مانسا موسى / جيسيكا سميث
لو سألك أحدهم عن أغنى الأشخاص في التاريخ، من ستذكر له؟
قد تذكر له مصرفي ملياردير، أو رجل أعمال ذو مركز قوي، مثل بيل غايتس أو جون دي روكفلر.
ماذا عن الملك الأفريقي موسى كيتا الأول؟
أثناء حكمه إمبراطورية مالي في القرن الرابع عشر، كنز مانسا موسى أو ملك الملوك، ثروة ضخمة صنعت منه أحد أثرى الأشخاص في التاريخ.
لكن ثراءه الفاحش كان يشكل جزءاً واحداً من إرثه الغني.
عندما قدم مانسا موسى إلى السلطة في عام 1312، كانت المجاعة والحروب الأهلية قد أضنت معظم أوروبا.
في حين كان الرخاء يعم الممالك الأفريقية والعالم الإسلامي، وقد أدى مانسا موسى دوراً كبيراً لجلب خيرات ذلك الرخاء إلى مملكه الخاصة.
فمن خلال الاستيلاء على مدينة تمبكتو بطريقة استراتيجية، وتوطيد نفوذه في مدينة غاو، تمكن من السيطرة على الطرق التجارية المهمة، التي تربط البحر المتوسط والساحل الغربي الأفريقي.
مواصلاً بذلك حقبة من التوسع، زادت من حجم مالي بشكل كبير، كانت أراضي إمبراطورية مالي غنية بالموارد الطبيعية مثل الذهب والملح.
رحلة الحج
شهد العالم توسع ثروة مانسا موسى لأول مرة عام 1324، عندما أخذ الحجيج إلى مكة، ولأنه ليس ممن يسافر بميزانية محدودة، أحضر قافلة تمتد على مد البصر.
تكاليف تلك الرحلة قائمة على الشهادة الشفوية غالباً، وبعض السجلات المكتوبة الغابرة، لذا يصعب تحديد التفاصيل الدقيقة. لكن أكثر ما يجمع عليه هو النطاق الشاسع لتلك الرحلة.
يصف المؤرخون حاشية مكونة من عشرات الآلاف من الجنود والمدنيين والعبيد. وخمسمائة حمال يحملون الذهب ويرتدون الحرير الناعم.
والكثير من الخيول والجمال التي تحمل عدداً هائلاً من جرار الذهب.
وعند التوقف في مدينة مثل القاهرة، قيل أن مانسا موسى أنفق كميات هائلة من الذهب، في التصدق على الفقراء وشراء التذكارات، وأيضاً بناء المساجد على طريقه.
في الواقع، زعزع هذا الإنفاق الاقتصاد المحلي، الأمر الذي تسبب في تضخم شامل.
استغرقت الرحلة كما يزعم أكثر من عام، وقبل عودة مانسا موسى، ذاعت حكايات قروته المبهرة في مرافئ البحر المتوسط.
مالي على خرائط العالم
ارتقت مالي وملكها إلى مكانة أسطورة تقريباً، تعززت بإدراجها في خرائط كاتالان 1375 .أحد أهم الخرائط العالمية لأوروبا القرون الوسطى. صورت الملك ممسكاً بصولجان وسبيكة ذهب براقة.
وضع مانسا موسى فعلياً نفسه وإمبراطوريته على الخريطة، ولكن الثروات المادية لم تكن اهتمام الملك الوحيد.
فبوصفه مسلماً متديناً، حظيت تمبكتو بجزء من اهتمامه، التي كانت مركزاً دينياً وعلمياً قبل ضمها.
إنجازاته العلمية والدينية
وبعد عودته من الحج، شيد جامع جينغربر الكبير، بمساعدة معماري أندلسي.
كما أسس جامعة كبرى، عززت من سمعة المدينة، وجذبت إليها العلماء والتلاميذ من كافة أنحاء العالم الإسلامي.
وفي ظل قيادة مانسا موسى، أصبحت الإمبراطورية متحضرة، بمدارسها وجوامعها المنتشرة في مئات القرى المكتظة بالسكان.
دام إرث الملك لعدة أجيال، وحتى هذا اليوم، توجد أضرحة ومساجد وجامعات، تقف شاهدة على هذا العصر الذهبي من تاريخ مالي.