الحياة والمجتمعحول العالم

منارة الإسكندرية أعجوبة العالم القديم

منارة الإسكندرية إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة :

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته اعتاد البحارة والسفن التجارية قديماً مع قربهم من الساحل المصري أن يبحثوا عن أعجوبة الإسكندرية لإرشادهم بأمان إلى موانئها.

ومن على بعد يقرب من 50 كيلو متر وبارتفاع يصل 120 متر، يظهر ضوء منارة الإسكندرية كي يساعد البحارة على الوصول إلى أراضيها بسلام.

وبالرغم من أن تاريخ بناء المنارات حول البحر الأبيض المتوسط يرجع إلى القرن السابع قبل الميلاد، إلا أن منارة الإسكندرية لحظة اكتمالها في القرن الثالث قبل الميلاد كانت بمثابة أول ناطحة سحاب في العالم.

لا يتفوق على ارتفاعها سوى الأهرامات كي تكون منارة لواحدة من أهم المدن في العالم القديم على

الإطلاق.

لماذا بنيت منارة الإسكندرية

أهلاً بكم أنا عمرو عابدين والحلقة اليوم من حول العالم سنتكلم عن منارة الإسكندرية أعجوبة العالم القديم.

لماذا بنيت منارة الإسكندرية

قبل أن يكون هناك مدينة الإسكندرية، كان في موقعها قرية صغيرة يعتمد أهلها على الصيد معروفة باسم راكوتيس يحيط بها مجموعة من القرى الأصغر منها.

وفي عام 332 قبل الميلاد انتصر الإسكندر الأكبر على الفرس واعتلى عرش مصر، ومع استكشافه لأراضي بلاده الجديدة.

جذبه موقع هذه القرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط وقرر أن يحولها إلى مدينة كبيرة بمثابة عاصمة البلاد الجديدة.

بالإضافة إلى أن تكون مركز تجاري ضخم يسهل دخول وخروج السفن التجارية المحملة بالبضائع. لكن عوامل كثيرة حالت بينه وبين الصورة التي كان يأمل تحقيقها على الأقل من الناحية التجارية.

المياه بالقرب من سواحل المدينة في ذاك الوقت ه كانت خطيرة وفيها بقع ضحلة وشعاب مرجانية وصخور مختفية تحت المياه.

وكانت السبب في هلاك عدد متعاقب من السفن. بخلاف طبيعة الخط الساحلي للمدينة وعدم وجود نقاط مراقبة على ارتفاعات عالية.

كلها كانت عوامل صعبت من مهمة وصول السفن وخصوصاً أثناء الليل، أضف على ذلك أن الإسكندر الأكبر لم يكن مقيماً باستمرار في مصر كي يتابع المسألة أو يفكر في حل فعال لها.

أهمية مدينة الإسكندرية التجارية

وبعد وفاة الإسكندر الأكبر في بابل عام 323 قبل الميلاد، انقسمت الإمبراطورية ما بين جنرالاته.

وفرض القائد بطليموس سيطرته على مصر. ونصّب نفسه ملكاً عليها، وأسس في أواخر القرن الرابع عشر المملكة البطلمية.

أهمية مدينة الإسكندرية التجارية

ومن الأمور المثيرة في تلك اللحظات من التاريخ، أن بطليموس فور وفاة الإسكندر الأكبر خطف جثمانه وهو في طريقه إلى مقدونيا كي يدفنه في موطنه الأصلي.

وأحضر الجثمان إلى مصر لإقامة مراسم الدفن في الإسكندرية، في محاولة لإثبات أحقيته في حكم البلاد وكسب تعاطف المؤيدين للإسكندر في مصر.

لكن هل فعلاً تم دفن جثة الإسكندر في الإسكندرية لا يوجد إجابة مؤكدة بنسبة 100%  ومثل الإسكندر الأكبر رأى بطليموس أهمية المدينة وضرورة الاستفادة منها كمركز تجاري ضخم للمنطقة.

ولحل المشكلة التي واجهت الإسكندر ومعاناة السفن في الدخول إلى موانئ المدينة، قرر تشييد منارة عملاقة تختلف عن أي منارة بنيت قبلها.

يستطيع من خلالها أن يعزز سلطته ويعكس قوة موقفه وسيطرته على البلاد في ظل الصراعات القائمة بينه وبين باقي جنرالات الإسكندر الذين تقسمت بينهم الإمبراطورية.

وفي نفس الوقت سينقل المدينة إلى مستوى ثاني على المستوى التجاري من خلال تسهيل حركة السفن منها وإليها.

اختيار موقع بناء المنارة

لم يكن اختيار موقع بناء المنارة على أرض المدينة نفسها، لكن على جزيرة منفصلة على الساحل تقع على الحافة الغربية لدلتا النيل.

وهذه الجزيرة ي كانت معروفة باسم جزيرة فاروس، ويقال أنها كانت السبب الرئيسي وراء اختيار الإسكندر الأكبر لموقع مدينة الإسكندرية بعد أن سمع عنها في أوديسا الشاعر الإغريقي هوميروس.

ويحكى أن اسم الجزيرة ناتج عن خطأ في الفهم من أحد الرحالة الذي سأل عن هوية صاحبها وكان الرد أنها فيروز أيلاند يعني جزيرة الفرعون أي ملكيتها تعود لملك مصر.

لكن الرحالة فهم من الإجابة أن الجزيرة نفسها اسمها جزيرة فاروس. وارتبط اسم الجزيرة بالمنارة لدرجة أن الناس أصبحوا يشيرون إلى المنارة باسم فاروس الإسكندرية.

ليس ذلك فقط، بل إن شهرتها وصلت لدرجة أن كلمة فاروس حلت محل كلمة منارة، وأصبحت تشير لها في عدد من لغات العالم.

وبعض الغربيين ما زالوا يشيرون إلى منارة الإسكندرية إلى وقتنا هذا بفاروس الإسكندرية.

والجزيرة قبل بناء المنارة على أرضها كانت منفصلة تماماً عن البر، فأمر بطليموس ببناء طريق يكون بمثابة جسر يصل بين الجزيرة وبين الساحل الرئيسي للمدينة.

ووصل طول هذا الجسر إلى حوالي 1200 متر. وعلى الجانب الشرقي منه يقع الميناء الكبير، وعلى الجانب الغربي يقع ميناء يوناستوس.

وكلف الملك بطليموس الأول المعماري الاغريقي سوستراتوس كي يبدأ في تصميم المنارة التي ستبقى فيما بعد أحد أهم عجائب الدنيا السبع القديمة.

وبالرغم من أن بطليموس الأول أمر ببناء المنارة عام 305 قبل الميلاد، إلا أن المنارة اكتملت في عهد ابنه بطليموس الثاني.

وتشير التقديرات إلى أن أعمال البناء استغرقت 12 سنة لكننا غير متأكدين من تاريخ بدء العمل عليها بالضبط والمؤكد أنها انتهت في عهد بطليموس الثاني في القرن الثالث قبل الميلاد.

كيف وصف المؤرخون منارة الإسكندرية

وصف المنارة يختلف من الروايات التاريخية لكن الشائع أنه تم بنائها بالاعتماد على كتل من الحجر الجيري والجرانيت.

وتم تصميمها على ثلاث مستويات:

الأول عبارة عن قاعدة مربعة الشكل تحمل طابق ذو ثمانية أضلاع يعلوه قبة دائرية ينتصب عليها تمثال ارتفاعه خمس أمتار، ويعتقد أن هذا التمثال عائد لبطليموس الأول أو للإسكندر الأكبر مؤسس المدينة.

وفي المستوى العلوي من المنارة موجود مرآة برونزية ضخمة تعكس ضوء الشمس كي تساعد في توجيه السفن أثناء النهار.

وفي الليل يستخدمون انعكاس النيران والتي تكون مشتعلة باستمرار عن طريق ما يشبه الفرن، ويقال أن انعكاس الضوء كان يصل لمسافة تقترب من 50 كيلو متر.

والبعض بالغ في وصف إمكانيات المنارة وقال أن ضوءها يمكن رؤيته من على بعد 80 كيلو متر.

وأن المنارة كان بها مرآة شمسية عملاقة لديها القدرة على تركيز الضوء على سفن الأعداء لدرجة حرقها في المياه.

وداخل المنارة كان يوجد منحدر حلزوني تتحرك عليه الحمير المحملة بالمؤن وتحديداً المواد المستخدمة كوقود لإشعال النيران.

وهذه النقطة أثارت تساؤلات الباحثين عن هوية المواد المستخدمة في إشعال النيران نفسها، حيث أن المنارة تعتمد على النيران طوال الليل. وهذه عملية تحتاج كميات مهولة من الوقود.

والبلاد بطبيعة الحال تفتقد لوجود الأشجار بكميات كبيرة، وهذا ما جعل الباحثين في البداية يستبعدون إشعال النيران.

وبما أن الإسكندرية في ذلك الوقت كانت من أكبر الموانئ في العالم فلا شك أن هذا سهل حصولهم على أي مواد يمكن أن يحتاجوها وبكميات كافية لاستمرار عمل المنارة.

وعن ارتفاع منارة الإسكندرية فالأرقام  تتراوح ما بين 120 متراً و 140 متراً، وفي الحالتين فهي كانت ثاني أطول بناء من صنع البشر في العالم كله بعد أهرامات الجيزة.

مكتبة الإسكندرية

بالرغم من روعة المنارة إلا أنها لم تكن الشيء الوحيد الذي يميز الإسكندرية في ذلك الوقت، فأثناء العمل على بنائها شهدت المدينة عدد من المنشآت الأخرى على رأسها مكتبة الإسكندرية.

والتي كانت تعتبر واحدة من أكبر وأهم مكتبات العالم القديم على الإطلاق. حتى تعرضت لسلسلة متتابعة من الحرائق أدت إلى تدميرها تماماً عام 391 ميلادية.

لكن في عام 2002 ميلادية استطاعت الحكومة المصرية بالاشتراك مع الأمم المتحدة إعادة إحياء المكتبة القديمة من خلال إنشاء مكتبة الإسكندرية الجديدة.

يعني الإسكندرية لم تكن مقتصرة فقط على المنارة لكن المدينة في حد ذاتها كانت منارة للعلم والثقافة والتجارة.

أهمية جزيرة فاروس

وجزيرة فاروس لا يمكن إغفالها وخصوصاً على المستوى الاستراتيجي للمدينة.

حتى أن يوليوس قيصر خصها بالذكر في وصفه للحرب التي قامت في مصر بين الملكة كليوباترا السابعة آخر حكام المملكة البطلمية وبين أخوها الأصغر الذي ظفر بحكم البلاد.

وأشار يوليوس قيصر لأهمية جزيرة فاروس والمنارة باعتبارهم السبيل الوحيد لإرشاد السفن لميناء الإسكندرية وأن التحكم بالجزيرة يعني التحكم في خروج ودخول السفن المحملة بالإمدامات.

واستمرت منارة الإسكندرية منتصبة في مكانها على جزيرة فاروس لقرون عديدة، قبل انهيارها عن طريق سلسلة من الزلازل في الفترة بين عام 965 ميلادية و عام 1323 ميلادية.

وأثناء وصف أحد الرحالة العرب للمنارة في عام 1166 ذكر أن في المستوى العلوي للمنارة تم بناء مسجد وهذا معناه أن المنارة يمكن أنها توقفت عن العمل في تلك الفترة من التاريخ.

وبعد انهيار المنارة ب 150 سنة حلت محلها قلعة قايتباي عام 1477، وبعض الباحثين يقترح أن جزءً من القلعة تم تشييده باستخدام بقايا المنارة، لكنها بالتأكيد لم تكن كل البقايا.

لأن بعد 600 سنة من دمار المنارة اكتشفنا أن بقاياها كانت طوال الوقت بالقرب من موقع بنائها في قاع المياه.

العثور على بقايا المنارة في البحر

وبداية من أواخر الستينيات من القرن العشرين خرجت بعثات استكشافية بالقرب من موقع المنارة وعثروا بالفعل على بقايا فاروس الإسكندرية في قاع ميناء المدينة الشرقي.

ليس ذلك فقط، بل عثروا أيضاً على أجزاء من تحف وتماثيل من عصر المملكة البطلمية.

أعجوبة منارة الإسكندرية تلهم العالم

وحتى بعد دمار المنارة بمئات السنين ما زال تصميمها يمثل المصدر إلهام للأعمال المعمارية في مختلف دول العالم.

مثل النصب التذكاري لجورج واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية، ونسخة مكررة من المنارة تحمل نفس الاسم موجودة في حديقة بمدينة تشانغشا الصينية.

وأيضاً فندق شيراتون باتومي بالقرب من البحر الأسود في جورجيا. وكلهم يحاولون تقديم صورة شبيهة للمنارة العظيمة.

حتى أن عدداً من الشركات الأوروبية الحديثة المتعلقة بالمنارات أو بالمنشآت بصفة عامة، اتخذت من فاروس اسماً لها. وبعضها اعتمد في شعار الشركة تصميمات قريبة لمنارة الإسكندرية.

وبعد ما يقرب من  ألف سنة على تشييد منارة الإسكندرية، لا يوجد أي منارة تعدت ارتفاعها باستثناء منارة جدة بارتفاع 133 متراً.

والذي ممكن أن يكون أقل من ارتفاع منارة الإسكندرية لو كان ارتفاعها فعلاً يصل إلى 140 متراً طبقاً لبعض الروايات التاريخية.

وعلى مستوى العمر مقارنة مع عجائب الدنيا السبع [1] القديمة فمنارة الإسكندرية تعتبر ثالث أطول عجائب الدنيا عمراً بعد ضريح موسولوس وأهرامات الجيزة.

والكثير يرون أنها العجيبة الوحيدة التي قدمت خدمة حقيقية للبشر وعادت عليهم بالنفع. وهكذا نكون تحدثنا اليوم عن منارة الإسكندرية أعجوبة العالم القديم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى