إسلامالحياة والمجتمعحول العالمشخصياتقصص وحكايات

من هو أحمد ديدات الرجل ذو الهمة


أحمد ديدات هو من ولاية سورات في الهند، بحيث كانت الهند في هذا الوقت مستعمرة إنجليزية، وكانوا ينهبون خيرات الهند في هذا الوقت.

وكان المنصرين لهم دور كبير في هذا الموضوع، والشيخ نشأ بحيث قضى تسع سنوات كاملة في هذه الظروف الصعبة، وعندما توفت والدته نقل بعد ذلك ليعيش مع أبيه في جنوب أفريقيا.

وهذه نقلة كبيرة من حياة إلى حياة، وكان أبوه رجل فقير جداً، وكان هناك سيطرة للعرق الأبيض، وهناك تفرقة عنصرية وظلم واضطهاد.

وكان المحتلون من أصول بريطانية في جنوب أفريقيا، يمارسون التمييز العنصري ويمارسون أيضاً التنصير ضد المسلمين، الذين كانوا هناك من أعراق مالوية أو هندية.

عانت الأسرة من نقص المال، ولم يستطع أحمد ديدات أن يكمل الدراسة، فأخرجه والده من المدرسة وهو في الصف السادس الابتدائي.

وبعد ذلك عمل أحمد ديدات نظراً لظروف الأسرة في أحد المحلات، وكان المحل بجوار كلية تنصيرية للصدفة تنصيرية آدم.

تأثير المنصرين

طلاب كلية آدم اللاهوتية كانوا يمرون على أحمد ديدات ، وهو يعمل في المتجر الصغير، في كل يوم يلقون عليه الشبهات التي يتعلمونها في الكلية.

تشكل لديه إحساس بالضعف والقهر والعجز، تشكل عنده الرغبة القوية بأن يتحدث وينتصر، وأن يتوحد مع الأمة التي ينتمي لها والدين الذي ينتمي إليه.

كانت نقطة التحول الحقيقية في حياة أحمد ديدات في الأربعينيات من القرن العشرين، وكان سبب هذا التحول هو زيارة بعثة آدم التنصيرية في دكان الملح الذي كان يعمل به.

ويقع في منطقة نائية في ساحل جنوب إقليم ناتال، بجانب الإرسالية مسيحية، كان طلبة الإرسالية يأتون إلى الدكان الذي يعمل به أحمد ديدات وكان جميع العاملين به من المسلمين.

مضى هؤلاء الطلاب يكيلون الإهانات لديدات وصحبه عبر الإساءة للدين الإسلامي، وتوجيه أسئلة كثيرة عن دين الإسلام، التي لم يكن يستطع وقتها الإجابة عنها.

فقرر أحمد ديدات أن يدرس الأناجيل بمختلف طبعاتها الإنجليزية حتى النسخ العربية. كان يحاول أن يجد من يقرأها له، وقام بعمل دراسة مقارنة في الأناجيل.

فاكتشف تناقضات غريبة وأخذ يسأل نفسه أي من الأناجيل هذه أصح؟ وواصل وضع يده على التناقضات وتسجيلها لطرحها أمام أولئك الذين يناقشونه بحدة كل يوم في الحانوت.

وبعد أن وجد في نفسه القدرة التامة على العمل من أجل الدعوة الإسلامية ومواجهة المبشرين، قرر ديدات بأن يترك كل الأعمال التجارية ويتفرغ لهذا العمل.

الدفاع عن الهوية

أحمد ديدات رحمه الله قرأ كتاب إظهار الحق، لكي يرد على كلام المبشرين، ولكي يدافع عن هوية المسلمين في الهند، وهو يقرأ الكتاب وجد فيه ما يحتاج للرد على من يهاجمون الإسلام.

وثم بدأ يحضر نسخاً من الأناجيل المختلفة، ونسخها المختلفة ويدرسها ويكتب ملاحظاته عليها، ويذهب إلى المبشرين في عقر دارهم ليرد عليهم، وكان يدعوهم لزيارته ليرد عليهم. 

بداية الطريق

اقترح شخص إنجليزي اعتنق الإسلام واسمه (فيرفاكس)، اقترح على الشيخ أن لديهم الرغبة والاستعداد من أن يدرس: المقارنة بين الديانات المختلفة.

وأطلق على هذه الدراسة اسم: (فصل الكتاب المقدس) Bible Class. وكان يقول بأنه سوف يعلم الحضور كيفية استخدام (الكتاب المقدس) في الدعوة للإسلام.

ومن بين المائتين أو الثلاثمائة شخص الذين كانوا يحضرون حديث الأحد، اختار السيد (فيرفاكس) خمسة عشر أو عشرين أن يبقوا ليتلقوا المزيد من العلم.

استمرت دروس السيد (فيرفاكس) لعدة أسابيع أو حوالي شهرين، ثم تغيب السيد (فيرفاكس)، ولاحظ أحمد ديدات الإحباط وخيبة الأمل على وجوه الشباب.

ويوم الأحد من الأُسبوع الثالث من تغيب السيد (فيرفاكس) اقترح عليهم أحمد ديدات أن يملأ الفراغ الذي تركه السيد (فيرفاكس).

وأن يبدأ من حيث انتهى، لأنه كان قد تزود بالمعرفة في هذا المجال، ولكنه كان يحضر دروس السيد (فيرفاكس) لرفع روحه المعنوية.

وظل الشيخ لمدة ثلاث سنوات يتحدث إليهم كل أحد، ويصف الشيخ هذه الفترة بقوله: “اكتشفت أن هذه التجربة كانت أفضل وسيلة تعلمت منها، فأفضل أداة لكي تتعلم هي أن تُعَلِّم الآخرين.

والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: «بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَة». فعلينا أن نبلغ رسالة الله -عَزَّ وَجَلَّ-، حتى ولو كنا لا نعرف إلاَّ آيةً واحدةً.

إن سرّاً عظيماً يكمن وراء ذلك، فإنك إذا بلَّغت وناقشت وتكلمت، فإن الله يفتح أمامك آفاقاً جديدةً، ولم أدرك قيمة هذه التجربة إلا فيما بعد”.

شجاعة أحمد ديدات

عرف الشيخ أحمد ديدات بشجاعته وجرأته في الدفاع عن الإسلام، والرد على الأباطيل والشبهات التي كان يثيرها أعداء الإسلام من نصارى حول النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ونتج عن هذا أن أسلم على يديه بضعة آلاف من النصارى من مختلف أنحاء العالم، والبعض منهم الآن من الدعاة إلى الإسلام.

وفي أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، حدث أمر ساهم في صناعة ظاهرة أحمد ديدات في أفريقيا، زاد الصراع على الأرض الأفريقية، وبالتالي حدثت حملات تبشيرية.

وبالتالي نشأت حركات مناهضة للمسيحية والصراع الحضاري والثقافي تحول إلى صراع ديني.

لقد كان الشيخ بحق سداً منيعاً أمام حملات التنصير في جنوب أفريقيا بل وبالعالم كله.

طريقته في الحجة

يقول الشيخ في أحد مناظرته: أما بما يتعلق بقول القس أن المسيح هو الله أقول: من فضلك بين الأمر وأوضحه من الإنجيل؟

من فضلك بين لي أين يقول المسيح أنه ابن الله، أو الله، أو يقول أعبدوني، وأنا مستعد للتعميد هذه الليلة. لا تضيعوا وقتي ولا أضيع وقتكم.

في هذا التوقيت الذي كان أحمد ديدات يقوم بالمناظرات، بحيث كان هذا شيء جديد.

أن يقوم أحدهم، وهو متمكن من قراءة الكتاب المقدس بأكثر من لغة، ويقف أمام قساوسة ورهبان من الأكابر المسيحية المعروفين جداً في سياق المسيحية.

ومن ثم يبدأ يناظر ويجادل ويفحمهم وتجد أن القسيس لا يستطيع الرد عليه فهذا كان فتح عظيم.

تأثير لغة الجسد

لقد أدرك رحمه الله أن الدراسات العلمية تحدثت عن تأثير الجمهور المتلقي بنسبة 55% بلغة الجسد و38% بنبرة الصوت.

فأجاد رحمه الله وأحسن باستخدام لغة الجسد ونبرة الصوت، فضلاً عن سيل المعلومات الموثقة التي كان ينشرها على أسماع جمهوره ومستمعيه.

كانت لغة الجسد عند أحمد ديادت فيها تناسق وانسجام وتوافق، حين يريدها حازمة تبدو حازمة وحين يريدها هادئة تبدو هادئة، أو توافقية أو صراعية أو غاضبة وكل هذا في تناسق شديد.

نجد أن الشيخ دائماً مبتسماً أثناء حواراته، نجد أن حجته قوية واضحة، لا يحيد عن الموضوع، ويركز في موضوعه تماماً، ولا يخرج عنه أبداً.

ويلتزم بالنصوص والحجج التي يؤمن بها المنصرون ويقلب الطاولة عليهم دائماً.

فإذا انتقلنا من لغة الجسد إلى المحتوى والمضمون، هذا الرجل كان لديه القدرة على الدخول في تفاصيل الأشياء، وربط جزئيات المعلومات ربطاً شديداً.

وكان يمتلك ذاكرة حديدية فائقة، لدرجة أنه كان يحفظ نصوص العهد القديم والعهد الجديد أكثر مما يحفظه المتخصصون في كليات اللاهوت.

طريقة أحمد ديدات في الحوار

أحمد ديدات محاور لا يشق له غبار، شخص بارع جداً في المنطق الأرسطي، شخص يعرف تماماً كيف يكسب جولات الحوار، بمعرفة نقاط ضعف الطرف المقابل.

كان يؤمن بالجوار والحوار من منطلق قرآني، لأن الله سبحانه وتعالى حاور الملحدين والكفار والمشركين، وهو يرى أن المسلمين قد قصروا بجانب محاورة الآخر.

وهذه الشخصية العبقرية مثل أحمد ديادت لا تفوته شاردة أو واردة، لديه وعي حاد جداً لديه وعي لكل التفاصيل الصغيرة.

عندما نشاهد أحمد ديدات نجد هناك نقاط ثلاث 

1 هو شخص ساخر

2 يقوم بهد الطرف المقابل أكثر مما يدافع عنه فكرته

3 يتبع أسلوب الحصار مع الخصم

كان حريصاً بالفعل على أن يلقي حجراً تلو حجر لأولئك الذين ابتعدوا عن هدي كتابهم، وعن هدي كتابه الذي كان أصدق كتاب على وجه الدنيا.

لذلك كان حريصاً على أن يظهر فسادهم وانحرافهم، فقد كان بالفعل يستطيع أن يبطل أدلتهم دليلاً وراء دليل.

حجته من الإنجيل ذاته

كان يطبق جانب الأدلة والنصوص والحجج التي تقنع أي إنسان، وكان يستخدم بعض الأساليب بالأدب بما يسمى بالتناص.

وهو عندما يستعين بنص آخر بإنشاء نص جديد الشيخ أحمد ديدات استخدم هذا الأسلوب بحيث كان يطلق على القرآن العهد الآخر.

كان دائماً الشيخ يقول من فمك أدينك، والنص الموجود في الإنجيل يقول من كلامك سوف أرد عليك من كلامك، لأن لا تؤمن في كتابي ساقوم بمناقشتك من كتابك.

كان يحفظ الكتاب كاملاً وكان لديه فصاحة في اللغة الإنجليزية، وكان يواكبها فصاحة في الحديث وذكر آيات القرآن الكريم.

على الرغم أنه لم يكن يجيد اللغة العربية ولكنه يجيد نطق الآيات القرآنية بشكل صحيح.

مناظرة جيمي سواجارت

إن أهم مناظرة كانت للشيخ هي مناظرته مع جيمي سواجارت، كان يظهر على ما يقرب من مائة قناة فضائية وهو يتحدث إلى المسيحيين في مختلف أنحاء العالم.

وقف أمام الشيخ صغيراً وانكشف أمره وظهر أنه ليس على شيء.

يقول أحمد ديدات:

مسألة الثالوث المقدس، الآب والإبن والروح القدس. والأخ سواجارت قد اقتبس النص التالي من الكتاب المقدس من رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الخامس العدد السابع.

حيث يقول: لأن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة، الأب والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد.

إن منحني الوقت الكافي، لأريته أي كتاب يحتوي على هذا الكلام، أقصد أي من كتبه يحتوي على هذا الاقتباس

ولكني أقول له:انظر، هذا الاقتباس ليس في كتابي المقدس. أليس هذا كلمة الله؟ في كتابي هذا العدد غير موجود، في النسخة القياسية المنقحة. فلم هو ليس هنا؟

لأن علماءكم وهم 35 عالماً من أعلى علماء المسيحية قدراً، ويدعمهم خمسين من الطوائف المختلفة، قد قرروا أن هذا العدد ما هو إلا تلفيق، مثل ما ذكرته سابقاً ودخيل على النص.

لذا حذفوه هو الآخر دون تفكير.

طريقته المنطقية في الحوار

أحمد ديدات يتكلم بطريقة عقلانية ومنطقية ويسأل أسئلة عقلانية ومنطقية وكان سواجارت يستخدم المشاعر، وكان ديدات لديه الإثنان المنطق العقلي، وطريقة إثارة الجماهير او يجذب الجماهير.

هذه المناظرة جعلت مسلمي العالم يشعرون بالفخر، أقصد أن يصمد أحمد ديدات علمياً أمام جيمي سواجارت، من الولايات المتحدة الأمريكية، بالطبع كان هنالك قلق.

لأنها بدت كقصة صمويل داخل عرين الأسود. وجيمي سواجرت لم يكن أسداً واحداً، كان مجموعة من الأسود معاً. ولكن صمويل تغلب على الأسود، لأن الأسود أصبحت أصدقاءه.

يقول أحمد ديدات:

أول خمسة كتب المفترض أنها كتب موسى، التكوين والخروج واللاويين والأعداد والتثنية. هؤلاء العلماء الأعلى قدراً في المسيحية يخبروننا اليوم، أن موسى لم يكتب هذه الكتب، هو ليس المؤلف.

فنحن نقرأ أن  مؤلف سفر التكوين مكتوب عندهم ( أول كتب موسى )، الخروج ( ثاني كتب موسى )، اللاويين ( ثالث كتب موسى )، العدد ( رابع كتب موسى )، التثنية ( خامس كتب موسى).

أنا أسأل: لماذا تضعونها بين قوسين؟ ما فائدتها؟ فيخبرونك بطريقة دبلوماسية ونفسية للغاية أن هذه ليست كلماتنا فنحن لا نؤمن بها.

ولكن الرجل العادي والمبشرين وخلافهم يقولون ذلك ويؤمنون به، يؤمنون بأنها كتب موسى، لكن موسى لم يكتب هذه الكتب في الواقع.

نحن لا نؤمن أن هذه كتابته، لذا نضعها بين قوسين.

العواطف تحرك الجماهير

الجماهير عموماً، يحركها الخطاب العاطفي، سواء مسلم مسيحي بوذي يهودي أي شيء، لذلك حتى في مناظرات أحمد ديدات، لما أحمد ديدات يفحم المناظر القس تجد المسلمين هاجوا وماجوا ويكبرون.

نفس القصة بالنسبة للمسيحيين، ففكرة العاطفة نقطة مهمة جداً تجعل التحكم العقلي على الأمور يقل شيئاً قليسلاً.

سواجارت كان شكله وهو يتكلم كان كأن هناك قوة من السماء أتته، وأنه يدعو المسلمين الجالسين ويدعو أحمد ديدات أن يؤمنوا بالمسيح وأن المسيح مات لأجلهم وأشياء مثل ذلك.

لكنه لم يملك منطقاً علمياً يقدمه مقابل الأسئلة التي يسألها أحمد ديدات ، والمسيحيون  الأكاديميون لم تعجبهم المناظرة ولا موقف سواجارت.

كيف استفاد المسلمون من التقنيات الجديدة

في نهاية السبعينيات أول الثمانينات يظهر اختراع الفيديو كاسيت، وفي ذلك الوقت ستظهر شرائط أحمد ديدات والمناظرات ويتم تداولها بين الناس سراً باعتباره انتصار للإسلام على المسيحية.

العالم كله يلح في طلب الأشرطة لأنها شيء جديد عليهم. والمسلمون لا يسمعون خلال قرون إلا مثل هذه الموضوعات ولكنهم يجدون الآن أمامهم شيئاً جديداً لم يألفوه.

خصوصاً المسلمين الذين يعيشون في الغرب سواء في أمريكا أو في أي بلد آخر، حيث يشن المبشرون المسيحيون هجوماً ضارياً على المسلمين.

كما هو الحال في الهند وباكستان وبنغلادش وإندونيسيا وحيثما وجد المسلمون، فإنهم معرضون لانقضاض المبشرين المسيحيين، والمسلمون لا يعرفون كيفية مواجهتهم.

ولا يعرفون كيفية التصدي لهؤلاء المبشرين المسيحيين، والأشرطة كانتتقوم بهذا التصدي وهذه المواجهة.

المسلم بعد مراحل متتالية من إحساسه بالهزيمة وإحساسه بالتراجع يبحث عن أي نوع من أنواع الانتصار ولو كان مؤقتاً، هو لا يشارك، فقط يتفرج.

فالموضوع هو تفاعل بصري، لكنه من داخله يصبح لديه إشباع عاطفي ويصل إلى حالة أن هناك أناس ينتصرون على العدو.

مناظرة القرآن الكريم أم الكتاب المقدس أيهما كلمة الله

السلام عليكم – ليكن السلام معكم

عن يميني الدكتور أنيس شاروش الذي فضل أن يشار إليه كمسيحي عربي، السيد أحمد ديدات الذي فضل أن يشار إليه كعالم مسلم في الكتاب المقدس للمسيحيين.

سيتحدث السيد أحمد ديدات أولاً.

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الرئيس، إخوتي وأخواتي الأعزاء، يوجد أمر ما بيني وبين دكتور شاروش والله القدير.

وقبل أن أقول كلمة واحدة في هذه المناظرة، لأنه حسب التلاوة القرآنية التي سمعتموها في بداية المناظرة بلغة شاروش الأم.

فإن الله تعالى قد أنعم عليه وعلى أمته بالرسالة، وهما يفهمان العربية بطبيعة الحال، والآن فإن هذا يقتضي من الدكتور شاروش أن يتقدم الآن وهو يرتدي الزي العربي يعطيني يده.

وهو يرتدي الزي العربي، يجيء هنا ويعطيني يده وينطق شهادة الإسلام.

مناظرة شرسة 

كانت المناظرة الثانية، فعلاً شاروش كان لديه أسئلة قوية جداً، فهو درس تاريخ الإسلام ودرس غزوات الرسول و درس أشياء كثيرة عن الخلفاء بعد الرسول، درس عن المنطق والفلسفة في الإسلام وعلم مقارنة الأديان.

لعل نقطة الضعف الوحيدة التي رأيتها في الشيخ، هي عدم معرفته باللغة العربية، وما قد يقع بسبب ذلك في ضعف في مفردات الثقافة الإسلامية والعربية.

فالشيخ لم يجب عن عشرات الشبهات التي أثارها القس الفلسطيني أنيش شاروش في مناظرتهم الثانية والتي كان موضوعها القرآن الكريم.

زعم القس أنيس شاروش أن في القرآن أخطاء نحوية وبلاغية وبيانية، مستغلاً أن الشيخ لا يعرف العربية.

وكل ما طرحه يسهل على أي طالب علم ملم بالعربية أن يرده، وأن يجيب عنه، لكنه أستغل جهل الشيخ بلغة العرب.

لا تخلو هذه المناظرات من الصراع الحضاري لأن المستعمر الأبيض كان يستخدم الدين لاستنزاف الاقتصاد.

ولم يكن يسعى إلى الدين فقط، الحقيقة أنه كان له دور بارز مع وجود الثقافة الدينية مع وجود التنصير بحيث يسيطر سيطرة كاملة على البيئات التي كان يحتلها.

المناظرات كانت إنذاراً مبكراً عن صراع الحضارات الذي سوف يأتي بعد ذلك بقوة السلاح، لأن من البداية كانت هذه المناظرات أساسها هو الصراع وليس التوافق.

أهمية الحوار

لم يكن الشيخ أحمد ديدات رحمه الله ممن يؤمن بصراع الحضارات، كان يؤمن بأهمية الحوار وأن الحوار هو الطريق الأمثل في الدعوة .

هذا النوع من المناظرات لا يؤدي إلى تثبيت الدين عند المتدينين، لكن يؤدي إلى غابة واسعة من الشكوك في كل شيء.

هل بالفعل من الداخل تتختم بعض الشكوك على المؤمن، وهذا أكيد بلا شك. ويمكن أن يكون أحد أسباب أو أحد عيوب كهذه تكون مذاعة على الملأ بشكل كبير.

ومن الممكن غير المسلم أن يسلم، لكن عيبهم أنهم أن يكون غير مسلم يدخل بعض الشكوك في النهاية المسألة ليس لها ضبط نهائي.

كل المبادئ أو معظم المبادئ التي كانوا يغرون بها الناس بأن ينضموا إلى إيمانهم كانت تسقط أمام الناس الذين هم أتوا يشاهدون المناظرت.

أحمد ديدات أيقظ العقل، ولم يكن داعية تقليدياً يدعو لدينه، وكان يركز الوقت على الحشد الديني، ولكن و مقارنته بين الكتب المقدسة أعطى الفرصة للناس أن تعي وأن تعرف.

وكان حريصاً على أن يترك لهم حرية الاختيار، لذلك كتبه ككتاب الإختيار بحيث يقول فيه:

أنا لا أقول لك آمن بهذا واترك هذا، كلا أنا أقول لك اختر وأمامك هذه الحقائق التي توصلت إليها وأنت لك حق الاختيار.

الحوار والصراع الحضاري

في البداية عمل نوعاً من الدفاع الاستراتيجي، وأكد على مسألة الصراع الحضاري، ودافع عن قيمنا وأعطانا ثقة بأنفسنا.

وهذا معنى أننا نشعر بعد قراءتنا لديدات أو نسمع حواراته أن ديننا صحيح وأن موقفنا الحضاري صحيح وأن كياننا صحيح.

أحمد ديدات نتيجة هذه الفيديوهات وانتشارها تحول من داعية إلى نجم، أو إلى داعية نجم. وهذا يؤدي إلى أن يتصرف كما يتصرف النجوم.

بحيث يكون أولاً الاستعلاء أي الاستعلاء بالإيمان، ولكن هو بالأخير نوع من الاستعلاء بالذات كانت واضحة قليلاً ومتضخمة، وغليظ في تعامله مع الآخرين.

الإحساس دائماً هو يمتلك عصارة الحكمة وخلاصتها فيبدو أنه في حالة استهانة بالطرف الآخر وغيرها من الظواهر المرتبة أكثر بفكرة النجومية أكثر من فكرة الداعية.

الشدة أم اللين

استخدام الشيخ أحمد للسخرية أو الشدة مع الخصوم هذا في تقديرنا لا يكون موفقاً لأنني طالما أدعو الأخر إلى ديني فلابد أن تكون الدعوة بالتي هي أحسن.

أحياناً يكون الإنسان عندما يجد الأخر متعنتاً كأنه يريد إمساكه ورجه.

أي كان منفعلاً بشكل منفرد، وأيضاً لم يكن ينفعل بصورة قابلة للنقد، ولكن كان انفعاله كشخص يحب دينه، وعلى ثقة بقضيته ولديه استغراب بمستوى الغباء للشخص المقابل.

ويأخذنا بعض الحالات قسوة الشيخ في مناظرته ليست سوى حالة عرضية وطارئة، وهذا أمر طبيعي يمكن تفسيره وفهمه، بحيث لم تكن قضايا تافهة.

بل قضية يتعلق بها مصير الملايين من البشر، جنة ونار، خسارة الدنيا والأخرة، لذلك يجب أن نعذر الشيخ إذا رأيناه متحمساً بالحديث مع الناس.

ما حدث هو أن هذه الصفات مكنت له فقد كان مردودها إيجابي في مناظرته.

حفيدة أحمد ديدات

تقول زكية ديدات حفيدة الشيخ أحمد ديدات: عندما ولدت قرر جدي أن يختار إسمي، في الثقافة الإسلامية عليك أن تختار اسم المولود خلال سبعة أيام.

ولقد تلى الآذان في أذني والآذان ليس صلاة، لكنه دعاء يجعلك مباركاً.

لم يفرض علي أي شيء قط أو قال أريدك أن تفعلي ذلك، كحفيدته لم يفعل ذلك على الإطلاق، ولا حتى مع أي شخص من عائلته أو أقربائه.

تشويه سمعة الشيخ

لجأ أعداء الشيخ إلى طريقة سخيفة، ولكنها مؤثرة فلو نجحت لانفض عنه المسلمون. لقد لجأوا إلى تشويه الشيخ ومحبيه، اتهموه أنه قادياناي أحمدي، رغم إنه لم يذكر شيء عن القاديانية.

وقد قال عنه مهاجموه:

أحمد ديدات أصلاً ليس بمسلم بالمعنى المتعارف عليه، لأنه كان يملك اجتهادات غريبة عن المجتمع المسلم، كقصة المسيح المصلوب بحيث أنه من أصول هندية.

وحيث أن إسلامه مسألة مختلف عليها، فشعبيته لم تأتي من دفاعه عن الإسلام، بل من هموم تراكمت عليه.

كل ما قيل عنه أنه قاديني غير صحيح إطلاقاً.

رد الشيخ على مهاجميه

أصدر الشيخ رسالة يؤكد فيها إيمانه بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وتكفيره لغلام قاديان، وأنه دجال كذاب.

غاية مقصده من هذا الصدد، أنه شبه ما يقوله غلام قاديان المسيح الناصري في الهندي تحدث عن تعليق المسيح على الصليب .

الشيخ قد قال في خاتمة مناظرته ومقدمة كتابه: أنا أحمد حسين ديدات، رئيس مجلس الدعوة الإسلامية، أشهد هنا أمام الله، وأنا في كامل الأهلية التامة لشهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله.

إنني أومن أن محمَّداً صلى الله عليه وسلم هو النبي والرسول الخاتم، وأنه لا نبي ولا رسول بعده.

إنني أومن أن ميرزا غلام أحمد القادياني ما هو إلا دجال كافر.

إنني أومن أن أولئك الذين يقبلونه كنبي أو رسول أو مجدد أو حتى إنه رجل عظيم: أنهم كافرون وخارجون عن حظيرة الإسلام.

إن كتابي crucifixion or cruci fiction يحوي كلمة أخيرة (الخاتمة) توضح موقفي فيما أعتقده من عودة المسيح مرة ثانية.

إن مركز الدعوة الإسلامية لم ينشر – مطلقاً – ولم يوزع ولم يبع أو يشجع على بيع ترجمة محمد أسد لمعاني القرآن الكريم.

أسأل الله أن يحمينا من مروجي الإشاعات المتاجرين، ومن يعضون من الخلف ومروجي الفساد.

القوة في الجماعة

أحمد ديدات لم يكتف بعمله الفردي وأن يبقى هو اللاعب الوحيد بالساحة، وإنما كان يحترم جداً العمل المؤسسي.

والعمل لم يتوقف على جنوب أفريقيا أو الهند، بل امتد إلى عقر الإسلام ومن ثم المنطقة العربية وأصبح للشيح أحمد ديدات المريدين الكثير وتوج بجائزة الملك فيصل العالمية.

حاول ديدات فيما يخص منهجه أن يقوم بالتوريث لضمان استمرار نهجه في الدعوة بالمناظرة، فأنشأ 6 وقفيات في ديربان من بينها المركز العالمي للدعوة الإسلامية.

والذي يقوم على الدعوة على منهج ديدات ويجري تنظيم دورات لمدة عامين تتضمن (8 دورات) ويقوم بالتدريس فيها علماء ودعاة.

ويشارك فيها دارسون من جميع أنحاء العالم، رجال ونساء لتعلم هذه الطريقة، كما أن ثمة وقفية أخرى لتشغيل معاهد مهنية لتدريب المهتدين إلى الإسلام على حرف جديدة.

مثل النجارة والكهرباء يكسبون بها قوتهم، ويطمح المسئولون في مؤسسات ديدات إلى مد يد الرعاية والتطوير لتواكب هذه المؤسسات.

فارس الدعوة

يعتبر الداعية أحمد ديدات أحد أكثر المتعمقين في نصوص الأناجيل المختلفة فهو عالم مسلم متخصص في الأنجيل المسيحي، أطلقت العديد من الألقاب على أحمد.

منها: قاهر المنصِرين والرجل ذو الهمة وفارس الدعوة، كما علم ديدات العديد من التلاميذ الذين ساروا على دربه من أبرزهم الدكتور ذاكر نايك.

يقول أحمد ديدات :

أشرس أعداء الإسلام هو مسلم جاهل يتعصب لجهله ويشوه بأفعاله صورة الإسلام الحقيقي ويجعل العالم يظن أن هذا هو الإسلام.   

أفضل أداة لكي تتعلم هي أن تعلم الآخرين، إن سراً عظيماً يكمن وراء ذلك، فإنك إذا بلغت وناقشت وتكلمت، فإن الله يفتح أمامك آفاقاً جديدة، ولم أدرك قيمة هذه التجربة إلا فيما بعد.

   

أحمد ديدات يتحدث عن بداياته

كنت شاباً أعمل في محل تجاري يقع قرب مركز آدمز لتخريج المبشرين المسيحيين بضواحي دربان.

كان طلاب المركز يمرون بي أثناء عملي ويقولون لي “هل تعلم أن محمداً نشر دينه بالسيف؟ هل تعلم أن القرآن منقول من التوراة؟ وأنا لا أعلم شيئاً فلا أجيب”.

وفي أحد الأيام كنت أبحث عن شيء أقرأه، فبدأت أفتش مكتبة مالك المحل الذي أعمل فيه، فوقعت على كتاب قديم مغبر.

ما إن تناولته حتى بدأت أعطس. لفت انتباهي أن الكتاب إنجليزي لكن عنوانه عربي مرقوم بأحرف لاتينية.

قرأت الكتاب فتغيرت حياتي إلى الأبد. فالكتاب كان يجيب على الأسئلة التي كان المبشرون يقلقونني بها.

رسالة الإسلام

كانت وصية الشيخ الداعية أحمد ديدات الذي فقدته الأمة الإسلامية بعد أن أبلى بلاءً حسناً في الدعوة إلى الله، وإبلاغ الرسالة، وإقامة الحجة.

الشيخ أحمد ديدات لم يورث ديناراً ولا درهماً، ولا أسهماً ولا عقاراً، وإنما ترك لمن بعده فصلاً مشرقاً من كنوز الدعوة وطرائق الجدل، وأساليب المناظرة ووسائل دعوة أهل الكتاب.

كانت الدعوة إلى الله همه الذي لا يفارقه، حتى وهو على فراش المرض الذي أُصيب فيه بشلل دماغي أقعده عن التجوال والترحال.

فكانت بيئة الأطباء والمساعدين والموظفين في المستشفى الميدان الوحيد الذي واصل فيه رسالته، ومارس فيه مهمته حتى وضع له الأطباء نظاماً خاصاً للتخاطب مع الآخرين ومحادثتهم.

ليرفق بنفسه التي طالما أجهدها في سبيل الإسلام، وعندما استقرت حالته رحل من الرياض إلى جنوب أفريقيا ليواصل مهمته التي نذر لها نفسه.

محاضراً ومناظراً ومتفقداً لغراس جهده من معاهد ومراكز، مطمئناً على نهجها، حاثاً للقائمين عليها أن يبلغوا رسالتها، ويحققوا أهدافها.

وصيته إلى الأمة

“اتقوا الله في رسولكم ونبيكم” وصيته للمسلمين كافة، بعد أن أبلى بلاءً حسناً في الدفاع عن محمد  والرد على القساوسة والإنجيليين. ممن أرادوا صدّ الناس عن عما جاء به رسول الإسلام إلى الناس كافة. وصيته تركها أحمد ديدات لطلابه وللدعاة، وللمسلمين كافة، في وقت رمى فيه الكفار والمنافقون والمستغربون الإسلام عن قوس واحدة، هجمة محمومة على النبي، وحملة مسعورة على السنة.

يقودها “المسيحيون الجدد” عبر مؤسّسات سياسيّة، ومراكز إستراتيجيّة، ووسائل إعلاميّة بعد أن أوقد جذوتها القساوسة، ونظّرت لها المؤتمرات، ودعمتها الكنائس.لحصار الإسلام.

لئن كان الشيخ يمارس الدعوة إلى الله في وقت الرخاء، فإنه ترك لمن بعده مواصلة الرسالة في وقت تقطّعت بالدعاة السبل، وبلغت قلوبهم الحناجر.

يرون الأرض تضيق عليهم بما رحبت، بيد أن العزاء في العزيمة، والرجاء في الإرادة، والأمل في نبذ اليأس، حتى ولو كان الحمل ثقيلاً، والأمانة عظيمة. فلنتذكر دائما وصية الشيخ أحمد ديدات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى