.

تم حظر استخدام الكبتاجون سنة 1986 لأنه يسبب الإدمان الشديد.

أسباب تعاطي مخدر الأمفيتامين

ما السبب الذي يجعل أي شخص يتعاطى حبوب الأمفيتامين حتى لو لم يكن طالباً جامعياً؟

مخدر الأمفيتامين يمكن أن يجعلك صاحياً لفترات طويلة تصل لأيام دون أي إحساس بالكسل أو النعاس أو بالحنين للنوم.

ويجعلك سعيداً ومرحاً طوال الوقت ولديك الطاقة والنشاط، فلا تأكل ولا تنام وسعيد ولديك طاقة بلا نوم ولا تعب.

فما الذي تريده أكثر من ذلك في حياتك لتعمل وتنتج؟

استخدامات الأمفيتامين العلاجية

لماذا تم تصنيع الأمفيتامين بداية الأمر وما كان استخدامه الأساسي؟

علاج مرض نقص الانتباه وفرط الحركة

تم اختراع مخدر الأمفيتامين في الأساس لعلاج مرض نقص الانتباه وفرط الحركة ADHD.

وهذا المرض يحصل نتيجة خلل في توازن بعض النواقل العصبية في المخ كالدوبامين والنورابينفرين، فيؤدي لتشتت انتباه المريض وفقدان تركيزه.

فتجده يستخدم الإنترنت ويفتح عشرات الصفحات ولا يعرف كيف يركز في أحدها ولا يعرف لماذا فتح الإنترنت في المقام الأول.

هنا يأتي دور الأمفيتامين لمرضى نقص الانتباه ويعالج هذه النقطة لديهم، فعندما يعيد توازن كيمياء المخ يزيد التركيز ويفقد الشهية.

ويضبط التقلبات المزاجية ويمنع التشتت ويقيم توازناً في حركة الجسم ويجعل الشخص قادراً على التحكم بسلوكه وانفعالاته.

وهذا لو كان الشخص الذي يتناول الأمفيتامين هو مريض بمرض نقص الانتباه.

علاج النعاس المفرط أثناء النهار

الأمفيتامين أيضاً يعالج Narcolepsy وهي النعاس المفرط أثناء النهار الذي غالباً يصاحبه نوبات نوم لا تقاوم.

ويصاحبها فقدان في السيطرة على العضلات مما يؤدي لانهيار الشخص وربما سقوطه وهذا يتضمن نوبات متكررة وغير متوقعة من النوم.

لذلك كان يتم استخدام الأمفيتامين لعلاج هذا المرض ومنع نوبات النوم.

لكن نظراً للأعراض الجانبية الخطيرة الذي يسببها والإدمان الشديد الذي يصاحبه تم استبداله بأدوية أخرى أقل خطراً في الآثار الجانبية.

علاج السمنة

في الثلاثينات من القرن الماضي تم استخدام مخدر الأمفيتامين لأول مرة لعلاج السمنة لقدرته غير العادية على سد الشهية.

وحينها تم تداوله تحت إسم تجاري وهو بينز يدرين، ونظراً لإمكانية إدمانه وإساءة استخدامه وآثاره الجانبية الخطرة توقف استخدامه لعلاج السمنة.

وكان يتم استخدام الأمفيتامين أيضاً لعلاج الاضطرابات العاطفية والوسواس القهري والفصام. لكن أيضاً نظراً لآثاره الجانبية الخطيرة تم توقف استخدامه واستبداله بمضادات الاكتئاب.

علاج الاكتئاب

هناك حالات نادرة ومحددة من أنواع الاكتئاب يتم استخدام الأمفيتامين فيها إلى جانب مضادات الاكتئاب عندما تتوقف الاستجابة للعلاجات العادية.

خاصة في الأشخاص الذين يعانون من التعب واللامبالاة، لكن كل الاستخدامات أصبحت نادرة حالياً ولا يتم استخدامه لها تقريباً.

وكما قلنا أن حوالي 30% من طلبة الجامعات كانوا يتناولون الأمفيتامين ليركزوا في دراساتهم وينجحوا في الامتحانات.

ما الذي يحدث للمخ عند تناول حبة من الأمفيتامين

الأمفيتامين كما قلنا هو منشط للجهاز العصبي المركزي المخ والحبل الشوكي ويكون من نفس عائلة الميثامفيتامين أو الكريستال ميث.

الأمفيتامين يؤدي إلى بعض الثغرات في وظائف المخ عن طريق تنبيه استجابات السعادة الدماغية.

فيقوم بإتلاف المستقبلات المسؤولة عن الإحساس بالسعادة ويقلل قدرة المخ على الشعور بأي سعادة وراحة بدون المخدر.

يعني الأمفيتامين إما يظل طرفاً في أي سعادة أو لا يوجد سعادة.

عند بلع حبة واحدة من المخدر يظهر التأثير الأول له بعد ساعة تقريباً. وحينها يؤثر على مستقبلات بعض النواقل العصبية.

فيزيد من تأثير اثنين من النواقل العصبية الموجودة في المخ هما السيروتونين والدوبامين.

تأثيره مخدر الأمفيتامين على المخ

لو جئنا لمرضى نقص الانتباه وفرط الحركة سنجد أن لديهم مشكلة في معدل انتاج الدوبامين في المخ.

ولأن لديهم هذا النقص الكبير فإن مخهم يسعى طوال الوقت للحصول على منشطات وهذا يؤدي إلى التشتت ونقص الانتباه وهذا يظهر عليهم طوال الوقت.

بالتالي كمية الدوبامين والسيروتونين التي يتم انتاجهما مع مادة الأمفيتامين تتغلب بشكل كبير جداً على النقص الحاد لهؤلاء المرضى.

وحينها يزيد تركيزهم ويقل التشتت.

تأثير على الجهاز السمبثاوي

هذا المخدر أيضاً يساعد في انتاج مادة النورإيبينفرين وهي مسؤولة عن زيادة نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي الودي

والجهاز السمبثاوي هو الذي يعمل عندما تكون في حالة خطر، كالخوف من لص أو حيوان أو أي خطورة على الحياة.

الجهاز السمبثاوي مسؤول عن القتال والطيران والجهاز الباراسمبثاوي يعمل في الأوضاع العادية وهو المسؤول عن الراحة والهضم.

فعندما تزيد مادة النورإيبينفرين في الجسم وتزيد من تأثير الجهاز العصبي السمبثاوي حينها سيزيد اندفاع الدم والطاقة إلى معظم الأعضاء الحيوية في الجسم.

وحينها يقلل وصولها إلى الجهاز الهضمي أو أي شيء له علاقة بالراحة. فيجعلك حينها في كامل استعداداتك لأي أمر طارئ.

وطبعاً هذا سيزيد تركيزك وانتباهك بشكل غير عادي، لذلك تعاطي مخدر الأمفيتامين لأكثر من مرة سيدخلك في إدمان صعب للغاية.

لأن كمية السيروتونين والدوبامين اللذين يتسبب المخدر في انتاجهما في المخ يجعل المخ يتوقف عن إنتاجها بشكل طبيعي وهذه كارثة.

بمعنى أنك لن تستطيع أن تعيش بدونه وستحتاجه طوال الوقت، ومرة بعد مرة ستقل كفاءته والجرعة المعتادة لن تؤثر بك.

وستحتاج إلى زيادة الجرعة لتصل إلى الإحساس السابق. فستدخل حينها في مرحلة الجرعة الزائدة التي يمكن أن تقتلك.

عدا عن أن استخدامه على المدى الطويل يجعلك لا تشعر بأي نوع من السعادة بدون وجود أي منشط كيميائي.

والمشاكل للأسف يمكن أن تستمر معك حتى بعد أن تتوقف عن التعاطي.

الأعراض الجانبية للأمفيتامين

الأعراض الجانبية لمخدر الأمفيتامين كثيرة جداً:

الأعراض الجسدية

يؤدي الأمفيتامين إلى ظاهرة رينود Raynaud’s Phenomenon وهي عبارة عن انخفاض وصول الدم إلى الأطراف بشكل كبير.

لدرجة أن الأماكن التي لم يصل لها الدم سيختلف لونها عن بقية اليد وأيضاً ستشعر فيها بالبرودة لأنه لا يوجد دم كافي يصل إليها.

بالتالي ستشعر بتنميل مستمر في الأطراف وبعض الأحيان سيتحول إلى آلام شديدة وضعف الانتصاب وسرعة في ضربات القلب.

وآلام في البطن وفقدان في الشهية، وقيء وغثيان وفقدان الوزن وارتفاع مستمر في ضغط الدم لدرجة أن الأوعية الدموية ستتلف.

وهذا يصاحبها زيادة في معدل ضربات القلب وارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل مستمر لدرجة أنها قد تتلف الأعضاء الداخلية كالكليتين.

ويؤدي إلى ظهور حب الشباب وطفح جلدي وجفاف في الفم وضعف البصر وعدم وضوح الرؤية ونزيف واحتقان الأنف والتعرق الغزير.

واحتمالية حدوث تشنجات وصعوبة في التبول وتآكل الأسنان وسرعة في التنفس خصوصاً لمن لديهم أمراض في الجهاز التنفسي.

الأعراض النفسية

زيادة اليقظة والتركيز، الخوف والقلق والتهيج والأرق. وتقلبات مزاجية عنيفة وميول انتحارية. وكذلك تغيرات مستمرة في الرغبة الجنسية.

شعور مستمر بالعظمة أو الأهمية المبالغ فيها، وسلوكيات وسواسية، وفي حالات نادرة يمكن أن يحدث ذهان.

كان هناك بعض المخاوف لمستخدمي الأمفيتامين من مرضى ADHD أنهم يصابوا بأعراض جانبية خطيرة تؤثر على نمو المخ وتمنع النمو الجسدي خصوصاً لو كانوا من الأطفال.

لكن الدراسات أكدت أن الإصابة بالأعراض الجانبية الخطيرة غير محتملة طالما الجرعات محددة ودقيقة وتحت إشراف طبيب.

أعراض الانسحاب

ما هي أعراض الانسحاب وهل يختلف مخدر الأمفيتامين عن بقية المخدرات أم يشبههم؟

أعراض انسحاب الأمفيتامين من أصعب الأعراض التي يمكن توقعها.

لأن الشخص عندما يبدأ بالتوقف عن التعاطي سيحس بأوهام وهلوسة وستلازمه أعراض البارانويا أو الشك في كل شيء حوله.

سيكون لديه إحساس مستمر بالعداء تجاه أي شخص يتعامل معه، سيتوقف عن الأكل وينخفض وزنه ويعاني من ارتفاع ضغط الدم.

ومشاكل في القلب وسيعاني من قلة النوم والأرق المستمر عدا عن انخفاض القدرة المعرفية وانهيار العضلات وسوء التغذية.

وسيضيّع وقته في البحث عن الأمفيتامين ومحاولة الوصول إليه بكل الطرق الممكنة.

وبعد ذلك سيعاني من تقلبات مزاجية وسيصبح لديه ميول عنيفة وأخيراً سيعاني من الاكتئاب الحاد.

ولو تعرض الأطفال والمراهقين لأي جرعة من الأمفيتامين وكانوا يعانون من مشاكل في القلب سيتعرضون لخطر الموت المفاجئ.

العلاج من مخدر الأمفيتامين

لو أن شخصاً دخل في طريق الإدمان على مخدر الأمفيتامين كيف نعالجه؟ هل هناك علاج لهذا الإدمان؟.

حتى الآن لم يتم اكتشاف علاج للقضاء على إدمان الأمفيتامين، بالتالي العلاج ليس سهلاً أبداً ويحتاج مجهوداً كبيراً من المتعاطي.

يجب أن يكون مقتنعاً أنه يريد التخلص منه، فالعلاج وحده ليس كافياً دون رغبة المتعاطي في التخلص من الإدمان.

لأنه كما قلنا سابقاً الأمفيتامين يؤدي إلى تغيير في بعض وظائف المخ التي تحتاج إلى إعادة تشكيل وهيكلة.

وهذا ليس أمراً بسيطاً خصوصاً ان أعراض الإنسحاب والاكتئاب الحاد المستمر وفقد الشعور بالراحة والسعادة سيمثلون عائقاً كبيراً أمامه.

فلا العلاج السلوكي المعرفي سيفيد أو العلاج بالمقابلات التحفيزية أو العلاج السلوكي الجدلي.

غير أن الأسرة والأصدقاء لهم عامل كبير جداً في التخلص من الإدمان لأن وجودهم بقرب المريض طوال الوقت سيشجعه ويحسن من نفسيته ويجعله فعلاً يريد أن يكون أفضل.

أي عاقل يرى كل عواقب تعاطي الأمفيتامين التي يمكن أن تحدث، يجب أن يحسب ألف مرة قبل أن يخوض التجربة.

لأن طريق المخدرات والإدمان دائماً يبدأ بتجربة.

وتذكروا دائماً أنه لا يوجد كائن في الدنيا يمكن أن يكون خطراً على الإنسان أكثر من الإنسان نفسه.

المصادر

قناة فارمستان

Amphetamine, past and present – a pharmacological and clinical perspective

Fast Times: The Life, Death, and Rebirth of Amphetamine

https://consent.yahoo.com/collectConsent?sessionId=3_cc-session_0773136d-975f-4f08-8db2-e39846b39660&lang=en-us&inline=false

Amphetamine: Uses, side effects, and contraindications

Amphetamines – an overview

contraindications

Americanaddictioncenters.org/amphetamine

Amphetamine Addiction Treatment – Treatment Options & Common Signs of Abuse

Amphetamine dependence treatment


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى