الأيديولوجية الخاصة بكل حزب: هناك نوعان من الجمهوريات، جمهورية الحزب الواحد والجمهورية التعددية.
في جمهورية الحزب الواحد يكون هناك حزب واحد، لديه توجه وفكر وأيديولوجية واحدة؛ يحكم من خلالها البلد.
والجمهورية التعددية هي أن يكون هناك أحزاب تتنافس على السلطة، وكل حزب له الأيديولوجية الخاصة به.
ماذا تعني الأيديولوجية
الأيديولوجية هي مجموعة من الأفكار والقيم والقناعات التي يؤمن بها الفرد أو المجموعة، والتي تحدد كيف يرون ماهية شكل الحكم.
وهي التي تحدد وجهة نظرك من دعم الفقراء، والاقتصاد والإنتاج وحرية السوق، ومجانية التعليم والتأمين الصحي الأخلاق العامة والتدين وغيرها.
ورأيك في دور الدولة في كل قضية من هؤلاء، هو الذي سيحدد الأيديولوجية خاصتك سواء أكنت ليبرالياً أو محافظاً أو يسارياً أو يمينياً أو اشتراكياً أو شيوعياً أو إسلامياً إلخ.
أيديولوجية اليمين واليسار تعتبر أكبر تقسيمة في الأيديولوجية فما قصة اليمين واليسار؟
مصطلح اليمين واليسار
ظهر مصطلح اليمين واليسار قبل الثورة الفرنسية في القرن 19 وكان النظام حينها ملكية مطلقة، فالملك لديه كل الصلاحيات والسلطات.
وكان الملك والنبلاء أصحاب الأراضي ومتحالف معهم رجال الكنيسة، الذين يحصلون على امتيازات ببعض الأراضي وحق فرض الضرائب على الناس.
وفي الجهة المقابلة كانت شرارة الثورة، التي بدأت تشتعل من المثقفين المعارضين لاستبداد الملك، وينادون بتحجيم سلطاته.
ويدافعون عن حقوق الفلاحين والعمال المسحوقين. في البرلمان كان مؤيدي الملك يجلسون على اليمين، والمعارضة تجلس على اليسار.
حالياً ليس كل من يوصفون بأنهم يمين لأنهم يحبون ملك فرنسا، واليسار لأنهم يكرهون ملك فرنسا.
لكن المصطلح اليمين واليسار تطور مع الوقت وأصبح تصنيفاً أيديولوجياً.
الاختلافات السياسية الأيديولوجية بين اليمين واليسار
هناك محوران أساسيان المحور الأول هو المحور الاقتصادي والثاني هو المحور الاجتماعي، ويتركز المحور الاقتصادي بما يلي:
واجب الدول ودورها في الاقتصاد
عادة في الأيديولوجية اليسارية الاشتراكية أو الشيوعية، ترى أن الدولة يجب أن تكون مسيطرة على الاقتصاد، ومسؤولة عنه.
توفر الأساسيات للشعب بأسعار مناسبة، ومسؤولة عن توفير عمل للشعب.
وعادة في أيديولوجية اليمين الأصلي يكون رأسمالي، يؤمن بقوة المال. وأن الدولة مسؤولة فقط على تطبيق القانون والحفاظ على الأمن.
والباقي يترك لقوانين السوق والعرض والطلب. ولا تتدخل إلا عند حدوث كوارث طبيعة أو طوارئ أو أمور عظيمة.
حقوق العمال
أما بالنسبة لموضوع حقوق العمال، فإن الأيديولوجية الخاصة باليسار ترى أن الدولة مسؤولة عن حقوقهم.
ويجب إلزام صاحب العمل بساعات عمل محددة وحد أدنى من الأجور. ولا يوجد عندهم طرد العامل دون سبب قوي.
لكن أيديولوجية اليمين ترى العكس تماماً، بأن سوق العمل هو الذي يحكم علاقة الموظف وصاحب العمل.
الخدمات العامة
وبالنسبة لموضوع الخدمات العامة، يرى اليسار أن الدولة مسؤولة عن دعم التعليم والصحة والكهرباء وباقي الخدمات. ولكي تقدر الدولة على تقديم هذه الخدمات وتكون مسؤولة عنها بشكل جيد، يجب أن يدفع المواطنون ضرائب.
لكن اليمين يقول غير ذلك، بل يقول أن الدولة يجب أن تترك هذه الخدمات لشركات الخاصة، ولا داعي للضرائب أساساً.
المحور الاجتماعي
اليمين في الغالب يكون محافظاً ومتديناً، أي يكون لديه وازع ديني ظاهر، وبالتالي على عكس رؤيته في الاقتصاد، يرى أن الدولة على عاتقها التدخل وفرض الآداب العامة.
اليسار يرى أن الدولة ليس لها دور في ذلك مطلقاً، وهذه الأمور تترك للفرد والمجتمع.
مثال على الأيديولوجية الأمريكية
الحزب الديمقراطي الذي يأتي منه أوباما يعتبر يسار وسط اقتصادياً، وليبرالي اجتماعياً، يفرض ضرائب كبيرة حتى يقوم بخدمات عامة كبيرة.
مثل برنامج أوباما كير للرعاية الصحية للمواطن الأمريكي. واجتماعيا سنجده أنه يحتفي بالموافقة وبتقنين جواز المثليين.
الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب ويعتبر يميني اقتصادياً ومحافظ اجتماعياً، يحاول أن يقوم بأي شيء ليوقف نظام أوباما كير.
ويريد أن يقلل دعم الدولة للنظام الصحي، في مقابل أن شركات التأمين تتعاقد مع الناس وتوفر لهم الخدمات الصحية.
واجتماعياً رأيناه في أحد خطاباته وهو يقول أن المسيحية تحت الحصار وأن دوره أن يحميها.
يتكرر نفس هذا المثال في بريطانيا، بين الحزبين الكبار حزب المحافظين الذي يعتبر يمينياً وحزب العمال الذي يعتبر من اليسار.
خصائص الأيديولوجية اليسارية
يرون أن الدولة إذا تركت الأمور على حالها سيعمل كل شخص لمصلحته، فالغني صاحب العمل سيحاول تقليل مصاريفه قدر المستطاع.
أي يخفض الأجور ويزيد عدد ساعات العمل. من الناحية الثانية يرفع الأسعار بمزاجه، وبالتالي الغني سيزداد غنىً والفقير يزداد فقراً.
في أيديولوجية اليسار الدولة يجب أن تتدخل لتحمي الفقراء من الأغنياء، وتعيد توزيع الثروة عن طريق فرض الضرائب لمساعدة الفقراء.
وهذا ما يدعونه بالعدالة الاجتماعية. ويقولون أن التعليم والصحة لو أصبحا غير مجانيين وتُركا للسوق، فالفقير لن يجد تعليماً وعلاجاً.
ويقولون لو أن الشركات الخاصة هي التي تمد الكهرباء والمياه وتوفر الخدمات، لن يمدوا الخدمات للقرى البعيدة أو الفقيرة.
لأنهم في دراسة الجدوى لن يجدوها مربحة كثيراً فلن يقوموا بها. فيجب على الدولة أن تكون مسيطرة في هذه الأمور.
وحتى توفر الدولة الوظائف وتحمي المواطنين من جشع التجار، فيجب عليها أن يكون لديها أراضٍ زراعية ومصانع وشركات تديرها بنفسها.
لتضمن سيطرتها على الأسواق والأسعار. لكن على العكس عندما نتكلم اجتماعياً، إذا تحكمت الدولة في الحريات الشخصية ستستبد بالسلطة.
لأن الحرية شيء مقدس لا يجوز أن يتسلط عليك فيه أحد في دينك أو أخلاقك، أنت حر ما لم تضر.
خصائص الأيديولوجية اليمينة
يرى اليمين ما يقوله اليسار خاطئاً، فلو أن الدولة ستقدم الخدمات والصحة والتعليم وإعانة الفقراء والكهرباء والمياه، ستزداد احتياجات الناس.
حينها سيضطرون إلى زيادة الضرائب أو يستدينوا، وبالتالي هذا النظام سيؤدي لنتيجتين ليس لهما ثالثة إما تفلس الدولة أو تتقشف.
دولة اليونان كمثال
كانت دولة اليونان تقدم رواتب وخدمات صحية لمواطنيها وإعانات بطالة والمواطن سعيد بهذا.
لكن في المقابل لم تكن تملك مالاً ولا موارد لتصرف بهذا البذخ، فكل مدة كانت الحكومة تستدين. واستمروا على هذا المنوال حتى حصلت كارثة الديون الأخيرة.
وانقلب الوضع على المواطنين والحكومة. الدولة لم تكن تملك حساً للإبداع عكس القطاع الخاص الذي يفهم السوق وتعقيداته.
فلما أصبحت الدولة مسؤولة عن كل شيء، لم تقدر على تقديم الخدمة المطلوبة أو ستقدمها بشكل سيء.
فيجب على الدولة أن تنظم ولا تنتج، لأن بهذا الشكل ستفشل الشركات الحكومية في المنافسة في السوق، وديونها ستزيد وستكون عبئاً على الدولة.
والدولة تقوم بعمل كل شيء. فالمسؤولون سيتحكمون بكل شيء، وبالتالي ستزيد الرشوة والفساد والمحسوبية وبهذا النظام سيصبح المواطن كسولاً ومسترخياً.
لأن الدولة تقدم كل شيء له من التعليم والصحة فليس لديه دافع بأن ينهض ليقوم بالعمل وسيبقى عالة على المجتمع.
ولو أن الدولة ستتدخل بالتفاصيل بهذا الشكل فإنه سيؤثر على حرية الأفراد.
فإذا قررت الحكومة مثلاً أن المحال يجب أن تغلق في الساعة الثامنة لتوفير الكهرباء؛ كما حاولت القيام بذلك في مصر، فسيؤثر ذلك على المواطنين وأصحاب المحال ويتأثر عملهم.
الدولة عندما تتدخل في الاقتصاد يبدأ بالتباطؤ لأنها تتسم بالبيروقراطية عكس الشركات التي تملك الديناميكية.
وتقدر على التعامل مع متغيرات السوق بشكل أسرع، وكل ذلك يجب أن يبقى تحت مظلة الحفاظ على الدين والآداب العامة.
أمثلة أيديولوجية في الدول العربية
في الغرب يكون الصراع ما بين أحزاب اليمين واليسار.
لكن لو نريد تطبيق ذلك في الدول العربية التي لا تملك متسعاً كبيراً للأحزاب، ولا تنافس سياسي قوي ولا برامج واضحة، أساساً يصعب تقييم هذا الوضع لدينا.
لا نعرف من اليمين ومن اليسار أو نحدد الخلاف ما بينهم. لكن لنقم بتطبيقات سطحية سريعة.
في بداية الحركات التحررية العربية التي كانت ضد الاحتلال، كما في مصر ودول عربية أخرى، كانت أفكارهم تميل لليسار في الناحية الاقتصادية ودور الدولة.
الأيديولوجية في عهد عبد الناصر
فمثلاً عبد الناصر كان يقول أنه نصير الغلابة، وضد الإقطاع ومارس سياسات تأميم الأراضي من الباشاوات، ووزعها على الفلاحين الفقراء من أجل العدالة الاجتماعية.
وبدأت الدولة تصبح هي التي تنتج وتقيم مصانع غزل ونسيج وحديد وصلب وهكذا.
وكانت الدولة تدعم المواطن بالتموين وتوفير السلع الأساسية بالسعر المدعم، وتضبط الأسعار وتتحكم بالأسواق، ما الذي يباع وبكم وما الذي نستورده وما لا نستورده.
وفي نفس الوقت توظف المصريين في القطاع العام. أي خريج من أي جامعة تشغله الدولة إن كانت تحتاج لعمله أو لا. سيعمل ويأخذ راتباً.
وعدة دول عربية اتبعت ذات المدرسة، كانوا يؤمنون بنفس الأيديولوجية الاشتراكية.
وعندما جاء السادات ومن بعده مبارك بدأوا بالميل نحو اليمين قليلاً، فكان توجه السادات أن الدولة لا تتدخل في السوق بتاتاً.
فبدأت المنتجات المستوردة تغزو السوق المصري وتنافس منتجات المصانع المصرية منخفضة الجودة.
وكان بدأ يزيل الدعم، فقامت ثورة الخبز حينها. وأكمل من بعده مبارك حيث قام بخصخصة القطاع العام كالمصانع والبنوك وكل شيء.
أما في موضوع الحريات، فالجميع بلا استثناء كانوا مستبدين بشكل كبير، والقبضة الأمنية كانت قوية على حرية الأفراد.
وفي الوقت الحاضر، وبقدوم السيسي للحكم دمج بين الفكرين بين رفع الدعم، وزيادة ضرائب على القطاع الخاص.
بينما أيديولوجية الاسلاميين بشكل عام، مثلهم مثل الأحزاب الدينية في كل مكان، تغلب عليها الأفكار المحافظة.
يرون أن الدولة يجب أن تحمي الدين والأخلاق العامة فبالتالي يعتبرون من اليمين. أما من ناحية الاقتصادية فالأمر ليس واضحاُ هم مع أي الفكرة.
الأيديولوجية في دول الخليج
من الناحية الاقتصادية ودور الدولة، يساريون بشكل أساسي. فالدولة مسؤولة مسؤولية تامة عن الخدمات العامة كالتعليم والصحة وهكذا.
وفي نفس الوقت أغلبهم لا يأخذون ضرائب من الشعب. ولكن بسبب أزمة البترول الأخيرة فإن دول الخليج ستميل إلى الأيديولوجية الرأسمالية بشكل سريع.
ومن الناحية الاجتماعية وحرية الفرد فيعتبرون من اليمين، لأنها تعتبر دول محافظة وتدور حول الحفاظ على الدين والآداب العامة.
المصدر يوتيوب ألش خانة