الحياة والمجتمعحول العالم

من هم مسلمو الإيجور


لماذا أدار العالم الإسلامي ظهره لهم مع سيد جبيل

مساء الخير، من هم مسلمو الويجر أو الإيجور كما نسميهم باللغة العربية الذين ارتبط اسمهم بمأساة في الصين هل هم فعلاً مضطهدون؟

وإن كانوا فعلاً مضطهدين فلماذا تضطهدهم الصين؟ وما موقف الدول الإسلامية والعالم الغربي منهم؟

أين يعيش الإيجور

كي نفهم قصة الإيجور من الألف إلى الياء، لا بد أن نعود إلى التاريخ ونفتح الخريطة ونرى أين يعيشون.

في الخريطة سنجد أن مسلمي الإيجور يعيشون في إقليم شينجيانغ الصيني الشهير الذي يمثل سدس مساحة الصين، وهي منطقة في أقصى غرب الصين، وفي أقصى شرق العالم الإسلامي.

لم يكن الإقليم اسمه شينجيانغ، شينجيانغ هو إسم أطلقه الصينيون على الإقليم بعد غزوه في سنة 1884. قبل ذلك كان هذا الإقليم يدعى تركستان الشرقية.

وما دام هناك تركستان الشرقية فهناك تركستان الغربية .

تركستان آسيا الوسطى

منطقة تركستان تقريباً هي منطقة آسيا الوسطى، التي تضم الآن مجموعة جمهوريات الإسلامية السوفييتية السابقة، والتي هي:

تركمانستان، أوزبكستان، طاجكستان، كازاخستان، وقيرغيزستان.

وآسيا الوسطى كانت مقسمة إلى تركستان الشرقية وتركستان الغربية، والغربية تحولت إلى منطقة نفوذ سوفيتية وانضمت إلى الجمهوريات السوفييتية بعد قيام الاتحاد السوفييتي أي تقريباً 1923-1924.

أما تركستان الشرقية فظلت مستقلة، واعتنق أهلها الإسلام منذ وقت مبكر حسب مصادر الإيجور، فقد اعتنقوا الإسلام سنة 934 وظلوا محافظين على استقلالهم كمملكة إسلامية لمئات السنوات.

ثم غزتها الصين عام 1876 وبعد حروب طويلة استمرت لنحو ثمانية سنوات، أحكم الصينيون على هذا الإقليم الغني بالثروات قبضتهم عام 1884، وأطلقوا عليه كلمة شينجيانغ وتعني الأراضي الجديدة.

لكن منذ ذلك التاريخ ظل حلم الإستقلال يراود أهالي تركستان الشرقية الذين يعتبرون أنفسهم طوال الوقت جزءاً من آسيا الوسطى، وليس جزءاً من الأراضي الصينية.

سقوط الاتحاد السوفييتي

هذه المشكلة تجددت بشكل واضح جداً منذ العام 1990، وعلى مدار 30 عاماً في اضطرابات مستمرة.

بعضها وصل إلى الذروة كما في عام 2009، عندما حدثت اشتباكات بين الإيجور وأقليات أخرى، والسلطات الصينية قامت بقتل عدد كبير تجاوز 200 وجرحى بالآلاف.

عام 1990 كان نقطة تحول في تاريخ هذا الإقليم، وفي تصاعد الرغبة الإنفصالية والضغط الشديد من قبل الصين على مسلمي الإيجور.

هذا التاريخ مرتبط بالتغير الضخم الذي حصل في العالم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.

عندما سقط الاتحاد السوفييتي أدى ذلك إلى تمكن عدد من الجمهوريات السابقة للحصول على استقلالها، ومنها أولاد عمومة الإيجور ، والذين هم موجودون في آسيا الوسطى.

الحلم بالاستقلال

من البديهي أن تنتقل عدوى الاستقلال إلى تركستان الشرقية، وقد حدث بالفعل، لكن الفرق كبير فالظرف التاريخي والجغرافي مختلف.

الاتحاد السوفييتي قبل باستقلال هذه الجمهوريات مضطراً لأنه منهار، ولم تعد لروسيا الاتحادية وقتها القدرة على الاحتفاظ بهذه المستعمرات السابقة.

لكن في حالة الصين كانت دولة قوية وعفية، وليس لديها أي سبب يدعوها للسماح باستقلال مسلمي الإيجور ، لعدة أسباب منها:

الثروات الطبيعية

أن الإقليم بالغ الأهمية لأنه يحتوي على كم هائل من الثروات الطبيعية، من بترول ومعادن نفسية وموقع جغرافي بالغ الأهمية وهو نقطة اتصال ما بين الصين وكل الشرق.

رغبة الأقاليم الأخرى بالانفصال

وخلاف هذه الأهمية إذا سمحت الصين باستقلال الإيجور أو غيرهم، سوف تكون بذلك قد وضعت سابقة قد تؤدي إلى تفتت الصين.

لأن إقليم التبت سيطالب بالاستقلال، هونج كونج لن تقبل بأن تصبح جزءاً من الصين كما كانت لفترة طويلة، تايوان لن تنجح الصين في ضمها مرة أخرى وربما أقاليم أخرى تطالب بالإنفصال.

وبالتالي ملف الانفصال خط أحمر بالنسبة للسلطات الصينية.

سياسة الصين في إقليم تركستان

مع تصاعد الرغبة في الانفصال بعد التسعينات، اتبعت الصين مجموعة من السياسات لقطع الطريق على هذا الطموح. منها أنها سمحت وشجعت الهجرة من عرقيات أخرى خصوصاً عرق الهان.

الصين مكونة من 56 جماعة عرقية مختلفة، أكبرها عدداً هو عرق الهان الذي يمثل أكثر من 90% من سكان الصين.

وباقي سكان الصين 10% أو أقل، موزعون على أقليات عرقية من بينها الإيجور الذين تعدادهم يتراوح وفقاً لمصادر متنوعة من 11 إلى 15 مليون.

هجرة الهان والتغيير الديمغرافي

من بين السياسات التي تتبعها الصين هي إحداث تغيير ديمغرافي سكاني في إقليم شينجيانغ، بتشجيع عرقيات أخرى خصوصاً الهان للهجرة إلى هذا الإقليم.

بحيث يفقد المسلمين صفة الأغلبية في هذا الإقليم، وبالفعل على مدار 20-30 سنة تراجعت نسبة المسلمين إلى عدد السكان في شينجيانغ وإن ظلوا حتى الآن هم أصحاب الأغلبية.

منع المظاهر الدينية الإسلامية

من بين السياسات التي اتخذوها أيضاً، محاولة ممارسة الضغوط على الشعائر الإسلامية في المساجد وصيام رمضان، وحرية أي من المسلمين للتعبير عن خصوصيته الدينية والعرقية.

مسلمو الإيجور يعانون من الاضطهاد وفي أحسن الأحوال من التمييز.

معسكرات اعتقال

وصلت المسألة إلى ذروتها في السنوات الأخيرة، عندما أقامت الصين معسكرات ضخمة وصفتها الأمم المتحدة ودول غربية بأنها معسكرات اعتقال كبيرة ضمت ملايين المسلمين.

الغرب يصفها وجماعات حقوق الإنسان تصفها بأنها معسكرات الهدف منها محو الهوية القومية والدينية لمسلمي الإيجور.

الصينيون لديهم رواية أخرى، ويقولون أن هذه معسكرات إعادة تأهيل لأحد أقلياتها، بحيث أنها مضطرة أن تسيطر على الميول المتطرفة القومية والدينية.

خصوصاً وأن بعض من جماعة الإيجور قد انضم إلى جماعات جهادية متطرفة، بالتالي أصبح يمثل خطراً على الصين وعلى العالم. بكل الأحوال هذا ما حدث بالفعل.

موقف العالم من هذه السياسة

إزاء هذه السياسة انقسم العالم إلى فريقين:

موقف الدول الغربية

غالباً فريق تمثله الدول الغربية، والتي تنتقد الممارسات الصينية تجاه الإيجور بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة.

والحقيقة أن سبب هذا الموقف الناقد للصين، جزء منه يعود لأن بعض الجماعات الموجودة في الغرب لديها مواقف نبيلة تجاه حقوق الأقليات في كل مكان في العالم.

لكن السبب الأهم أن الدول الغربية في صراعها المتصاعد مع الصين، استخدمت مشكلة الإيجور أو مأساة الإيجور للضغط على الصين، ووضعها في موقف دفاعي تماماً.

مثل موقفهم من تايوان، وإلى حد كبير من هونج كونج، ومن التبت. فهم يستخدمون مواقف هذه الجماعات التي تعاني للضغط على الصين.

موقف العالم الإسلامي

أما العالم الإسلامي فمع زيادة التعاون بينهم وبين الصين، الحقيقة أن الدول التي كانت تدعم هذه القضية تراجعت عنها بشكل كبير. وذلك لسببين أساسيين:

أقليات موجودة على أراضيها

السبب الأول أن كثير من الدول الإسلامية لديها أقليات دينية وعرقية، وهذه الدول تمارس عليها الكثير من الضغوط، إن لم يكن الاضطهاد.

وبالتالي لم يعد مقبولاً أن هذه الدول تدافع عن أقلية هي بنفسها تضطهد أقليات أخرى مماثلة في حدودها الجغرافية.

المصالح مع الصين

السبب الثاني أن هناك تصاعد كبير جداً لعلاقة الصين بكل دول العالم ومنها الدول الإسلامية، وهذه الدول لا ترغب بأن تخاطر أو تغامر برد فعل صيني سلبي، قد يؤثر على هذه العلاقات والمصالح مع الصين.

مصالح هذه الدول مع الصين وليس مع الإيجور.

كانت آخر دولة تتخلى بشكل واضح عن مسلمي الإيجور هي تركيا. وتركيا كانت تربطها بمسلمي دول آسيا الوسطى علاقات تاريخية وثيقة جداً.

خصوصاً أنهم يتحدثون أحد اللغات المحسوبة على تركيا، ولأسباب كثيرة الأتراك لديهم نفوذ كبير في هذه المنطقة.

لكن في 2010 وفي أحد مؤتمرات القمة التي جمعت الرئيس التركي والرئيس الصيني، قال أردوغان:

أن الأقليات التي تعيش في شينجيانغ تعيش حياة سعيدة نتيجة الرفاهية والتقدم الذي تعيشه الصين هذه الأيام، في إشارة منه عن التراجع عن موقف تركيا المعهود، والتي كانت تنتقد فيه الصين لسنوات طويلة.

هل الصين تضطهد مسلمي الإيجور لأنهم مسلمون؟

الإجابة قولاً واحداً لا، هي تمارس عليهم ضغوطاً كما تمارس على أقليات أخرى كثيرة.

الصين تاريخياً لها علاقة بالإسلام، وهي علاقة تمتد إلى 1300 سنة، وعلاقتها بالمسيحية تاريخياً أسوأ من علاقتها بالإسلام.

لكن في التاريخ الحديث على الأقل، الصين وجهة نظرها أن لديها 56 قومية، ولديها أقاليم كثيرة بعضها يملك طموحات انفصالية.

كيف تنظر الصين للأقليات في حدودها

وجهة نظرها أن هذه الأعراق كلهم جزء من جمهورية الصين، وأنهم يجب أن يذوبوا في الهوية الصينية ويدعمون الصعود الصيني إلى صدارة العالم لا أن يمثلوا عبئاً عليها ولا أن يهددون بالانفصال عنها.

وطريقتها في ذلك أن تضغط أو تقمع أية أقلية تفكر في الإنفصال أو التمايز، وربما هذا أحد نقاط ضعفها مقارنة بالولايات المتحدة.

الولايات المتحدة التي حققت تقدمها ووصولها إلى قمة العالم عن طريق احترام الأقليات المختلفة والثقافات.

وتحولت إلى بؤرة أقليات غير متنافرة، لأنها تعيش بشكل متسق ومجتمع يقبل وجود التمايز بين الأقليات، على عكس الصين.

وبالتالي هؤلاء الإيجور يعيشون ما بين اعتبارين أساسيين:

دولة لا تجد أن من مصلحتها أن تسمح بإعطاء هذه الأقلية حقوقها أو الحق في التعبير عن هويتها القومية والدينية، وما بين دول إسلامية ترى أن من مصلحتها ألا تدافع عن حقوق هذه الأقلية.

أشكركم والى اللقاء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى